|
من باب الانصاف على الاقل .. لو كان حريق البصره بسبب صفقة اسلاك الكهرباء قد حدث ايام النظام السابق ، ماذا ستكون ردود الفعل ؟؟
حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 2429 - 2008 / 10 / 9 - 00:07
المحور:
الادارة و الاقتصاد
مهما حملت لنا السياسة من هموم ، ودفعتنا للدخول في حوارات يمكن ان يكون الهدف منها احيانا تفسير ظاهرة سجلها التاريخ لنبني عليها أسس تجربة تفيدنا في بناء الحاضر ، واحيانا اخرى يكون ذلك مدعاة لتبادل الشتائم ونشر الغسيل الغير مرغوب به على الحبال ، مهما كان الامر فان المسار الفعلي للواقع المعاش حاليا في العراق هو الاهم خاصة اذا كان هذا الواقع يتعلق بحياة الانسان الموجود على قيد الحياة وليس الانسان التاريخي المدفون والمسجل على ذمة الماضي البعيد . اردت من سلوك هذا المدخل ان اقف عند واحدة من الهموم الكثيرة والتي يعيشها المواطن العراقي منذ زمن طويل ولكن بتفاوت من حيث التأثير .. لقد عشنا نحن العراقيين طويلا تحت رحمة القرار المستبد والبعد عن الحاكم والضلال بمضلة متهرئة لا تحمي من برد ولا تقي من حر ، وكان الفساد الاداري هو واحد من تلك المعاول الظالمة التي تنشط باستمرار في هد بناء الحياة العامة في العراق ، وانني ارى الان بان سعة المساحة التي يحتلها الفساد الاداري في البلاد تجعل من امر وجوب التفرغ للتصدي لها من قبل اصحاب الفكر الواعي ضروري وبشكل استثنائي اكثر من التوجه الى اللهو بالخوض في مسارات متفرقة بعيدة عن هموم الناس ومتطلبات حياتهم اليوميه . لقد حملت لنا الاخبار مؤخرا أن حرائق اندلعت في محافظة البصره .. وكان السبب في اندلاعها هو ضعف قدرة الاسلاك الكهربائية ( مع أن الكهرباء اصبحت حلما من احلام العراقيين كاحلام قيس بالوصول الى ليلى ) .. ولم يتأخر المفسرون كالعاده من متقلدي المناصب الادارية في المحافظه في تفسير ما حدث والقاء اللوم كل على الاخر ليبقى المواطن المسكين ( مثل الاطرش بالزفه ) لا يعي شيئا مما يقال غير ان بيته قد احترق او محله قد اكلته النيران .. الملفت للنظر بان الجميع يعترف بالسبب الذي ادى الى حدوث الحرائق ، والجميع يقر بان ضعف قدرة الاسلاك الكهربائية المستوردة من احدى دول الجوار وعدم تحمل تلك الاسلاك لمرور التيار هو الذي اشعل الشرارة الحارقه والتي قطعت رزق الكثيرين فضلا عن هدم بيوتهم واتلاف ممتلكاتهم ليسجل كل شيء على ذمة القضاء والقدر . الاسلاك المستورده من احدى دول الجوار ( اصر جميع المسؤلين من باب الذوق هذه المره على عدم ذكر تلك الدولة صراحة وكأن الامر يتعلق بمشكلة استيراد معجون الطماطه ) هي ذات قطر 2 ملم في حين ان المطلوب من الاسلاك المناسبه لحمل التيار هو 12 ملم على اقل تقدير .. ولا اعرف ان كانت هناك اوصاف اخرى كان من الممكن استيرادها بحيث يكون الضرر أقل وهي بين 2 ملم و 12 ملم .. أم ان الامعان في الكسب ( الحلال ) حسب الشريعة هو الذي حدى بمهندسينا الاشاوس ان يستوردوا أقل قطر من الاسلاك حتى لو كانت النتيجه حرق الناس وهدم بيوتهم وقطع سبل عيشهم ؟؟ . لقد حدث ما حدث .. ونهبت الملايين من اموال الشعب في هذه القضيه كسواها من القضايا .. واحترق ما احترق .. وظهر المبدعون من خلال ضجيج من التصريحات وهوس التفسيرات المعده مسبقا للخروج باقل الخسائر من حيث السمعة فقط خوفا على رصيد قد يصاب بالخلل في الانتخابات القادمه ، ويقينا بان موضوع الاستيراد المخل بالشرف هذا سيكون مصيره المرور السليم وبدون اية تبعات قانونية !! . وتحضرني الان رغما عني رغبة جامحة باستذكار بعض المفاصل من تاريخ النظام السابق في مجال ما كان يرغب بتنفيذه من اعمال تتعلق بالاعمار .. فكلنا يتذكر رغم ما نحمله من افكار عن تسلط ذلك النظام وجبروته ودكتاتوريته المشينه كيف كان الدمار شاملا في حقل الكهرباء يوم انتهت حرب الخليج الثانيه .. وكنت أنا واحد ممن اعتقد بان عودة التيار الكهربائي لسابق عهده قبل الحرب سيستغرق عدة سنوات لهول ما اصاب البنية التحتية بكل مفاصلها حينذاك .. واتذكر ايضا ومعي جميع من عايشوا تلك الاحداث كيف هب العاملون في مجال الكهرباء ضمن جبهة سميت بالجبهة المضاده لاعادة كل شيء حيث نصبت الاعمدة من جديد وامتدت الخطوط واصلحت المحطات الغازية وتم ترميم الكثير من الحلقات المدمره وخلال فترة لم تتجاوز عدة اشهر ، ناهيكم عن اعادة نصب الجسور المهدمه واعادة ترميم البنايات والدوائر والطرق وكانت