غريب عسقلاني
الحوار المتمدن-العدد: 2429 - 2008 / 10 / 9 - 07:20
المحور:
الادب والفن
توطئة:
دخلت لوحة الحاسوب فجأة, عارية ألا من وردتها وبعض القصائد:
- هل تأذن لي يا حارس الليل؟
- ربما أنتِ من أنتظر.
ذات عشرين شهقة وثلاث رجفاتٍ لم تكتمل.. فجأة خرج عليَّ مني نمرود كان قبل أربعين شهقة.. امتطاني وعوى.. صدقوني..
امتطاني صرتُ راحلته, يملك أمر ولا أملك أمري..صرت وحتى اللحظة لا أدري إن كنته حقا, أم أنا شاهد إثبات عليه..
واستدعيت وليفتي الطيبة التي سرقوا ذاكرتها ذات قصف, وحنان ابنة أختي وابنتي بالتبني بعد أن أخذوا أباها إمام العاشقين غيلة في المعمعه..
1- على غرة من غفوة
الليلة, وعلى غرة من غفوة, حضرتْ حنان, وعلى عادتي أخذتها إلى عين صدري, وعلى عادتها توكأتْ برأسها على صدري, وأخذت تتعرف على دقات قلبي..
زرعتُ ذقني في شعرها, وشخصتُ في البعيد البعيد.. قالت الشقية:
- ياه يا خالي.. من اجتاحتكَ وغيرت نبضكِ؟!
قبلتها أكبح فيها المهرة الشموص.. لا ادري كيف انزلقت من خدها إلى فمها, قضمت شفتيها/شفتيكِ..صرختْ تتأوه:
- ما بكِ.. أنا أنا..وأنا لستُ هي!!
- من هي؟
غرقت في الضحك منتصرة:
- من ترتوي من شفتيها حتى الثمالة.. هي من تقدم عبق عسلها منقوعا بالرحيق..
- من هي؟
- لا شكَ امرأة أخذتك إلى مراياها بعيداً..
يا إلهي كيف تدرك النساء الصغيرات سر الشهوات.. صدقيني, تاهت اللحظة مني يا أنتِ بين امرأتين, انتِ وحنان..
هل كنتُ اقضم شفتيها/شفتيكِ.. هل يكون الخال في الوهم وعلى حين غرة عشيق!؟
هل هو دفع الالتباس, الذي أخذني من النشوة إلى الموت؟!
الشقية أدركت نبضي..
وخَجِلتْ.. وصحوت يعذبني السؤال:
من التي حضرتْ!!
هي الساكنة بالقرب مني, أم أنتِ المقيمة بالقرب مني هناك؟
ليس لي من يخلصني من ظلم السؤال يا أنتِ سواكِ,
فهل كنتِ معي يا سيدة الحلم على وسادة الأرق؟
وهل عاشرتِ مثلي الألق في أتون محرقة القلق..
***
وصحوت..
كانت وليفتي غارقة في نوم مريح, يسكن ثغرها سرب ابتسامات لاذعة..
أغمضتُ عيني.وتجولتُ في فضاء العتمة..هي عارية جسدها بلور مضيء.. ممدة.. والمسافة بين ساقيها مروجا وبساتين ومجرى نهر.. عارية يرقد على صدرها ثديان, متحفزان, يتناوب أطفالي عليهما رضاعة حتى الثمالة, ويغادرون مثل أرانب برية إلى البساتين القريبة..
إني رأيتُ وليفتي مثلما كانت ليلة قَطفت وردتها أول مرة.. ووقعتُ في الحيرة يا سيدتي..
هل افتح عينيَّ على امرأة نائمة في فراشي, على ثغرها ابتسامة لاذعة؟
أم أبقى في فضاء العتمة, انهل من عسل الرحيق..
انه الوقت يا امرأة يعلن مواقيت النعاس..
أي نعاس, وأنتِ هناك واقفة على ناصية الزمان, في برزخ بين الصحو والغفوة..
بين العتمة والنور..
لكنه في الميعاد الله حضر.. وتسلل الخيط الأبيض من الخيط الأسود, وأعلن المؤذن لصلاة الفجر..
