زهير دعيم
الحوار المتمدن-العدد: 2428 - 2008 / 10 / 8 - 04:25
المحور:
الادب والفن
جلس طلاب صفّ البستان بشكلٍ دائري مع معلمتهم ديمة ، بعد فترة الألعاب والفعاليات ، جلسوا يستمعون الى القصّة اليومية .
إنهم يُحبّون القصص والحكايات ، جلسوا مسرورين إلا هديل التي وضعت رأسها الصغير على ركبة المعلمة وأخذت تبكي ، فقد عضّها منير قبل دقائق معدودة ، منير هذا الطفل الشّقيّ.
بدأت المعلمة بالقصة وهي تُداعب شعر هديل بحنان : " كان يا ما كان ، في قديم الزّمان ، ثعلب مكّار يعيش في الغابة ...
ولم تكد تنتهي المعلمة من هذه الجملة وإذا بصرخة قوية تصدر من رنين : آخ...آخ...آخ...
فسألت المعلمة عن الأمر فقالت رنين : " لقد عضّني منير ، عضّني منير "
فجاء ردّ منير سريعاً : " لقد داست على قدمي!! ".
وهزّت المعلمة رأسها بامتعاض شديد ، وطلبت من رنين أن تأتي وتجلس بجانبها .
لم تبكِ رنين ، فهي طالبة قوية الشخصية.
احتارت المعلمة ، ماذا تفعل بهذا العضّاض الذي يعضّ كلّ يوم ...يعضّ هذا ويعضّ هذه ..وكثيرا ما عانقته بحرارة وحدثته عن أضرار العضّ ولكن دون فائدة.
وتابعت المعلمة سرد القصة ، وعندما جاءت أمّ منير لتأخذ ابنها بعد انتهاء الدّوام ، أخبرتها المعلمة أنّ ابنها ما زال يعضّ الطلاب ، فاليوم فقط عضّ طالبتين ، وهذا الأمر يقلقها ويقلق الأمهات .
وعضّت أمّ منير على شفتها خجلا وقالت : " آسفة ..ماذا أفعل ...لقد استعملت أنا وأبوه كلّ الطُّرق لكي يترك منير هذه العادة السيئة ولكن دون جدوى ورغم ذلك سنحاول ثانية ".
ولم تنم المعلمة في تلك الليلة وهي تبحث عن وسيلة تمنع فيها منير من العضّ .
وفي اليوم التّالي ، وفي السّاعات المبكرة من الصّباح ، وبينما كانت المعلمة تقوم بالتركيز ، سمعت صرخة قوية : آخ..آخ..آخ ..
ودون أن ترفع المعلمة رأسها صاحت " : منير ..منير تعال إلى هنا، تعال إلى هنا ".
وقف منير أمام المعلمة باكيًا وهو ينظر والدّموع تملأ عينيه ..ينظر إلى يده الحمراء ..
لقد عضّتني رنين ، لقد عضّتني .
وضحكت المعلمة ، وعانقته بحرارة وهي تؤنّب رنين .
وتابعت المعلمة التركيز الذي كانت تقطعه كل فترة ببسمة خفيفة قائلة : أيكون هذا ....؟؟
وفي اليوم التّالي والأيام التي تلت غاب العضّ عن الصفّ ، غاب إلى الأبد.
#زهير_دعيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