فعلا جبهة من العمل الدؤوب ، ولم نسمع يومها وعلى مستوى العمل المتعلق بوزارة الكهرباء مثلا حدوث صفقة يشم منها رائحة فساد بالحجم الذي نسمع به اليوم .. وان كان للحق وجه لابد من الاعتراف به من باب الانصاف فان النظام السابق لم يكن يسمح ابدا لاحد من المسؤولين في ادارة مراكز الخدمات بأن يمد يده الى الخزانة العامه الا في حدود ضيقه لا تتعدى الصفقات البسيطة بين رؤساء لجان المشتريات ومحلات بيع القطاع الخاص وبما لا يؤثر على مبدأ الجودة في التنفيذ ، هذا عدا ما يتعلق برموز الخط الاول من الحكم طبعا والذين كانوا فوق الشبهات ولا يسمح بمناقشة صلاحياتهم بشكل عام ، ولو حدثت ظاهرة حرق للمنشات الخاصة أو العامة بسبب استيراد اسلاك غير مطابقة للاوصاف كما حدث في البصرة لكانت ردود الفعل الرسمية قاسية جدا وبدون رحمه .. ولما ترك المجال لاحد بالتنظير عبر وسيلة اعلام كما يحدث اليوم وبدون ادنى شعور بالخوف أو الحياء . ان ظاهرة سلب المال العام اصبحت اليوم لا تتعلق بارقام تتوقف عند الاف من الدنانير بل تعدت الملايين وبطريقة اخذت منحى يسير باتجاه اعتبار ذلك من الامور العادية جدا .. وأضحت خزينة البلاد مشاعا للحرامية من كبار الموظفين وصغارهم ولا يوجد هناك أي تحسب أو خوف ، والشعور السائد الان بين الوزراء ومنتسبي دوائر الدولة من المتنفذين هو بان الفترة الحالية هي فترة توفر الفرص للاثراء السريع وعلى الجميع استغلالها قبل ان ينقضي اجله في الحكم ، والضحية دائما هو المواطن البسيط الضائع في لجة هذا البحر الهائج وغير المستقر والمغطى بغيوم المجهول لا يعرف متى تعصف به ريح المرض أو العوق أو الموت جوعا .. ولا اعرف بالضبط هل ان ما يحدث للكهرباء والماء والمستشفيات وغيرها من مراكز الخدمات العامه يندرج في حقل التنظير السياسي ويقع في دائرة الاستقراءات الفكرية والتحليلات المتواترة لارهاصات المرحلة الحالية ، أم انه مجرد عبث بمقدرا شعب باكمله من قبل لصوص لا شان لهم بالسياسة اصلا ولا بالاقتصاد ولا ببناء البلد من قريب أو بعيد .
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا بديل بعد اليوم عن تحرك الجماهير لاخذ زمام المبادرة واقتلا
...
-
هل حقا أن ( فشل الحملات العلمانية وخاصة الشيوعية منها في مجت
...
-
ارهاب وكباب .. وألمولود العراقي المنتظر !!
-
ليتوقف فورا هذا ألاجحاف ألمتعمد بحق المرأة في العراق !
-
ثلاث قصائد سطرتها امرأه
-
حول بيان مركز الاتصالات الاعلاميه للحزب الشيوعي العراقي ردا
...
-
ردود ألافعال على زيارة مثال الالوسي لاسرائيل هي عودة للخطاب
...
-
لمصلحة من تنشط قناة المستقله لتأجيج نار الفتنة الطائفية بين
...
-
مرثية متأخره للشهيد كامل شياع
-
خانقين مدينة عراقية أم كرديه أم انها عربيه .. أين الحل ؟؟
-
من أجل احياء حملة تضامنية عاجله مع سكان حي السعدونية في البص
...
-
ألاقتصاد العراقي المتين هو الحل لبناء علاقات دولية متينه
-
ألتظاهر اليومي واعلان العصيان المدني هما الحل الوحيد لتحقيق
...
-
المجد والخلود لشهداء الحزب الشيوعي العراقي عطا الدباس وعلي ا
...
-
الشيوعيون وكافة التقدميين العلمانيين في العراق مدعوون للتحرك
...
-
معاناة الطفل في العراق .. ومسؤولية قوى اليسار
-
ايها المثقفون العراقيون .. لا تنتظروا ان يقول التاريخ فينا م
...
-
أيها العراقيون .. اسحبوا البساط من تحت كراسي المسؤلين عن افق
...
-
سهيل احمد بهجت .. ألانسان ألاثمن رأسمال
-
الى متى يبقى الشعب العراقي أسيرا للصراع على المناصب وضحية لل
...
المزيد.....
-
لمنافسة -يوروفيجن-.. بوتين يطلق مسابقة غنائية دولية في روسيا
...
-
ترامب يهدد بفرض رسوم جمركية كبيرة على الصادرات الصينية
-
ترامب يفتح الباب أمام بريطانيا لتجنب الرسوم الجمركية
-
ترامب: سيكون لدينا صندوق ثروة سيادي
-
المغرب يحقق إيرادات سياحية قياسية في 2024
-
غفلة إسرائيلية عن التمديد لنائب محافظ البنك المركزي
-
مزارعو غزة يتحدون دمار الحرب لإحياء سلة غذاء فلسطين
-
جوزيف عون: الإصلاحات الاقتصادية أساس بناء الدولة.. وحماية ال
...
-
مصر تسجل رقمًا قياسيًا في صادرات الصناعات الغذائية خلال 2024
...
-
تقرير: انخفاض أسعار السلع في مدينة حلب السورية بعد انتهاء -س
...
المزيد.....
-
دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر
/ إلهامي الميرغني
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|