كل يوم يخطط شارون لمجزرة جديدة ويقوم جيش الارهاب الاسرائيلي بتنفيذ المذبحة.. يتوغلون في المناطق الفلسطينية، في أراضي الفلسطينيين في الضفة والقطاع، يهدمون ويدمرون ويقتلعون ويغتالون ويقتلون المواطنين الفلسطينيين في بيوتهم واماكن عملهم وعلى الطرقات والشوارع وبدون تمييز بين العسكري والمدني،البريء والغير بريء بحسب تقسيماتهم،والشيخ والمرأة والطفل وكل ما يصادفهم في الطريق وهم يعيثون الفساد في ارض اللبن والعسل،ارض الشعب الفلسطيني الممتدة حضارتها من سام حفيد نوح مرورا بكنعان والانبياء والأنقياء والاتقياء حتى محمد الدرة وآخر الأطفال الشهداء في فلسطين المباركة والمعمدة بالدماء.
ليست فلسطين سوى المقبرة التي ستضم في المستقبل رفاة اعداء الحياة من الذين التموا واجتمعوا تحت شعارات النظرية الصهيونية التي ادعت ان فلسطين ارض مقحلة بلا شعب لشعب تائه بلا ارض، لذا كان بحسب الصهاينة من الطبيعي ان يسيطر عليها شعب بلا ارض، وهذا الشعب كان من قطعان المستوطنين، مثلما هم اعضاء الحركة الصهيونية الذين استولوا على الاراضي الفلسطينية واقاموا فيها كيان اسرائيل الدخيل، بوعد ومساعدة من الاستعمار البريطاني.
و يهمنا هنا ان نبين للقارئ الخلط المقصود وعدم التوازن في كلام الصهاينة وافعالهم، فهم من ناحية يقولون ان فلسطين ارض اللبن والعسل،بينما نظرياتهم الصهيونية تقول انها ايضا مقفرة وانهم جاءوا ليصلحوها ويسكنوها،فساعدتهم بريطانيا الاستعمارية ومن ثم الاتحاد السوفياتي في زمن ستالين وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية وايضا فرنسا ديغول وما بعده بقليل، فاستولوا على البلاد وشردوا العباد ومن ثم عززوا وجودهم في البلاد.
يوم تلاقت مصالح الدول العظمى على مساعدة اسرائيل والوقوف ضد شعب فلسطين واكثر من ذلك المساهمة في التآمر عليه وعلى حقوقه الوطنية المشروعة، اظهرت كل الدول الكبرى انها دول مصالح وليست دولا للعدل والمساوة والحرص على الأمن والسلام وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، فوقفوا مع العدوان والمعتدين ضد الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره، بينما على الجهة الأخرى أيدوا تقرير المصير لمجموعة عنصرية غريبة عن الأرض واللغة والمكان والتاريخ والثقافة والانتماء، فاعطوا تلك الحركة الحق في اقامة كيانها على اراضي الفلسطينيين، واغمضوا اعينهم عن المجازر والمذابح وسياسة التطهير العرقي والتشريد والتهجير التي كانت السبب الرئيسي في مأساة شعب فلسطين. لكن الشعب الفلسطيني لم يستسلم وواصل الصمود والكفاح منذ وعد بلفور السيئ وحتى مجزرة اليوم في حيّ الشجاعية بمدينة غزة، حيث سقط عشرات الشهداء والجرحى.
مجزرة اليوم في حي الشجاعية هي امتداد للسياسة الرسمية للحكومة الإسرائيلية المتلازمة والمترافقة مع سياسات الادارة الأمريكية المعادية للفلسطينين وللعرب وحتى للمسلمين، فالرسالة التي اراد شارون ابلاغها للعالم هو انه لم يتحدث عن الانسحاب لأنه ناتج عن فعل المقاومة الفلسطينية وضغطها بل لأنه هو يريد ذلك. مع العلم ان شارون يريد من تلك العمليات المتكررة في غزة خلق احداث كبيرة تبعد عنه شبح الملاحقات والفضائح و مرآة سقوطه التي يقف امامها كل صباح. مجزرة الشجاعية رسالة واضحة تقول أنه لا سلام ولا امان للشعب الفلسطيني لا في حالة الحرب ولا في حالة السلم. إما أن يكون الفلسطيني عبدا عند الإسرائيلي وإما عليه الموت أو الهجرة من أرض اللبن والعسل.
