أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - توفيق الحفار - العمل الاقتصادي العربي المشترك وتحدي الإرادة السياسية















المزيد.....



العمل الاقتصادي العربي المشترك وتحدي الإرادة السياسية


توفيق الحفار

الحوار المتمدن-العدد: 2406 - 2008 / 9 / 16 - 00:39
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


لابد لأي عملية تكامل أو اندماج اقتصادي إقليمي في العالم من أن تمر ببعض المحن والمعوقات التي قد تتسبب في إخفاقها ، وباستثناء القليل من التجارب التكاملية التي نجحت في العالم ، فإن الكثير منها قد لاقى الفشل ، الأمر الذي أرجعه الكثير من المحللين والمفكرين إلى وجود بعض العوامل المعوقة ، لعل أبرزها يتمثل في ضعف الإرادة السياسية للنخب الحاكمة تجاه العملية التكاملية الأطراف فيها .
ويبدو أن الإرادة السياسية العربية قد لعبت دوراً أساسياً في تجربة التكامل الاقتصادي العربي ، وهو ما يمكن استنتاجه من خلال الكثير من المعطيات والتجليات التي تبرهن على ذلك ، والتي سيتم التعرض لها من خلال هذه الدراسة .
ولكن قبل الحديث عن دور الإرادة السياسية في تفعيل العمل العربي المشترك ، ربما يكون من المفيد التطرق لمفهوم الإرادة السياسية ، حيث أن الوقوف على حيثيات هذا المفهوم سوف يمهد الطريق أمامنا لمعرفة ما يمكن أن تقوم به هذه الإرادة في خضم العملية التكاملية .



مفهوم الإرادة السياسية :

الإرادة مفهوم غير محسوس وغير متفق عليه من قبل علماء الاجتماع والسياسة ، ونحن في هذه الدراسة سنحاول تحويل هذا المفهوم إلى شيء محسوس ، عن طريق التعرف على أبرز العناصر التي تتكون منها الإرادة السياسية الفاعلة وهي كالتالي[1] :

1/ التزام الدولة العضو في عملية التكامل بما ورد في الاتفاقية الموقعة عليها .

2/ التزام الدولة العضو بكافة القرارات التي تعمل على تنفيذ مراحل التكامل ووضعها موضع التطبيق .

3/ المتابعة المستمرة لتطبيق كافة القرارات التي تم اتخاذها في إطار العملية التكاملية ، وإزالة أية صعوبات قد يتم مواجهتها أثناء مرحلة التنفيذ .

4/ التزام الدولة العضو بالعمل على تطوير الأساليب التي قد يكشف الجانب التطبيقي عن عدم جدواها ، حتى وإن تم ذلك التطوير بإعادة النظر في بعض الاتفاقيات المنشئة للتكامل وتعديلها بحيث تخدم العملية التكاملية على نحو أفضل .

5/ استمرار فاعلية الإرادة السياسية للدولة العضو ، لأن تلك الفاعلية لا يجب أن تنتهي بمجرد التوقيع على الاتفاقية ، بل يجب أن تظل متوافرة باستمرار ما دامت عملية التكامل مستمرة في التطبيق ومستمرة في توليد ما تحققه من آثار .



أما فيما يتعلق بالسمات التي يمكن عن طريقها قياس فاعلية الإرادة السياسية فتتمثل في مدى قدرة أعضاء التنظيم الدولي على اتخاذ قرارات إيجابية تدفع بالدول الأعضاء إلى حالة أكثر من التكامل ، ويتم التعبير على هذه القدرة عن طريق النظام التصويتي الذي يتبناه التنظيم ( الإجماع – الأغلبية – النصف + 1 ) ، فهو بالنسبة للمتخصصين في مجال المنظمات الدولية المقياس العملي والحقيقي على توفر أو عدم توفر تلك الإرادة .



وقد عُرف على بعض التنظيمات الدولية ، أن نظام التصويت فيها كثيراً ما يتعرض لعملية خداع ، وهو ما يمكن التدليل عليه من خلال التصويت الإيجابي لمشروعات التكامل مع عدم وجود فاعلية في التطبيق ، أي الاكتفاء بقبول نصوص الاتفاق حول مشروع معين مع عدم العمل على تنفيذه . إن هذه الحالة يمكننا القول بأنها حالة استثنائية حول مفهوم الإرادة السياسية ، والتي عادة ما تظهر في التنظيمات الدولية التي تجمع في عضويتها الدول النامية ، الأمر الذي جعلنا نستنتج بأن هناك إرادة فاعلة وإرادة غير فاعلة ، رغم التناقض اللفظي الذي يحمله هذا القول .



