أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد علي ثابت - تخاريف بنكهة أندلسية














المزيد.....

تخاريف بنكهة أندلسية


محمد علي ثابت

الحوار المتمدن-العدد: 2409 - 2008 / 9 / 19 - 03:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أهداني السيد "بوتراجينيو" في طفولتي هدية جميلة، ورغم أنّي لم أفتح علبتها الثمينة أبداً ولم أعرف إن كان محتواها سيروق لي أم لا، إلا أنني أحببتها بشدة منذ أهدانيها. فيكفيني أنها هدية من السيد "بوتراجينيو"العظيم الذي لم أره أبداً، وأنه أرسلها لي مع تابعه وكاتم أسراره اللطيف السيد "إنريكي" الذي مازلت أقشعر بشدة أمام بهائه وصفاء حضرته كلما زارني في أي من خلواتي.

وقد كنت وقتها - حين أهداني السيد "بوتراجينيو" الهدية عبر تابعه اللطيف "إنريكي" - طفلاً لم أتجاوز العاشرة، وكنت في كل مرة يزورني فيها "إنريكي" أسأله عن سبب عدم حضور السيد "بوتراجينيو" معه بنفسه وعدم رغبته في تعريفي بحقيقة شخصيته ولا بالعلاقة الحقيقية التي تربطني به ولا حتى بسبب إهدائه إياي تلك الهدية التي أظنها عظيمة رغم عدم امتلاكي ما يكفي من الشجاعة لفتح علبتها والتعرف على كُنهها، وكان السيد "إنريكي" يجيبني دائماً بأنني لن أستطيع أن أرى السيد "بوتراجينيو" أبداً رغم أنه موجود حولي وعلى مقربة مني وذلك لأن حجر نظارتي الطبية بحاجة إلى تغيير، ومن سوء حظي أن السيد "نادال" صانع النظارات الوحيد بمدينتنا هو في إجازة مفتوحة منذ فترة ليست بالقصيرة.

ولتعويض هذا العيب الذي أعاني منه في عينيّ ونظارتي، قررت أن أكون أكثر إيجابية وأن أحاول التقرب إلى السيد "بوتراجينيو" بنفسي وأن أسعى للتعرف عليه عن كثب بأساليب غير أسلوب الرؤية العينية المباشرة، علّني أفاجئه ذات يوم وأتعرف عليه بنفسي بين من حولي وأذهب إليه مباشرة لأشكره على هديته العظيمة وعلى أنه موجود حولي ومهتم بأمري. وبالفعل، فقد توجهت إلى مكتبة المدينة، وقابلت أمينة المكتبة السيدة "كونشيتا" وطلبت منها أن ترشح لي كتاباً قد يعينني على رؤية ذلك السيد المهيب وفهم حقيقته وحقيقة علاقته بي. وقد رشحت لي السيدة "كونشيتا" كتاباً ضخماً فريداً من نوعه فتح عينيّ على كثير من الحقائق المجردة الثورية التي أكسبتني ما كنت واثقاً من أول وهلة من قدرته على أن يعوضني عن مشاكل الإبصار المادي وعن غياب السيد "نادال" غير المبرر عن المدينة.

ولما رجعت إلى حيث أقطن، أخذت أتطلع حولي بشغف وكلي أمل أن أعثر على السيد "بوتراجينيو" وأتعرف عليه، ولكنّي لم أجد له أثراً ولم أشعر حتى بوجوده. وانتظرت إلى أن جاءني مرسوله السيد "إنريكي" في المرة التالية محملاً هذه المرة بالكثير من الهدايا والتوصيات وقد بلغه من أهل المدينة أنني زرت المكتبة مؤخراً بدون استئذانه، وسألته عن سبب عدم قدرتي على رؤية سيدي وسيده رغم أنني استطعت - بأساليبي الخاصة - تجاوز مشكلة الإبصار وغياب السيد "نادال" المتعمد. وقد أدهشني رد فعل السيد "إنريكي" بشدة.. فبمجرد أن طرحت عليه تساؤلي هذا وجدته يردد في مزيج من الدهشة والتوتر: "يخرب بيتك، يعني انت بقيت بتشوف؟"، وأجبته باندهاش مشوب بالرهبة: "نعم يا سيدي، أصبحت الآن أرى"، فإذا به يلقي بصناديق هداياه الجديدة أمامي ويفر هارباً بأقصى ما أوتي من سرعة.

وسرعان ما زادت دهشتي وتضاعفت مرات ومرات. فقد فتحت علب الهدايا الجديدة تلك فوجدتها كلها فارغة، ما دفعني إلى فتح علبة الهدية القديمة التي كانت أول شيء أتلقاه من "بوتراجينيو" في طفولتي، فإذا بي أجدها خالية إلا من ورقة صغيرة مكتوب عليها:

"أهلاً بالمغفل الجديد إلى عالم الساحر العالمي محمود حنكورة وشهرته بوطراجينيو وتابعه حموكشة"

وكم شعرت بالحنق والسذاجة وقتها! لكنّي في الصباح التالي أحسست - على غير المتوقع - بقدر كبير من الرضا والتحرر..




#محمد_علي_ثابت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاتت ليالي كتير، كان الهوى مشاوير
- قوس كامل
- حلم وعلم
- تساؤلات إلى شاري الأيام
- في الاغتراب وعنه
- ثم يبدأ البحث عن الشاطئ التالي
- القرصنة المتأسلمة على الفايسبوك.. ملاحظات ودلالات
- حاجيات مهجورة
- حبل وشجرة
- وديانتي مصري
- حروف هجاء وجودية
- مقدمة حائرة إلى عِلم قديم
- طائر الفينيق
- تذاكر
- يوم كاشفتني ذات الرداء الأبيض
- سكوت مَن ذهب
- هل نتجه حقاً إلى نظام دولي متعدد الأقطاب؟


المزيد.....




- جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال ...
- الجولاني: نعمل على تأمين مواقع الأسلحة الكيميائية.. وأمريكا ...
- فلسطينيون اختفوا قسريا بعد أن اقتحمت القوات الإسرائيلية مناز ...
- سوريا: البشير يتعهد احترام حقوق الجميع وحزب البعث يعلق نشاطه ...
- مصادر عبرية: إصابة 4 إسرائيليين جراء إطلاق نار على حافلة بال ...
- جيش بلا ردع.. إسرائيل تدمر ترسانة سوريا
- قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 57 مقذوفا خلال 24 ساعة
- البنتاغون: نرحب بتصريحات زعيم المعارضة السورية بشأن الأسلحة ...
- مارين لوبان تتصدر استطلاعا للرأي كأبرز مرشحة لرئاسة فرنسا
- -الجولاني- يؤكد أنه سيحل قوات الأمن التابعة لنظام بشار الأسد ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - محمد علي ثابت - تخاريف بنكهة أندلسية