|
وحدة الصف الوطني تحت رحمة المحاصصة
علي عرمش شوكت
الحوار المتمدن-العدد: 2427 - 2008 / 10 / 7 - 03:55
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
دخل شعبنا الى عالم الديمقراطية من ابوبه الواسعة ، فمن الاسحواذ المطلق على كافة شؤون البلد من قبل فرد مستبد الى حرية الاختيار والمشاركة بالقرار ، هذا ما هو مفترض في الحياة السياسية الجديدة في العراق ، الا ان العمل السياسي قد جرى تعويمه على سيول من الفوضى الجارفة ، اطلق عليها الامريكان { الفوضى الخلاقة } ، وبفعلها اسفرت عن زلل لايبشر بالاطمئنان على البناء الديمقراطي الذي تنشده العملية السياسية ، انما يلوح بل يعلن دون تردد عن وجهته التي لن تؤدي في احسن الاحوال الا الى خلق مناخ مشبع بروائح الاسبداد والانفراد وادارة دفة الامور نحو الخلف ، ان مايهدد العملية السياسية اليوم هو تدهور روح التضامن بين اطرافها ازاء القضايا الوطنية المشتركة ، فضلاً عن التمسك بالحصص والاهتمام بتوسيع دائرة النفوذ مما أجيج النزاعات وادى الى تعقيد ابسط الامور المختلف حولها . وعلى هذه اللوحة تلمسنا العبر وسطرت العبارات التي تحتاج الى من يحولها الى لغة الشارع السياسي العراقي لكي يسهل على ابنائه فهمها وبالتالي التعامل معها ، وعلى سبيل المثال وليس الحصر ، كثر التساؤل بالامس حول اجتماع هيئة الرئاسة في كردستان دون حضور رئيس الوزراء ، وعلى اثر ذلك اعتبر الاجتماع غير رسمي من قبل رئيس الحكومة ، كما شدت الانتباه تلك التصريحات عن اقرار قانون انتخاب مجالس المحافظات المثير للجدل من قبل مجلس الرئاسة خلال اجتماعه في اربيل ، في حين حلقت انباء في فضاء بغداد مفادها عدم اقرار هذا القانون ، واذا ما كشف ذلك عن شيئ انما يكشف عن حصول فجوة في تماسك وتضامن النخبة الحاكمة للاسف الشديد ، للحد الذي وصلت فيه الامور الى عدم التنسيق حتى على عقد اجتماع يفترض ان يكون لمعالجة هموم مشتركة عامة وهامة . هذا الامر الذي ينطوي على خطورة بالغة ليس بانعكاساته على وحدة الصف الوطني ولا على مستقبل الوضع في العراق فحسب ، انما الخطورة الاكثر تأثيراً تكمن في انه قد اعطى حقنة منعشة لقوى الارهاب التي تراهن على اشتداد الخلافات وتأجيج الفوضى داخل اطراف العملية السياسية ، فلا يختلف اثنان على ان نشوب هذه التشنجات في العلاقات البينية كان صداه المباشر تصاعد الاعمال الارهابية في العاصمة بغداد رغم التحوط الامني المتزايد بمناسبة العيد ، وفي ذات المنحى والاكثر اهمية هو عدم وجود موقف عراقي رسمي موحد من الاتفاقية الامنية التي يجري التباحث حولها مع الجانب الامريكي ، فهنالك من يدعو الى الاسراع بتوقيعها مبرراً ذلك باهمية تطبيق بنودها لاخراج البلد من البند السابع وغير ذلك ، وآخر يصر على اتمامها بصورة لاتثير غضب الشارع العراقي او تقلق الجيران حتى وان ادى ذلك الى نشوب خلافات مع الجانب الامريكي مهما كانت التداعيات ، ومن المؤسف حقاً ان المعنيين من النخبة الحاكمة لايتلامسون في اختلافاتهم هذه مع متطابات المسؤولية الوطنية الملقات على عواتقهم ، اذ ان نهج المحاصصة تحول الى غمامة لا تسمح بمدى للرؤية ابعد من ظل الامتيازات المكتسبة منه ، وعلى ذلك تعوقت جهود الاطراف المختلفة في سبيل خلق مقاربات تصب في مجرى توسيع التضامن والمشاركة في مسؤولية اتخاذ القرار الموحد ، الذي يرسي بدوره الدعامة القوية التي لابد منها ليتكئ عليها بناء الدولة الديقراطية المدنية في العراق ، ويمكن ان يكون ذلك مفهوماً ، ولكن الذي يصعب فهمه هو انتقال منهج الاقصاء الذي هو احد ثمار المحاصصة الى بعض الذين يفترض ان يكونوا اكثر تماسكاً فيما بينهم