|
. مجزرة صبرا وشاتيلا... الجرح النازف كي لاننسي
احمد عصفور ابو اياد
الحوار المتمدن-العدد: 2408 - 2008 / 9 / 18 - 03:08
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تمر الذكري 26 على واحدة من أروع وأبشع الإبداعات في القتل والهمجية... على لوحة لم يستطع غبار الزمن إخفاءها ولم يستطع التاريخ طمس معالمها. رغم القهر... رغم المعاناة... رغم الألم مازالت صبرا وشاتيلا على قيد الحياة وها هي المجزرة رغم السنون مازالت شاهدة لم تستطع النسيان. مجزرة صبرا وشاتيلا... الجرح النازف ... جرح شعب مازال يجمع أشلاءه... جرح أرض مازالت تأن وتصرخ كما هي الحال في دير ياسين والحرم الإبراهيمي ... وصولاً إلى جنين وشفاعمرو. مرت الذكرى ال26 على واحدة من أروع وأبشع الإبداعات في القتل والهمجية... على لوحة لم يستطع غبار الزمن إخفاءها ولم يستطع التاريخ طمس معالمها. رغم القهر... رغم المعاناة... رغم الألم مازالت صبرا وشاتيلا على قيد الحياة وها هي المجزرة رغم السنون مازالت شاهدة لم تستطع النسيان. مجزرة صبرا وشاتيلا... الجرح النازف ... جرح شعب مازال يجمع أشلاءه... جرح أرض مازالت تأن وتصرخ كما هي الحال في دير ياسين والحرم الإبراهيمي ... وصولاً إلى جنين وشفاعمرو.
وتبدء قصة المجزرة بعد ساعات قليلة من دخول جيش الإحتلال الإسرائيلي إلى مناطق بيروت الغربية وضاحيتها الجنوبية إبان الإجتياح الإسرائيلي للبنان برفقة الحليف الذي كان هذه المرة ليس كغيرها من المرات عربيا لبنانيا يتمثل بحزب الكتائب. وبعد إعلان الحليفان ضرورة تطهير المخيمات من الإرهابيين (الفدائيين) وفق خطة وضعت مسبقاُ. بدءت عملية الإبادة يوم الخميس في 16 أيلول 1982 لتنتهي يوم السبت في 18 أيلول 1982.
والجدير بالذكر أن تسمية المجزرة بمجزرة مخيم صبرا وشاتيلا هو خاطئ ورغم أنها التسمية الوحيدة ولكنها لم تسمى هكذا عبثاُ. مخيم صبرا لم يوجد يوماُ بل هي منطقة مجاورة خارج حدود المخيم ومتاخمة لمنطقة الطريق الجديدة. ذات غالبية سكان لبنانية عكس مخيم شاتيلا الذي تغلب فيه أكثرية الللاجئين الفلسطينيين. والأرجح أنها سميت كذلك لامتزاج الدم اللبناني بالدم الفلسطيني الذي أبيح في هذه المجزرة ونظراُ أيضاٌ لفقر المنطقتين الشديد سميت كذلك. ولقد شملت المجزرة منطقة بئر حسن ومنطقة صبرا ومخيم شاتيلا وما يحيطه.
وبعد الإتفاق بين الحليفين على مجريات الخطة أبقي على حصار المخيم من قبل الجيش الإسرائيلي ومنع الدخول أو الخروج منه أي قام فعلياُ بعزله عن الجوار ومن ثم توقف القصف المدفعي على المخيم وتوقت أيضاُ رصاصات القناصة الإسرائيليين مفسحة المجال لرجال الكتائب بتنفيذ مهامهم. وكان شعارهم كما صرح أحد ضباطهم "بدون عواطف, الله يرحمه" وكانت كلمة السر -أخضر- وتعني أن طريق الدم مفتوح. هذه تلخص مهام هؤلاء الرجال. لم يدخلوا المخيم بحثاُ عن إرهابيين (كما زعموا) وإن وجدوا فلماذا لم نسمع عن أي محاولة لردع هذا الهجوم ولو حتى رصاصة واحدة.دخلوا المخيم واستخدموا جميع أنواع الأسلحة: الرشاشات، البنادق والسلاح الأبيض مفترسين كل ما في طريقهم. فلم ينجوا لا الفلسطينيين ولا اللبنانيين من سخط وجنون العدو -لم يفرقوا بين رجل وامرأة أو شيخ وطفل... كل كان له نصيب من هذه المجزرة حتى الحوامل بقرت بطونهم وهدمت البيوت فوق رؤوس ساكنيها.
ثلاثة أيام والمجزرة مستمرة على مدى ساعات اليوم ال24 ولم تعلم وسائل الإعلام بخبر المجزرة إلا بعد انتهائها فرغم ما تسرب من أخبار عن مجزرة تدور في المنطقة لم يستطع أحد إستيعاب الأحداث وما يجري إلا بعد انهائها. ليدخل الصحافيين من بعدها إلى المخيم أو كومة الرماد كما صار ليتفاجؤوا بأحد ضباط الجيش الكتائبي يصرح أن "سيوف وبنادق المسيحيين ستلاحق الفلسطينيين في كل مكان وسنقضي عليهم نهائياُ. وتناقلت الصحافة صور أشلاء وأجزاء بشرية في الطرقات والزواريب.. شلالات الدماء تغطي المخيم فاضت فوق الفبور الجماعية التي ضمت آلاف الفلسطينيين واللبنانيين. وحاول الجيش الإسرائيلي إخفاء آثار المذبحة ومعالم الحريمة مستخدماً الجرافات والآليات لكنه فشل.
وفي غمرة الأحداث وتسارعها دخل الصليب الأحمر إلى المخيم بعد صعوبات ومنوعات فرضها الجيش الإسرائيلي. لكن في النهاية كانت الحصيلة 3297 شهيدا من سكان مخيم شاتيلا ال20000 ومنهم 136 شهيداُ لبنانياُ موزعين على شوارع وزواريب مخيم شاتيلا (1800 شهيد), مستشفى عكا في بئر حسن (400 شهيد) ومستشفى غزة في أرض جلول (1097 شهيد).
وكما هي الحال في الماضي والحاضر سارع حكام العرب إلى إعراب أسفهم عما حدث واصفين ما حصل بجريمة حرب وهنا يقف خطابهم. ودعا المجتمع الدولي إلى تأليف لجان للتحقيق في الجريمة لكن هذه اللجان لم تصل لأي نتيجة أو حتى لم تدخل حيز الوجود أصلاُ لاصطدامها بحائط الردع الأميركي. وتشكلت لجنة تحقيق إسرائيلية بقيادة القاضي كيهان التي سميت لاحقاُ هذه اللجنة بإسمه. وتوصلت هذه اللجنة إلى عدة أمور منها أت لجيش الإسرائيلي لا يتحمل المسؤولية المباشرة عن المجزرة وألقت المسؤولية كاملة على ضباط حزب الكتائب (إيلي حبيقة و فادي أفرام). وأيضا عزل شارون من منصبه بعد أن كان قائدالوحدة الخاصة 101 في جيش الإحتلال الإسرائيلي التي حاصرت المخيم.وبعد اعتبار ما خصل جريمة شنعاء أقيمت محكمة عسكرية كنتيجة أخرى للتحقيقات غرمت لواء الجيش الإسرائيلي ب10 قروش = 14 سنتاُ أميركياُ لأنه أسيء فهم أوامره كما وتم توبيخه وقد سمي الحكم بقرش شدمي لشدة ما به من سخف واستخفاف بمفهوم القضاء.
هذه كانت ردة فعل المجتمع الدولي, فجريمة حرب تهز شعوب العالم أجمع لا تهز حكومات الغرب والشرق قيد أنملة. مع أن اتفاقية جنيف عام 1949 والبروتوكول المتعلق بها عام 1977 ينص على أن تقوم الدول بمحاكمة الأشخاص المرتكبين لهذه الجرائم بغض النظر عن جنسيتهم.
بعدما غابت الحقيقة خلف الأفق كالشمس ولكن بلا عودة وبعدما كان كل مخيم وكل ساحة ملعب لتركيع وسفك دماء الشعب الفلسطيني أصبح من العار التخفي في تقاليد الجبن والرجعية. فها هي المجزرة تدخل عامها ال26 بلا إسم ... بلا عنوان... بلا قضية ...محت أمواج الصمت الألوان ومات صدى الدماء في جوف الأرض.
#احمد_عصفور_ابو_اياد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الانقسام بالوطن الي اين ومن المستفيد
-
همسة الي معالي امين عام مجلس الوزراء
-
وداعا اخر العمالقه
-
واخيرا سقط القناع الاميركي اخي ابا علاء
-
انفاق الموت من المسؤول عنها
-
السياسة الامريكية وحلول الوقت الضائع
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|