|
ما رواه عبيدال//قصة قصيرة
تحسين كرمياني
الحوار المتمدن-العدد: 2411 - 2008 / 9 / 21 - 08:54
المحور:
الادب والفن
الآن أنظر../إلى عالم عزيز يتداعى،مثل زبالة تحترق/بلا شكل..صائرا إلى رماد شاحب غامض/كأنه النوم وكأنه النسيان..]..(بورخس) *** واصلت بحثي الحثيث عمّن للمشورة عون،بعدما كذّبني خلق كثير،ساموني رهق العذاب بما هو جارح من منبوذ كلام تجملها ألسنة لا تستحي أو تخشى عذاب يوم الحساب،لم أذق ذرعاً بهم،أو تستهويني رغبة لملاسنتهم أو ردعهم عمّا كانوا عني يفترون،آثرت منهجي السلمي طالما في البدن عرق ينبض بالرغبة لتحقيق مرامي ودم جسدي لمّا يزل في فورانه اليافع لخنق كل بادرة غضب،اتخذت من التجوال مهنة،أنا وحمارتي المطيعة،قلت:لابد الحل أجده ولو في خريف عمري.. *** أنا(عبيدال السارح)ليس بوسع أعمامي نكراني،رغم نار البغض ودخان الضغينة يفضحان سحناتهم،كان أبي(مساري)من قومٍ إن أحسوا الجوع غزوا،وإن غزوا يبيدون الضرع والزرع،هابتهم البطون العنيدة وتركوا لهم الأرض ذات الأنهر والغلال، ترعرعت بعد جهادٍ عنيد مع مرضٍ لف كل رضيع جايلني،من ذلك المرض نجوت بشربي حليب الحمير،بيد من رفض شربه نفق،رغم الجوع والحرمان كبرت،كنت أرعى غنم القوم،مقابل حفنة طعام وكسوة كل نصف عام،مات أبي وماتت أمي وبقيت مع شقيقة يقولون هي ليست من بطن أمي،بل فتاة اتخذتها أمي ذات يوم كي تكون لي أخت بعدما جفت أحشاءها،فتاة قيل أن عسكرياً باعها وهو قادم من سجن(نقرة السلمان)*،مذ شعرت بطوال غربتي بينهم،بعدما ساموني سوء العذاب والظنون بألسنتهم السليطة،قررت أن أخوض متاهات وصحاري البلاد،لا حرٍ يصرعني أو يردعني،واجهت كل الصعاب بقوة شكيمتي وعناد صبري،لا جفاف تمكن أن يشقق حلقي،ولا جوع أوقف سيري،خرجت وكلي يقين الفلاح نهاية رحلتي،استعنت بجردل ماءٍ،وبضع تمرات يابسات هنّ كل ما جادت بها يدي أختي العانس(مليحة)،ركبت دابتي(أم توأم)كما شاع أسمها بين عشيرتي الأقربين،حمارة لم تلد إلاّ توائم،حتى قيل أن(عبيدال)هو بعلها ونافخ بطنها كل ربيع بـ(كرّتين)لا تعيشان سوى أيام،تلك الكنية سعّرت رغبتي بالرحيل،بعدما جفّت منابع الرحمة وتم قطع حبل المودة والعشق بيني وبين من سكنت قلبي وملكت كياني وجداً وغراما،فتاة رغبت وصالها ورغبت هي وصالي بيد أن الكيد هادم الأحلام وضع حداً لمواصلة تشبثي بأمري،ثرثروا بكل ما هو مشين وغير لائق،وأفلحوا في تفريقنا إلى حين،لم أعد أحتمل نيران الفراق ولا أبواق النفاق،صحت فيهم:انتظروا العذاب والشقاق يا رفاق.. *** كان مغرب الشمس غايتي،هناك حط خيالي،حيث البراري تهرب بسحر،بعد مسيرة ليالٍ ثلاث وصلت بقايا شواهد لقبور دارسة،وآثار مساكن مهجورة،كوكبة أشجار يابسة،قلت أنال قسط راحة تشحن جسدي بالطاقة،وأتدارس وضعي قبل أن تتهافت رغبتي وتشل إرادتي،منحتني تلك الخلوة فرصة تقوية عزيمتي،قبل أن أهد خيط مصيري عبر الأرض التي تمتد وتمتد،جلست بعدما ربطت(حمارتي)بجذع سميك،غلبني نعاس شديد ولفني نوم ثقيل،لحظة نهضت،هالني الموقف وراعني، تأكدت من نفسي كي أطرد الظنون،عجبت