أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - توفيق الحاج - صبر..صبرا..صبرة..!!














المزيد.....

صبر..صبرا..صبرة..!!


توفيق الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 2412 - 2008 / 9 / 22 - 09:42
المحور: القضية الفلسطينية
    


لو فكر أحدكم في زيارة أو مداهمة العبد الفقير..!!
سيجد أول من يستقبله عند مدخل البيت.. "الصبير"..!! وهو نبات ظريف مستأنس للزينة.. يختلف كثيرا عند ذلك"الصبر " المتجهم الغليظ الذي تعارفنا عليه منذ الطفولة في حواكير وحواري المخيم القديم، وغرس أشواكه الحادة والدقيقة في جلودنا وذاكراتنا وقت أن كنا نحاول مغافلته لسرقة "بلابيل أزهاره الصفراء أو ثماره الحمراء المكتنزة.

دهش إدراكي الصغير وانأ اسمع المرحومة أمي تكرر كلمة الصبر والصابرين ،مع كل صلاة ومع التضرع والبكاء في كل حادثة تمر بنا ، وكنت أتساءل ..
أالى هذه الدرجة تحب امي ذلك النبات الفظ وتؤمن به..؟!!
بعد سنوات أدركت انها تقصد بالصبر شيئا آخر..!!
حاولت.. باميتها الفريدة وحنانها الفياض ، أن تغرس في هذه الفضيلة ،ولكنها لم تنجح تماما ،لأن العامل الوراثي كان له رأيا مخالفا..!!
اكتشفت أني -رغم التمني ،ورغم آخر كلمة أسرت بها إلي قبل وفاتها- لم أعد أطيق صبرا على مايمر بي من أحداث ،وكلما أتذكر أن جيناتي الحساسة خذلتني وخذلتها ،ابكي بصمت..!!

كبرنا وكبر معنا مفهوم الصبر والصبار ،وأصبح الصبار بحلده المشمع وأشواكه التي تهزأ بالجفاف ،في قاموسنا الشعري البسيط رمزا معبرا عن المقاومة والتحدي..!!

لا أدري لم يقترن شهر ايلول هذا في مخيلتي دائما بالصبر والصبار..
لعله الشهر الذي تباع فيه ثمار الصبر اللذيذة ،والتي تستوجب حرصا عند أكلها ،والا الاحتمال وارد لفضيحة مدوية..!!
أو لعله الشهر الذي تلوث يوما بدماء الأبرياء أهلنا الغرباء على يد عربنا الأشقياء في صبرا وشاتيلا..!!
أو لعله الشهر الذي يحل فيه كاملا شهر الصيام ضيفا عزيزا ،وهو شهر الصبر والتقوى ،والذكريات الطفولية الحميمة
أو لعله الشهر الذي تلوث قبل أيام بدم الأبناء من الأبناء ..!!
نعم فالقاتل والقتيل من نفس الدم واللحم والدين والهوية..!!

في الماضي استهجنا أن يذيح الإنسان أخاه الإنسان ، إلى أن رأينا ذلك في الثلاثاء الحمراء ،ودير ياسين ،وقبية ،وكفر قاسم..!!
وفي الماضي القريب لم نكن نتوقع أن يقتل العربي أخاه العربي وبشكل أكثر شراسة وفظاعة، إلى أن رأينا ذلك في تل الزعتر ،و صبرا ،وشاتيلا..!!
وفي الماضي الأقرب ..لم نكن نتصور وتحت أي مبرر حتى في أشد كوابيسنا أن يمثل الفلسطيني بجثة أخيه الفلسطيني إلى أن شاهدنا مرارا وتكرارا ذلك على ناصية نهايات الانتفاضة الأولى ثم في مزاريب ومجاري الثانية ..!!

لقد أحزنني سقوط القتلى في الصبرة قبل أيام ،كما أحزنني قبل أسابيع في الشجاعية ،ولا أفرق مطلقا بين ابنين سقطا قاتل وقتيل في معركة ليست لهما ،فكليهما ابناي والخاسر إياي ،مهما اختلفت الأسماء والأهواء..!!
ولن يختلف اثنان على ان المقتتلين كليهما بحكم الحديث الصحيح سندا ومتنا في ضيافة جنهم خالدين..!!