المطلب الأول

الإرادة السياسية والعمل الاقتصادي العربي المشترك
---------------------------------------------------

مما لاشك فيه أن العمل العربي المشترك يجري في إطار عملية مركبة تتكون من مجموعة عوامل سياسية واقتصادية ، وأن نجاح هذه العملية يحدده مدى توافق وتآلف تلك العوامل مع بعضها لخدمة التكامل وتفعيله ، من هذا المنطلق برزت أهمية الإرادة السياسية في نجاح أو إعاقة أي عملية تكاملية في العالم ، وبالتالي فإنه لا يمكن إغفال الارتباط الوثيق والمتبادل بين كل من السياسة والاقتصاد ، لأنه حتى وإن كانت الدوافع الاقتصادية هي الأساس في قيام هذه العملية ، فإن الإطار السياسي الذي تتحرك في نطاقه الأمور ، بما في ذلك الاقتصادي منها ، له أهمية عظمى في توجيه الأنشطة الاقتصادية دفعاً أو تعويقاً .



وبقياس ما سبق على تجربة التكامل الاقتصادي العربي فإنه يمكننا القول بأن توفر الإرادة السياسية الفاعلة لدى أعضاء جامعة الدول العربية ، من شأنه أن يؤدي إلى تنفيذ العديد من الدراسات والقرارات الاقتصادية التي تهدف إلى زيادة الاعتماد المتبادل فيما بين الدول الأطراف ، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على تفعيل دور المؤسسات المشرفة على العملية التكاملية .

بيد أن ما تم إنجازه على صعيد العمل العربي المشترك وخاصة الاقتصادي منه ، يدفعنا للاعتقاد بأن مسيرة التكامل الاقتصادي العربي أصبحت تعاني منذ نشأة جامعة الدول العربية وحتى الآن ، الكثير من الأزمات والتحديات التي كادت تعصف بها كليةً . فالمعطيات والدلالات التي يمكن قراءتها من خلال واقع العمل العربي المشترك تشير إلى وجود ضعف في دور الإرادة السياسية العربية تجاه عملية التكامل ، الأمر الذي يمكن توضيحه بشكل جلي إذا ما تعرفنا على أبرز مظاهر ضعف تلك الإرادة .



أبرز مظاهر ضعف الإرادة السياسية تجاه العمل العربي المشترك[2] :

1/ أنه منذ بدء المباحثات العربية التي جرت حول تأسيس جامعة الدول العربية ، اختلفت الحكومات العربية حول شكل التنظيم الذي يجب أن تكون عليه الجامعة ، واستقر الأمر بالدول العربية المجتمعة على أن تكون الجامعة أداة للتعاون والتنسيق العربي دون المساس بسيادة واستقلال الدول الأعضاء ، بالإضافة إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية الخاصة بتلك الدول ، وهو ما نصت عليه المادة الثانية من الميثاق . وهكذا فإنه منذ الوهلة الأولى التي تم فيها الإعداد لإقامة جامعة الدول العربية لم تكن الإرادة السياسية جازمة وحازمة في تحقيق التكامل والوحدة بين الدول الأعضاء .



2/ أن ميثاق جامعة الدول العربية قد تميز منذ إنشاءه وحتى الآن بعدة سمات برهنت وبشكل واضح على مدى ضعف الإرادة السياسية العربية ، ولعل أبرز تلك السمات تتمثل فيما يلي :

· بالنظر لمعظم المواد والبنود التي نص عليها ميثاق جامعة الدول العربية ، فإن هذا الميثاق يعتبر ضعيفاً ، ذلك لأنه أغفل الكثير من النقاط التي من شأنها أن تمنح الجامعة - كتنظيم دولي - دوراً محورياً في تفعيل العمل العربي المشترك وصولا إلى التكامل العربي بجميع أنواعه . ولعل الضعف الذي كان يعتري الأنظمة العربية في ذلك الوقت كان السبب الرئيس وراء ذلك ، فقد ولد ميثاق الجامعة في بيئة لا تساعد على العمل العربي المشترك ، حيث كان الهاجس الأكبر لتلك الأنظمة في ذلك الوقت هو بناء الدول العربية الوطنية ومحاولة إيجاد مبرر لشرعيتها كدول لها كيانها واستقلالها .