الله اكبر .. الله اكبر
ونمتُ على سؤال, جاء من بطن السؤال:
- أين أنتِ مني يا أنتِ, وأنا أين منكِ؟؟
2 - غزالة الفجر
عند الفجر غفوت.وعند الفجر.. جئتِ غزالة تخب على صحراء مساماتي.. نقر ظبية يأتيني مع هجوع الكائنات, مع تسابيح المصلين.. سكنتِ أذني وشوشة:
- غزالتكِ تتوهج! وأنتَ تنام يا حارس الليل؟!
- ليس نوم يا غزالة..إنني أتزود أحلاماً لليل آتٍ بعد ليل..
- هل جننت يا رجلي الغريب.. النهارات في غزة تسكن كل الأمكنة..
" اخ يا قلبي..
النهارات في غزة أسود من سواد الليل
النهارات هنا يا سيدتي تمضي في الوداع..
كل الكائنات تستقبل أرزاقا في النهر إلا نحن نهارنا للوداع والوداع والدموع..
والدموع قد تحجرت في العيون..
جف نبع العين يا أنتِ.
حتى دمعة الديك عند الفجر غابت, لم يعد الديك في مدينتي يحترف البشرى.. يرفض الديك يا سيدتي صهيل النواح.."
صوتكِ يشاكسني من بعيد..
"لِمَ فارقتني..
لِمِ أنزلتني فيض بحركِ..
لِمَ نسختني من ضلعكَ..
لِمَ تركتني وأنا ما زلتُ فيكِ.."*
آه يا أنتِ..
عند الفجر هدني جوع الجوى, فغفوت ورأيتُ نهاراتٍ لا تشبه النهارات..و..
- هل عدت يا حارس الليل للجنون؟؟ ماذا رأيتَ يا مجنون الحكايات.. صف.
كيف يكون الوصف والحال جنون في الجنون.. إن كنتِ ما زلتِ فيَّ تكوني قد رأيتِ ما رأيت.. صوتكِ يضربني من جديد:
- ماذا رأيت؟
آه يا ربي..
شهقة رفرفت في قلبي.. زغردت ..صارت عصفورة وقت محنّاة بألوان قزح
- هل رأيتِِ عصفورة خارجة للتو من قوس قزح؟.. هل تفيأت العصفورة ظل نهدكِ الأيسر
- ...
- هل هربتِ من جنوني؟
- أنا مشغولة بجنوني في جنونكَ.. العصفورة واقفة فوق عين قلبي أسفل نهدي الأيسر ترضع..
- هي عصفورة زاجلة, فقست من بيضة الحلم.. انظري تحت إبطيها..
هل تَرين؟؟
فردت العصفورة جناحيها.. ريش إبطيها بلون حليب المرضعات, قلت:
- على ريش إبطيها رسالتي إليكِ ردي عليها إن شئت..
وقبل ان تضم العصفورة جناحيها, أخذني النوم إلى موتٍ قبل أحيا عند عتبة ميلاد ليل جديد..
هذا أنا يا أنتِ, مثقل بكِ وجداً, أنتظركِ مع مخاض الليل حكاية.. انتظر مع خوفي إن أنتِ, غبتِ..
- أنتظركِ لرجفة تأتيني مع رفة القلب.. انتظر بحة صوتكِ..!!
- ها قد عدنا للجنون, أنتَ تقرأني على لوح الحاسوب.. أنتَ لا تسمعني!!
- بل أسمعكِ, وأحيا على بحة صوتكِ.. أو لَمْ تسكنيني.. أنتِ قلتِ.. هل نسيتِ!!
- ليس من بحةٍ في صوتي يا أنتَ!!
- اسمع صوت قلبكِ الراقص على نغمة أعرفها.
- كيف تعرفتَ عليها قبلي..
- لأنكِ الوتر, والوتر يطلق النغم ولا يسمعه
- أنا الوتر؟.. كيف؟
- يا له من حال جنون في الجنون.. أنت فيَّ..
- كيف أنسى والذي بيننا وفيض إثر فيض وفيض.
عادت العصفورة هبطت على رأس أنفي.. ضحكت العصفورة.. فصحوت..
ثمة ما ينملني كالخدر.انها العصفورة في منقارها ريشة بيضاء كفلق الصبح, تمسح عرق تفصد مني.. قال العصفورة:
- إليك عنوان الرسالة."
جأر صوتكِ من بعيد:
- هل أكفر بحالي؟ أنا لم أكتب ردا..
"يا بهية:
زاجلتي تطبع النبض على ريش جناحيها رسائل حتى لا يدركها الوقت.. والوقت أقصر من رفة عين بين الغفوة والصحو..