قد يقنع قابيل نفسه بقتل أخيه هابيل ،ويجادل ما شاء الله له أن يجادل من خلال مبررات وحجج يزينها لنفسه، أو يزينها له أخلاؤه ،لكنه سيدرك طال الأجل أم قصر ،انه ارتكب كبيرة ما بعدها كبيرة وان الجزاء يكون غالبا من جنس العمل..!!

عندما أقرأ خبرا يتكرر بين الفينة والأخرى عن مختطف من هنا أو هناك يموت تحت التعذيب الوحشي ويلقى على الطريقة العراقية في حاوية للقمامة أو على قارعة الطريق.. أكره نفسي كانسان وأكره زمني الذي أوصلني إلى هذا المآل ،ويغمرني إحباط شديد من القادم ،وأسأل ذاتي :
هل من درك ستقودنا إليه أقدامنا أسوأ من هذا الدرك المظلم والموحل والقذر ..؟!!
..أتذكر بكثير من الحزن الممزوج بقليل من الأمل "جارسيا لوركا" ذلك الشاعر الاسباني اليساري الشهير الذي اغتالته الفاسية المجرمة يوما وبنفس الطريقة ، ولكن في النهاية تبخر القتلة ، وبقي القتيل..!!

قد أكون ساذجا إذا ما أصررت على حلم أن يستفيق الإخوة ذات صباح من فيلم الرعب الذي أنتجوه ،ويصرون على أن نشاهده، ونعايشه ،ونعاني منه ،لكني سأظل أحلم ..!!
لأنه لا بديل آخر إلا الموت كمدا..!!

كنا في طفولتنا نتشاتم صباحا ونتعارك ظهرا ونتصالح مساء عند رؤية أنوار مئذنة جامع "السنية"،أو عند سماع أول آذان المغرب ،ونحن نهرول عائدين الى بيوتنا للحاق بوجبة الإفطار العامرة ،وان لم يكن فعلى ضوء القمر ،مع لعبة "بتحيا" أو " حدر بدر"..!!
يا لله ..أعد لنا براءتنا ومحبتنا..
يا لله.. أنقذنا من أنفسنا..
يا لله..عليك بشهواتنا وأحقادنا ..


ومادمنا قد أبحرت بنا خواطر الهم واللغة من باب الصبر الى باب الشعر فخير ختام لوجع الكلام ما قاله الشاعر أحمد مطر في ذات قصيدة عن الصبر والصابرين..!

" فألقينا بباب الصبر آلافا من القتلى..
وآلافا من الجرحى..
وآلافا من الأسرى
وهد الحمل رحم الصبر ،حتى لم يطق صبرا ..
فأنجب صبرنا صبرا..!! "

وان الله مع الصابرين..!!



#توفيق_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كعب داير..!!
- عار...خمس نجوم..!!
- بين ناكر ونكير..!!
- آخر قباحة..!!
- أنت الان ..نحن..!!
- هس ولا نفس..!!
- مانخوليا..!!
- ناصر..ثورة..56..!!
- حزب الله..، وحزب الليل..!!
- صواريخ واللا بيزنس..!!
- في حضرة التاريخ..!!
- سنة أولى ..موت..!!
- كل امتحان ونحن بخير..!!
- ممنوع الرفص..!!
- نكبة..أم نكبات..!!
- سامحنا.. أيها الصديق..!!
- سامحنا ..أيها الصديق..!!
- كبسولة آاااااا..تحميلة لأ..!!
- حدث هذا الصباح..!!
- بيان هام..!!


المزيد.....




- الأكثر ازدحاما..ماذا يعرقل حركة الطيران خلال عطلة عيد الشكر ...
- لن تصدق ما حدث للسائق.. شاهد شجرة عملاقة تسقط على سيارة وتسح ...
- مسؤول إسرائيلي يكشف عن آخر تطورات محادثات وقف إطلاق النار مع ...
- -حامل- منذ 15 شهراً، ما هي تفاصيل عمليات احتيال -معجزة- للحم ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- الجيش الإسرائيلي يعلن تصفية مسؤولين في -حماس- شاركا في هجوم ...
- هل سمحت مصر لشركة مراهنات كبرى بالعمل في البلاد؟
- فيضانات تضرب جزيرة سومطرة الإندونيسية ورجال الإنقاذ ينتشلون ...
- ليتوانيا تبحث في فرضية -العمل الإرهابي- بعد تحطم طائرة الشحن ...
- محللة استخبارات عسكرية أمريكية: نحن على سلم التصعيد نحو حرب ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - توفيق الحاج - صبر..صبرا..صبرة..!!