أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حميد طولست - الحرشة والملاوي في بيبان القهاوي














المزيد.....

الحرشة والملاوي في بيبان القهاوي


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 2423 - 2008 / 10 / 3 - 08:37
المحور: كتابات ساخرة
    


ما ستقرأه إيها الزائر الكريم في هذا الإدراج، لا يندرج في خانة القصة القصيرة ولا الطويلة، كما أنه ليس من باب الروايات الخيالية ولا العلمية.. إنه وبكل بساطة صورة جديدة من الصور الهزلية/الدرامية الحديثة التي أصبحت تملأ علينا كل الفضاءات المجتمعية..
ففي أحد الرماضانات السالفة ، توجهت مجموعة من الفتيات لمقاطة تابعة لبلدية إحدى المدن ... بغية الحصول على تصريح لبيع " الحرشة والملاوي في بيبان القهاوي " .
إندهش الموظف المكلف بتلك الإجراءات لا لشيء إلا أنه بعد إطلاعه على الأوراق الخاصة بالفتيات ، إكتشف أن ثلاثا منهن يحملن شهادة الدكتورة في .... بينما الأخريات حاصلات على الدرجة نفسها وفي تخصص لا يقل أهمية عن صويحباتهن .
ظن الموظف أن في الأمر مزحة أو دعابة ، وأن الفتيات غاويات مغامرة وتسلية ، فرفض تسلم طلباتهن ، لكن تمسكهن بذلك جعله يتيقن أنه جد في جد ولم يبق أمامه إلا أن أطلع رئيسه المباشر على الأمر ، فأبدى هو الآخر نفس القدر من الدهشة وفعل الشيء نفسه ، فرفع الموضوع إلى رئيسه المباشر ، وهكذا دواليك إلى أن وصلت القضية إلى رئيس المقاطعة فعمدة المدينة ورئيس الجهة بها ثم إلى عاملها وواليها . ورغم إبدائهم جميعهم إمتعاضا من الطالب والمطلوب ، إلا أنهم لم يملكوا أمام الإلحاح والإصرار والتشبت بالحق في الترخيص ، سوى الموافقة خاصة أن جميع الوثائق المطلوبة سليمة ومستوفاة ، وأنه سبق أن منحت للرجال قبلهن .
تسربت أخبار الواقعة بكامل تفاصيلها ، ووجدت فيها وسائل الإعلام وجبة دسمة يمكن إلتهامها رغم الصيام . فتعاطت مع الحدث كل المنابرالمغمورة منها والمعروفة ، كل حسب منظوره وغاياته ، وأفردت لها جل الجرائد والصحف والمجلات ، صفحاتها الكاملة وأعمدتها الطويلة ، وبمنشيطات عريضة إعتبرها البعض كارثة اجتماعية ومؤشرا خطيرا على إنهيار تعليمي وإقتصادي واجتماعي وألقى باللائمة على الحكومة بإعتبارها المسؤولة عن تردي الوضع الذي دفع هؤلاء الدكتورات إلى العمل في مجال غير إختصاصحن وهو " الحرشة والملاوي في بيبان القهاوي " . بينما حمل صحفيون آخرون النظام التعليمي وحده تبعات قذفه آلاف الخريجين الجامعيين دون إمتلاك حتى للحد الأدنى من المهارة لإقتحام سوق العمل مما جعل البديل الوحيد أمام الكثيرين هو التنازل عن شواهده الجامعية العليا مقابل مهن لا تحتاج سوى لمؤهلات بسيطة و مواهب فطرية مولودة مع كل إنسان . في حين ذهب بعض متطرفي الصحافة إلى إتهام الفتيات ومهاجمة أسرهن ، بإعتبار أن الغاية لا تبرر الوسيلة ، وأن حاجة الأسرة إلى المعيل ليست سببا وجيها لخروجهن إلى الشارع ، وإعتبروه سلوكا شاذا و خروجا عن الأعراف ونوعا من الدعاية المجانية لا غير .
بالفعل كانت الفتيات أكثر إستفادة من تلك الحملة الشعواء . وأتبتت الأيام أنهن كن ثاقبات الرؤية ، فسرعان ما إلتفتت الكثير من الجهات المسؤولة إلى وضعيتهن وسارعت إلى تسوية أحوالهن ، فتم إدماجهن في وظائف تليق بمستوى شهاداتهن ومجال تخصصاتهن .
لم تهدأ العاصفة بهذا الحل ، بل تعامل الجميع مع الخطوة على أنها أمر واقع وحل مسلم به مما شجع العديد من الجامعيات على السير في الطريق نفسه ، وتسابقت الدكتورات والمجازات ودوات الديبلومات على التقدم بطلبات للعمل في ميادين مماثلة للمتاجرة بالحرشة والملاوي على كل أبواب المقاهي ، وبدأ الموظف المسؤول عن التراخيص يتعامل معهن بدرجة أقل إمتعاضا بعد أن غابت مشاعر الدهشة والإستغراب اللذان إنتاباه في المرة الأولى .
ولكن وإن زالت الدهشة عن الموظف ورؤسائه وقل إهتمام وسائل الإعلام بالوضوع ، فإنها ظلت تتأجج في نفوس الأسر المغربية المكوية بنار بطالة فتياتها وفتيانها ذوي الشهادات العالية ، والتي كانت إلى وقت قريب تنظر إليها على أنها السبيل الوحيد لرقيها وترقيها، لكن الحلم تحطم على صخرة الواقع وأحدث شرخا عميقا في النفوس، وفُقد الأمل، ولم يعد أمام الجامعيين والجامعيات سوى البحث عن البديل ولو كان بيع الحرشة والملاوي حتى في بيبان القهاوي ...



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاعذر للنساء...
- كل النساء جميلات
- حتى واحد ما هاني
- نزاهة القضاء وعدله ضمانة لحقوق المرأة
- رضاعة الكبار
- °°°الاغتصاب
- بريئة من ذنبها!!!
- °°°ماذا لو حكمت النساء العالم؟
- المرأة ضحية جمالها
- وراء كل إمرأة عظيمة رجل يستحق الاحترام والتقدير
- الضامة ملجأ مسني مدينة فاس
- °°° بسطاء يرفَعهم الفساد إلى طبقة الأثرياء!
- أندية للمتقاعدين؟‮!‬
- الألقاب الطريفة والمثيرة للسخرية
- الواقع شيء والمرتجى شيء آخر
- رقابة الانتخابات
- .فرخ الوز عوام
- بنك الزواج للمزلوطين!!
- °°°صراعات المنتخبين وتعاسة الناخبين
- الرصيف أو الطروطوار


المزيد.....




- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حميد طولست - الحرشة والملاوي في بيبان القهاوي