ناهد نصر
الحوار المتمدن-العدد: 2413 - 2008 / 9 / 23 - 05:41
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
واحدة من سمات العهد الذى نحظى بالعيش فى ظله أنه مع تكرار الكوارث يفقد الناس القدرة تدريجياً على الاندهاش، ثم التعاطف حتى يتحول الإحساس إلى نوع من الترف. لقد حولنا النظام إلى شعب بلا إحساس من أعلى إلى أسفل والعكس صحيح. وهو أمر من فرط قسوته يبعث على الضحك. انظر مثلاً إلى أعلى حيث رئيس الوزراء فى تصريح له تناقلته وكالات الأنباء العالمية بعد كارثة الدويقة، حين قال إن ضحايا الصخرة العملاقة "لم يواتهم القدر حتى يتسلموا الشقق الجديدة" وهو اتهام ضمنى للقدر بأنه سبب الكارثة. ثم وجه نظرك إلى أسفل، وبالتحديد أسفل هضبة المقطم حيث مخيمات الإيواء المخصصة لضحايا الكارثة والتى هرع إليها وبشهادة الضحايا سكان المناطق المجاورة الذين لم توافهم الصخور بعد، أملاً فى الحصول على شقة جديدة، وخشية أن ينالهم ما نال جيرانهم، بينما الضحايا مشغولون بنبش التراب بحثاً عن أشلاء ذويهم. وفى المنتصف أى فى المسافة ما بين الأعلى والأسفل توقف عند جنود الأمن المركزى حول المنطقة المنكوبة، بينما يضربون الآباء والأمهات والإخوة والأخوات بالعصى حتى لا يقتربوا من أنقاض منازلهم، ثم لا تشغل رأسك كثيراً بالبحث عن السبب. ولا تسأل أسئلة ساذجة من نوع، أى تبرير سخيف هذا الذى يصدر عن مسئول بحجم رئيس وزراء؟ أو أى قسوة تلك التى تجعل الفقراء يتجاهلون مصيبة إخوانهم الفقراء أيضاً فيسطون على حقهم فى خيمة إيواء بدلاً من التفكير فى تقديم الدعم لهم؟ فإذا كان المسئول الكبير يبرر جريمة صنعتها حكومته وحكومات كثيرة سبقته فى حق المواطنين، فكيف تتوقع أن يكون سلوك المواطنين تجاه بعضهم البعض. وإذا كانت الدولة غير قادرة وغير مهتمة بدعم مواطنيها على العيش بأمان وكرامة فماذا تنتظر من المحرومين تجاه غيرهم. والسؤال الأهم هو إلى أين تأخذنا تلك التحولات التى طرأت على نفسية المصريين، وعلى سلوكهم وعلى إحساسهم بأنفسهم وبالآخرين، وما السبيل نحو اختراق طبقات فوق طبقات من الجدران العازلة التى تحاصرنا منذ الخمسينات. أزعم أن مصر بحاجة إلى نظام يتمتع بالإحساس حتى يعيد لها القلب.
#ناهد_نصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