· عدم السماح لجامعة الدول العربية بأي سلطة فوق السلطة القطرية للبلدان العربية ، تتمكن بمقتضاها من اتخاذ قرارات ملزمة لهذه الأقطار . الأمر الذي أكده ميثاق الجامعة من خلال ما جاء في مادته السابعة والتي تنص على أن ما يقرره مجلس الجامعة بالإجماع يكون ملزماً لجميع الدول الأعضاء ، وأن ما يقرره المجلس بالأغلبية يكون ملزماً لمن يقبله ، وفي الحالتين لا تصبح للقرارات قوة تنفيذية إلا إذا اتخذت الدولة التي توافق عليها الإجراءات التشريعية والتنفيذية اللازمة لذلك ، وفقاً لنظمها وقوانينها الداخلية .

· ضعف النظام التصويتي في جامعة الدول العربية ، حيث نصت المادة الثالثة من الميثاق على أن يتكون مجلس الجامعة من ممثلي الدول الأعضاء ويكون لكل دولة صوت واحد مهما يكن عدد ممثليها ، وتجدر الإشارة هنا إلى أنه لم يراع في توزيع الأصوات الحجم والثقل السياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تتمتع بها كل دولة عضو في الجامعة . في حين نجد أن المجموعة الأوروبية قد عالجت هذه الإشكالية منذ البداية ، وذلك بتخصيص مجموعة من الأصوات لكل دولة عضو حسب ثقلها السياسي والاقتصادي والاجتماعي ، فقد خصصت لكل من فرنسا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا عشرة أصوات لكل واحدة منها ، في حين خصصت للدنمارك وأيرلندا ثلاثة أصوات لكل واحدة منها[3] .

· بالرغم من أن ميثاق الجامعة وكافة الاتفاقيات والمنظمات المتخصصة كانت تحمل الصبغة القانونية ، فإنه يمكن القول بأن هذه الصبغة لم تكن مُحكمة ، الأمر الذي أدى إلى وجود العديد من الثغرات أو العيوب خاصة فيما يتعلق بآلية صنع القرارات والبناء المؤسسي للجامعة والعلاقات بين مؤسسات العمل العربي المشترك مع بعضها البعض[4] .

· أن ميثاق الجامعة لم يتغير رغم تغير ظروف نشأته ، ورغم ظهور العديد من المبادرات الدولية التي تدعو إلى تفعيل دور جامعة الدول العربية من خلال تطوير ميثاقها ، حتى تتمكن هذه المنظمة الإقليمية من القيام بدور فاعل على الساحة الإقليمية والعالمية ، ولعل أبرز تلك المبادرات هي التي قدمتها كل من السعودية ومصر وقطر وليبيا[5] .



3/ كثيراً ما يحدث خروج دولة من الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية عن الإجماع حول بعض المواضيع المختلفة ، الأمر الذي يؤدي بدوره إلى تعطيل الإجراءات وقد يؤدي ذلك إلى تشجيع خروج دولة أخرى
أو أكثر من الدول المتحالفة معها .



4/ منذ نشأت جامعة الدول العربية ولجانها المختلفة ، يلاحظ بأن معظم الاجتماعات واللوائح والمشاريع والتقارير والاتفاقيات التي تُعقد لم ينفذ منها إلا القليل ، وحتى ما نفذ منها لم يأخذ شكل التطبيق الفعلي الذي ينم عن وجود قواسم ومصالح مشتركة تهم كافة الأطراف . ولعل أبرز مثال يمكن أن يعبر عما سبق هو فشل السوق العربية المشتركة ، وعدم تفعيل وثائق قمة عمان 1980 ، والمتمثلة في إستراتيجية العمل العربي المشترك وميثاق العمل الاقتصادي القومي وعقد التنمية العربية ، التي هدفت في مجملها إلى تبني نموذج تنموي ، قطري ، متعدد الأبعاد يركز على تعزيز وتوسيع القاعدة الإنتاجية والعلمية ، وتنويعها ، وإعطاء الأولوية لتطوير الموارد البشرية بما يتناسب مع الحاجات الإنمائية وأوضاع سوق العمل ، وإقامة المشروعات المختلفة وتوزيعها بين الأقطار العربية من خلال نشر شبكات التصنيع والتطوير الزراعي التي يمكن لها أن تحقق نوع من الاعتماد الاقتصادي العربي المتبادل بهدف الوصول إلى التكامل والوحدة .



5/ إن أغلبية البلدان وأحياناً كلها ، تقوم بتوقيع الاتفاقيات المتعلقة بالتكامل وأجهزته ، ولكن ما يجري على أرض الواقع أن معظم هذه الاتفاقيات لا يدخل حيز التنفيذ إلا بعد مرور مدة طويلة من التوقيع عليها . فدخول هذه الاتفاقيات يتوقف – حسب نصوصها – على تصديق عدد معين على الأقل من البلدان الموقعة عليها ، ولا يتوافر تصديق هذا العدد إلا بعد انقضاء فترة طويلة من هذا التوقيع ، بل أن هناك منظمات متخصصة وقعت اتفاقياتها منذ ما يزيد عن ربع قرن ، ولكنها لم تر النور بسبب عدم توافر التصديقات اللازمة ، مثل ما حدث مع مؤسسة الخطوط الجوية العربية العالمية الموقعة اتفاقيتها في عام 1961 .

