أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - لا للمعاناة - 1














المزيد.....

لا للمعاناة - 1


إبراهيم اليوسف

الحوار المتمدن-العدد: 749 - 2004 / 2 / 19 - 06:24
المحور: الادب والفن
    


لقد كنت موقناً ، وحتى وقت قريب أن المعاناة قادرة على زج الكاتب ، أو المبدع – في أتون الكتابة ، وباستمرار شريطة وجود الموهبة الحقيقية التي لابد منها لتقديم أي نتاج فني أو إبداعي .

    وعلى الرغم من أنني لما أزل موقناً بأهمية المعاناة في إغناء وصقل الموهبة ، وفتح مجالات أرحب أمام هذا المبدع ، بل إن أية موهبة لا يمكن لها أن تواصل في تقديم ما هو غني  فيما لو كانت عزلاء عن المعاناة والتجربة وحساسية التقاط كل ما يشكل تفاصيل المحيط ، وبنيته في آن واحد .

    مازلت أتذكر أن أديبة عربية ، بارزة ، قالت ذات يوم كلاماً أخذ بلبي وقلبي معاً ، مفاده :  " إنه لن تكون هناك إبداعات أصيلة ما لم يكن مبدعوها ذوي معاناة كبيرة "

    أجل ، أعترف ، أن قول هذه الأديبة أدهشني – آنذاك – حينما قرأته ومنذ الوهلة الأولى ، بل وما أزال تحت سطوة هذه المقولة التي أصبحت من ضمن حصيلة قناعاتي الشخصية ، لاسيما وإنني أدركت فيما بعد أن أدباء وفنانين كثيرين على اختلاف لغاتهم ، وجغرافياتهم ، ومشاربهم ، قد أكدوا هذا الشيء من خلال تجاربهم وإبداعاتهم .

    بيد أنني الآن ، ونتيجة لتجربة شخصية ، وجدتني أتأكد بأن للمعاناة نفسها ثمة حدوداً ، وأن المعاناة – وضمن حدودها العادية ، قادرة على إيقاد الورد ، والأعشاب في رحاب الموهبة ، وجعلها متألقة ، معطاء إلا أن هذه المعاناة نفسها " الساحرة " قد تأني على الأخضر واليابس معاً تجعلهما أدراج الرياح إذا طفح الكيل – واستفحلت ، خارجة عن طورها ، كما ينقلب تماماً أي وعل إلى تنين .

    ويمكن القول – وعلى سبيل المثال – إن القلق الذي قد يعتبر أحد دوافع الكتابة … يتحول إلى أنشوطة تضيق الخناق على روح المبدع ، فتهزمه أو تحرفه عن طقوس الإبداع ، متحولاً بهذا إلى دافع نحو القنوط ، والهروب ، والبحث عن الحل الفردي ، بدلاً عن أن يكون دافعاً نحو التفاؤل ، والثقة بالذات والعالم وإلا …

فكيف يمكننا أن نفسر ظاهرة الانتحار الذي يقدم عليه فنان أو كاتب – في لحظة قاتمة – أو تحت نير كابوس اليأس ، فيحكم على نفسه بالموت … مغلقاً كثيراً من الكوى والنوافذ التي كانت تفتحها إبداعاته وكتاباته للآخرين … ؟ ‍‍

بل ، كيف يهجر فنان ريشته ؟

كيف يهجر كاتب قرطاسه ويراعه ؟

كيف تتحول آخر غيمة يحلق مبدع نحوها إلى سديم ؟

كيف يجرؤ ذلك الذي طالما كرس حياته للحب والحياة إلى قطع وريده وبسكين الخزي والهزيمة المرة ؟

أؤكد أن للمعاناة سقفاً ما

يعلو قليلاً … أو كثيراً

أو يهبط قليلاً … أو كثيراً

وذلك بحسب طبيعة هذا الشخص أو ذاك ، والمعاناة إذا كان يمكن اعتبارها حافزاً إبداعياً ضمن إطار معين ، إلا أنها تثبط المبدع وتصدع ثقته بالإبداع … وسواه ، إذا ما تجاوزت هذه الأسوار المدهشة التي تظل المعاناة داخلها … وديعة ، إنسانية ، جميلة ، بيد أنها تحولها إلى مارد ، يحطم كل شيء … كل شيء ، إذا سمحت للمعاناة بتخطيها ، وتجاوزها …

   ترى ، أية كتابة يمكنك أن تقدم عليها وأنت لا تجد في جيبك ثمن دواء طفلك أو رغيفه ؟

أية كتابة يمكنك إنجازها وأنت تدرك أن نصف شوارع المدينة ممنوعة عليك ، خشية من وجوه دائنيك ، وعيونهم التي لا تستطيع ملاقاتها … ‍‍؟

أي وقت للكتابة ؟

وأنت تفكر بسداد الفواتير المختلفة المتراكمة عليك منذ وقت طويل دون أن تستطيع تحريك ساكن … قط ؟

ما الذي تتوخاه إذاً عزيزي المبدع

قصيدة

أم

رغيف خبز .. ؟



#إبراهيم_اليوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهدي خوشناو - سهرة أخيرة لهبُ سرمدي..!..
- بكائيات شباط ومفهوم المقاومة بين التزوير والتشويه ...
- الأكراد ضيوف الله على الأرض
- الباب
- الكرد والآخر: دعوة لإعادة قراءة العلاقة بغرض التفاعل الإيجاب ...
- ماهية الإبداع
- فلسفة الخطأ
- نوستالجيا إسلامية بسبب الموقف من القضية الكردية
- نصوص - قصص طويلة جداً
- المثقف والسلطة ثنائية الوئام والتناحر - الاستعلاء علي المثقف ...
- أزمة العقل العربي -دلالة الموقف من الدكتاتور أنموذجا
- خاطرة بين المسافات - دليل العاثر إلي برج الناشر
- مدائح البياض
- غيوم ابو للينير بين نهر السين ونهر الحب - شاعر فرنسي..المرأة ...
- أضواء - استرخاص الألقاب
- ثقافة الفرد لا تتناسخ مع الثقافة العامة - المثقف والسلطة.. ث ...
- بلند الحيدري رائد الحداثة المنسي - غواية المدن في اصطياد شاع ...
- ثقافة الفرد لا تتناسخ مع الثقافة العامة - المثقف والسلطة.. ث ...
- مئوية الشاعر الكردي جكرخوين - تجول في الفيافي مع الرعاة ليكت ...
- بلند الحيدري رائد الحداثة الشعرية المنسي- 2/2


المزيد.....




- في اليابان.. الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان يعزز جسور التباد ...
- “سجل الآن“ اعلان توظيف وزارة الثقافة والفنون 2024 بالجزائر و ...
- الحب كحلم بعيد المنال.. رواية -ثلاثية- لأديب نوبل يون فوسه
- المسرح الروسي يزين مهرجان قرطاج
- الممثل اللبناني نيقولا معوض يتحدث بالتركية.. ما القصة؟
- فنانة كازاخية تهدي بوتين لوحة بعنوان -جسر الصداقة-
- تطورات في قضية اتهام المخرج المصري عمر زهران بسرقة مجوهرات
- RT Arabic توقع مذكرة تعاون مع مركز الاتحاد للأخبار في الإمار ...
- فيلم رعب لمبابي وإيجابية وحيدة.. كواليس ليلة سقوط ريال مدريد ...
- حذاء فيلم -ساحر أوز- الشهير يُطرح للبيع بعد 20 عاما من السرق ...


المزيد.....

- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم اليوسف - لا للمعاناة - 1