مما حولي من تغير،راحة جسد ما ذقتها من قبل،خاب ظني بما خمنت من زمن استغرقته في سباتي،لم أجد سوى بقايا عظام جافة لدابتي وبقايا الحبل مفلولاً وملقى قرب رأسي،نفضت يدي من الرمال بعدما دفنت الهيكل المنخور،من جديد توكلت وكلي يقين أن وحشاً جائعاً ألتهم راحلتي وتركني فريسة في متاهة،كان يجب أن أجرجر قدمي مهما تواردت من خطوب،رحت أنشد الأفق المفتوح،رمال تلتصق بالأفق،سواد يتموّج لاح وأغراني،خلته غابة أو بستان أشواك،شاهدت سرب عقبان تحوم فوق رأسي،للحق أقول أوجست خيفة وراعني خلو المكان،لا نبات ولا أثر لأنس أو حيوان،تأكدت من خنجري في طيّة حزامي،ورحت أحث سيري صوب تلك البقعة المتذبذبة،استقبلني بعد ساعات سير نباح كلب،استبشرت خيراً كون الكلاب دليل حياة،وصلت بيت شعر في بيداء..وجدت امرأة تكاد أن تقضي نحبها،استدرجتني بعصاها،أدخلتني مهجعها،سردت لها ما جرى لي من خطوب..قالت: ـ أرضنا مسكونة باللعنات.. ـ خبريني يا أم عن لعنة جففت ضروع حلالنا،أن كنت للعناتِ مفسرة.. شربت(طاس)ماء والتهمت ثلاث من تمراتي المتبقيات،حكيت لها كل ما جرى على قبيلتي من ويل يمطر الثبور،وشواهد راحت تشخص تكاثر القبور،بعدما شدّني يقين أقضى مضجعي،ولهفة عارمة نفختني لاستعادة رجولتي بين أهلي وخلاني،مذ اتهموني بمواقعة الحمير،وليس أقسى وقعاً علي،يوم رفضوا تزويجي بـ(دلّة)فتاة قلبي.. ـ لك ما تبغي يا حيران،ولكن بشرط..شرط لا يكلفك.. ـ (دلّة)عبلتي والصحاري مأواي،أنا لكل شرط يدنيني منها..هات ما تشترطين.. ـ تتزوجني سبع ليال.. ـ ويحك يا عجوز.. لم أكد أنهي كلامي حتى ثار غبار لفني لفات،فدارت بي الأفلاك قبل أن أستقر،فاتحاً فاه،مصعوق النظر،بان ضوء ساطع،فتاة تحاكي البدر ببياض وجنتيها،وتطرد سواد الليل ببريق عينيها،مالت علي،رجفت أوصالي،وكادت روحي أن(تطفر)من جسدي،أسندتني على وسادة ريش،دلقت إلى فمي رشفات من ماء زلال،فتحت عينيي،كانت تغور إلى كياني وتفقدني شيئاً فشيئاً إيماني.. ـ تلك هي فرصتك،كل من تاه بحثاً عن دواءٍ نال مراده بعدما نلت منه مرادي.. ـ وهل لديك غاية يا بنت الحسن والجمال.. ـ أنا لست من بنات جنسكم يا إنسان..أنا ابنة ملك الجان،قضي علي أن أفعل ذلك حتى يأذن أبي بالعودة إلى مملكتي وأعيش مع من ملك كياني بالهيام.. ـ حسناً بيدك مرادي وبيدي مرادك.. عشت سبع ليال بأنس ودلال،لم أكن في عالم البشر،في فردوس لا تصدقه العيون أو بوسع الألسن وصفه،وفي صبيحة اليوم الثامن استفقت على صوت غريب،لكم دعكت عيني،الحقيقة ظلت ماثلة،البياض بياض والسواد سواد كما يقولون،كنت عارياً أستلقي وكانت حمارة هزيلة تشهق شهقاتها الأخيرة مطروحة جنبي،ليس ثمة خيمة في الصحراء،خلت القضية مجرد كابوس قوم لا يتركونني لحالي،وحدي أداري الذي حصل،لفلفت جسدي بأسمالي،بصقت على الجسد المحتضر وواصلت من جديد سيري.. *** كومة تراب في صحراء أقلقت تفكيري وسدّت منافذ تأويلاتي،تناولت الأمر في ذهني،غريب أن تتراكم الأتربة في مكان تسرح الريح فيه بلا هوادة،أغراني ظن وتفاعلت في أحشائي هواجس دفعتني للمغامرة،تقدمت ويدي اليمين تتشبث بمقبض مديتي،وجدت بئر ماءٍ حديث الحفر،قر قراري على أن بعض السيّارة أو مجموعة هربت من سجن(النقرة)قد سبقوني سيراً في تلك الرقعة،إحتفروها بعدما ضاقت بهم السبل وحامت حولهم المهالك جراء نفاد ما لديهم من ماء،وجدت حبلاً طويلاً ودلواً من نحاس،أدلته باحتراس شديد وكلي يقين لابد من ماءٍ حلو ، كانت بي رغبتين،رغبة لتعزيز موقف الماء في جردلي،ولحت رغبة أشد أن أغتسل من وعثاء سيرٍ كثير،وجمت بغتة،تناهت صرخة مكتومة تبعتها ضحكة صريحة: ما هذا..!!فتاة مليحة،عيناها تشعان كالبرق،شعرها سنابل شعير ناضج يداعبها لطيف نسيم..قالت: ـ عمت مساء يا منقذي.. ـ أبنت أنتِ أم..؟؟ ـ لا تكمل ما لا أحتمله من كلام.. ـ إن لم تفعلي سأرجعك إلى موطن هلاكك.. ـ سأدلك على ما تبغي مقابل عتقي من هذه البئر.. سحبتها وكلي فرح،جلست تجفف عن أسمالها الماء،ظللت أحدجها بين واهم وغير واهم،قلبي غير واثق مما أرى،نثرت شعرها الطويل الفاحم،ولفته بيديها إلى خلف رأسها وأنا واجم..قالت: ـ جئت في الوقت المناسب.. ـ يا بنت..لست بمطمئنٍ منك.. ـ لست من الجان يا إنسان،أنا بنت من جنسك،رفعتني الذنوب بهوى المحبوب،أرادوا قتلي ولكن من كان نافذ القول من بني أعمامي أجبر أهلي وأعمامي أن يقذفوا بي في مكان لا يمر به إلاّ هارب من سجن(نقرة السلمان).قال لهم:عسى أن يتخذها أحدهم زوجة،نتخلص من فضيحتها،ونضيف حسنة إلى كنيتنا يوم الحساب.. ـ إن كنت حقاً ما تقولين،لن أدخر وسعاً لأصلح بينك وبينهم.. ـ ذلك مرادي،ولكن أهلي أسود كواسر،خلّصوا الضحايا من مخالب قوافل العساكر،تراهم ولا تراهم،كالبرق ينقضّون وينسحبون،أرجوك لا تخاطر بحياتك ولا تجاسر.. ـ الخير سهم نافذ،ولو في جدار حصين.. ـ أذهب وأفعل،سأعطيك أغلى ما عندي،خاتم أودعه سجين هارب لاذ ببيتنا.. سرنا معاً،قبل أن يبدأ الليل بإرخاء سدوله،نمشي وما بين لحظة وأخرى تلتقي العيون،تفتر الثغران عن ابتسامتين ترافقهما آهتين،توقفت وناولتها جردل الماء من كتفي.. ـ بلّي لسانك كي ينطق.. ـ لساني عاجز.. ـ الماء يفل عقدته.. ـ أأنت شاعر.. ـ بل مجنون.. ـ لا أرى فيك خصلة تناقض.. ـ الناس تقول ما تشتهي.. ـ دع من لا يستحي أن يريح غيرته بما يلذ للسانه من مستهجن كلام.. ـ بنت كم أنت.. ـ بنت الفصول التي أمطرت وأزهرت الأرض بالمسرات.. ـ أشهد أنك شاعرة.. ـ هات برهانك.. ـ لسانك.. وصلنا مكان ذي ربوة،بركت الفتاة وأبركتني بإشارة معها.. ـ أهلي.. ـ دعيني أنشدهم.. ـ ليس قبل أن يحل الليل،أعني منتصفه.. ـ ولم منتصفه.. ـ الغروب مصدر شؤم لنا.. ـ زيديني إيضاحاً.. ـ ذات غروب،قتلت الحكومة والدي،حين رفض تسليمهم هارب من(النقرة).. ـ وبعد.. ـ ذات غروب،قتلوا أمي بعدما أعطت هارباً ملابسها ولبست هي ملابسه.. ـ كفاك آلاماً.. تحاورنا بود،وجدتها لامعة الذهن،جريئة الكلام،سردت لها ما حصل لحلال عشيرتي من جفاف،دلتني على مكان كان يسكنه رجل وحيد رفض أن يختلط بالناس،قالت عنه: كان غامض الطباع،تحبه الطيور والضباع،مات واختفت جثته يوم هرع الناس لدفنه..!!