لكونهم يتحملون المسؤولية المشتركة في ادارة الحكم ، وليس خافياً على اي طرف منهم ان امامهم مهام جسام لايمكن انجازها بانفراد احدهم ، ليس دون الاطراف الاخرى فحسب وانما بلا مشاركة واسعة من القوى الوطنية والديمقراطية المنضوية في العملية السياسية وحتى غير المشاركة فيها ايضاً . والشيئ بالشيئ يذكر كما يقال ، فمنذ ان بدأ التفاوض بين العراق والولايات المتحدة الامريكية لم يطّلع الشعب العراقي على اية بنود للاتفاقية الامنية المزمع ابرامها ، ما عدا تسرب بعض المعلومات التي تشير الى قرب انجازها ، وعلى الاغلب كنا وما زلنا نسمع بها ليس من الجانب العراقي وانما من الجانب الاخر ، وبالمناسبة فقد صرح { نغروبونتي } مساعد وزير خارجية الولايات الامريكية المتحدة يوم السبت 4 - 10 - 2008 بمناسبة زيارته للعراق ، بان الاتفاقية ستنجز قريباً ، ولم يعقبه اي تعليق من الحكومة العراقية ، نذكر ذلك لضرورة تقديم { الامتنان } الى الجانب الامريكي الذي زف الينا البشرى بقرب انجاز الاتفاقية الامنية ، مع اننا نبقى نجهل طبيعتها وما ستضيفه لشعبنا من هموم ولوطننا من قيود ، هذه الحال التي تنم عن عدم تراص الجانب العراقي وتخلخل وحدة صفه الوطني من جراء احكام المحاصصة المعمدة بالطائفية والفساد والاختراقات الاقليمية ، سوف لن تساعد ابداً على انتزاع العراق من براثن الاحتلال وتداعياته المدمرة ، طالما ظلت الامور تحت رحمة المحاصصة التي من الاجدر بنا ان نطلق عليها اسم { المخاصصة } لكونها تخصخص العراق بين اصحاب النفوذ في الداخل والطامعين من الخارج .
#علي_عرمش_شوكت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سلامات ياخدمات !!!
-
البرلمان العراقي ... سائر الخطى ام خائر القوى ؟
-
احتراس روسي من عربدة ناتوية فوق القوقاز
-
{ ارض متنازع عليها ,, } اكذوبة صدقها من اطلقها !!!
-
كامل شياع .. كنت قنديلا احمرا اطفأتك ريح سوداء
-
الامن في العراق بين استراتيج الحكومة وتاكتيك الارهابيين
-
قانون مأزوم وناخب مظلوم
-
اول غيث قانون الاقاليم نزاع حدودي عقيم !!
-
{{ الراصد }} اصلحوا الدستور تٌصلح الامور
-
{{ الراصد }} التصعيد في الازمة ... تدحرج الى الهاوية
-
{{ الراصد }} قانون انكبح متعثراً بعتبة البرلمان !!
-
{{ الراصد }} مضاربات في بورصة العملية السياسية
-
{{ الراصد }} الحزب الشيوعي العراقي وثورة 14 تموز المجيدة
-
{{ الراصد }} ثورة 14 تموز ... غرة في جبين تاريخ العراق السيا
...
-
{{ الراصد }} خريف الاحتلال في صيف العراق اللاهب
-
{{ الراصد }} الاتفاقية العراقية الامريكية .. تراتيل لنصوص لم
...
-
{{ الراصد }} وداعاً للسلاح
-
{{ الراصد }} سياسة مفاوضات ام مقايضات سياسية ؟
-
{{ الراصد }} العراق ... قيظ وقضية قضيض اهلها مفقودا
-
{{ الراصد }} قانون الانتخابات في غياهب المحاصصة !!
المزيد.....
-
بايدن يحذر من -شتاء قاس- في الصراع الأوكراني
-
بقتلها السنوار.. هل دمرت إسرائيل حماس؟
-
حماس بعد السنوار: ضربة قاصمة لكنها ليست قاضية
-
لا تعليق: بعد سنين عجاف.. عودة الحياة إلى بحيرات المغرب في
...
-
مقتل 6 أشخاص وإصابة العشرات في انقلاب حافلة تقل سياحا ياباني
...
-
حماس تعلن أنها ستواصل احتجاز الرهائن لحين وقف الحرب في غزة
-
وزير الدفاع الأمريكي: الحلفاء الغربيون أنشأوا تحالفات منفصلة
...
-
إعلام: دول الناتو تستعد لتكثيف الدعم إلى كييف بعد الانتخابات
...
-
المؤتمر العالمي للأوكرانيين: أكثر من مليون تلميذ أوكراني غاد
...
-
المسيرات المليونية في اليمن تعود لميدان السبعين بعد اغتيال ا
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|