|
غَرَائِبيَّاتُ حَضَرَةْ!
كمال الجزولي
الحوار المتمدن-العدد: 2424 - 2008 / 10 / 4 - 09:15
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
الإثنين ربَّما، لألف سبب وسبب، حقَّ لوجدان صديقي الشاعر الدينكاوي الراحل سِرْ أناي كِلولجانق، أوان انهماكه، قبل أكثر من ثلاثين سنة، في نسج أكثر أعماله الشعريَّة اكتنازاً بضيمه (الطبقي = الإثني) المزدوج، ألا يهجس سوى بصورة (الجلابي/الأفندي/السلطوي/المستعلي/القامع) التي يجسِّدها (إبن العَمَّة محمد) المسترخي على رياش مكتبه الخطير، الوثير، الفخيم، الفاخر، مكيَّف الهواء، يصدر الأوامر بشنِّ (الكشَّات) على اليتامى والمساكين وأبناء السبيل من (العبيد/الرجرجة/الدَّهماء/الغوغاء/السوقة)! لهذا لزم عدالة النقد إحسان تقدير الحسِّ الرفيع الذي هيَّأ لإبداع ذلك (البان آفريكانست) الماجد أن يصعد من قاع جُبِّ الثنائيَّة الإثنيَّة المتناحرة لدى (ابن العمََّة محمد) الذي "حين يسمعنى أغنى للحرية والعدالة والمساواة يغضب/ ويصرخ فى وجهى: وأنت يا عَبـِد .. تريد أيضاً أن تكون حُراً ومساوياً لى؟!"، كي يتمكن من رؤية نموذج آخر لـ (الضيم الطبقي)، مغاير لوهم (الحظوة الإثنيَّة)، مِمَّا قد يجسِّد الفتى الجلابي/المدقع/المعدم/المحروم/المرزوء بالفاقة والعوز (محمد نصر الدين) الذي ركله الفقر، في المناقل، بكعب حذائه، ذات صباح قريب، مثلما كاد يركل، في رمبيك، سِرْ أناي نفسه، ذات صباح بعيد، خارج عالم أقرانه في المدرسة ومراتع الصبا، ليقذف به إلى شوارع العاصمة، يأخذ دنياها غلابا، ويشيل حمَّارة قيظها، طوال النهارات، على أمِّ يافوخه، جائلاً يبيع، في مواقف حافلاتها، بلا رخصة ولا جنس ورقة ثبوتيَّة، ما تيسَّر من علكة، وكباسين، وأزرار، وأمشاط شعر، ومشابك غسيل، وكلَّ سقط متاع مِمَّا يعدُّون، يزوِّده بها، مع كلِّ مطلع شمس، طفيليَّون، غاسلو مال حرام، وناهبو أقوات فقراء من جميع الإثنيَّات، ومن كلِّ شاكلة ولون، جلابة وغير جلابة! لقد أدرك ذلك الشاعر (الإشتراكي الأفريقي)، عقلاً وعاطفة، أن أولئك هم من يوفرون، ليس على حسابه هو فقط، وإنما، أيضاً، على حساب (محمد نصر الدين) وآخرين كثر، من شتى المِلل والنِحل السودانيَّة، هناء (ابن العمَّة محمد)، ورغد عيشه! فكان لزاماً على الأخير أن يجيِّش، بالمقابل، عسسه، يطاردون، باسم أولياء نعمته، (محمد نصر الدين)، في ذلك النهار الخرطومي الذي تدلت شمسه "فرناً فوق رءوس البشر"، تماماً مثلما يطاردون شول وأدروب وآدم، وهو ما يفتأ يتراكض في القِبَل الأربع، كما قط جبلي محاصر، يتشبث بحزمة كباسين وأزرار وأمشاط ومشابك يخاف عليها أكثر مِمَّا يخاف على حياته ذاتها! هكذا انطلق يلهث، ويلهث، ويلهث، حتى انقطعت أنفاسه، وهو الذي لم تسكت جوعته، منذ صباح الرحمن، لقمة، أو ترطب يباس حلقه جرعة ماء. وراحوا يتكاثرون، ويتكاثرون، ويتكاثرون، حتى انغلقت حلقتهم عليه، تماماً، وهُم، بعدُ، فيالق مدقعين مثله، تركوا وراءهم، بأكواخ أطراف المدينة، زغب حواصل ينتظرون عودتهم، في المساء، بما يسدُّ الرمق. نظر حوله، بعيون واجفة مذعورة، فلم يجد من مسرب سوى هيكل بناية تحت التشييد، طار يتسلقها، دونما أدنى تريُّث، والرعب يعصف به عصفاً، فلكأنما كان يبتغي اللواذ مِن قسوة الأرض برحمة السماء! صعد، وصعد، وصعد، ولمَّا لم تعُد ساقاه تتحمَّلان .. واصل الصعود! ولمَّا لم تعُد عيناه تبصران .. واصل الصعود! ولمَّا أطبقت أضلاعه على رئتيه .. واصل الصعود! لكنه، لمَّا زلت قدماه، بغتة، في نهاية المشهد، تلاشى .. كرفة