كل امرأة تريد طفل لابد أن تنام في غرفته ليلة،كل من لديها أبن أو زوج سجين اشتاقت لأوبته،كل فتاة تروم الوصال بمن تحب،..أنتصف الليل.. ـ قالت توكل.. ـ تعالي معي.. ـ ليس قبل أن تنال كلمة عفو منهم.. سرت،نبح كلب وبان رجل ملثم،صاح: ـ أبشر يا أخ..نجوت.. ـ لست من يطلب النجاة.. ـ وكل من معك،هو ناجي.. تراجعت هارباً،وصلت إليها،كانت متوجسة خيفة.. ـ ابشري.. مشينا حتى مطلع البيت،كان الظلام يبدد ملامح الأشياء،جلسنا على فراشٍ وثير.. ـ لابد أنتما من ديار غريبة.. ـ وعد الرجال حق.. ـ ومن قال غير ذلك.. ـ معي فتاة تريد الحياة.. ـ إن كانت تبغيها فلها حياتي مع حياتها.. تقدم جمع رجال،كانوا متأهبين للصيد،أو غارة على(النقرة)لعتق الرقاب،تراحبنا وقدموا ما لديهم من لذيذ طعام.. ـ دعها تذهب إلى الحريم.. ـ لا داعي يا رجال،هي من لحمكم ودمكم.. ساد برهة صمت،أجاب الرجل الذي استقبلنا.. ـ فهمت مرادك،ليس من طباعنا أن ننكث العهود ونخون المواثيق،هي أختنا إذاً.. تراشقت البنادق إيذاناً بعودة المياه إلى مجاريها،خرج الرجال إلى غايتهم،بقيت وحدي على فراشٍ وثير تحت الأثير،قبيل الفجر شعرت بجسد يندس معي في الفراش،لم أكن أمتلك زمام وعيي،كنت مرهقاً أو مسحوراً،شيء من هذا القبيل لمّا يزل يراودني،فقدت صوابي،وحين نهضت كنت خارج أسمالي،وكانت(حمارة)في لحظة ولادة،بصقت عليها وتعوذت،ارتديت أسمالي ورحت أجرجر أذيال الخيبة بحثاً عن حلٍ يوقف زحف الجفاف في ضروع حلال قومي.. *** كانت رؤيا تكررت لعدة ليال،لم يصدقن أحد،وحدها(مليحة)تنبأت بما في الغيب من كوارث،ستحل بقومي وتشرذمهم كالحمر المستنفرة،قالت(سيندمون وتكون أنت قبلة أنظارهم، ستغدو سيد القوم يا أخي..!!)رأيت سحباً تجرجر نفسها بثقل،تتراكم فوق مرابع القوم،وتهطل أمطار غزيرة لكنها ترتد قبل أن تلامس الأرض،كانت هناك فتيات من غير أسمال،يضحكن بغنج ودلال،لم يفلح أحد في تفسير رؤياي،بقيت ألح وكانوا مني يسخرون بل تطاولوا في غيهم وراحوا يتقولون أقاويل أو أباطيل منسوجة حسب ما يشتهون،ركب رأسي الجنون وقلت سآتي ببرهان ما رأيت،إن كنتم للرؤيا غير مؤمنين.. *** كان الصباح في أوله،تسللت من منامي دون أن أشعر(الحمارة)بذلك،مشيت نحو ساعة أو يزيد، وصلت إلى مشارف تل كبير،لاح بيت طين،وجدت بئر ماء في باحته،أدلت الدلو،سحبته وشربت،جلست وألقيت بجسدي في ظلٍ ظليل،لم أعرف كم نمت،مسدت لحيتي عرفت من خشونتها أنني استغرقت دهراً وربما دهور،كان جسدي ينضج لهفة تتنامى،شيء في ذاكرتي،شيء جميل أكاد ألتمسه،رأيتها شجرة عملاقة أينعت ثمارها تحت وهج شمس ساطعة،هززت رأسي،كانت رؤيا واضحة،رحت أبحث عن مغزلٍ لأنسجها على نول الحقيقة،حكت إطارها بخيوط من ذهب كي لا تذهب.. *** عند مشارف فجر جديد وصلت أرض عشيرتي الأقربين،لمحت بيوتات متناثرة،بيوتات متطاولة،كأنها أعجاز نخيل لا روح فيها،كدت أن أقفل راجعاً،داعبني ظن أنني أخطأت الاتجاه،كون الأرض ليست تلك الأرض التي صلت وجلت في تشعباتها،بيد أن نهيق حمار أيقظني من سبات طويل،وقفت أستطلع غرابة الأشياء،من بعيد لمحت عجوز تلتمس دربها بعكاز،حثثت سيري ووقفت قربها: ـ أين أنا خبريني يا عجوز.. ـ أنت في ديار أبو(التوأمين).. تهاويت أرضاً،لم تكد تنهي كلامها،صحت بها: ـ مليحة.. ـ صوتك صوت عبيدال.. ـ أنا هو..