نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 2412 - 2008 / 9 / 22 - 03:45
المحور:
الادب والفن
يأملُ الانسان بطول البقاء ، والبقاء الطويل في العفن الدائم للعمر مسخرة .
ما يثير الريبة عندي دائماً ، هو هذا السعي المحموم للبشر في
الحرص المريض على التشبث بتفاهات الواقع اليومي للحياة .
الاستمرار في الحلم اللازوردي للعيش ، يفطمنا من الطحلب
العتيق للقوقعة المروّضة للأيام والليالي .
انظر الى أولئك العجائز في الدروب ، وعلى المصاطب المنتشرة
في الحدائق والميادين . انهم لا يعيشون لحظات حيواتهم المطفأة بأمان .
لا قناديل ربيع تنيرُ طرقاتهم ولا أمل لهم في الحصول على عطية أوغنيمة ما .
المرض والعته والجنون ، هو كل ما يجعل أحلامهم الشيطانية مستيقظة
في انتظار الشرارة الباردة للبقاء .
لا أحد منهم يستعدُ للموت بشرف من أجل اللحظة الشفيفة للرحيل بشجاعة
عن خواء وقبح العالم ، ولا أحد منهم يعبرُ في ابتهالاته المسائية ، الصخرة
المتكسرة للهندسة المحُكمة لقبره الجميل .
كل شيء في الحياة ينبضُ باضمحلالنا وضمور رغباتنا التي تتآكلُ في كل حين .
ولا أملُ لنا إلاّ بالاندفاع صوب البركان للخلاص من رطوبة السنوات التي عشناها .
17 / 9 / 2008 مالمو
ظل للثمرة المتعفنة لحركة التاريخ
كم يلزمني من الوقت للتخلص من الأشياء التي تهدد حياتي ؟
لا يقين عندي ولا أحلام ، ولا آمل في أيام جديدة أكثر لطفاً
من حاضري الذي يسيجه الشظف والمعصية واللعنات .
عبرتُ في شبابي حقول ألغام كثيرة ، وعشتُ حياتي كلها في قلب الفوضى
وامتدت يدي الى ثمار أشجار غاطسة في الأعماق الخطرة لنهر المسيسيبي .
أريدُ الآن أن أزيل عن عينيّ هذه العلامات الأكثر حموضة من عطر الصلاة .
وعلى الرغم من انني الآن أعيش حياتي بصلابة المحارب
لكنني أشعر أن آلاف الصخور قد سقطت فوق رأسي
وتصدعت طرقي ، وحجارة ماضيّ المنتصبة تحت الشموس المتماثلة .
هل لي أن أنجو بكينونتي من هذا اللاأمان المخزي والخدّاع المعلق في
أغصان نومي الضئيل ؟
أود الآن أن أخرج من هذا الكوكب الشائخ وأقذف نفسي في اللاشيء
وأصل الى الأعماق المتغطرسة لظلال اللاوجود .
هل أنا ظل للثمرة المتعفنة لحركة التاريخ ؟
صاعقة . صاعقة أكثر رحمة من الشمس العليلة لحياتي المؤرقة .
17 / 9 / 2008 مالمو
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