فراس الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 2430 - 2008 / 10 / 10 - 01:18
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
مقدمة تاريخية للقوميات:
شكلت القوميات اول مصادر تاسيس الدول بشكلها الحديث و كان ظهور التفكير العرقي – القومي - بشكلة الدولاتي المؤسساتي – بداء في القرن السابع عشر على خلفية مناهضة ملوك اوربا للكنيسة و انفصالهم عنها, ثم تبلورت القوميات وبدات أسس الدولة تظهر فيها بشكل جلي في القرن التاسع بعد ان حثت امجاد نابليون الفرنسيون على احتلال موقع متميز في العالم و منافسة القومية الأسبانية و البرتغالية " الأقصاعيتين " و مداعبة الأيطاليون لامبراطورية الرومان القديمة, كانت القومية ان ذاك تتميز بمحاولة نزع المواطن من ولائة للكنيسة و ربطها بدولة تتماز بوحدة حال " لغوي " ثقافي " و الأهم " أقتصادي " في محاولة لبناء امبراطورية تستوعب لتجميع اكبر ممكن من المستعمرات, كانت هذه المحاولات تشكل الشكل التقليدي للأمبراطورية منذ بدء التاريخ حتى نهاية الحرب العالمية الثانية
القومية العربية:
وأخذت طول الطريق أفكر في سوريا وفي الحج وأتساءل: هل تتغلب القومية ذات يوم على النزعة الدينية (يقصد الإسلام)؟ وهل يغلب الاعتقاد الوطني الاعتقاد الديني؟ وبمعنى أوضح: هل تحل المثل العليا السياسية مكان الوحي والإلهام (القرآن والسنة)، وتستبدل سوريا مثلها الأعلى الديني بمثلها الأعلى الوطني؟
لورنس العرب –أعمدة الحكمة السبع
أولا بدايات القومية العربية:
يمكن التمييز بين نوعين من القومية العربية:
1- القومية العربية المعتمد على العرق: ( العصبية القبلية ) و فيه يتم تقسيم العرب أنفسهم إلى عرب عاربة و عرب مستعربة بالإضافة إلى عرب بائدة , هذا التمييز ينزع إلى وجود طبقات بين العرب أنفسهم مابين أبن القبيلة و العربي ذوي أصول مختلفة , تمييز عرقي تمييز به العرب أيام الجاهلية و حتى عصر الفتوحات الإسلامية وفيه ما يقول الرسول " إنها منتنة " هذا التمييز يظهر بأشد صوره في حتى في لبوس الدين ,حين أمر الحجاج أن لا بأم الكوفة إمام إلا عربي , وقتها كان إمام الكوفة " يحيى بن الوثاب " أحد اشهر القراء التابعين – غير العرب , ما يهمنا في النوع هو ترسبات هذه " العنصرية " في النوع الثاني من القومية وهو القومية السياسية , و الخلط الذي و قع بينهما عند بعض القومين الجدد و أثره في ظهور القوميات المضادة
2- القومية العربية السياسية: ظهر ت هذه النزعة القومية في نهاية القرن التاسع عشر اثر محاولة " جماعة الإتحاد و الترقي " تتريك بلاد الشام وازداد وجودها على يد النزعة الاستقلالية التي طالبت بها تلك البلدان عن " الرجل المريض " التركي الذي كان يتعرض للهزائم في حين بدأت تباشير الانتصارات للثورة " العربية " بقيادة لورنس العرب تبشر بالخير و ووصول الشريف إلى دمشق, حين النظر إلى ذاك التصور التاريخي يمكنك الاستنتاج بسهولة أن العرب "في بلاد الشام و العراق " كانوا برغماتيمن ضد الأتراك الدوغمائيون,
