|
منهجية تناول تاريخ الشرق الأدنى القديم
ماجد شاكر لفته
الحوار المتمدن-العدد: 2426 - 2008 / 10 / 6 - 08:56
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
لقد قسّم العلماء التاريخ إلى قسمين ، عصر ما قبل التاريخ أي ما قبل الكتابة وهو الجزء الأكبر من تأريخ الإنسان ، والعصر الآخر هو عصر فجر التاريخ أي عصر الكتابة والتدوين ويمتد من 3500 سنة ق.م في جنوب العراق حصرا ، وان تحديد تاريخ وجود الإنسان ارتبط اشد الارتباط بالتقدم العلمي الذي أحرز في علم الآثار والجيولوجيا والفيزياء والكيمياء وعلم الذرة وباقي العلوم الأخرى التي وفرت للعلماء وسائل كشف وفحص مخلفات الإنسان المادية ودراستها وتحديد عمرها الزمني وذلك بواسطة طريقتين الأولى :- طريقة الكاربون14 والثانية طريقة طبقات الأرض . إن اختراع الكتابة والتدوين يعتبر أهم انجاز حضاري حيث نقلت لنا هذه الكتابة المعارف الإنسانية لتلك الأقوام بالإضافة إلى ما تعرفنا عليه من خلالها على معتقدات البابليين والأشوريين والعيلاميين والفينيقيين والسبب في ذلك ان هذه الأقوام جميعها كتبت بالخط المسماري الذي اخترعه السومريون ، بعد ذلك نشأة الكتابة الصورية ثم تطورت وأصبحت ذات مقاطع ورموز ثم اختزلت الى مقاطع ذات أصوات بحدود سنة 3200 ق.م وقد ظهرت في المعابد لتدوين وضبط واردات هذه المعابد . ان المنهجية التي تناولت تاريخ الشرق الأدنى القديم للباحثين وهم في الغالب من المستشرقين الأوربيين الذين تأثروا بروايات توراتية وخاصة ً (التلمود) حيث اعتبرت لغات الأقوام من بابليين وآشوريين وآراميين وعبرانيين وعرب وحيثيين ترجع كلها الى اللغة السامية والسبب في ذلك حسب اعتقاد هؤلاء المستشرقين إن هذه اللغات تجمعها خصائص مشتركة من حيث الفعل وتصريفه ... الخ فقد اخترع المصريون الكتابة حوالي 3000 سنة ق.م وكانت لغتهم الهيروغليفية، أما الصينيون فقد اخترعوا الكتابة سنة 1500 ق.م ، أما الأبجدية الإغريقية فقد اخترعت سنة 600ق.م وأخيرا الأبجدية العربية سنة 500ق.م . لقد عمل الباحثين والعلماء في مجال اللغة وقتا طويلا استغرق أكثر من خمسين عاما محاولين فك الرموز وقراءة الخط المسماري إلا أنهم لم يفلحوا حتى تم العثور على منحوتة في شرق إيران مكتوبة بثلاثة لغات هي البابلية القديمة والفارسية والسوسيانية نسبة ً الى منطقة سوسة (الشوش حاليا) وهي عاصمة العيلاميين ، ومن خلال مقابلة النصوص ومقاربتها بالنص الفارسي حيث كانت اللغة الفارسية متداولة تمكنوا من فك الرموز والكتابة المسمارية وقد نشرت نتيجتها عام 1850 ومنذ ذلك التاريخ تم فك وقراءة كتابة آلاف الرقم الطينية والحجرية. ان أكثر المعتقدات الدينية السومرية قد أكدت على الماء باعتباره سبب وجود الحياة ولهذا السبب عبدوا اله الماء (أنكي) كما وردت في نصوصهم قصة الخليقة التي ذكرت في التوراة وكيف خلق الإنسان من طين ، وهذا يدلل على ان الكثير من النصوص التوراتية مأخوذة من الفكر السومري ولا غرابة في ذلك اذا عرفنا ان الجزء الأكبر من أسفار التوراة قد كُتبت في بابل وبالخط الآرامي . لقد كان السومريون يعتبرون ان كل مكروه يصيب الإنسان هو نتيجة لغضب الإلهة ولهذا يسارعون لتقديم النذور والقرابين وكانوا يعتقدون ان الملوكية نزلت من السماء لذا يوضع رمز النجمة في الأعلى من الإله وهو جالس يستقبل القرابين ، وقد اخذ البابليون والأشوريون عن السومريين موضوع النجمة والقرص الشمسي وهو رمز عراقي قديم لذا يرفعه اليوم الكلدواشوريين شعارا لهم باعتبارهم عراقيون اصلاء ، وقد رفع هذا الشعار (قرص الشمس) بعد ثورة 14تموز 1958 كشعار للجمهورية العراقية . ان عصر السومريين يقسّم الى قسمين الأول هو عصر فجر السلالات ويمتد من عام 3200 – 2350 ق.