مثنى الشلال
الحوار المتمدن-العدد: 2415 - 2008 / 9 / 25 - 02:28
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
هذا العملاق الذي تهابه وتخافه حتى كتب الامم والشعوب عندما تخط احرف اسمه ... هذا القائد العراقي الذي حاول تاريخ العالم باجمعه اخفاء حقيقته خوفاً من تاريخه الذي هّز عروش ممالك العالم ... هذا الذي ظلمه التاريخ ولم يذكر عنه الا الشئ اليسير .... لكن مايخرج من باطن ارض الحضارات لهو الدليل القاطع الذي يخرس الالسن ويرمي بكل تواريخ الارض بكتبها وتزويرها عرض الحائط ....
وبما ان الحفريات هي بالنسبة للعصور الحضارية جديدة والتي لاتتعدى ال150 سنة وفي تطور مستمر واكتشافات جديدة وبما انه الى الان خرج او اكتشف الشي البسيط بالنسبة لحضارة عظيمة مثل حضارة العراق فأن ماموجود وما سيخرج فهو اعصار يقلع كل شئ امامه ...
الكل يسمع ويكاعد يعرف الاسكندر المقدوني هذا القائد الروماني صاحب الامبراطورية الكبيرة وتكاد كتب التاريخ القديم لاتخلو منه ... والكل يمجده ويثني عليه .... لكن للمعلومة ان امبراطورية سرجون الاكدي كانت اكبر واقوى من امبراطورية الاسكندر وقد سبقتها بقرون عديدة ...اذن لماذا لايذكر كما يذكر الاسكندر ؟؟ أم لانه ليس روماني ؟ ...
لكن رغم كل شي يبقى هذا الوطن المعطاء رمزا ونوراً ومنجم للرجال والابداع الذي لاينضب ابداً ... هؤلاء الرجال الذين جعلوا من اسمائهم نوراً وعلماً وكتبوا اسمائهم باحرف من ذهب في تاريخ البشرية شائت ام أبت ...
كشف في نص مسماري آشوري وصف فيه كيفية ولادة سرجون كما ورد على لسانه هو والحقيقة قصته تشبه نوعا ما قصة ولادة النبي موسى .. يقول فيه :
أنا سرجون , الملك العظيم , ملك اكد ... كانت امي كاهنة عليا ( يعتقد ان امه حملت به سراً وذلك لايسمح للكاهنات الانجاب ) , مدينتي هي آزوفيرانو ( وهي مدينة الزعفران على الفرات ) ... حملت امي بي ووضعتني سراً واخفتني في سلة مقيرة من الحلفاء وغطتني ورمتني في الماء , فلم يغرقني النهر بل حملني الي آكي سقّاء الماء ,فأنتشلني آكي بدلوه , ورباني واتخذني ولداً وعينني بستانياً عنده , وبينما كنت اعمل بستانياً احبتني الالهة عشتار فتوليت الملوكية .
في آواخر عصر دول المدن السومرية المجزءة , ظهرت حركة من وسط السهل الرسوبي غيرت مجريات الاحداث التي انحصرت طوال عصر فجر السلالات وهي مدن او دول صغيرة متصارعة والتي كانت تدعى ببلاد سومر ... قاد هذه الحركة او الثورة شاب ضابط اسمه سرجون ومعناه " الملك الحق " او "الملك الصادق " , وجاءت تسمية القوم بالاكديين نسبة الى مدينة اكد التي بناها واسسها ومؤسس السلالة الاكدية " سرجون العظيم " , واتخذها عاصمة لامبراطوريته , ولم يكتف سرجون والذي حكم 55 عاماً بالسيطرة على المدن السومرية فحسب بل هيمن على كامل حوض دجلة والفرات محققاً بذلك ولاول مرة وحدة بلاد مابين النهرين , كما تابع فتوحاته الى البلدان المجاورة وماتلاها ليكون الامبراطورية الاكدية والتي امتدت من جنوب شرق اسيا شرقاً بما فيها الهند الى كافة دول غرب العراق بما فيها مصر والدول الغربية وكافة حوض البحر المتوسط !!!
لذلك يعتبر سرجون الاكدي من اوائل الفاتحين في التاريخ وامبراطوريته اول امبراطوريه عرفتها البشرية على مدى تاريخها .
بدأ سرجون حياته في مدينة كيش وكان مقرب من ملكها (أور زبابا ), وساقياً في بلاطه , اما ظروف استيلائه على الحكم في كيش فهي غير معروفة تاريخياً .... بشكل مااستطاع حامل الكأس الملكي هذا الاطاحة بسيده وهجم على أوروك ( الوركاء) حيث كان ملكها لوكال زاكيري هو السيد الاعلى لبلاد سومر .... فألحق به هزيمة نكراء والقى القبض عليه وجلبه الى كيش مقيداً وعرضه في قفص على اعين الناس على مشارف معبد الاله أنليل في "نفر " .... استمر سرجون معاركه الظافرة مع دول المدن السومرية على طريق توحيد بلاد سومر واكد ومن ثم بناء الدولة الوطنية الموحدة ..... وقد انتصر سرجون الاكدي في اربع وثلاثين معركة على المدن الممتدة على حافة البحر المتوسط ومن ضمنها مصر والتي كانت تسمى حينها مزر , وهدم اسوار جميع المدن ...
يرى الباحثين ان وصول الاكديين الى الحكم كان نتيجة رد فعل ضد الاضطهادات الوحشية التي كان يمارسها الملك لوكال زاكيري ملك سومر " ملك الوركاء " , الذي فرض حكماً بقبضة من حديد على بلاد الرافدين خلال ربع قرن .. وهذا انتهى الحكم الاستبدادي على يد قائدنا الذي نحن الان في صدده , وعصره ( عصر سرجون ) كان بداية لعصر الدولة الاكدية وزوال دول المدن السومرية ( عصر فجر السلالات) .... حيث ظهر في هذا العصر تطبيق النظام المركزي وظهور اول دولة موحدة تضم جميع بلاد الرافدين .... واعتماد سرجون على القوات الاكدية في تكوين نخبته العسكرية ,كذلك برزت اللغات الاكدية كلغة رسمية للبلاد , رغم انه كان يولي احترما للغة السومريةومؤسساتها الدينية ...
وسقطت الامبراطورية الاكدية بعد ان استمرت 200 عاماً وبعد موت سرجون وضعف الدولة وكثرة النزاعات الداخلية والحقد الدفين على هذه الامبراطورية من قبل شعوب الارض ( العالم القديم حينها ) ... فسقطت على يد الكوتيين وهم اقوام جبال زاكروس المتاخمة لحدود العراق الشمالية الشرقية ولايعرف عن اصلهم ولغتهم شئ يذكر وهم من الاقوام الهمجية الوحشية ... حيث استمرت سيطرتهم بحدود قرن , اتصفت فترتهم بالظلام الحضاري وعدم الاستقرار السياسي .... وتعتبر هذه اول فترة مظلمة في تاريخ بلاد مابين النهرين ....
كل ماتقدم يكاد يكون معروف للمتتبعين في هذا المجال ... لكن اود ان اكتب هنا بعض نتائج بحوث واكتشافات عالم الاثار المسمى ( أ. وادل ) والتي تعتبر من النتائج التي هزت العالم واوردها بشكل مختصر لكي يتسنى للقارئ الكريم معرفة من هو سرجون الاكدي ... كان يسمى سرجون العظيم وكذلك Gin وهو والد " منس " ابو الفراعنة في مصر واول فرعون مصري والذي كان يطلق على نفسه "ملك اربع جهات العالم " وآثار امبراطوريته الكبيرة الممتدة من وادي السند شرقاً الى جزر البريطانية غرباً !! .... وتعتبر امبراطوريته اكبر من امبراطورية الاسكندر المقدوني او الامبراطورية الرومانية ...
وقد جعله ذلك جديراً بأن يلقب نفسه امبراطور العالم حيث كان كذلك بالفعل , ومن خلال فتوحاته وهذه التوسعات تمكن من نشر الحضارة السومرية بسرعة لكافة دول العالم القديم ... وهذا كان الاساس في بناء حضاراتهم فيما بعد وكانت النتيجة الحضارة الرومانية والاغريقية والمصرية ....
(هذه جميعها نتائج عالم الاثار أ وادل )
ويكمل .... ومن ضمن فتوحاته للغرب فتحه او اعادة فتح مصر وضمها الى امبراطوريته الكبيرة ,كذلك تقدم نحو غرب العالم وصولاً الى مناجم القصدير البريطانية , ماوراء البحر المتوسط !!! , ووجدت نقوشاته واختامه هناك وبعض كتاباته مرة باسم سرجون ومرة باسم ملك الارض ومرة باسم Gin وجميعا بلغة واحده ولشخص واحد وختم واحد وتوضح الكتابات المكتشفة انه سيطر على مناجم القصدير هناك في كورنوول .... وله الفضل في دخول بريطانيا العصر البرونزي بعد استيلائه على هذه المناجم وادخال البرونز الى بريطانيا !!!
ويشير العالم ( أ . وادل ) , على ان سرجون هو الفرعون الاول ما قبل السلالات الفرعونية المصرية وابنه منس هو الذي اسس السلالات الفرعونية .... وتوجد نقوشة وكتاباته في مدينة ابيدوس وحتى قبره هناك .... وكان وقتها يطلق على مصر مزر وكان يعتبرها مدينة من مدن امبراطوريته العظيمة .... ويشير العالم نقوشه وكتاباته وججدت حتى في الهند ويلقب نفس ملك الارض كذلك وامبراطور العالم ....
واختار اقامته الاخيرة قبيل موته واوصى في دفنه في المقبرة الملكة التي بناها في مصر .... وبالفعل تم العثور على قبره هناك وقبر ملكته ...
(هذا جزء بسيط لما توصل اليه هذا العالم ) .
وهذه هي مقتطفات من حياة هذا العظيم .
#مثنى_الشلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