6/ إن أغلب الاتفاقيات والقرارات التي تتناول مواضيع التكامل الاقتصادي العربي تتضمن نصوصاً يكون بمقتضاها للدول الأعضاء الحق في إيقاف تنفيذ الاتفاقية أو طلب استثناءها من سريان بعض الأحكام عليها ، وذلك في حالة وجود ظروف طارئة . وتستخدم الدول العربية حجة وجود ظروف طارئة حتى وإن لم توجد مثل هذه الظروف ، مما يعكس غياب الإرادة السياسية اللازمة للتنفيذ .



7/ إضافة إلى ما تقدم يلاحظ أنه حتى عندما يتم الاتفاق حول قرارات واتفاقيات خاصة بالتعاون والتكامل الاقتصادي بين الأقطار العربية ويبدأ تطبيقها فعلاً ، فإن استمرار تطبيقها يتأثر بطبيعة العلاقات السياسية القائمة بين الأطراف التي اتفقت عليها ، فعندما يحدث توتر أو تدهور في العلاقات السياسية بين حكومات الدول الأعضاء ، نلاحظ بأن ذلك ينعكس سلباً وبشكل سريع على العمل الاقتصادي المشترك فيما بينها .



8/ عدم وجود ما يشير إلى فرض عقوبات أو أي جزاءات على غير الملتزمين بتنفيذ قرارات مجلس الجامعة أو عند إهمال الإجابة على مشاريع وطلبات واستفسارات لجان الجامعة ، بالإضافة إلى عدم وجود هيئة للفصل في المنازعات التي قد تحدث بين الدول الأعضاء .



كما يتضح وفقاً لتحليل بعض المهتمين بالشؤون العربية ، أن هناك عدة دلالات تبين ضعف الإرادة السياسية العربية تجاه قضايا العمل الاقتصادي العربي المشترك في إطار جامعة الدول العربية ، ولعل أبرز تلك التحليلات دراسة أجريت على محاضر اجتماعات المجلس الاقتصادي والاجتماعي من الدورة 19 إلى الدورة 25 ، حيث تم التوصل من خلالها للنقاط التالية[6] :

1/ أن معظم المشروعات التي طرحت على المجلس الاقتصادي في مجال التكامل الاقتصادي ، نبعت كأفكار ودراسات من أمانة الجامعة أو أمانات المنظمات العربية المتخصصة العاملة في نطاقها ، وأن الحكومات العربية لم تبادر بتقديم مشروعات مهمة في هذا الشأن .



2/ أن مذكرات الأمانة العامة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي وخططها التكاملية ودراساتها وأبحاثها ( أو دراسات وأبحاث الأكاديميين والمتخصصين الذين تكلفهم بإعدادها ) ، قد لا تدرسها الدول العربية على الإطلاق ، أو في أفضل الأحوال لا تدرسها الدراسة الكافية ، ويتضح ذلك أكثر إذا علمنا ما يلي :

· أن بعض مندوبي الوفود العربية في المجلس قد صرحوا بأن معظم هذه الدراسات والبحوث يلقي مصيراً حتميا هو وضعه على الرف .

· عدم الرد على مذكرات ودراسات الأمانة العامة بالنقد أو الإضافة والتحسين إلا في حدود دنيا ، وعدم الاستجابة لطلبات الأمانة العامة موافاتها بمعلومات تستكمل بها خططها ودراساتها .

· ضعف المستوى الفني للوفود ، وبالتالي الضعف الفني للمناقشات ، وهو ما ينطبق على الوفود أياً كان مستواها الرسمي ، فالملاحظ أن معظم اللذين يتم اختيارهم كمبعوثين في تلك الوفود قد تم اختيارهم على أسس غير موضوعية ، أي أنهم ليسوا متخصصين في المواضيع التي يتم النقاش حولها ، ومما يكشف ضعف المستوى إلى جانب عدم الجدية أن موضوعاً من أخطر موضوعات التكامل الاقتصادي العربي ، وهو موضوع هياكل البنية الأساسية للوطن العربي ، والذي بذلت الأمانة العامة للمجلس وخبراؤها جهداً مضنياً في إعداده ، لم تستغرق مناقشته أكثر من عشر دقائق ، ليحيله المجلس بعد ذلك إلى الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي للدراسة من جديد وليس للتنفيذ .