م حيث نشأة المدن وأصبح لها ملوك ونظام إداري واقتصادي يعتمد على الزراعة والإنتاج الحيواني وكذلك تطور نظام الري فبرزت مدن كمدينة لكش قرب ناحية الدواية في محافظة ذي قار ومدينة أور قرب مدينة الناصرية ومملكة أوما قرب مدينة الرفاعي ومدينة كيش وغيرها . وقد عرف التقويم الزراعي في عصر السومريين والذي يعتبر أقدم تقويم زراعي مكتشف في العالم حتى الآن ، كذلك عرفوا وحدات القياس والأوزان ورسم الخرائط ، وان مدونات هذه الفترة كان اغلبها اقتصادي وديني ، أما النصوص الأدبية فلم تظهر إلا في العصر السومري الثاني والذي يمتد من 2144 – 2003 ق.م وكان أشهر ملوك هذه الفترة الملك كوديا ملك لكش في سلالتها الثانية وأور الثالثة وأشهر ملوكها (أور نمو) . امتاز هذا العصر بكثرة النصوص الأدبية ومنها ملحمة كلكامش الشهيرة وكيف ان انكيدو جاء من السماء باعتباره المنقذ أو المخلص من بطش كلكامش وبعد حرب طويلة بينهما أصبح انكيدو صديقا لكلكامش وبعد وفاة أنكيدو بدأ كلكامش في رحلة البحث عن الخلود ، تلك الملحمة الأدبية المعروفة وصلتنا ب12 لوح من الطين كل لوح يحتوي على 300 سطر باستثناء لوح واحد يحتوي على 150 سطر وهو اللوح رقم (11) الذي يروي لنا قصة الطوفان وأحداثه باللغة السومرية والذي يشير الى رجل الطوفان واسمه (اتنابشتر) في النص البابلي . وقد اخترع السومريون الأختام الاسطوانية وان لهذه الأختام أهمية لتصوير المشاهد اليومية لشؤون الحياة كما عرفوا في عصورهم الأخيرة علوم الرياضيات والهندسة والجبر وقد وثقت هذه العلوم بالخط المسماري أي قبل اكتشاف النظريات اليونانية ب1700 عام وخير دليل على هذا هو الزقورة السومرية ودقة بناءها الهندسي والتي لا تزال شاخصة حتى اليوم . وقد عرجت قوانينهم تنظيم شؤون المجتمع ومنها شؤون الأسرة كالزواج والطلاق وعقود البيع والشراء وإيجار الأراضي الزراعية ، وكان من معتقداتهم في العصور الأخيرة هو الإيمان بالحياة الأخرى حيث يحيى الإنسان ويبعث من جديد ولهذا السبب دفن الملوك مع مقتنياتهم ودفن معهم حاشيتهم وهم أحياء .
#ماجد_شاكر_لفته (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ردًا على ترامب.. المكسيك في طريقها لفرض رسوم جمركية انتقامية
...
-
رئيسة المكسيك تحذر من عواقب وخيمة للرسوم الجمركية التي فرضته
...
-
شولتس يستبعد أي تعاون مع اليمينيين المتطرفين
-
تديره شركة إماراتية.. حقل غاز شمالي العراق يتعرض لهجوم دون إ
...
-
كندا والمكسيك.. ردة فعل انتقامية
-
عودة 300 -مرتزق روماني- من الكونغو بعد مشاركتهم في دعم الجيش
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تفجير مبان ومقتل عشرات المسلحين في الض
...
-
الخارجية الأمريكية: روبيو أبلغ الرئيس البنمي بأن ترامب لا ين
...
-
سيدة تلتقي بأطفالها لأول مرة منذ 6 أشهر بعد تحرير قريتها في
...
-
مينسك لا ترى أي مؤشرات لنشوب عدوان عليها
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|