أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - حنين














المزيد.....

حنين


يحيى علوان

الحوار المتمدن-العدد: 2425 - 2008 / 10 / 5 - 09:41
المحور: الادب والفن
    


بعد ما استبدَّ بها الشوق ، اتصَلَت بي ندى أمس تلفونياً من مراكش : " بابا ، اشتقتُ إليكَ كثيرا ، تعالَ وخذني إليك حالاً !" ثم صمَتَت قليلاً وعادَت بُنَيَّتي تَسأَلُني :" بابا ما هو الحنين ؟ ولماذا َنِحنُّ ؟!
قُلتُ لها الحنين هو شوقُ النَرجِسِ للندى ،
... أرضٌ تَجلِسُ مَنفوشَةَ الشَعرِ ، مُشَقَّقةَ الوجه اشتهاءً لِبَلَل ،
...هو عَطَشُ البئرِ لحاملاتِ الجِرار ،
... وتَوقُ الناعور لخريرِ الماءِ ، موسيقىً ، كي لا يُدَوِخه حفيفُ الريحِ في الدولاب ،
والحنينُ فِعلُ ماضٍ ناقِصٍ عن رائحةِ زرع بَهيَّ الخُضرَةِ ، كنتَ تتَمَرّغُ به - ولا تعرفُ إلى اليوم اسمه بل رائحته - ذاتَ ضُحىً ربيعي بحديقة عامة على كَتِفِ النهر عندَ معملِ فتّاح باشا ، يومَ كانوا يُلملِمونَ عوّاماتِ الجسرِ الطافي ، بعدَ اكتمالِ بناء "جسر الأئمة " في الكاظمية ،

... وللحنينِ رائحةُ "المزكوف" في " أبي نؤاس " مُضَمَّخة بعطورِ النساء في شارع النهر ،
............
............
بابا ، بابا ، ...بــــابــــــــــا....!!
............
والحنين ، يا صغيرتي ، مَرَضٌ مُتَردِّدٌ لا يُعدي ولا يُميت ،
... يُصيبُ مَن به مَسٌّ من مكان ، وهوَسٌ لمعنىً خالٍ من الزركَشَة وزُحام التأويل ،
... هو وَجَعُ البحثِ عن فَرَحٍ مندَثِرٍ ، بعيد ،
... وهو ناتجٌ عَرَضيٌّ لخوفنا من الكِبَرِ ،
... وهو ظمأُ المُستَترِ لضميرٍ معلومٍ ، حتى لو كان ماءً يَلصِفُ في سراب ،
... وهو فلترٌ يُنَقّي زوايا الذاكرةِ مما تَرَسّبَ بها من شوائبَ وسلبيات ،
والحنينُ ، يا ندى ، رَجفَةٌ تَخُضُّكَ عندما تواجه بياضَ لوحةٍ وأنتَ تَهِم بنثر نجومٍ ، تكتظُّ بها سماءٌ ، تَفتَقِدُها في منفاك ُ

بابا ، أنا لا أفهَمُ هذا الهُراء ، سألتُكَ عن معنى الحنين ...!
..........
الحنينُ ، يا ندى ، هوَ ما دَفَعَنا أن نعودَ بنشيدٍ مكتومٍ ، مُتَسَللينَ إلى
وطَنٍ ، حَسِنُ التسمية سيءُ المُسَمّى ، وَطَنِيُّ القَهر ، قومِيُّ النفاق ،
عُدنا ،" مهاجرونَ " عائدون ، يتَحَكَّمُ بنا إنفصالُ الرمزِ عن الواقع ، والألفاظ
عن معانيها ،.. عودة ،.. تحرير ،.. إسقاط ،.. حرية ،.. عدل...، مفرداتٌ تتملّى الشيء عن بُعدٍ ، حتى بدون عَدَسَةٍ مُكَبِّرَةٍ أو ناظورٍ مُقَرّب !!
أهيَ وعكةٌ لُغَوية عَجَزَت عن تعريفِ الكليِّ بالجزئي ؟! أم سحرُ رنينِ المفردة ، الذي لم نُشفَ منه ، وقضينا العُمرَ في الدفاعِ عن حقَّ اللعبة في استدراجنا إلى المتاهة ، وفي استدراجها إلى فُكاهة لافَتَةٍ لا يراها سوانا ؟!
...نَعَم ! كُنَا أحراراً ، بحريَّةٍ غيرُ حَمّالةِ أوجه ..أحراراً في وضعِ الخيالِ على الركبتين ، دون المقارنة بين سِجنٍ كبيرٍ وصنوٍ صغير ، كنّا كما تَفعَلُ المُتَصَوِفَةُ نطيرُ أَبعَدَ من هُدهُدٍ في أَقاصي السؤال ...وكان فينا من كثافةِ الغَيمِ ما يَروي اليَبابَ لو تَقَطَّرَ ومَطَر . وفينا من نُدوبِ الظُلمِ ما يُغنينا
عن طَلَبِ العدالةِ بِفَصاحةِ اللسانِ والتبيينِ والبيان ...

...بابا ، إذا لم تُجبني فوراً ، سأُغلقُ الخط ..!!
............
الحنينُ ، يا صاحبتي ، هَسيسٌ ، نَسمعُ فيه قَطَراتِ الماءِ ، تُنَقِّطُها حنَفِيَّةٌ
غيرُ مُحكَمَةِ الإغلاق ، وإصغاءٌ لِخَطوٍ يَتَقَدَّمُ من البابِ ، ولا يَصِل ...
... وللحنينِ صوتُ العُتمَةِ تَتَطَلَّعُ إلى وظيفةِ حاسّةٍ أُخرى لا تُتقِنُ الكلام ،
تَستَعينُ بطاغوتِ الأَرَقِ ، يُسبِّبُهُ سوءُ الفَهمِ الدائمِ بينَ الواقِعِ والخيال...

... الحَنينُ هُوَ حاجَةُ الصَحوِ إلى غيبوبَةٍ قريبةٍ من شَبَهِ الشيء بغائبٍ ، لا مَرئيٍ ، يَستَعصي على المناورةِ والتَعريف....
... الحنينُ يَهبِطُ عليكَ حُبَيباتُ ندىً ، لا هوَ شِعرٌ ولا هُوَ نَثرٌ ، لا أرضِيٍّ ، ولا سَماوِيٍ ، لكنهُ يَطيرُ بِكَ وتَطيرُ به .....
فأذا نَصَبتَ له فَخّاً من دفتَرٍ وقَلَم ، قَد يَجفَلُ من التدوين ، لأنهُ لا يُحِبُ الإفاداتِ ولا المحاضِر ولا التَقارير ....
... الحَنينُ هو إعرابٌ لدواخِلِ غُربتكَ في ظِلِّ الصدى وحواشي كؤوسِ الهاجِسِ ، التي لا تُتقِنُ التدوينَ بلا أخطاء...
... والحنينُ يَتَزَيَّا بالغامِضِ ، لا يُلمَسُ ولا يُتَذَوَّق .... يَتَحَرَّشُ باللامُنتَظَر...
.............
.............
.............

توووووووووووووووت........

ندى قَطَعَت الخط ....



يحيى علوان
برلين : 2/ 10 / 2008



#يحيى_علوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطن يضيره العتاب، لا الموت!
- تنويعاتٌ تَشبهُ الهَذَيان
- وطنٌ يُضيره العِتابُ ، لا الموت !
- قناديل بشت ئاشان _ نقرٌ على ذاكرة مثقوبة
- تيتانك والجوقة !


المزيد.....




- من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم ...
- الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
- ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي ...
- حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - يحيى علوان - حنين