أنا هو.. تعانقنا ودخلنا بيت لم يكن بيتنا القديم.. ـ ما هذي الأحمال يا أخ.. ـ هي مراد راودني وتفسير حلمي القديم.. ـ لم يعد ينفع بعد الذي جرى.. ـ نجربه على أقل تقدير،ربما يتحسن المصير.. *** ألبسنا كل(تيس)سروالاً،كي نستر عوراتها،بعدما راحت الغيوم تستحي من أهل الأرض،كفكفت دموعها،وحدث البلاء العظيم،جفاف الحال والمال،تقاطر القوم من حولنا..صاح رجل: ـ ألم تكتف بالحمير يا أبو التوأمين.. ـ دعوه يعاشر التيوس هذه المرة..(قال آخر).. كنت أطحن غضبي،وأنا أسمع ما كنت أسمعه من كلام غير لائق قديم لا يترك الألسنة،قالت امرأة: ـ يا قوم ألم أقل لكم(عبيدال)اختفى من أجل غاية.. ـ (إنزول)جاءنا بلبسان للصخول..(أجابت امرأة).. صحت بهم: ـ ويحكم استروا عورات حلالكم تدر ضروعها باللبن،تلك هي تفسير رؤياي للقحط الساري يا قوم.. قهقهت الناس ومضت..!! *** كان اليوم مغبراً،توقعت أمراً جللاً،ما هي إلاً ساعة أو يزيد حتى حامت طائرات مثل الغربان حول المكان،مركبات عساكر تجرجر أثقالها،أحاطوا بنا،قيدوا معصمي والقوني في سجن(النقرة)..!! *** استقبلني أوّل نزيل: ـ ما هي جريرتك يا شيخ.. ـ كنت بحاجة إلى ألبسة تستر عورات(صخولي)بعدما شاعت الفتنة وانقلبت أحوال العباد،رأيت في المنام أن فروجها المكشوفة تجلب النكد في زمن بات البشر يلقي ما يستره،كنت قصير الحول،وجدت أقمشة كثيرة تتلاعب بها الرياح على الجدران،قلت لابد أن أخيار من الناس وضعوها نذوراً للفقراء والمحتاجين.. ـ جريرتك جريرتي يا رجل،بكى طفلي من أجل ثوبٍ جديد ليستقبل به العيد،وجدت قماشة على جدار،أخذتها وصنعت منها ثوباً له،وشوا بي الوشاة والقوني في غياهب هذا الجحيم.. ـ أين هي جريرتنا يا أخ..!! ـ لقد قمنا بتمزيق(لافتات)عليها وصايا وخطب(الحاكم)..يا رجل..!! *** *(نقرة السلمان)من أقذر السجون العراقيةوأقساها،سجن للملغيين من العراقيين،تقع في صحراء لا تنتهي،جنوب غرب العراق،في مدينة(السماوة)تحديداً،لا ينجو منها هارب،كونه سيهلك من قبل الضواري أو ينفق من جراء الجوع والعطش والمتاهة. ***
#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أجل سلّة رغيف
-
أحزان صائغ الحكايات..حين يفضح النقد أسرار السرد
-
خوذة العريف غضبان//مونودراما//
-
مواسم الهجرة إلى الأمان
-
تلك من أنباء القرى التي أنفلت
-
الرابح يأتي من الخلف
-
ربّاط الكلام
-
أين موقع أنكيدو
-
شاعر البلاط الرئاسي
-
من كتاب اللعنات
-
تحقيق الرغبة في رواية(غسق الكراكي) لسعد محمد رحيم
-
إلى ذلك نسترعي الإنتباه
-
الأوراق لا تأتي في خريف الرغبات
-
رب نافعة ضارة أيضاً
-
امرأة الكاتب العراقي
-
الصديق الأخير
-
فن النصر
-
بيت كاميران
-
أصطياد فأر....مونودراما
-
غريب الدار
المزيد.....
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|