ريشة الزاجلة منقوش عليها:أنا الحياة/ تحيا في حياة"
***
وصحوت يا سيدة الحلم, ورشفتكِ أخذتكِ مع قهوتي عسلاً, زودني بالبهاء..
هذا أنا أحضرُ مع شوقي منتصرا بكِ.
هل أنتظركِ الليلة عند عتبة ميعاد جديد؟
إن رغبتِ, إشهقيني مع هواء رئتيكِ..
إن عبرتكِ الرجفة.. تجديني..
3 - مَن تكوني.. مَن أكون..
يا أنتِ..
أنتِ جنوني..
لا أدري كيف!!
تشرق الشمس.. يصفعني النهار, يهزأ مني, يقصفني ملامة...
اهرب من ذعري ولا هروب.. لسع الصفعات, يطبع على وجهي السؤال ألف مرة:
- كيف تجرأتَ يا أنتَ..لِمَ تجاوزت؟!
انظر إلى وجهي, أرى كف النهار انطبعت على وجهي/أراكِ..
هل أنتِ السؤال؟
يأخذني الحنق على النهار.. انتعل قلبي وألوذ بالطرقات.. أراكِ تنتظرين.
هي أنتِ باكية عليَّ تنتحبين.. تستهجنين؟
- لِمَ يصفعكَ النهار يا أنتَ؟؟
وأدور في مساحات النهار, أُعلن دوت صوت, وصراخي يتردد صدى في الطرقات..
" هل رأيتم يا قوم صاحب الستين شهقة عمر, يمشي حاملا في صدره بستان ورد.. "
أبقى على حالي.. اقطع ساعات النهار.. يأخذني الشوق إلى الغفوة.. أنام بضع وقت.. أصحو عند عتبة الليل.. أتعرى من عقلي .. أتحرر.. ادخل طقس الانتظار.
" عندما تأتين يبدأ على الفور جنوني..
آخذكِ مع قهوتي ريق عسل..
أرفس عقلي, انشد شرفة القلب.. فيها انتظركِ..
فهل يأخذكِ جنوني إلى الجنون؟
وهل يكون حالكِ كما أكون؟؟
هل تتعرين مثلي ولا مرايا غير مراياكِ/ مراياي..
وهل تلامسيني, فيقدح فيَّ/فيكِ شرر يعلن ميلاد قمر..
أدركيني يا نوّارة القلب.. ادركيني..
من تكوني/ من أكون
4 - أقراص الرغبة
حَجبوكِ الليلة قسرا..
مات الضوء, ولم تغيبي.. صرتِ سؤالاً يبحث فيَّ/فيكِ عنيَّ/عنكِ..
صرتِ جنون..
فجأة..
ومضتِ خطفا, برقتِ امرأة زارتني قبل حولٍ ومضت.. أيقظت فيَّ جنون, كالذي الليلة فيَّ وفيكِ..
هل كنتِها يا أنتِ؟؟
قبل أن تردي غبتِ قسرا, وأخذني قسرا جنوني.. عثتُ في أوراقيَّ المنسية في الزوايا.. صدقيني انكِ ما زلت هناكَ, تتربعينَ, على جدار القلب, ساهمةُ كما جئتِ قبل حولٍ, مشتاقة كما الشوق للماء بعد عطش بعيد..
هل جف ضرع الوقت فيكِ يا أنتِ..
على حين غرة من شوق همستِ:
- رشفتكَ يا أنتَ إلى الريق ماءً آخر..
قهقهتُ يا أنتِ:
-يا له من اسم جديد لأقراص الثلج..
رُحتِ في الخذلان, وتدثرتِ بعباءة الغناء.. ترنمتِ:
"يا أنتَ:
لا حضور يَمحو مساحة العتمة في ذاكرتي, بعدكَ.
لا زلتُ أحترف غيبتكَ..
أرتشفها كخيبةٍ
كوهمٍ..
كحلمٍ مدمج بغواية المستحيل..
كحبٍ كُتبَ عليه الاندثار.. "*
اللعنة.
كيف لم أقبض على ما اعتراكِ من حالاتٍ.. لم تذوقي الماء منذ الغفوة الأولى.. ومنذها تعيشين الحيرة بين الارتواء والامتلاء, وأنا المجنون بكِ حتى عطش الجنون.. أخذتُ منكِ قرصا بحجم القبلة الأولى, سرت فيَّ دفء كالخدر.. أشعل فيكِ وهجا كالفرح..