3/ الرفض المستمر لتخصيص اعتمادات لموازنة الأمانة العامة لإعداد دراسات أو إنشاء شبكة للمعلومات عن إمكانات وخطط وبرامج وآليات التنمية في الدول العربية ، فعلى سبيل المثال طلبت المملكة العربية السعودية من الأمانة العامة للجامعة إعداد دراسة عن تسهيل الاتصال بين الدول العربية عن طريق القمر الصناعي ، وقد قدرت تكاليف تنفيذ هذه الدراسة بحوالي 120 ألف دولار . النتيجة أنه تعذر توفير المبلغ اللازم للدراسة ورفضت الأقطار العربية المساهمة في تمويلها . ثم عرضت الأمم المتحدة عمل نفس الدراسة وكلفت خبيراً من خبرائها بزيارة الدول العربية لجمع المال اللازم للدراسة ، زار الخبير ثلاث دول عربية جمع منها مليون دولار في أسبوع واحد.

4/ اتجاه عدد كبير من الحكومات العربية لاختيار وزراء غير متخصصين أو سفراء أو موظفين في سفاراتها من غير ذوي الاختصاص المباشر بالنواحي الاقتصادية ، وغير مخولين بطبيعة الحال لاتخاذ قرارات أو توصيات مهمة لتولي رئاسة وفودها لدى المجلس الاقتصادي ، إذ تبين أن حضور وزراء الاقتصاد أو المال جلسات المجلس الاقتصادي لا تتجاوز 45% من مجموع رؤساء الوفود ، وفي معظم الدورات لم تزد هذه النسبة عن 30% ، وفي عدد من الحالات كان بعض الوفود برئاسة وزراء داخلية أو قطاعات أخرى لا علاقة لها بالاقتصاد أو التعاون الاقتصادي .



5/ تمسك الوفود بعدم المساس بمبدأ سيادة الدولة وقوانينها الداخلية ، وعدم إصدار توصيات أو قرارات في مسائل أو مشروعات تمس بأي شكل من الأشكال مبدأ السيادة ، أو تمس مشروعات الدولة الاقتصادية وخططها وبرامجها الحيوية .



كما شكل صدور قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي في فبراير 1997 بإنشاء منطقة للتجارة الحرة العربية الكبرى خلال عشر سنوات تبدأ من يناير 1998 ، شكل ذلك عودة للمحاولات التي تهدف للوصول إلى التكامل الاقتصادي العربي من خلال تحرير التبادل التجاري بين الدول الأعضاء ، فقد سيطر هذا المدخل على محاولات التكامل منذ بدايتها التي انطلقت بتوقيع اتفاقية تسهيل التبادل التجاري وتنظيم الترانزيت عام 1953 ، ثم صدور قرار إنشاء السوق العربية المشتركة عام 1964 ، وبذلك نجد أن الدول العربية تحاول في عام 1998 تكرار ما لم توفق فيه عامي 1953 و 1964[7] .



والواقع أن كل الحقائق الآنف ذكرها تشكل في مجموعها جملة من المظاهر التي برهنت بشكل أو بآخر على أن البلدان العربية لا يتوافر لديها من الإرادة السياسية ما يكفي لتفعيل العمل الاقتصادي العربي المشترك ، الأمر الذي يقودنا إلى محاولة معرفة أبرز الأسباب التي أدت إلى ضعف تلك الإرادة السياسية .



المطلب الثاني

أسباب ضعف الإرادة السياسية العربية تجاه قضايا العمل الاقتصادي المشترك
-------------------------------------------------------------



يمكن إرجاع ضعف الإرادة السياسية العربية تجاه قضايا العمل الاقتصادي العربي المشترك إلى مجموعة عوامل داخلية وخارجية أثرت في مجملها على مسيرة التكامل الاقتصادي العربي ، وهذه العوامل تتمثل فيما يلي :



أولا / العوامل الداخلية :

بالبحث في الأسباب التي أدت إلى ضعف الإرادة السياسية العربية ، اتضح أن هناك مجموعة من العوامل الداخلية التي أثرت سلباً على نمو إرادة سياسية عربية فاعلة تجاه قضايا العمل الاقتصادي العربي المشترك ، وقد تم تصنيف هذه العوامل على النحو التالي :



1/ طبيعة التركيب الاجتماعي للمجتمعات العربية :

بالرغم من أن الشعوب العربية تتطلع إلى الوحدة والاندماج ، فإن هناك معوقات اجتماعية تكمن داخل هذه الشعوب يمكن القول بأنها قد شجعت الأنظمة العربية على إهمال عملية التكامل الاقتصادي العربي . فالمتأمل في الخارطة الاجتماعية للمنطقة العربية لاشك وأنه سيلاحظ أن المجتمع العربي قد قسمته القبائل والعشائر والطوائف والأقليات إلى أجزاء مجزأة ، كما يلاحظ بأن الولاءات التقليدية من طائفية وأثنية وقبلية وغيرها قد عملت على الحد من نشوء الولاء للوطن والأمة[8] . ورغم تكوّن أغلبية سكان الوطن العربي من العرب ، فإنه لا يمكن إغفال الدور الذي يمكن أن تقوم به الأقليات الأثنولوجية الموجودة بداخله ، خاصة التي تعتبر العرب دخلاء عليها مثل الأكراد في شمال العراق وقبائل جنوب السودان وقبائل البربر في المغرب والجزائر ، أو الذين لديهم ولاء أو انتماء لدول معادية للأمة العربية .



كما لعب العامل الديني دور أساسي في تشكيل البيئة العربية الضعيفة التي نراها الآن ، فعلى الرغم من أن الدين الإسلامي هو الدين الذي يدين به أغلبية سكان المنطقة العربية فإن الاختلاف في المذاهب الإسلامية وانقسام المسلمين إلى شيعة وسنة ، وتفرع الشيعة إلى مذاهب والسنة إلى مذاهب ، بالإضافة إلى وجود ديانات أخرى يدين بها بعض سكان المنطقة العربية كالمسيحية واليهودية على سبيل المثال وما يمكن أن تولده تلك الأديان من شعور نحو تفضيل التعامل مع الغرب المسيحيين واليهود على التعامل مع العرب المسلمين ، كل ذلك ساهم بشكل أو بآخر في خلق إرادة سياسية عربية ضعيفة تجاه قضايا العمل العربي المشترك .



أضف إلى ذلك أن الأنماط المعيشة المتباينة في المجتمع العربي ( البادية – القرية – المدينة ) قد أسهمت هي الأخرى في ترسيخ الفروقات الاجتماعية والتفاوت في مستويات التنمية أو التخلف ، فأوضاع معيشة البادية التي تتمسك بعاداتها وتقاليدها ومعيشتها البسيطة ، تختلف عن معيشة أهالي القرية التي تعتبر أكثر تطوراً من معيشة البادية ، في حين تختلف معيشة كل من البادية والقرية اختلافاً جذرياً عن معيشة أهل المدينة الأكثر تحضراً وتطوراً وتأثراً بما يستجد عالمياً سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية ، والأكثر اعتماداً على مؤسسات المجتمع المدني في تسيير حياتهم اليومية ، والأقل تمسكاً بعاداتهم وتقاليدهم . وبالتالي فإن اختلاف الأوضاع الاجتماعية والمعيشية بين البادية والقرية والمدينة لاشك وأنه قد أثر سلباً على حدوث نوع من الاندماج بين تلك الشرائح .



إن الأوضاع الاجتماعية السائدة في المنطقة العربية بمختلف أشكالها وتناقضاتها ، لاشك وأنها قد ساهمت في تشكيل إدراك العقلية العربية لمعنى التكامل والعمل العربي المشترك ، الأمر الذي أدى بدوره إلى ضعف الإرادة السياسية العربية تجاه أي عملية تكاملية تهدف إلى الوحدة والاندماج العربي .



2/ ضعف واختلاف البنى والهياكل الاقتصادية للدول العربية :

بالرغم من دخول الدول العربية في إطار سياسي واقتصادي واجتماعي تمثل في جامعة الدول العربية ، وبالرغم من إنشاء العديد من المؤسسات العربية المشتركة العاملة في إطار جامعة الدول العربية ، والتي تمثل الآلية أو المدخل الذي يمكن عن طريقه مجابهة تلك التحديات والأزمات بتكوين تكتل عربي قوي ومنافس ، فإن ما يحدث على أرض الواقع هو العكس تماماً مما كان منتظر ، فقد اصطدمت تلك المؤسسات بالواقع الاقتصادي العربي المتردي ، الذي خلق مناخاً غير ملائم لولادة إرادة سياسية عربية فاعلة نحو التكامل .