جناح، كصدى كتيم، كبصقة في الهواء! الحلم الاشتراكي الذي لطالما تشبث به سِرْ أناي، لا يتحقق، فقط، حسب قصيدته (إبن عمَّتي محمد)، بعودة (ابن العمَّة) هذا سيرته، قبل الاستقلال، على نبل هذه العودة، لـ (يبشِّر) بمنظومة الحقوق الدستوريَّة، بـ "الحرية والعدالة والمساواة للجميع/ لكلِّ السودانيين/ بغضِّ النظر عن العرق، أو القبيلة، أو الدين"، وإنما يتحقق، يقيناً، يوم يكون الحاكم، فعلاً لا قولاً، "إبناً لكلِّ الشعب/ وديمقراطياً حقيقياً يبذل نفسه لخير الكادحين المسحوقين"؛ يتحقق يوم لا تعصف بعقل (ابن العمَّة) خمرة السلطة "فتصبح هي عقيدته وماله وهناءه وسعادته وأمنه"، ويصبح هو هكذا "مسكيناً .. يعوِّل عليها في إخضاع الخصوم"؛ يتحقق يوم يكفُّ (ابن العمَّة) عن تسخير ما انفرد به من حظ في التعليم لأنانيَّته الطبقيَّة "فكلما تعالى صراخ الجوعى كان لديه من الذرة ما يكفى أهل بيته/ أطفاله متخمون/ ومع ذلك فهو نذل بما يكفى لازدراء المدقعين/ الذين هم بالكاد على وجبة واحدة فى اليوم يحصلون/ قابعاً، متبطلاً، فى مكتبه الغاص في السجاد والطنافس ومكيِّفات الهواء/ ومشغولاً بإصدار تعليمات يسميها الأمر رقم كذا والأمر رقم كذا/ غافلاً عن أن التنمية حقٌّ للجباه التي تتفصَّد بعرق الكدح الشريف/ وعلى حين لا يحسن حتى رسم خطة/ أو اتخاذ قرار يحظر استغلال البشر/ لا ينفكُّ يتضجَّر من أن المدن صارت مزدحمة بالخلق/ فينبغي إرغامهم على الرجوع إلى أريافهم النائية/ لينكبُّوا على إنتاج غذائهم هناك بأدواتهم البدائية/ لذا لا ينفكُّ يصرخ، صباح مساء، بأن قانون (الكشَّة) ينبغى تفعيله/ كون المتبطلين يشكلون تهديداً للحكومة/ لكن الناس، لو يعلم ابن العمَّة، لا يكفون عن الرجوع، المرَّة تلو المرَّة، إلى المدينة الكبيرة/ لأنهم، ببساطة، يريدون أن يكونوا قريبين من القصر/ حيث لا تكفُّ النخبة عن اجتراح ما يُبقي على عذاباتهم"! (المجتزءات من مجموعة سِرْ أناي الشعريَّة "وهمُ الحريَّة وقصائد أخرى"، الصادرة بالانجليزيَّة عن "دار نيو بيكون للنشر" بلندن عام 1985م). الثلاثاء اليوم، الثلاثاء 23 رمضان، أصدر د. معاوية شدَّاد بيانه التقليدي الذي استند فيه، كالعادة، إلى حساباته الفلكيَّة في رصد الأهلة، فأوضح أن اقتران القمر سيحدث في حوالي الساعة 11:12 من صباح الإثنين 29 سبتمبر، حيث يكمل دورته حول الأرض، فيبدأ الشهر القمري الجديد؛ وبذا فإن الثلاثاء القادمة، 30 سبتمبر، هي بداية شوال، أوَّل أيام عيد الفطر المبارك (الميدان، 23/9/08). شدَّاد أيضاً هو الذي حدَّد بداية الشهر الفضيل. وقد نوَّهنا، وقتها، بأننا لم نصم أو نفطر، طوال السنوات الماضية، (لرؤية) الهلال بالعين المجرَّدة، وإنما (لرؤيته) بحسابات هذا العالم الفلكيِّ النابه. كما نوَّهنا بالبيان الذي أطلقه (المشروع الإسلامي لرصد الأهلة)، من مركزه بأبي ظبي، محذراً من إمكانية وقوع الشهود الذين يُدْعَوْن لتحرِّي (الرؤية)، احتساباً، في الالتباس بسبب احتمال رؤيتهم لبعض الأجرام، كالزهرة أو عطارد أو المريخ، فيتوهَّمون في أحدها الهلال (أجراس الحريَّة، رزنامة 8/9/08). مع ذلك قرَّر مجمع الفقه الإسلامي عقد جلسته لتحرِّي رؤية هلال شوال يوم الإثنين المقبل 29 سبتمبر، عقب صلاة المغرب (الرأي العام، 24/9/08). الحساب الفلكي وثيق علمياً، ومجرَّب عملياً، ومعتمد لدى دول إسلاميَّة أخرى، وليست ثمَّة شريعة تحظر الأخذ به، فلِمَ يبدِّد مجمع الفقه جهده في ما لا طائل من ورائه، ولا يأخذ بهذا الحساب الفلكي مباشرة؟! وكلُّ عام وأنتم بخير.
