|
حديقة محمود درويش
حسن الوسيني
الحوار المتمدن-العدد: 2428 - 2008 / 10 / 8 - 04:38
المحور:
الادب والفن
في ذكرى الشاعر قبر هناك/ قبر من هناك ؟ مازال هناك قبر. في حديقة ستسمى / حديقة محمود درويش. تاريخ ملتبس للحدائق بمدينة أصيلة.حدائق محرمة كأنها فاكهة آدم.حدائق تغيرت أسما ؤها.حدائق غدت مجرد صور بالذاكرة.حدائق معلقة إلى حين أن تصبح فنادق فارهة. أوسرادق للحالمين بالعبور إلى أوروبا. إلا / حديقة محمود درويش. أكثر الحدائق التباسا. الحديقة في الأصل. كانت مقبرة. مصلى للأعياد.هجرت لسنوات.ولسنوات ظلت مرتعا للدغل والصبيان والقبور المتخفية في الدغل.وكثيرا ما كانت بيتا للعاشقين أو عتبة الهاربين من السجن ألدى يجاورها. والآن/ والوقت صيفا. وقد انتشر الخبر الحزين.عن رحيل شاعرنا الكبير.ستعرف هده الحديقة / المقبرة تحولا دراميا سيجعلها كما قلت.أكثر الحدائق التباسا .بالمعنى الرمزي والثقافي. فقد قرر موسم أصيلة للثقافة صيفا.أن يشيع خبر الرحيل .وفى طقس حزين.شبيه بحزن الغابة على فرائسها. أن يطلق إسم الشاعر /لاعب النرد/ على الحديقة التي ظل العمال البلديون طوال الصيف يزرعونها بورد أقل نضارة من الورد.وليس فيهم البستاني الخبير بالحدائق. 2 حديقة منعزلة عن البحر/ كانت بيتا أو برزخا للموتى/ سرق الخلود منهم هناك/ نبش إداري للطمأنينة/ وللقداسة التي لايجا ري أحد محمود درويش في وصفها. هل يصبح الموت المهرب حديقة ؟ هل يليق دلك بشاعر اسمه محمود درويش؟ . عشق أصيلة وإن لم يكتب عنها /فهي تستعصى على الوصف الشعري كما قال الشاعر عباس بيضون في كتابه / نقد الألم / .. ولكنه لم يسقطها أبدا من ذاكرته الملحمية. مند زيارته الأولى للمدينة في سبعينيات القرن الما ضي ضيفا على الجهة التي تريد الآن منح اسمه الكبير هده الحديقة/ المقبرة. /طبعة صامتة للصدفة / أثناء الزيارة. تجول بالمدينة القديمة وقت الظهيرة. نزل إلى البحر وتعمد بملحه قليلا . وقرأ قليلا من شعره في لقاء مسائي . جالس في حميمية بعض أعضاء جمعية الإمام الاصيلى الثقافية. مدركا من خلال أسئلته الدقيقة . حقيقة الثقافة بالمدينة. وكان لاذع السخرية في تعليقاته . لطيف النكتة .وديعا في نظراته. وظل دائما يسأل كلما زار المغرب عن أحوال المدينة.وإن اتخذ قرارا قاسيا لأي زيارة افتراضية أخرى لأصيلة. أسر به للشاعر المهدي أخريف في لقاء شعري بالعاصمة. ويبدو أن رغبة الشاعر قد تحققت. فقد وجهت له الدعوة قبل ذهابه إلى أمريكا لزيارة أصيلة بعدتلاثين سنة من الزيارة الأولى. ضيفا على موسم الثقافة الصيفي لكن الموت عند هدا المنعطف فقط أعطاه ما يريد. والشاعر يرى ما يريد. 3 ( وتلك طبعة صامتة أخرى للصدفة ) لقد ظل محمود درويش طوال حياته إبداعا ونضالا. يهدم المسافة بين الحب والذئب/ مند قصائده الأولى إلى حدود القصائد التي هيأت للموت طقوسه. بوعي وشجاعة نادرين. في مواجهة لا توصف بين الشعر والموت. ربما لم يفعل دلك. سوى شاعرين/ طرفة بن العبد. أبو الطيب المتنبي../ وقد كان يحبهما.لتذوقه العجيب للمرارة المزدوجة/ الفلسطينية. والعربية. ومن اليقين بحرقة الأسئلة. ودوامة المنافي.والألم السياسي. تأتى القصيدة . ملحمية. صادمة تعبيرا ورؤيا. واليقين الشعري عند درويش/ يقين استثنائي. فغالبا ما يخلد بدهني وأنا أكتب عن محمود درويش أنى أكتب عن شاعر ليس من زماننا /ليس بالمعنى التراثي/ بل بالمعنى الرمزي يقترب من تجسيد الأسطورة فشاعرنا هول شعري . أزلي. وحتمي. يؤالف إلى حد الاختناق كما يعبر الشاعر الفلسطيني مازن معروف بين الماء والكتابة. وبين الورقة والضوء. فأحيانا/ والتعبير دائما لمازن معروف/ تأتى فراشة لتقف على الخيط.واعتدت أن أنتظر الفراشة تلك. كلما قرأت قصيدة لدرويش./ الموسيقى نبع القصيدة.بلاغة غنائية استثنائية. صافية من سجع البجع في قصيدة النثر. التي كان الشاعر لا يطمئن كثيرا لفتوحاتها إن محمود درويش. وبدون مجازفة. كما كتب الشاعر الصديق حسن نجمي في مقالة عن / كتابة السيرة الذاتية للقصيدة عند درويش/ /شاعر له حصانة اللغة والصورة و الإيقاع..../ ويمكنني أن أضيف في هدا السياق . إن هده الحصانة الإبداعية لا يمتلكها درويش شعريا فقط. بل يمتلكها نثريا أيضا. فهو المعلم الأول شعرا ونثرا في سياق الحداثة الشعرية العربية. 4 والآن/ يا فهد الصباحات المعدنية. وأنت كما كنت. لا يهمك أن يوقد القنديل متأخرا. أعد لنا سماءنا . فهناك من يتقنع بالملهاة. و يوغل في توسيع المسا فة بين الظل و الصليب. أعد لنا سماءنا التي أسقطت بعد رحيلك. وما زال في قلبك كثير من فلسطين و من جوعنا للحرية. لا تمزق رقع الوحي هناك. أيها القابع في حضرة الغياب في مؤانسة عذبة مع الشهداء. المنفى/ طاحونة الأعمى./ والموت./ حيوان درامي / و الأرض لا تتسع للشعراء 5 إلا أن أصيلة / المومياء في برنامج ثقافي صيفي. وبقرار إداري يخلط بين هاملت وأوملت. جعلت إسمك الكبير شاهدا ومشهودا على مقبرة/ أصبحت حديقة.في حين هناك بمدينة النحاس شتاءا. أسماء لشهداء وشعراء من لحم المدينة / وأماكن تليق بتذكار هده الأسماء. وهنا/ أستحضر ما كتبه صديقي الناقد يحيى بن الوليد في مقال منشور بالجريدة الأولى/ مقبرة لمحمود درويش بأصيلة/. ( ومع احترامي الكبير لمحمود درويش. ألا يليق ومن ناحية موازية. وفى حال الشعر والثقافة. بأخذ شوارع المدينة أن تحمل قصديره. مكتوب عليها إسم كريم الحومارى؟ . وألا يليق بشارع آخر أيضا يحمل إسم الشهيد عبد الرحمان أمز غار الدى استشهد في ميدان الشرف في فلسطين المستعمرة ) 6 مازال قبر هناك/ بالحديقة .قبرمن هناك؟ من يخا ف الشهداء والشعراء هنا؟ الطبول هي الطبول وأقول/ وداعا محمود درويش.
حسن الو سيني / أصيلة/ تشرين الأول 08
#حسن_الوسيني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دائرة الثقافة والإعلام المركزي لحزب الوحدة الشعبية تنظم ندوة
...
-
Yal? Capk?n?.. مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 88 مترجمة قصة عشق
...
-
الشاعر الأوزبكي شمشاد عبد اللهيف.. كيف قاوم الاستعمار الثقاف
...
-
نقط تحت الصفر
-
غزة.. الموسيقى لمواجهة الحرب والنزوح
-
يَدٌ.. بخُطوطٍ ضَالة
-
انطباعاتٌ بروليتارية عن أغانٍ أرستقراطية
-
مدينة حلب تنفض ركام الحرب عن تراثها العريق
-
الأكاديمي والشاعر المغربي حسن الأمراني: أنا ولوع بالبحث في ا
...
-
-الحريفة 2: الريمونتادا-.. فيلم يعبر عن الجيل -زد- ولا عزاء
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|