أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وليد مهدي - هل تفرض الصين نفسها بديلاً إقتصادياً وثقافياً عندما ينهار الغرب..؟















المزيد.....

هل تفرض الصين نفسها بديلاً إقتصادياً وثقافياً عندما ينهار الغرب..؟


وليد مهدي

الحوار المتمدن-العدد: 2431 - 2008 / 10 / 11 - 02:17
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


ليست الصين مجرد عملاق ٍ إقتصادي كما يصفها بعض المشهورين من الإقتصاديين الغربيين ، وليست هي مجرد ظاهرة تأريخية فريدة في نشوء الحضارة وديمومتها كما تخبرنا أقلام المؤرخين في الغرب ..
الصين هي العمود الفقري للإقتصاد الكوكبي قبل الثورة الصناعية ، أي قبل أربعمئة سنة .. ولهذا فهي في طريقها لإستعادة مكانتها الإقتصادية القديمة لا أكثر ...!
كما وإن الصين .. هي صميم الثقافة الشرقية وذروة تجلي فلسفة الشرق القديم في مسارات تحولها ونشوئها وصيرورتها النهائية في البوذية والكونفوشيوسية والطاوية .. و هي ستعاود إحتلال مكانتها الثقافية المركزية في العالم والتي كانت عليها قبل ظهور الحضارة الإسلامية في الشرق بالأمس القريب ..
الثقافة الصينية بتلوناتها .. عاصفة كبرى محتبسة في صميم حركة التأريخ ، ومثلما ساعدت الفتوح بجعل الثقافة الإسلامية ثقافة كونية في يومٍ ما ، ومثلما عمم الإستعمار العسكري – الرأسمالي في حقبة الكولنيالية الثقافة الغربية لتصبح كونية ، ومثلما ساعدت قوة الإقتصاد الأمريكية على جعل " الأمركة " قدر العالم كما يقول روزفلت ، فإن دخول الصين بهذه القوة وهذا الزخم الإقتصادي الهائل للقرن الحادي والعشرين يجعل من المحتوم ( حسب المادية التأريخية ) رؤية تحول الثقافة الصينية إلى ثقافة عالمية رائجة خلال العشرين سنة القادمة ، خصوصاً بعد أن تثبت " بيروسترويكا " المحافظين الجدد لإنقاذ الإقتصاد الغربي بالفشل كما فشل غورباتشوف من قبل ...!

فالإقتصاد الكوني البديل عن الإقتصاد الغربي في حال تهاويه هو الإقتصاد الصيني ، والعملة البديلة عن الدولار هو اليوان الصيني ، وما يلزم هذا البديل هو فرضه لتحول ثقافة الصين إلى ثقافة عالمية عن طريق النفوذ الإقتصادي والسياسي كما كانت تفعل أمريكا في أيامها الخوالي .. وبإعتقادي إن الصين لن تفرض نفسها بديلا عن أميركا .. بل العالم كله سيهب مبايعاً الصين على ذلك وسيجبرها على ذلك في النهاية حتى لو أبت .. فلا بديل سواها !!

إن ما شاهده العالم بذهول في الثامن من آب من العام 2008 كان نقطة تحول ٍ فاصلة في التأريخ ، فأولمبياد بكين وطريقة تنظيمها أخرست الغرب أمام عظمة الشرق لأول مرة منذ قرون ...!
كذلك فإن ما فعلته روسيا في نفس الليلة في جورجيا هز َّ عنجهية الولايات المتحدة ومكانتها في نفوس الغربيين و الجورجيين أنفسهم ، وتهاوي الإقتصاد الأمريكي في الحضيض يعني شيئاً واحداً مؤكداً ... أن لا بديل للبشريـــة عن الصين .. .. في حتمية سيفرضها التأريخ عاجلا ً أو آجلاً ..

