|
شيخ ياباني.. شيخ تايواني..!!!
كريم كطافة
الحوار المتمدن-العدد: 2427 - 2008 / 10 / 7 - 05:21
المحور:
كتابات ساخرة
ثمة حكاية على شيء من الغرابة، شاعت بين العراقيين أيام حكم صدام حسين؛ عنوانها: شيخ ياباني وشيخ تايواني..!! وفحوى الحكاية أن (صدام حسين) وبعد أن اشتد عليه الحصار الخارجي والداخلي، بفعل تداعيات غزوة الكويت، وتشظي تنظيمات حزبه بين خائن ومخلص، لجأ إلى لعبة بعث نفوذ العشائر من جديد.. ولأن معظم شيوخ ووجهاء عشائر الجنوب والفرات الأوسط، كانوا قد اشتركوا بهذا الشكل أو ذاك في الانتفاضة الشعبية سنة 1991، مما جعل ولائهم للحكومة ملطخاً بالريبة. الأمر الذي سيعني بقاء 15 محافظة عراقية من بين المحافظات الـ18 خارج السيطرة الحكومية. عندها تفتقت ذهنية مستشاري القائد على حل بديل؛ هو الاستنساخ..!! ربما تماشياً مع الاكتشاف الذي كان جديداً في حينه أقصد استنساخ النعجة (دولي) وإشاعات عن بعث الديناصورات واستنساخ بشر.. إلخ ولأن اللحمة العشائرية في هذه المناطق كانت شبه مفككة وولاء الأفراد لشيوخهم ليس بالمضمون، بسبب عمليات حكومية سابقة من قص الأجنحة ونتف الريش لصالح استفحال نفوذ الحزب الحاكم. الأمر الذي جعل عمليات الاستنساخ البشري تسير سيراً حسناً بلا معوقات أو فضائح كبيرة وبالمواصفات المطلوبة في المستنسخين والتي كان على رأسها القدرة على تحشيد الأتباع في الزمان والمكان المناسبين والاستعداد للفحص والتأكد من الولاء في أية لحظة. كانت الآلية سهلة وغير مكلفة؛ يكفي استقبال شيخ العشيرة المراد استنساخه في القصر الجمهوري وجعله يهتف باسم عشيرته بالحب والولاء للقائد، ليحصل بعدها على بندقية هدية من القائد زائداً وعداً بصرف رواتب جارية له ولمن يجندهم من عشيرته. هكذا وفي ظرف قصير زمنياً انبثق في العراق كم كبير من شيوخ العشائر المستنسخين دون الحاجة إلى (سوريال نمر) أو (كراك). وبعد نجاح التجربة الواضح في ميدان العشائر، وبروز التململ والحاجة الواضحة للبشر للتوجه إلى الله بعد أن أغلقت بوجوههم كل السبل والأبواب للخروج من الحصارات الكثيرة المحيطة بهم، نقل القائد ميدان اللعبة إلى الدين ورجاله. وهذه المرة تحت عنوان (الحملة الإيمانية). جرى تدعيم البنى التحتية للحملة باستيراد أعداد غفيرة من سلفيي الجزيرة مع كتبهم وصحاحهم العتيدة مدججين بالفتاوي والبلاوي من أخمص القدم حتى تلافيف المخ.. إضافة إلى تفريغ كوادر منتدبة من أجهزة الأمن الكثيرة للدخول في دورات الهداية في المساجد والتكايا والحسينيات وعلى طرفي المتراس المذهبي (سنة وشيعة). كان هدف الحملة منذ البداية واضحاً لا لبس فيه؛ مقاومة أشرس وأخطر عدوان ثلاثي يواجهه ا لبلد، ألا وهو الخمر الملعون والغناء الماجن والسفور الفاجر للنساء.. حملة لتلثيم وتحجيب وتكميم أفواه هذه القوى الثلاث المتآمرة والمتعاونة مع الشيطان وجنده. جرى العمل بوتيرة متصاعدة أذهلت الجميع وبالأخص المواطنين وعلى الجبهتين (العشائر والدين). بين عشية وضحاها يتحول فلان الفلاني من سكير عربيد لا يشتري الدين ورب الدين بزبانة إلى ولي صالح سيماءه على جبينه من أثر السجود.. وفلان الفلاني من منبوذ غير معترف به عشائرياً إلى شيخ عشيرة مهاب يتراكض وراءه الأتباع.. أخذ الشيوخ يتناسلون من الداخل ومن الخارج كأنهم نتاج لعملية تخصيب جماعي.. مما حدا بالمخيلة العراقية الشعبية المعروفة بسرعة البديهة ولغرض التمييز على الأقل، إلى ابتكار توصيف (شيخ ياباني وشيخ تايواني)، نسجاً على منوال قناعة العراقيين في الماركات الصناعية المعروفة، حيث يعتقدون أن الياباني أصلي والتايواني تقليد. ما أن يسأل أحدهم عن أحد من الشيوخ، حتى يصله الجواب من الآخر: قصدك الياباني لو التايواني..!!؟ لقد نجح القائد في الحملتين نجاحاً باهراً كما لم ينجح بأية حملة عسكرية. في ظرف سنين قليلة تحولت المدن المهروسة بالحصار الخارجي والداخلي إلى قرى مشاعة للخرافة والأساطير والمحاصصات العشائرية والدينية بين شيوخ الاستنساخ.. ازدهرت المساجد والحسينيات والتكايا وأضرحة الأولياء بجموع المصلين والزائرين بل صار الناس يصلون صلاة الجماعة في الطرقات العامة والساحة خارج فناء المساجد المتخومة بهم.. أنقطع دابر الأعداء الثلاثة الشرسين والخطرين، الخمر والغناء وسفور النساء.. وتكلل كفاح الجميع بالحصول على تعويض مجز عن فقر الحال وغموض المآل بقصر منيف وبستان هفيف وحور رفيف في جنة عرضها السماوات والأرض ملكاً أبدياً للمؤمنين الصابرين على محنهم ومآسيهم وتخلفهم ودمارهم الخارج من بين أيديهم.. لقد نجح القائد الملهم بإرساء بنية تحتية للدمار القادم بعد زواله..!!؟
#كريم_كطافة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فئران الدين إلى أين..!!؟
-
دراجة السيد رامسفيلد..!! (*)
-
إعادة تحوير أمخاخ النساء
-
قبر لكل صحفي..!!!
-
الحاجوز
-
العراق بين ظهر النص وصدره..!!؟
-
من اللثام إلى الشفافية
-
محنتنا مع سارق الأكفان وولده
-
أخيراً.. أحدهم قد خجل
-
بيروكوست وحكايات صدام حسين
-
فاقد الشيء لن يدافع عنه..!!؟
-
كرة الدين في ملاعب المسلمين..!!؟
-
إلى قناة -الشرقية- حصرياً..!!؟
-
عن حكمة إله الدماء...!!؟
-
لا تزعجوهم.. أنهم يتحاصصون
-
تحولات العالس والمعلوس ..!!؟
-
ماذا يحدث في سومرستان وأنباريا!!؟
-
نسخ الله المتكاثرة..!!؟
-
داء الذئب السياسي ومصائد الخرفان
-
تجحيش الديمقراطية
المزيد.....
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|