وأتيتني عارية حتى من لحمكِ.. لا شئ منكِ إلا وردتكِ.. تسبحين في غيمةٍ من شبق..
هطلت الغيمة مطرا من كلام..
كنت أنتِ, من يلهج بالكلام..
"أخبرني
لماذا هذا القمر ينقسم إلى شطرين..
لماذا اهتز لصوت الريح القادم من ثنايا صدركَ..
لماذا أشتاق إليكَ وأغادر حُبك "*
رجفة ضوء ثم غبتِ..
انتشرتِ فيَّ.. رُحت اصرخ في كل البراري.. في كل الصحاري.. صوتكِ يتردد في جنباتي:
- يا أنتَ, هل جربت دفء الجليد؟
- لم أجرب من المستحيل إلاكَِ يا أنتِ
- إذن أنت لم تعرف بعد, خواص من أحب من الرجال.
- علميني ما لم أعلم يا أنتِ.
- كيف, وأنا ما زلت فيك أبحث عنكَ/ عني و..
" ألاصق أوهام عمري
ورفيف أنفاسي..
على مقربة من دمع, أعتلي عرش الخسارات.. "*
وصرخت على حين غرة من شوق
- خذني قرصا على الريق يا أنتَ
أي دهشة اعترتني
أي جنون..
لا مناص من دخول التجربة.. هذا أنا أغمض عينيَّ.. هذه أنتِ امرأة في قرص.. في فمي.. أستحلبكِ مع ريقي.. صرتِ زوبعة من ريح لطيف.. صرت بهجة قرمزية.. صرت أنا الطاووسِ صرنا أنا /أنتِ
- أعرف ذلك
- ليس ما بي دفء الجليد!!
- ما الذي فيكَ اذن؟
- أنتِ.
- آه يا أنتَ.. لو تدري إنني ما زلتُ على عطش مستبد..
".. فارغة اليدين كقديسة لمدن ضائعة
اعزف لحن الضياع
كلما لاح طيفكَ في دهاليز ذاكرتي.."*
فجأة داهمني خداع بالشبع.. ورقصتِ يا أنتِ خداعا في دمي.. وخداعا خاتلتني امرأة من جنون..أخذتني من نوم إلى نوم بعد نوم..
وصحوت على بقايا من حياة.. فهل ما زلتِ في دمي..
جاءني صوتك من بعيد, وكنتِ الراغبة:
" هذه خربشات لذلك المجهول في عتمة الحواس.. "*
- من يكون يا أنتِ
- أنتَ.
وهجرتني إلى ضوء العتمة من جديد
هل نعود..
5- قرص أول قبلة
جاءت اليوم حنان, وجهها طافح بالبشر.. تختال بفستانها البستان, قدمت لي خدها.. رقصت على صفحة الخد وردة..
جَفلتُ.
لم أُقبل خدها.. أخذت تاج رأسها وطبعت عليه قبلة..
سكنت تحت إبطي.. ضربتني على عين صدري, مشاغبة:
- لِمَ أنت اليوم يا خالي بخيل.. لم تذق وردة خدي..
يا إلهي خدها/خدكِ..كم كنتِ شهية.. راوغتُ على خدر تسربُ فيَّ..
أنتِ من جئتِ يا أنتِ, أم حنان.!؟.. وأشرت إلى فستانها:
- القبلة اليوم ليس لي.. هي لصاحب البستان.
- ولحارس البستان أيضاً..
صفحة خدكِ/خدها مثل مرآة الصباح.. طافحة بالشوق..راقصة بالفرح..
هي اليوم على موعدٍ مع فارسها في ضفاف الجامعة..
صدقيني قد قرأتُ في عينيها الغيرة منكِ يا أنتِ.. آه من حالات الصغيرات الراغبات الباذخات..
فجأة رأيتني بين نسائي الصغيرات قبل أربعينَ شهقة وجد, جئن لا أدري كيف جئن متلفعات بالنشوة والفرح.. كلهن قدمن قبلتي الأولى لهنَ على طبقٍ من ألق..عدتُ مجنونهنَ وكنَ عابثاتٍ عاتباتْ..
أغيثيني يا أنتِ:
هل تحتفظ المرأة بالقبلة أربعين شهقة أو يزيد؟
فجأة صهلت حنان مثل مهر:
- أين ذهبت يا خالي أين وصلتْ!
- كأنني لم اقطع المسافات بعد..
- إذن لا تنسَ.. لي عنكَ قبلة.
يا أنتِ, أغيثيني, هل ما أرى وهم جنون أو هو ما بعد الجنون..
صوتكِ يأتي من بعيد:
- هلا خرجت من وهمكَ وأتيتَ.
- أعطنيها قبل أن ترجع حنان.
- خذ..
إني رأيت شفتيكِ قرص من عسل..
وتورد ثغركِ عن ميسم قرنفلة عبأتني بالصهيل..
لا أدري إن كنتُ متْ أو غفوت.. ولكني صحوت, كانت وليفة عمري عارية, مطرزة بأقراص نسائي الصغيرات.. صارت أرضاً بكراً.. فجأة صارت بستان قُبل يزخر بالعبق..
فجأة يا أنتِ حضرتِ.
أدركيني..
6- لذتُ بالغفوة
لَم تحضري..أينَ غبتِ..!!
لَمْ تأتِ على اللوح المضيء لم تلهثي على عادتكِ.. فيأتيني نبضكِ من بعيد..
آه من جور الغياب..
هو قدري أن أعيش في الغياب , وأرى ما لا يراه الناس..
صوتكِ يأتيني على جناح رعشة:
- ماذا ترى يا صاحب الليل؟
" أرى عتمة الضوء..
أرى الليل في رابعة النهار
وأرى غيابكِ في الحضور.."
- هل عشتِ العتمة يا أنتِ؟
" لو تعلمين..
إني تخففتُ من أربعين شهقة عمر, وتجليتُ بهيا كما كنتُ, وأخذت قراري بالاندفاع إلي سرة قلبكِ..
وعندما اقتربتُ.. خلتُ أني قد وصلت.. كانت المسافة بيننا أربعين شهقة وبعض لهاث.. أخذني البرد فارتعدتْ.."
- دفئيني يا أنتِ..
إني ألوذ بكِ من عتمة غزة..
من عسف النهارات الطارئه..
كل من حولي طارئ إلا من ما تبقى من وليفة العمر,وحنان. وأنتِ..
لِمَ غبتِ؟
أم تراهم خطفوكِ مني..
- ماذا عن حنان وحارسها في ليل المدينة؟
- طالها شيء كالذي طال غزة
"ذهبت إليه..
فستانها بستان.. على خديها برعمين على وشك التفتح.. شعرها مهدول على كتفيها موج ليل.. مثل فراشة ذهبت إليه..
صرخوا بها:
- احجبي شعركِ عن وهج النهار
- شعري للنهار.. وقلبي لا يرقص لفارس سواه
رقصوا رقص البوم والغربان على جيف المذابح..هتفوا:
- أنظري..
شهقت حنان.. وبكى على خديها برعمان شاخا قبل أن تتبدى آيات النهار..
آه يا وجعي عليها.."
فجأة أنتِ حضرتِ.. قلبي يسبقني إليكِ..
- هل أخذوكِ مني يا أنتِ؟
- هل جننت كيف يأخذوني منكَ وأنا على فرق ساعتين توقيت منكِ؟!
- هل نسيتِ..؟! مثلهم حولكِ كثر! أين كنتِ إذن..؟ هل عثرت على مدينتكِ الضائعة..
- لا , أخذتني الدروب إلى مدينة ضائعة أخرى..!
" هى لا تدري أن كل المدن باتت ضائعة في بلاد العرب.
هي لم تصدق بعد, أن الذين تربعوا على المنصات, لم يعودوا ينظرون إلى أسفل, يقطعون جل الوقت بين أرباب الدسائس, يبتكرون آخر ما توصل إليه علم القرصنة.."
- هل وجدتِ له رسما أو وشما على الأرصفة هناك؟
" صوتكِ يأتيني يرتجف.."
-أخبروني أنه كان ينتظرني قبل أن أعبر إليه..اختلفت إشارات الطريق.. فجأة غاب..
- هل يشبه ما عرفتِ من الرجال؟
- فيه من رجلي الكثير, ثمة برعمان من نوار على خديه.. لكنه كما حضر, كالومض غاب..!!
آه يا وجع القلب يا أنتِ..
- هل عدت للهذيان يا حارس الليل أم دخلت طقسا في الجنون!!
- ليس جنون هو من كان ينتظرها يا أنتِ..أخذوه
اليوم هدني التعب يا أنتِ..
فلذتُ بالغفوة..
#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