ما هو شكل الثقافة العالمية في عالم ما بعد الغرب ؟

عندما نعود في التأريخ متفحصين جوهر الثقافة العصرية ذات الإمتداد اليوناني ، والتي أسهمت الحضارة الإسلامية في إعادة إحيائها في عصور الترجمة العظيمة ، كذلك الإسهام الإسلامي الأساسي في ظهور العلم الحديث وما طرحته الحضارة الإسلامية من توجهات علمية وثقافية إنسانية قبيل عصر النهضة ، يجعلنا ذلك نرى بأن صميم الثقافة العالمية هو " الرمزية اللغوية " ..
حيث تتقاطع الثقافة الإسلامية مع الثقافة الغربية في رمزية اللغة ، فبعد مراحل متعددة من تطور الوعي والثقافة البشريـــة ، آلت المعرفــة إلى بناء ِ عالم ٍ معقد ٍ ومنظمٍ في نفس الوقت من الكلمات ، هذه الكلمات وخريطة تنظيمها وبنائها لهرم الثقافة العالمية الكبير توالت على رصفه ثقافات اليونان والإسلام والغرب المعاصر ، و هذا الأخير أعطاها صبغته اللفظية الخاصة ، ومع إن للشرق القديم إسهامات كبيرة في هذا الهرم ، لكن ، وكما يذهب شبنغلر ، الحضارات تقتبس من الحضارات الأخرى ما يناسبها ولا تأخذ منها ما هو غريب عن ثقافتها ، وبالتالي فلقاح الشرق للحضارة الغربية الحديثة إنما يتناسب مع طابع الفكر البنيوي الإجتماعي الغربي الحديث والقديم ، ما يعني إن للشرق أنماطاً في التحضر والتفلسف والرؤية لم تدخل صميم الثقافة العالمية حتى اليوم ولم تتقبلها الحضارات الكونية السابقة .. الإسلامية والغربية الحديثة ، خصوصاً وإن طبيعة الثقافة الشرقية القديمة ( السومرية والمصرية والصينية والهندية القديمة ) هي من طراز " الرمزية الصورية " ، حيث كانت تصور المعرفة والعالم التي تصوغه تلك المعرفة تصويراً مرمزاً بالصورة أكثر من رمزية اللغة ، ولهذا السبب فكانت تشبيهات الشرق للألهه بإعتبارها قوى كونية تأخذ صور البشر والحيوانات ، أي تحولات رمزية طبيعية بلغت ذروتها في الفلسفة الصينية برمزية الثنائية الطبيعية :
اليانج والين وما تعنيه بتفسيرنا المعاصر : النور والظلام .. الذكر والأنثى ... السماء والأرض ..
أما المعنى الحقيقي الذي تعنيه في الثقافة الشرقية القديمة فهي إن التكامل الكوني مكون من هذه التناقضات أو المتضادات ، ما يعني إنها ليست بثنائيات متباعدة متميزة كما يدركها وعينا المعاصر قدر ما تعني إنها تزاوجات بين عنصرين .. أو مفهومين .. لتكوين ثالث ..كما يفهمها وعي الشرق القديم في سومر ومصر .. ويفهمها وعي الشرق المعاصر في الصين واليابان والشرق الأقصى بعمومه ...!
فهل تنتظر البشرية تحولات في صميم البرمجة الثقافية تعيدها إلى الحقبة الصورية ، أم إن الثقافة الصينية ستكيف نفسها لتتحول إلى رمزية اللغة لتقود العالم بنفس الطريقة ...؟؟

في الحقيقة ، الثقافة الكونية بمراحل تطورها وما وصلت إليه اليوم إنما عادت وبصورة تلقائية إلى " رمزية الصورة " بعد تطور الإعلام المرئي أكثر من المقروء والمسموع ، وظهور ما يعرف بالواقع أو الفضاء الإفتراضي الذي يحاكي الطبيعة برمزية واقعية مطابقة لا تكاد أن نسميها رمزية ، فبدلاً من الرمز اللاتيني ( ♀ ) الذي يرمز للأنثى والذي خيم على بدايات عصر النهضة على سبيل المثال ، بات رمز الظل لجسد الأنثى المميز بطول الشعر هو الدلالة المعاصرة ، وهذا كله يحصل ودون أن نشعر لصالح ثقافة الشرق القديمة ... وما تبلور منها مؤخراً في الصين ...!
فبعد الصورة .. جائت الألفاظ .. ومن ثم الكتابة المقرؤة ( تعني الألفاظ المكتوبة )..
صور على جدران الكهوف ... ثم اللغة ... ثم كتابة هذه اللغة ، وأخيراً العودة للصورة بإعادة تمثيل الأفكار بالدراما المسرحية والتلفزيونية والأفلام ، وبداية ظهور معرفة مقرؤة ... صورية كتلك التي كانت على جدران الكهوف ولكن بواقع تطوري وبنائي هائل جداً بفعل تطور تقنيات الحاسوب ..
فعالم الكلمات ، الذي يؤذن بالرحيل مع أفول نجم الحضارة الغربية ، بات يتحول بالتدريج إلى رمزية الفضاء الإفتراضي الصورية ، والثقافة الصينية المغلقة الكامنة وراء السور العظيم والتي حافظت على نفسها من المسخ كل هذه القرون تستعد لإحتلال مكانتها في التأريخ ، هذه المكانة الطبيعية التي تتيحها لها الظروف خلال السنوات القادمة ستنقل الإنسانية إلى حقبة جديدة من المعرفة ، وستسهم في إعادة " برمجة " الثقافة البشرية ... وبالتالي المعرفة والعلوم المختلفة ..
في الفصل القادم سنشرح بإختصار ما تعنيه " البرمجة الثقافية الكونية " وما يعنيه تغيير هذه البرمجة بفعل دخول الصين كقوة إقتصادية – ثقافية –عسكرية على مسرح التأريخ العالمي ...



#وليد_مهدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نهاية الإنلكوسكسونية .. والدخول في عصر التنين ( الفصل الأول ...
- أميركا .. و كلمة الوداع الأخير
- بين يدي الله .... في ذكرى تسونامي آسيا
- المعرفة النفسية العربية ... الفلسفة والمنهج
- إغتيال تموز ... إغتيال ٌ للأمة ، في ذكرى الثامن من شباط الأل ...
- الشرق والغرب .. بين الثقافة والسياسة
- وجهة نظر في : جغرافيّة الفكر لريتشارد نيسيت ، ورسالة إلى الل ...
- المعرفة ُ الشرقية (1)
- المعرفة ُ في الشرق ... هل لها مستقبل ؟ ((4))
- المعرفة ُ في الشرق ...هل لها مستقبل ؟ ((3))
- المعرفة ُ في الشرق ... هل لها مستقبل ؟ ((2))
- المعرفة ُ في الشرق ....... هل لها مستقبل ؟ ((1))
- النظرية ُ الإسلامية ِ...سوء ُ تطبيق ٍ ..أم سوءُ تخطيطٍ رباني ...
- المجتمع كما رآه الرسول محمد....العلاقة بين الديمقراطية والعل ...
- صراع الحضارات ، حوار الحضارات، مستقبل الحضارات، هذا العالم.. ...
- الدخول إلى فضاءات النفس الداخلية وفق الطريقة البابلية
- محاكمة صدام....ام محاكمة التاريخ ؟ للمرادي والبعثيين الجدد ب ...
- مرثية ُ بغدادَ لبابل
- سيكولوجية التفكير لدى الفرد البابلي وعلاقتها بالعالم المعاصر ...
- في الطريق الى عقيدة ليبرالية عربية ج1


المزيد.....




- سفير الإمارات لدى أمريكا يُعلق على مقتل الحاخام الإسرائيلي: ...
- أول تعليق من البيت الأبيض على مقتل الحاخام الإسرائيلي في الإ ...
- حركة اجتماعية ألمانية تطالب كييف بتعويضات عن تفجير -السيل ال ...
- -أكسيوس-: إسرائيل ولبنان على أعتاب اتفاق لوقف إطلاق النار
- متى يصبح السعي إلى -الكمالية- خطرا على صحتنا؟!
- الدولة الأمريكية العميقة في خطر!
- الصعود النووي للصين
- الإمارات تعلن القبض على متورطين بمقتل الحاخام الإسرائيلي تسف ...
- -وال ستريت جورنال-: ترامب يبحث تعيين رجل أعمال في منصب نائب ...
- تاس: خسائر قوات كييف في خاركوف بلغت 64.7 ألف فرد منذ مايو


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - وليد مهدي - هل تفرض الصين نفسها بديلاً إقتصادياً وثقافياً عندما ينهار الغرب..؟