لقد اثبتت التجارب منذ النكبة الفلسطينية الكبرى انه لا يمكن للصهاينة ان يتراجعوا عن مشاريعهم إلا في مراحل تكتيكية تلزمهم فعل ذلك،كما حصل في اعادة سيناء والانسحاب من لبنان تحت وابل ضربات المقاومة، وكذلك عبر تسليم السلطة الفلسطينية بعض المناطق الفلسطينية لإدارتها كأي لجنة شعبية تدير أية منطقة في مدينة او بلدة ما. فعندما اصطدمت مصالح اسرائيل الاستعمارية الاحلالية والاجتثاتية بمصالح الشعب الفلسطيني التحررية والطبيعية، بحيث ان هذا الشعب يريد في النهاية ان ينال حريته واستقلاله واسترجاع ارضه المسلوبة، عندئذن قامت اسرائيل بقمع انتفاضة الشعب الفلسطيني السلمية بالطائرات والدبابات والاغتيالات والرصاص الحي والقذائف والقنابل وسياسة التصفية والشطب واعادة احتلال المناطق الفلسطينية وممارسة اقصى درجات القهر والقمع والحصار والتنكيل، قد لا يكون حجم المعركة ومدى الحقد والعداء والبغض الذي أبدته حكومات اسرائيل المتعاقبة في ظل الانتفاضة الثانية سوى انصع مثال على عنصرية ولا عقلانية وعدم واقعية طروحات السلام التي تأتي من جانب هؤلاء، اعداء السلام.
اسرائيل أبدت في سنوات الانتفاضة الفلسطينية الثانية حقدا أعمى وعنصرية عمياء في تعاكملها مع المطالب الشرعية الفلسطينية، وليس هذا سوى الدليل الساطع على ان المشروع الصهيوني ارتطم بصخرة الصمود الفلسطيني، حيث تمكنت هذه الصخرة الصلبة من كسر رأس حربة المشروع الاستعماري في المنطقة، هذا بالرغم من فشلها في هزيمته بشكل تام ونهائي.
مجزرة غزة تعيد عقارب الساعة الى الوراء فتستحضر مجازر دير ياسين وكفر قاسم والطنطورة والصفصاف وسعسع ورفح وخان يونس وبحر البقر وجنين ونابلس والحرم الابراهيمي في الخليل ومخيمات النبطية و تل الزعتر وجسر الباشا وضبية وصبرا وشاتيلا ومجزرة قانا الشهيرة، حيث كانت هذه المحطات من عناوين الصراع المأساوية، فكلها تعتبر أدلة قاطعة على سوداوية وظلامية السياسة الارهابية الصهيونية.كل هذه المجازر حصلت وغيرها سوف يحصل برعاية الادارات الامريكية المتعاقبة، وتسابقت حكومات اسرائيل اليسارية واليمينة على القيام بها، ولا يخلو سجل قادة إسرائيل ورؤساء حكوماتها من مجزرة او اكثر لكل رئيس وزراء، ولسنا بحاجة لتعدادهم الآن فبمقدور القارئ وحده معرفة ومتابعة ذلك عبر قراءة سريعة لتاريخ تلك المذابح. ليس الغريب في الامر ان يرتكب شارون وبيغن ورابين وبيريس مذابح ومجازر بل الغريب ان يحيوا و يموتوا بدون معاقبة ومحاسبة، حتى الأغرب أن منهم من عاش وقبل موته نال جائزة نوبل للسلام في اوسلو العاصمة، هكذا كان الحال مع بيغين ورابين، وهكذا هو حال الحيّ الوحيد من بينهم وهو شمعون بيرس، مع العلم انهم كلهم مسئولون عن مجازر ضد الانسانية تقشعر لها الابدان.
مجزرة جديدة !
ما الجديد في ذلك ؟
غدا قد يتسلم شارون جائزة نوبل للسلام تكريما له على تضحياته من اجل السلام وقد يتقاسم الجائزة مع الجنرالين موفاز ويعلون او مع بوش وبلير، أليسوا كلهم من الذين يناضلون و يكافحون(الارهاب الاسلامي والعربي والفلسطيني)ضمن معسكر بوش؟
هذا زمان المجازر والمذابح باسم السلام الكاذب والعالم الحرّ المنافق، فلا تتأملوا ايها الفلسطينيون المساعدة من أحد،ولا تركنوا لتدخل من عالم يمارس الدجل والكذب على حسابكم، يعلم هذا العالم انكم الضحية ومع هذا يبرر للجلاد افعاله واعماله، لذا لا تلتفتوا للوراء،بل ردوا على جيش المجرمين بنفس لغته لأنه لا يفهم غير تلك اللغة، لغة العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم..