أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - هموم انسانية خلف غيوم رمادية قراءة في رواية غيوم رمادية مبعثرة للكاتبة سناء أبو شرار















المزيد.....

هموم انسانية خلف غيوم رمادية قراءة في رواية غيوم رمادية مبعثرة للكاتبة سناء أبو شرار


غريب عسقلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2406 - 2008 / 9 / 16 - 05:52
المحور: الادب والفن
    


في روايتها الثانية غيوم رمادية مبعثرة, الصادرة عن مطبوعات ندوة القصة في الإسكندرية2005, تدخل الكاتبة سناء أبو شرار بوابات الشقاء الإنساني في محاولة لإلقاء الضوء على خلل البنية الاجتماعية والقصور في الأنساق الناظمة للعلاقات الأسرية, من خلال تتبع سيرة الجد بسام "الشخصية المحورية" الذي فقد أبوية وتشرد في الشوارع وتعرض لألوان العذاب والقسوة, وخرج شاهدا على معاناة الفقراء واللقطاء وأولاد الشوارع, كما تتعرض الرواية لما أصاب أبناء الجد من تصدعات رغم توفر الإمكانيات التي تقيهم من السقوط, لكن أقدارهم تأخذهم إلى حيث لا يشتهون.
بنية تقليدية وسارد عليم
يشكل الحدث فاعل أساس في الرواية, ويقود دفة القص الراوي العليم/المؤلفة, من خلال تتابع زمني وتعليل سببي للأفعال وردود الأفعال تنعكس معها رؤية كاتبة تتكئ على تجربة غنية ومخزون معرفي, ورؤية تقوم على قدرية دينية إيجابية, وتأمل عميق لموقع الإنسان /الفرد من الكون ممثلا بالجبل/الحقيقة الثابتة أمام توالي الأزمان وتعاقب الأجيال الذي يضع المخلوق أمام وعيه عند الحد الفاصل بين الوجود والعدم, وبين التسامي والهبوط إلى درك الشهوات الزائلة, فيأخذه وجد صوفي يمتثل لقدرة الخالق الذي يحدد المسارات ويقرر المصائر.
الضمير/ الشاهد
في سيرة الجد بسام تتعرض الرواية لمعاناة الفئات الهامشية, التي قذفتها تعقيدات الحياة على أرصفة المدن اللاهية غير العابئة بضحايا تفاعلات العلاقات غير السوية.فالجد نموذج الطفل اليتيم, الذي فقد أمه بسبب الفقر والمرض, وقُتل أباه في الحرب الأهلية ليجد نفسه وحيدا طريدا, يتعرض لأقسى ألوان الهوان والمذلة, يعيش الجوع ويفترسه المرض, يرى الموت خوفا وجوعا وقهرا, ولكن الله يقدر له شيخا طيبا,يأخذ بيده ويرعاه ويعلمه ويضع قدمه على الطريق الصحيح فيصبح رجلا ثريا, ويتزوج من فتاة طيبة ساقها قدرها إلى ملجأ الأيتام.
هذا الجد يختار الحياة في القرية على قمة الجبل ويترك لولديه إدارة الأعمال فيختار ابنه انور المدينة فيما يبقى ابنه إبراهم في الجبل قريبا من أبيه الجد وأمام ما يعصف بأولاده وأحفاده يعتصم بصفاء سريرته, يلوذ بالمساحات البيضاء التي تعمر صدره,يراقب ما آلت إليه الأحوال ويحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه على طريقته الخاصة, فيشرع في كتابة سيرة حياته يورثها لمن بعده وقد تطهر من شهوات الدنيا الزائلة.
الهروب إلى حضن الجبل
زوجة أنور وأمام عجزها في إصلاح زوجها, لا تستطيع الاستمرار في المكابرة والظهور بمظهر الزوجة القوية القابضة على قراراتها, خاصة بعد حمل ابنتها غيداء من صديق دراستها, فتقوم بإجهاضها وترفض زواجها منه "وقد تقدم وأهله لتدارك الخطأ" لفارق المستوى الاجتماعي.
تفر الزوجة بابنتها وطفلها باسل إلى الجبل لتزوج غيداء من ابن عمها مروان ضاربة عرض الحائط برغبات البنت ومشاعرها. فهل يحل الهروب المشكلة؟ وهل تستقر الأحوال وتصارح الجد بما حدث معها ورغبتها في الطلاق من أنور لكن الأمور تسير على غير ما تشتهي, فالزوج السكير يسقط بسيارته من قمة الجبل إلى قاع الوادي ويحترق, وغيداء تتحول إلي زوجة سلبية منسحبة يساعدها على ذلك برود زوجها مروان ,الذي يرى في الزواج ديكورا اجتماعيا وهو المنشغل بأعماله وأرقامه..لكنها تنفجر عندما تتأكد من عقم زوجها الذي يحرمها من الأمومة آخر مساحاتها الإنسانيةالتي قد تعوضها عن حبها الحقيقي وطموحها بدراسة الطب كما فعل حبيبها الذي يدرس الطب في ألمانيا.
وعلى الجانب الآخر نرى هيام الجميلة الشهوانية ذات الشعر الأصفر, ترى في الزواج من إبراهيم صفقة رابحة تمكنها من الخروج من الفقر وتخطي اضطراب منشأها الأسري فتذهب إلى أبعد مدى لإشباع رغباتها بغواية الرجال الذين يقعون في طريقها, وتقيم علاقة آثمة مع أنور شقيق زوجها, وتقدم جسدها لسائق الحافلة سمير, هذا النموذج من النساء المتهورات يدمرن كل من يقع في مدارهن غير عابئات بالأعراف والتقاليد وقدسية الحياة الزوجية, ففي الوقت التي تخون فيه زوجها, تخون رسالتها كأم وتفرق بين ولديها فتشمل مروان الوسيم بالرعاية وتزرع فيه نوازع الفردية وحب التملك وبرود المشاعر حتى مع اقرب الناس, وترفض جمال غير الوسيم وتطرده خارج نطاق رعايتها وتأنف من اصطحابه منكرة عليه أمومتها فتتركه للخادمة تقوم على تربيته, وعندما ينضج يغادر الجبل باحثا عن مستقبله بعيدا عنها محافظا على سريرته البيضاء النقية التي لا تعرف الحقد والكراهية
هذه الزوجة الشاذة تدفع ضريبة جنوحها, حيث يصحو الزوج المخدوع ويستجيب لرغبة الجد في الانفصال عنها, والارتباط بفتاة ريفية أحبته غير طامعة بأمواله وممتلكاته.
الراوي عليم..ولكن
يلعب الراوي العليم الدور الأساس من خلال رصد حركات الأشخاص وتحريك الأحداث, وما يدونه الجد عن سيرة حياته وما مر به من أحداث وما كابده من معاناة, فالراوي السارد يحدد المقدمات ويوجه الأقدار من خلال علاقات تقوم على التكامل أو التشابه ما يجعل احد طرفي العلاقة مكملا للطرف الآخر أو ظلا موحيا لما يقوم به من أفعال, مثل علاقة الجد بسام والجدة صباح, وكذلك علاقات تقوم على التضاد والتصادم ما يؤدي إلى إشكاليات ربما تكون مدمرة مثل زواج إبراهيم الطيب الأقرب إلى السذاجة من هيام المستهترة اللعوب, وارتباط زوجة ترضى بقدرها "وتعمل على حماية أسرتها" بأنور العابث السكير الباحث عن الشهوات, وزواج غيداء التي ترى في خطأها اقل من خطيئة توجب دفع ثمنا باهظا.
ويظهر الراوي/الكاتبة قدرة لافتة على التحليل والتأويل وتبرير النتائج, وانحياز إنساني شفاف لنصرة الفقراء واللقطاء الذين تقذهم تعقيدات المدينة إلى حياة الهامش وأتون المعانات, ويدفعون ثمن أخطاء غيرهم.
ولكن
هل تكفي الحكاية للنهوض برواية ناجحة؟ وهل يستطيع الراوي العليم القيام بأعباء الرواية كاملة.؟
أسئلة ربما أفلتت من الكاتبة, فجعل الأحداث تسير كما رسمها الراوي دون الأخذ في الاعتبار قدرات كل شخصية على حده, فظهر الراوي وكأنه يمتطي ظهر الشخصية لنشر أفكاره, فبدت الشخصيات مثل دمى يحركها الراوي على هواه, يظهر ذلك في موقف الشخصيات من الجبل حيث تنداح التأملات على ذات الوتيرة عند الجد والطفل باسل والصبية غيداء وأمها والسائق سمير رغم اختلاف العمر والتجربة والثقافة وكأنهم جميعا يرون ما يراه الجد أو ما يراه الراوي/ المؤلف.
ذات الأمر يظهر جليا في مستويات لغة الحوار, فنرى غيداء المراهقة تنطق بالحكمة والفلسفة وتفرق بين الخطأ والخطيئة, والطفل باسل يتحدث بخبرات فوق عمره وتجربته, ما يجعل الشخصيات تغادر أبدانها وتفقد القدرة على الانتقال إلى وجدان المتلقي كائنات من لحم ودم, يمكن العثور عليه في الواقع المعاش.
وبعد
فإن سناء أبو شرار كاتبة تملك القدرة على القص وتوليد الحكايات, يساعدها على ذلك حصيلة معرفية وثقافية ثرية, تمكنها من استقصاء النفس البشرية في حالات الزهو والانكسار, والكاتبة مشغولة بالقضايا الإنسانية العامة التي لا تقف عند رقعة جغرافية معينة, أو مساحة زمنية ساكنة وهي في تقديري قادرة على التعاطي مع الأسئلة الكبرى, إن هي أولت الاهتمام المطلوب لأسئلة الفن ,شروطه ورسالته, وهي القادرة على ذلك لأنها تمتلك الخمائر الأولى لإطلاق رواية ناجحة.



#غريب_عسقلاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الملح يتخثر عند حواف القصيدة
- امرأة مشاغبة حتى التعب
- رسائل الزاجل الأسير إلى عنود الليالي
- في وداع محمود درويش
- بطاقات إلى امرأة تنتظرني - 4 -
- بطاقات إلى امرأة تنتظرني - 3 -
- بطاقات إلى امرأة تعرفني - 2 -
- بطاقات إلى امرأة تعرفني
- رسائل الزاجل الأسير إلى هناء القاضي
- جنة ابوبها موصدة
- الدوران حول مركز الالتباس
- رسائل الزاجل الأسير الى بشرى ابو شرار
- رحلة ذكور النمل
- ظلال الأرقام الرمادية
- الهبوط من بيت الأثير - الفضاء السابع والأخير
- بيت في الأثير - الفضاء السادس
- بيت في الأثير - الفضاء الخامس
- بيت في الأثير - الفضاء الرابع
- بيت في الأثير - الفضاء الثالث
- بيت في الأثير الفضاء الثاني


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غريب عسقلاني - هموم انسانية خلف غيوم رمادية قراءة في رواية غيوم رمادية مبعثرة للكاتبة سناء أبو شرار