فعملية التكامل تتطلب وجود مجموعة من العناصر أو المقومات ، لعل أبرزها يتمثل في النقص الذي يعانيه جانب أو أكثر من الكيانات الاقتصادية الوطنية للدول العربية ، سواء فيما يتعلق بعملية الإنتاج أو التسويق أو من حيث توفر الموارد الاقتصادية التنموية ، كما يشترط في الدول المتكاملة لسد النقص الموجود في بعض هياكلها ومواردها ، أن تتمتع بفوائض ومنافع تستطيع مقايضتها لقاء حصولها على إمدادات ومنافع من غيرها ، بالإضافة لما سبق يشترط في نجاح العملية التكاملية توفر إمكانات مواتية لتدفق الإمدادات وتبادل المنافع بين أطراف التكامل الاقتصادي[9] . وهو ما يمكن تحقيقه في حالة وجود مشروعات صناعية وزراعية وخدمية استراتيجية يمكنها أن تخلق نوع من الاعتماد المتبادل بين أطراف التكامل .



وبالرغم من تمكن بعض البلدان العربية من الدخول النسبي في عالم الصناعة ، واستفادتها من وجود الاستثمارات الأجنبية ، فإن قطاع الصناعة والإنتاج يظل متخلفاً وتابعاً في خضم التفاعلات السريعة التي يشهدها القرن الحادي والعشرين ، والذي من الصعب مواجهة تحدياته بنمط اقتصادي ضعيف وهش مماثل لنمط الاقتصاديات العربية التابعة للاقتصاد العالمي[10] . وبالتالي فإنه حتى ولو تم إلغاء الحواجز التجارية فيما بين الدول العربية أمام المبادلات ، فإن ذلك لا يمكن أن يؤدي إلى نتائج إيجابية ، نظراً لأن الدول العربية ليس لديها ما تنتجه حتى تتبادله ، وحتى السلع التي يتم تبادلها حالياً فيما بين الدول العربية هي سلع تفتقد إلى المواصفات القياسية والجودة العالية مما يضعف منافستها أما السلع الأجنبية .



ولعل ما سبق كان السبب الرئيس في فشل قرار السوق العربية المشتركة ، فأسلوب تنفيذ قرار السوق ، كما يرى بعض المحللين الاقتصاديين ، جاء مستوحياًً من السوق الأوروبية المشتركة التي يعتمد اقتصادها على المحور التجاري ، وقد عجزت الدول العربية عن الوصول إلى أدنى أنواع التكامل من خلال الاعتماد على المدخل التجاري ، ذلك لأن ظروف الدول العربية تختلف عن ظروف الدول الأوروبية ، فدول السوق الأوروبية انطلقت في تحديد أسلوب بناء وحدتها الاقتصادية من ثلاثة مبادئ ، أولها : أن تجارتها الخارجية كانت بالأصل وفي الغالب ، تقوم على تجارتها فيما بين بعضها البعض ، ولذلك فإنها تستطيع أن تكوّن عنصراً مؤثراً في إعادة توزيع مواردها ومؤسساتها الإنتاجية ، ثانيها : أن أنظمتها الاقتصادية أنظمة صناعية متقدمة البناء ، بحيث أمكن أن يُترك للصناعات الخاصة والمؤممة أمر تكييف نفسها مع متطلبات السوق المشتركة وتنظيم علاقاتها وترشيد هياكلها ، والثالثة : أنها متقاربة من حيث النمو ، بعكس الدول العربية[11] .



بالإضافة إلى ما سبق فإن التفاوت في حجم الإمكانات المادية والثروات الطبيعية والفوائض المالية الخاصة ببعض الأقطار العربية والفقر عند بعضها الآخر ، قد لعب هو الآخر دوراً مهماً في إضعاف إرادة متخذ القرار السياسي العربي تجاه مسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك ، فالدول العربية تنقسم إلى دول ريعية ذات كثافة سكانية قليلة تعتمد بشكل أساسي على مورد النفط ، ودول ذات مستوى اقتصادي متوسط أو متدني تتميز بكثافة سكانية عالية وتعتمد في مواردها على الزراعة والرعي وجزء من الصناعة .



وعلى الرغم من أن هذا الوضع ناتج عن ظروف جغرافية وطبيعية ، فإن انعكاساته قد بدأت تولد آثاراً وحساسيات ملموسة[12]– خاصة في ظل التغير الذي أحدثه الأوضاع النفطية في الوطن العربي بعد عام 1973 - فالتفاوت في حجم تلك الإمكانات شكَل خوف لدى الأقطار العربية الفقيرة من أن يؤدي العمل الاقتصادي العربي المشترك إلى ضياع كيانها الخاص واحتوائه من قبل الأقطار الغنية ، كما شكل خوف الأخيرة من أن يؤدي العمل الاقتصادي العربي المشترك إلى أنفاق معظم أموالها على الأقطار الفقيرة .