تطورت الفكرة و بدات بالانتشار كمفهوم و تم تطويره في ايدي منظرين عرب وجودا ان التقدم للدولة الحديثة الناشئة لا يمكن ان يتم الا بقيام وحدة عربية ( تكتيلية ) و بغض النظر عن وضعها الدستوري, هذه التكتلية تضمن تجميع القدرات العربية الأقتصادية و البشرية في بوتقة واحدة, و مع بدايا ت تحرر الدول العربية من الأستعمار, كانت حتى المفاهيم الفكرية – لفكرة طارئة حديثة – نسبيا قد بدات بالتشكل و تم وضع اطار منهجي فكري فلسفي يقوم على اساس قيام دولة عربية بناء على التاريخ المشترك و اللغة و الدين و هو نفس الأسس التي وضعها روسو لقيام الدولة الاوربية في القرن الثامن عشر, ما يلفت هو تجاهل القومين ان ذاك التاريخ المشترك كانت قد صنعته ايضا اعراق غير عربية أيضا توافقت مع بعضها على اساس حماية مشتركة ( و وحدة مصالح فقط ) فجيمع الدويلات التي قامت في التاريخ الجغرافي لمنطقة الشرق الأوسط كانت تحوي أختلاف ديني مذهبي الذي و صل الى حد التكفير و أختلاف عرقي , يتضمن فرس و اتراك و اكراد و عرب , ان احدى القراءت الغير حيادية للتاريخ ادت الى قيام حركة كان تحمل بذرة فنائها منذ قيامها و هي حركة احياء القومية العربية " الغير موجودة بالأصل "
ثانيا : الناصرية والبعث العربي : قومية ما بعد الهزائم :
بعد تشكل الاساس الفكري للقومية العربية, ومحاولة النهوض بالمجتمعات العربية على اساس التكتل دخلت المنطقة العربية مرحلة سياسية جدية, فاصبحت النجاحات العربية في طرد الأتراك ( الذي تحول أسمه الى أستعمار قديم ) و الفرنسيين و البريطانيين ( المستعمرون الجدد ), أصبحت تلك الحركة ذات الانتصارات تواجه الهزائم المتتالية من إعلان إسرائيل و حرب ال 48 الى حرب ال 1967, وفي تلك اللحظات التاريخية ومع وصول طبقة عسكرية للحكم ترسخ مفهوم جديد للوحدة العربية القائل ان الوحدة هي السبب ( الوحيد ) للنصر الحتمي ضد اسرائيل ( رغم اجهاض الوحدة السورية المصرية ) و مع اتجاه الناصريين الى تبني حركة عدم الأنحياز في العالم, سقطت الناصرية بسقوط مؤسسها, ولم يعد لها اي تاثير يذكر , بينما كان البعث قد ربط توجه نحو قطب من اقطاب العالمية في الحرب الباردة محاولة منه للتعلق بقطار يضمن له تحقيق اي نصر معنوي يؤكد صدق توجه , هذا الأتجاه " الانتهازي " اذا امكن القول يبين بالفعل حقيقة محاولة اكساب الفكر القومي اي ربح او غنائم لتاكيد من اهميته , و حتى نهاية الحقبة السوفياتية كانت هناك الأمال بتحقيق وحدة عربية كبيرة من اجل الأنتصار في قضية " العرب " المحورية ضد اسرائيل .
ماميز القوميون العرب في تلك الفترة هو نقطتين اولا: محاولة تضخيم حالة العدو يسعى لتحطيم العرب من اجل ضمان حشد انفعالات " عاطفية " مؤيدة للوحدة. والأخرى ابتعاد الخطاب القومي عن الخطاب الديني الذي ( أتخذ طريق سياسي أخر ) وذلك للتقرب من اجل كسب انتصارات وهمية من نظام شيوعي كان بحاجة هو الأخر الى تصدير ثورة فكرية اعلنت وفاتها في محاولة لاحياءها من جديد, التقارب القومي العربي السوفيتي. كان تقارب مصالحي للطرفين من اجل انعاش افكار توشك ان تحتضر,
مع نهاية الحقبة السوفيتة و احتلال العراق للكويت اعلن رسميا موت فكرة القومية العربية على يد أصحابها و تبين مدى سوء استخدام مصطلح " العرب " من اجل غايات كان اهمها الحفاظ على السلطة في اهم مناطق الشرق الأوسط
ثالثا: القومية العربية و القوميات الأخرى في البلاد العربية: الأكراد, الأمازيغ:
محاولة ضم بعض القوميات التدي كانت تدعى " الأقليات " للقومية العربية كان فيها حجب شمس التاريخ بغربال شفاف, فلا القوميا ت الأخرى انمجت في هذا " النضال " ولم يستطع العربي تجاوز ندائاته, ان نسيان وجود تاريخي للأكراد يقارب الألفي عام و الأمازيغ مع حققوه من إنجازات و دور في التاريخ الإسلامي وصل إلى فتح أسبانيا ,
كانت محاولة طمس هوية العرب انفسهم حاولوا مقاومتها في في بداية عصر التتريك وقعوا في الفخ ذاته مع تلك القوميات, ان رفض اعتبار الكردية او الامازيغية هي لغة ثانية ورفض تدريس تاريخ تلك القوميات كانت احدى الصور للتميز أيضا , أن تتعامل مع المواطن الأخر كجزء من الوطن له ارث حضاري يفتخر به كما تفتخر أنت بإرثك العربي كانت معادلة صعبة في عهد القومين , ومع تشدد الشوفينية القومية في بلاد تحوي اعراق من غير اصول عربية ظهرت بالمقالبل شوفينات الأقليات الأخرى و ادى الى نزوع التواترات التي ما تزال تشكل اسس من أشكال النزاع السياسي حتى يومنا هذا .
ان دمج جميع القوميات في في وطن واحد لا تمييز به عرقي والأعتراف بحقوق الأقليات غير العربية بمواطنيتهم هي اهم مقومات تطور دولة حديثة, تهدف الى رفع سويتها و وضعها و لتحقيق تنمية مستدامة فيها خير لجميع افرادها,
مستقبل القوميات, الدول القومية:
بقليل من الملاحظة يمكن معرفة ان عدد الدول في العالم يتجاوز ال 200 دولة بقليل بينما عدد القوميات يزيد عن 2000 قومية. هذا يدل على قدرة الدول الحديثة على تعايش سلمي بين قوميات مختلفة, تتم فيها تميز المواطنة على اساس خدمة الدولة, ومع اتجاه الدول الى وضع تكتلات " اقتصادية " مع بعضها, فمن الملاحظ ان طبيعة هذه التكتلات لا تلائن التكتلات العربية, فالأقطار العربية لديها نفس المشكل تقريبا في الأقتصاد, وهم يتنافسون في مجال واحد وهو الزراعة او الصناعات الأستخراجية. و التبادلات العربية البينية لا تمثل سوى 5 % من التبادلات مع الدول غير العربية, بالأضافة الى مشكال البطالة ذاتها و التنمية, و هذا ان دل على شيئ يدل على وجود هوة عميقة تفصل بين الأقطار العربية و ليست مجرد حدود و حواجز, وبالمقارنة مع تاريخ ددول اوربا و عوامل توحدها, نجد ان الاسس الفكرية والنظرية لوحدة التاريخ والدين لا تشكل عامل مهم في بناء اتحاد متماسك, بل المصالح الواحدة ذات المنافع المتبادلة ( وهذه اساس نظرية منظمة التجارة العالمية ) ومع ايماني ان الوحدة العربية ماتزال تشكل عند العرب خصوصية متميزة. ولكن اثرها لا يتجاوز تحقيق التوازن النفسي والأجتماعي والتوتر الفكري و التضارب الوجداني, بينما اي وحدة اندماجية او ايا كان شكلها و بحسب المفكر الأنصاري " فانها تكون مشروطة بعملتين مختلفتي الأتجاه: الوحدة على الصعيد الأقتصادي ؟. و الخصوصية و الاختلاف على الصعيد الثقافي "
#فراس_الحمداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