الأربعاء لم أفهم، على وجه الدقة، ما تداولته بعض الصحف والوكالات، مؤخراً، بشأن "معارضة" السودان، في دورة الانعقاد الحاليَّة للجمعيَّة العامَّة للأمم المتحدة، "قيام مجلس الأمن بإحالة ملف التهم الموجهة للبشير إلى المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة". فالواقع أن ما أحيل من مجلس الأمن إلى الجنائيَّة الدوليَّة، قبل أكثر من ثلاث سنوات، لم يكن (ملف) هذه (التهم)، بل (ملف جرائم دارفور) لأغراض التحقيق. ومعلوم أن التحقيق، وليس مجلس الأمن، هو الذي يقرِّر ما إن كانت ثمَّة (تهم) و(متهمون) أم لا؛ كما وأن المجلس، في الوقت الراهن، ليس بصدد أيَّة (إحالة) تتعلق بالسودان، حتى يمكن الاعتراض عليها! المسألة الوحيدة المرشَّحة لأن تنطرح، الآن، على مائدة المجلس هي إمكانيَّة تفعيل المادة/16 من (نظام روما) لإيقاف إجراءات الدعوى لمدة عام؛ وشتان ما بين المسألتين!
الخميس حين أثرنا، قبل فترة، بدافع (الحدب)، يقيناً، وبحقِّ عُشرة (المشاركة)، ملاحظات (ناقدة) لما بدا لنا من اعوجاج الفكر، وسوءات الأداء، في العديد من (منظمات المجتمع المدني) في بلادنا، هبَّ أصدقاء كثر يراجعوننا بدافع (الإشفاق)، كما قالوا، على (هشاشة) التجربة، كونها، من زاوية نظرهم، كانت ما تزال تحبو، فمن شأن تلك المداخل (النقديَّة)، إذن، وفي ذلك الوقت (غير المناسب)، في تقديرهم، أن تيسِّر لأعدائها النيل منها، والاطاحة بها! ومع أكيد احترامنا لأولئك الأصدقاء، وفيهم خبراء متخصِّصون لطالما استهدينا بمعارفهم الواسعة العميقة، لم تكن أيٌّ من تلك الحُجج لتقنعنا، قدر قلامة ظفر، وذلك لأسباب ثلاثة رئيسة: أوَّلها شدَّة ثقتنا، من ناحية مبدئيَّة، في جدوى (المداخل النقديَّة) إزاء أيَّة ظاهرة، بل إننا نعدُّها العمل الأساسي للمثقفين الذين يرومون أن يكونوا (عضويين)، شريطة أن تتسم، بطبيعة الحال، بالتجرُّد، والإخلاص، والأمانة، والخلوِّ من مرض الغرض! وثانيها شدَّة ثقتنا، أيضاً، في أنه، إذا توفر العامل الموضوعي لنشأة أو بقاء أيَّة ظاهرة أو مؤسَّسة، فما من قوَّة على الأرض تستطيع إلغاء هذه النشأة أو ذلك البقاء! وثالثها أن بين أولئك المراجعين (المشفقين) مَن يتفقون معنا، تماماً، في تلك الملاحظات، لكننا حين نسألهم إن كان من الحكمة ترك الطفل بلا علاج من الداء الذي ينهش جسده، وانتظاره، وهو على هذه الحال، ريثما يكبر، لا يحيرون جواباً! والآن، إذ نلاحظ عودة إشكاليَّة هذه (المنظمات) إلى الواجهة مجدَّداً، بعد أن كانت قد خفتت شيئاً، ورغم أننا نرى الكثير من عناصر هذه (العودة) محض (باطل) يتلبَّس بـ (الحقِّ)، فإننا، مع ذلك، نستأذن القراء كي نستحضر بعض تلك الدلاء النقديَّة التي كنا أدلينا بها في رزنامة 20/2/2007م، آملين أن يكون في هذا تحريض لأصدقائنا في قيادة هذه (المنظمات)، وللحادبين عموماً، بألا ينجرُّوا وراء الأجندات التافهة، وأن يفتحوا حول الإشكاليَّة نقاشاً واسعاً، معافى، في الهواء الطلق، فيقلبوا (نقمة) الباطل إلى (نعمة) حق! فغالب ناشطي هذه المنظمات أضحوا يشكلون، أكثر فأكثر، وعن جدارة، صورة (مناضلي) القرن الجديد؛ مع ذلك يلزم الاعتراف بأنها مكبَّلة بأزمة عميقة من ثلاث شعب لا أمل في التقدُّم على الطريق الصحيح دون التصدِّي لعلاجها بحزم: الشعبة الأولى هي ضعف وعيها بذاتها، تحت وطأة خطأ معرفيٍّ ومفهوميٍّ فادح بأن