جمال الدين بوزيان
الحوار المتمدن-العدد: 2411 - 2008 / 9 / 21 - 00:55
المحور:
الادب والفن
هناك الحب من أول نظرة، و بمسلسل "باب الحارة" يوجد الحب بدون نظرة، حيث شاهدنا "معتز" يسهر الليالي باكيا على حبه الضائع "خيرية"، على فتاة لا يعرف منها إلا اسمها، و لن يراها أبدا إذا لم يتم زواجه بها.
و شاهدنا أيضا عقيد الحارة "أبوشهاب" ينهر أخته "سعاد" التي وصفت له ملامح وجه خطيبته "شريفة" قبل أن يتزوجها.
و شاهدنا كذلك بهذه الحارة الشهيرة كيف تكون الرشوة حلالا متداولا بين جميع الناس، بينما رؤية وجه المرأة من أشد المحرمات و الممنوعات.
المسلسل كما أراه، و رغم جودة انجازه، و متعة مشاهدته، و صدى شهرته، أراه يروج لأفكار قديمة متجددة ظالمة للمرأة و لحرية الإنسان عموما. و اللوم ربما لا يقع على الكاتب بقدر ما يكون موجها للجمهور الذي يتعامل مع مواضيع المسلسلات بطريقة مثالية و كأنها الجمهورية الفاضلة.
إذا كان غرض كاتب هذا العمل الدرامي الناجح هو إبراز الحياة الاجتماعية بالشام في تلك الفترة الزمنية بكل تفاصيلها الصغيرة من خلال حياة سكان الحارة، فلا يجب على المشاهد أن يتعامل مع ذلك النمط من المعيشة على أنه هو الأصل و هو ما يجب أن يكون، و لا يجب النظر إلى حياتنا الحالية على أنها انحراف لنموذج الحياة بالحارة.
خلال متابعتي للمسلسل تستفزني مظاهر التشدد و التسلط التي جعل منها الكاتب و المخرج وجبة شهية و ممتعة ننتظرها كل يوم مقدمة لنا من طرف نجوم سوريا المميزين.
ما يزعجني في كل هذا هو أن ما يعرضه المسلسل على أنه وصف لحالة مجتمع في فترة ماضية، يتعامل معه الناس على أنه إقرار لما بقي و ما ورثوه في عقولهم من أفكار رجعية متشددة، و حتى أبطال العمل أنفسهم خلال حضورهم حفلا تكريميا منذ أيام بمناسبة عرض الجزء الثالث منه، صرحوا بأن قصة المسلسل هي رجوع لقيم جميلة مثل الشهامة و البساطة و التكافل...، و نسي هؤلاء النجوم أن العمل أيضا دعوة للتشدد بالمقابل، إذا أخذنا كل القيم الموجودة بالمسلسل، لا يمكن أن نغفل كمية الجرعات الدينية و الروتوشات الرجعية بالعمل، و التي يمكن أن يتعامل معها الجمهور على أنها أيضا قيم جميلة يجب أن تعود، لأن شخصيات العمل الطيبة و الرئيسية لا تنكر تلك الأمور و تتعاطاها كما لو كانت مقدسات لا يمكن العيش بدونها.
#جمال_الدين_بوزيان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