ظاهرتها مستلهمة، بكاملها، من التجربة الغربيَّة، فينتفي، بذلك، نسبها إلى أيَّة خبرة وطنيَّة! هذا الخطأ ناجم، في اعتقادنا، من طبيعة مناهج التدريب الغربيَّة المدخولة، على نحو ما، بتصوُّرات أيديولوجيَّة زائفة، فضلاً عن إيحاء كثرة المصطلحات والمرجعيات الأجنبيَّة المعتمدة في هذا الحقل بأن مصدر علمها، بالضرورة، غير سوداني! سوى أنه تلزمنا المسارعة هنا باستدراكين مهمَّين: أولهما أن هذه المشكلة ليست وقفاً على تجربتنا الوطنيَّة وحدها، فليس نادراً ما تثار الآن في الكثير من الفعاليات المدنيَّة الاقليميَّة، بل والعالميَّة. وثانيهما أننا لا نعمِّم، فثمة (منظمات)، على قلتها، مبرَّأة، نسبيَّاً، من هذا العيب، وحبَّذا لو نهضت بتنظيم مُدارسات مرموقة لثقافة (العمل الطوعي)، لدى مختلف تكويناتنا الإثنيَّة، نفيراً وفزعاً ونجدة، وفرص تطوُّره من الشكل (الأهلي) إلى (المدني)، بالاستناد إلى ما راكم من خبرات، منذ مطالع القرن المنصرم، عبر الصحافة المستقلة، والمكتبة القبطيَّة، والفرق المسرحيَّة، وأندية الخريجيين، والاتحاد السودانى، واللواء الأبيض، ومجموعات القراءة، ومؤتمر الخريجين، والأحزاب، والنقابات، والاتحادات المهنيَّة، والفئويَّة، والأندية الرياضيَّة، وأندية الأحياء، والكشافة، والمرشدات، ومعهد القرش، والمدارس الأهليَّة، والجمعيات التعاونيَّة، والروابط الإقليميَّة، والمجموعات الموسيقيَّة، وجمعيات الأحياء الخيريَّة، و(صناديق) الإدخار النسويَّة، وغيرها. إن جهداً كهذا لقمين بأن يوفر أدبيات نحتاجها، بإلحاح، لتصحيح فهومنا المغلوطة بأننا، في هذا الحقل، اتباعيون ولسنا ابتداعيين! أما الشعبة الثانية فتتمثل في التناقض المريع بين استبطان الكثير من هذه (المنظمات)، نظرياً، لقيم ومبادئ محدَّدة، وبين مفارقتها الخشنة، عملياً، لذات هذه القيم والمبادئ! مردُّ ذلك، في اعتقادنا، للظروف الاستثنائية التي انفجرت فيها، وما تزال ترزح تحتها، ظاهرة الأشكال والأساليب الأكثر (حداثة) في عمل هذه (المنظمات)؛ أي ظروف القمع السياسي، وتضييق فرص الحركة، وغياب مظلة الممارسة الفعليَّة لديموقراطيَّة التنوُّع والتعدُّد، حتف أنف (اتفاقيَّة السلام) و(الدستور الانتقالي)، مِمَّا أفرز (منظمات) تدار بذهنيَّة القبيلة أو العشيرة وربما العائلة أو الشلة! وقد يستسهل الكثير منها تجاوز مشكلة التسجيل الذى قد يستعصي لدى (مسجل الجمعيات) بالتسجيل الميسور لدى (المسجل التجاري)، غارسة أقدامها، منذ الوهلة الأولى، فى دائرة (السوق)، ومستهينة بالفروق الجوهريَّة بين هذه الدائرة وبين دائرتي (المجتمع) و(الدولة)، ومستخفة بأثر منظومات القيم التى تحكم كلاً منها، حيث (الربح) سمة (السوق)، و(التكافل) سمة (المجتمع)، و(القمع) سمة (الدولة)! كما يُخشى، من وجه آخر، ما أرسته غلبة المحاذير الأمنيَّة من أساس تبريري لتحوُّل الكثير من هذه المنظمات إلى محض كيانات مغلقة، لا يتجاوز عدد (أصحابها)، بل ولا يرغبون في أن يتجاوز، أحياناً، أصابع اليد الواحدة، خلافاً للمبدأ التنظيمي، النابع من خبرة سودانيَّة بالأساس، والمتمثل في (وجوب) انفتاح عضويَّتها للراغبين، مِمَّا يرتب، بالتبعيَّة، لغياب تقاليد الهيكلة والممارسة الديموقراطيَّة داخلها، فقلما تعقد جمعيات عموميَّة، أو تنتخب مجالس أمناء، أو إدارات تنفيذية .. الخ. وتجئ، من فوق ذلك كله، مشكلة (التمويل)، حيث يدفع إحجام الدولة عنه، إلا لذوي (الحظوة) من القوى الاجتماعيَّة الداعمة للنظام، لإفساح المجال بأكمله أمام (التمويل الأجنبي) وحده! وقد تلزمنا المسارعة للتنبيه، هنا، إلى أنه ينبغي ألا يُفهم من هذا أن لدينا اعتراضاً مطلقاً على (التمويل الأجنبي). لكن ، مع إقرارنا بوجود تمويل أجنبي (حميد)، يجدر الإقرار أيضاً بوجود تمويل أجنبي (خبيث) يلعب الدور الأكبر في تحويل كثير من هذه المنظمات إلى ما سبق أن أطلقنا عليه (كناتين العمل المدني!)، أو ما يُعرف، تندراً، في دوائر المانحين أنفسهم، بالـ (Brief Case NGOs!)، ويا له من تعريف مُهين! هذا النوع من التمويل يقف، في تقديرنا، وتحت ضغط الضوائق الاقتصاديَّة المعلومة، على رأس قائمة الأمراض التي تتهدَّد هذه المنظمات بـ (الشلل)، في أفضل الأحوال، إذ يحوِّلها إلى مجرَّد (مشروعات إعاشة)، أو (مطايا) للأسفار السياحيَّة المتاحة فقط للدوائر الضيقة التي تحتكر إداراتها، فضلاً عن تدني القدرات الفكريَّة لدى الكثيرين مِمَّن يُلاحظ تواتر ابتعاثهم إلى مشاركات دوليَّة أو إقليميَّة! وأما الشعبة الثالثة فتتمثل في بعض (الأوهام) السائدة في أوساط هذه المنظمات، أو أغلبها، وأخطرها التعريف الشائع لمفهوم (منظمة المجتمع المدني) باعتبارها كياناً (غير سياسي a – political)، ما يعني إقصاء (الأحزاب السياسيَّة) عن نطاق هذا المفهوم! ولعلَّ نشطاء هذه المنظمات يستبينون خطأهم الفادح هذا حين يدركون أن تقارير وكالات الأمم المتحدة المتخصِّصة أصبحت تلاحظ ازدياد نشاط (منظمات المجتمع المدني) كقنوات عامَّة يسعى الناس من خلالها لممارسة قيم (المواطنة)، بالاسهام في إحداث التغيير الاجتماعي والاقتصادي. ولأن من غير الممكن هضم فكرة أن تكون قناة كهذه (غير سياسيَّة)، فقد نفذ كثير من الباحثين، كالسوداني محمد سعيد الطيب والتونسي منصف المرزوقي، إلى تأكيد أن (منظمة المجتمع المدني) مفهوم سياسي بامتياز. بل وثمَّة تيار عالمي مرموق أضحى يشدِّد، الآن، بالنسبة لـ (منظمات حقوق الانسان) مثلاً، على أنه لا معنى (لإنسانية) الإنسان نفسها بدون الصحة والعمل والغذاء والملبس والمسكن والتعليم والثقافة، وأن تواتر المناداة بـ (العدالة الاجتماعيَّة) في شأن هذه المطلوبات عائد لكون نفس الأسباب تولد، دائماً، نفس النتائج، ومن ثمَّ فمن الضروري أن تتصدَّى (حركة حقوق الإنسان المدنيَّة) لترجمة هذه المطالب المشروعة للطبقات الفقيرة والشعوب المقهورة. وإن لمِن عماء البصيرة، بل من (مرض الغرض)، يقيناً، عدم رؤية الطبيعة (السياسيَّة) لهذه (الحركة) من هذه الزاوية! وحتى لو جرى، بحسن نيَّة، (ابتلاع) الفكرة (الزائفة) القائلة بأن من أشراط (منظمة المجتمع المدني) ألا تمارس (السياسة)، فإن (المناضل/الناشط) من أجل (احترام حقوق الإنسان) أو (حماية البيئة) أو (حماية المستهلك)، أو ما إلى ذلك، سرعان ما يقع في حيرة مريعة، حسب المرزوقى، حين يكتشف أنه، خلال ممارسته لنشاطه هذا، لا يتحرك، في واقع الأمر، قيد أنملة، خارج (السياسة)! فهو إنْ أدان التعذيب مارس (السياسة)، وإن صمت عنه مارسها أيضاً، وسواء تعرض للحريات العامَّة، أو حقوق الطفل، أو المرأة، أو الأقليات، أو حتى نشط، فقط، في (تعليم) حقوق الإنسان، فهو إنما يمارس (السياسة) بالضرورة! أما قطع بعض الأدبيات الصمَّاء بوقوع (الأحزاب) خارج المفهوم، إستناداً فقط إلى أن منظمات المجتمع المدني، بحكم طبيعة أهدافها وتركيبتها، لا تنافس في الانتخابات، فذاك محض تنطع ساذج لا طائل من ورائه، ودوننا تجربة (الخُضر) الذين رفعتهم مجاهداتهم من (حماية البيئة) في شوارع ألمانيا، إلى قمة (السلطة)! فهل كانت مجاهداتهم تلك (غير سياسيَّة)؟! وهل تولوا (السلطة)، أصلاً، متحالفين مع الاشتراكيين الديموقراطيين، لغير ذات الأهداف التي لطالما جاهدوا من أجلها في الشوارع كناشطين (مدنيين)؟! وهكذا فالأمر، في جوهره، أكثر تعقيدا من مجرَّد قوائم (الشروط) التبسيطيَّة المُخِلة التي تصمَّم كتالوجاتها manuals، خصيصاً، ليُدفع بها إلى ورش الدورات (التدريبيَّة!)، استهدافاً لإخصاء الطابع الراديكالي الذى وَسَمَ خبرة هذه المنظمات في بلادنا منذ نشأتها فى أتون الصراع ضد الاستعمار، وحتى انخراطها في النضال من أجل التغيير الاقتصادي والاجتماعي ، مِمَّا يستوجب الانتباه جيداً! نقول ذلك، وفى الذهن أيضاً خطل أيَّة محاولة للتدخل في شئون هذه (المنظمات) من (خارجها)، بدعوى الإصلاح! فالإصلاح المرغوب فيه لن يتم إلا عبر حوار مفتوح، واسع، صريح، وشفاف، (داخل) هذه المنظمات نفسها، تقوم، من خلاله، بمراجعة أوضاعها (ذاتياً)، وتصحيحها بنفسها .. قبل فوات الأوان!
الجمعة قال صديقي، ضاحكاً، إن الصحف في أكشاك التوزيع أصبحت كالجراد في المزارع، وصدَق. فمطالعة هذا الكمِّ الهائل من الإصدارات اليوميَّة صارت مشقة لا يتحمَّلها إلا المجبور عليها! وقد اعتدت أن أخصِّص نهار هذا اليوم لمراجعة ما قد يكون فاتني الانتباه إليه في بحر الأسبوع. وبالفعل، كثيراً ما أقع، خلال هذه المراجعة، على بعض أعاجيب وغرائب السياسة السودانيَّة، مِمَّا قد لا تكون التقطت عيناي لدى القراءة الأولى. من ذلك، مثلاً، خبر عودة عمر حضرة إلى الاتحادي الديموقراطي (الرأي العام، 22/9/08). فالرجل كان مِن أوائل مَن أعلنوا انسلاخهم عن الاتحادي، وانضمامهم إلى الحزب الحاكم، قبل أكثر من سنتين، فاتحين بذلك الترعة (الجنَّابيَّة) على الجدول (أب عشرين)، بمصطلحات المشاريع الزراعيَّة، في أكبر عمليَّة (تدفق مائي) في التاريخ السياسي! لكن حضرة نظر، بعد ذلك، ففوجئ بأن من بين (المتدفقين) رموزاً اتحاديَّة عتيدة، كفتحي شيلا ومجموعته، "فشعر بالألم!"، أو كما قال (الرأي العام، 23/9/08). هكذا، وعلى حين غرَّة، وكما لو اعتبر نفسه مسئولاً عن توازن معدَّلات (الرَّي) بين قسمين في نفس (الحوَّاشة)، أو (ري) أحدهما على حساب الآخر، الله أعلم، قرَّر حضرة العودة من حيث أتى، معتبراً، في بيان ممهور بتوقيعه في 21/9/08، "أن الحزب الاتحادي محتاج له أكثر من المؤتمر الوطني في هذه الفترة!" (الرأي العام، 22/9/08). ومع ذلك أكد "أنه سيصوِّت للبشير في الانتخابات حتى وإن ترشَّح فيها الميرغني نفسه!" (الرأي العام، 23/9/08). وفي إفادات صحفيَّة مغرقة في الغرابة، قال حضرة: "الحنين هو الذي قادني للرجوع! عندما كنت مؤتمر وطني كان الحزب الاتحادي في داخلي! البشير والميرغني علما بأمر عودتي من الجرائد! المؤتمر الوطني ما بستفيد مني أكتر من كده وأنا أرى أن أذهب وأعمل على تماسك حزبي! الحزب الاتحادي محتاج لي وإذا أنا ما رجعت ليهو يمكن ينتهي! حزبي شايفو بموت قدَّامي، ورجعت ليهو لتوحيد الاتحاديين! سأضع يدي في يد مولانا الميرغني لتحقيق ذلك! من المصلحة أن أعمل لعودة السيِّد محمد عثمان الميرغني والعمل من الداخل، فالسيِّد (أفضل!) مني للرئيس البشير! المؤتمر الوطني حزب مؤسَّس وفيه بناء تنظيمي محكم سيمكنه من الفوز بالانتخابات! حلفت بالطلاق أن أكون إلى جانب البشير في الانتخابات، وسأبر بوعدي!" (الرأي العام، 24/9/08). على أن الأكثر مدعاة، بعد كلِّ هذا، للتعجُّب، والاستغراب، وضرب الأخماس في الأسداس، هو (الترحيب) الحار الذي استقبل به الميرغني عودة حضرة، حيث أشاد بـ (موقفه)، ووصفه بـ (الوطني)، وقال له، في اتصال هاتفي معه، أنه لم يفاجأ بما أقدم عليه، فذلك مِمَّا (يتسق) مع (قيمه وأخلاقه)، وزاد قائلاً له: "إنت فعلاً رجعت إلى بيتك!" (الرأي العام، 23/9/08). وبعد، لو كان الحزب غير الحزب، والرجال غير الرجال، والزَّمان غير الزَّمان، فلربَّما كانت مثل هذه الغرائبيَّات مِمَّا يصلح لتسلية الصائمين؛ غير أنها الآن، وفي الحالة التي عليها البلد، ليست كذلك .. ليست كذلك البتة، للأسف الشديد! السبت أخلف زعيم عصابة جيش الرَّب، جوزيف كوني، وعده بتوقيع اتفاقيَّة السلام النهائي مع الحكومة اليوغنديَّة. ولا جديد، بالطبع، في الخبر، فقد سبق لكوني أن أخلف العديد من شاكلة هذه الوعود، رغم أن وثيقة الاتفاقيَّة التي ترتبت على مفاوضات مضنية جرت بين الطرفين، في جوبا، برعاية د. رياك مشار، نائب رئيس حكومة جنوب السودان، ظلت جاهزة للتوقيع منذ 10/4/08. على أن الجديد، هذه المرَّة، هو أن حكومة يوغندا قرَّرت اللجوء، أخيراً، في ما يبدو، إلى التعامل مع هذا البلطجي بخطة بديلة تتمثل في تنفيذ الاتفاقيَّة من جانب واحد، خصوصاً بعد أن ضمنت، حسب النيو فيشن اليوغنديَّة، منحة من البنك الدولي بمبلغ 2.85 مليون دولار لإعادة إدماج مقاتلي جيش الرَّب في مجتمعاتهم المحليَّة، كما وبدأت التبرعات تصلها من الجهات المانحة التي تشجعها، في ما يبدو أيضاً، على المضي قدماً في تنفيذ هذه الخطة التي أطلق عليها (مشروع التسريح وإعادة الدمج). وقد تولى روهاكانا روجندا، وزير الشئون الداخليَّة، شرح فحوى الخطة للصحفيين، بفندق آفريكانا، بمناسبة تدشين المشروع، قائلاً: "إن العائدين من جيش الرَّب سيستفيدون، سواء وقع زعيمهم على اتفاقيَّة السلام النهائي أم لم يوقع"! الواضح، حتى الآن، أن هذه الخطة قد لخبطت حسابات كوني وكبار معاونيه. فقد سارع ديفيد ماتسانغا، الناطق باسم جيش الرَّب، إلى إطلاق تصريح مرتبك، وغير مفهوم بالمرَّة، حيث حذر، من جهة، "من تنفيذ اتفاقيَّة السلام قبل توقيع كوني عليها"، بينما عبَّر، في نفس الوقت، من الجهة الأخرى، عن "عدم ممانعة جيش الرَّب في تنفيذ الحكومة اليوغنديَّة لبنود الاتفاقيَّة التي لم يشارك فيها جيش الرَّب!" (الأحداث، 27/9/08). لا يبدو أن ثمَّة سبيل للخلاص من هذا البلطجي إلا بتفعيل البروتوكول المبرم بين الحكومتين السودانيَّة واليوغنديَّة في نوفمبر 2005م، والذي يقضي بتعاون الدولتين في تنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة بحقه من المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة. لكن الخشية الحقيقيَّة أن تجري الأمور، قبل ذلك، على خط توقعاتنا في رزنامة 1/9/08، بأن تشعل هذه العصابة المنطقة كلها بنيران حرب ضروس لا تبقي ولا تذر، وبصورة أوسع مِمَّا يمكن تصوُّره، بمشاركة السودان ويوغندا والكنغو، وربَّما تجتذب إليها جيوش دول أخرى!
الأحد كما في كلِّ مرَّة، غاص نصل مسنون في روحي لحظة ناولتني أختنا العزيزة نفيسة المليك رقعة دعوة صغيرة، معنونة إلى الأهل والأصدقاء والجيران، للمشاركة في إحياء الذكرى الثامنة عشر لاستشهاد (إبنهم) رائد طيَّار أكرم الفاتح يوسف وزملائه، وذلك بمنزل الأسرة بالملازمين بأم درمان مساء اليوم الأحد .. 28 رمضان! مضيت أعدُّ كم ماجد ما تنفكُّ ذكراه تمرُّ بنا، العام وراء العام، وقد بلغ لؤم القمع حدَّاً لم يترك لنا فيه منه ولو منديلاً يُشمُّ، أو ساعة يدٍ تتبلل بدمعة أمٍّ، أو قبراً ظاهراً له يُزار ولو بأرض قفر، أو منبراً تقام حوليَّته عليه ولو على بُعد خطوة من باب البيت، فننكفئ، المرَّة تلو المرَّة، على الأسى نجترَّه، وعلى الغصص نتجرَّعها، بل، الأخطر من ذلك، على مرارة الغبن تسمِّم الذاكرة الوطنيَّة كلها، حين نجبر على ترك هذا الماجد لذويه وحدهم، يترحَّمون عليه داخل (منزل الأسرة) مع (الأهل والأصدقاء والجيران)، في أمَّة انعقدت ثقافات مختلف مكوِّناتها على توقير الموت، فلا يكتمل الاحتفاء بترميزاته المعنويَّة، منذ أعصر الممالك القديمة وحتى يوم الناس هذا، إلا باكتمال الاحتفاء بترميزاته الماديَّة .. وأبهاها المقبرة! لقد كنا ظننا، في بعض منعرجات صراعاتنا السياسيَّة، وبعض الظنِّ إثم، أننا أقرب للارتقاء، في سلم التطوُّر، إلى إقصاء الإعدام في السياسيَّة عن تشريعاتنا. فدفع الله الناس بعضهم ببعض من علامات الفطرة السليمة التي فطرهم عليها، ومن سنن تقديراته فيهم، بما يدرأ الفساد عن الأرض التي استخلفهم فيها؛ حتى أفقنا على واقع بئيس فحواه أننا لا نكتفي بسلب الخصوم السياسيين حياتهم، فحسب، وإنما نعمد إلى مصادرة أجداثهم لـ (الصالح العام)، عسى ذلك يقطع ذكرهم، بالمرَّة، حتى لدى أمهاتهم وآبائهم وأزواجهم وعيالهم، دَعْ أحبابهم وأصدقاءهم، ويجعلهم عظة لمن يتعظ، وعبرة لمن يعتبر! وكفى بذلك فجوراً في الكيد، ولدَدَاً في الخصومة، بما يكفل إقصاء أبسط الدلائل الإنسانيَّة عن نفوس الوالغين فيه. على أن الوجدان الوطني، إن كنا نوليه أدنى اعتبار، ليرفض، عن حقٍّ، أن يصدِّق أننا أدرنا الظهر، نهائياً، لخطِّ التطوُّر الرئيس الذي يُفترض أن يدفع، في صعوده إلى المعالي، بكلِّ معاني النبل التي تشعُّ مهابة في الكثير مِمَّا ابتنى أسلافنا من حضارات، وأننا ارتددنا، بالمرَّة، إلى محض أقوام من البرابرة الرازحين في صلصال التعانف الفظ، المرتكسين في دكنة حمأ الهمجيَّة الحيوانيَّة، والوحشيَّة البدائيَّة، والقسوة المنفلتة بلا ضابط من مبادئ، ولا رابط من قيم! رُدُّوا الجثامين لأهلها، يرحمنا الله وإياكم!
#كمال_الجزولي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مِنْ البُرتُقالِي إِلى الأَحْمَرْ!
-
بَيْنَ خَازُوقَيْن!
-
مَوْسِمُ اللَّغْوِ خَارِجَ الشَّبَكَةْ!
-
أَنَا .. يُوليُوسْ قَيْصَرْ!
-
يَا لَبَرْقِ السَّلامِ الخُلَّبْ!
-
نَزِيهْ جِدَّاً!
-
نضمي .. نضمي .. نضمي!
-
أنَا .. عَبْدُ المَأمُورْ!
-
عَنْ شَرَاكَةِ الحِصَانِ وصَاحِبِهِ!
-
سِيكُو!
-
مِزمَارُ الحُلمِ الهَشِيم!
-
الحَنْجُورِي!
-
وَلا صِرَاخُ العَالَمِ .. كُلِّهِ؟!
-
القَدَّال: كَثُرَتْ تَوَاريخُ المَرَاثِي!
-
وَدَاعاً .. يَا حَبيبْ! إِرُونْ جَنَّقْ تِيرْ فِيَّام
-
كُنْ قَبيحَاً!
-
جَثَامِينٌ فِي حَشَايَا الأَسِرَّة!
-
قُبَيْلَ حَظْرِ التَّجْوَالْ!
-
قَانُونٌ .. دَاخلَ خَطِّ الأَنَابيبْ!
-
أَلاعِيبٌ صَغِيرَةْ!
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|