وبالتالي يمكن القول بأنه قد ترافق مع اكتشاف وإنتاج النفط في المنطقة العربية ظهور جملة من التجليات الإيجابية والسلبية على حد سواء ، تمثلت الإيجابيات في حدوث نوع من التنمية والتطور داخل الدول العربية النفطية ، إضافة إلى استفادة بعض الدول العربية غير النفطية من الأيدي العاملة التي سمحت لها بالعمل في الدول النفطية ، أما السلبيات وهي الأخطر ، فيمكن حصرها في النقاط التالية[13] :

أ / شعور الدول العربية النفطية بالتميز القطري في مواجهة بقية الدول العربية التي تعتبر دولا فقيرة بمعايير الثراء النفطية ، الأمر الذي انعكس على عقلية المواطن العربي المنتمي للدول النفطية ونظرته السلبية للمواطن العربي المنتمي لدول العربية غير النفطية .

ب/ ظهور مصطلحات لم تكن متداولة فيما بين الدول العربية ، مثل مصطلح أقطار اليسر وأقطار العسر ومصطلح دول الفائض ودول العجز .

ج/ انغلاق الدول العربية النفطية على نفسها ، الأمر الذي أدى إلى تقليص تعاملها مع الدول العربية غير النفطية .

د/ تغير موازين القوى داخل المنطقة العربية .

هـ/ نظرا لأن السوق العالمي هو المتحكم الرئيس بعملية إنتاج النفط وتسويقه ، فقد أدى ذلك إلى ارتباط الدول العربية النفطية بذلك السوق أكثر من ارتباطها بالمصالح القومية العربية ، وأن معظم عوائد النفط لم توظف داخل المنطقة العربية بل تم توظيفها في الخارج ، الأمر الذي أثر سلبا على الترتيبات التكاملية العربية في إطار جامعة الدول العربية[14].



أضف إلى ذلك أن الدخل من الضرائب غير المباشرة ( وخصوصاً من التعريفة الجمركية ) والذي يشكل المورد الأساسي للكثير من الحكومات العربية خاصة في تمويل العمليات والبرامج الحكومية ، قد عمل على تردد الكثير من الحكومات العربية في الدخول في مفاوضات من أجل تخفيض التعريفة الجمركية التي تفرضها على المنتجات المصنوعة والمستوردة من بلدان المنطقة وفي الالتزام بعدم زيادة الرسوم الجمركية على المنتجات التي منحتها التفضيل ، وحتى إن دخلت في مثل تلك المفاوضات فإنها لا تطبقها كما ينبغي[15].



إن ما سبق يمثل اختبار للدول العربية لمواجهة هذا التناقض ، الذي لا يمكن تجاوزه إلا بوجود نوع من التعاضد والتضامن العربيين لمساعدة الدول العربية الأقل نمواً في تجاوز محنتها ، وهنا يفترض أن تتعلم الدول العربية من تجربة الدول التي واجهت مثل هذا الوضع ، فقد ساعدت الجماعة الأوروبية أعضائها الأقل نمواً كاليونان والبرتغال وأسبانيا ، بما تغدقه عليها وما تقدمه من تشجيعات لشركاتها للاستثمار في هذه البلدان والمساهمة في تطويرها وتحديثها ، وهناك أيضاً مثال للجهود التي تبذلها ألمانيا الغربية ، بعد سقوط حائط برلين ، لاستدراك تأخر ألمانيا الشرقية سابقاً ، على الرغم من التضحيات التي يتحملها الشعب الألماني في ألمانيا الغربية[16] .



3/ عامل التمسك بالسيادة القطرية :

لعل ظاهرة التمسك بالسيادة القطرية ، مثلت أحد أبرز تلك العوامل التي ساعدت على ضعف الإرادة السياسية العربية ، فالمتأمل في آليات تطبيق العمل العربي المشترك ، يستنبط بكل سهولة ويسر بأن القوى القطرية قد لعبت الدور الرئيس في رسم سلسلة الاخفاقات المتتالية التي شهدتها مسيرة التكامل الاقتصادي العربي .



ومن خلال تفحص بعض الأدبيات التي تناولت موضوع التمسك بالسيادة وأثره على العلاقات العربية العربية ، يبدو أن الكثير من المحللين يجمعون على أن أحد أهم التحديات أو المخاطر التي تتعرض لها المنطقة العربية يتمثل في الاختلالات الموجودة في نظام العلاقات العربية البينية ، حيث غياب الإرادة الموحدة ، كذلك غياب المركز الموحد للإرادة السياسية العربية في شكل تجمع أو تحالف ، ومما زاد الأمر أن التجمع العربي الموجود في إطار جامعة الدول العربية لا يمثل سوى نظاماً دولياً قائم من أجل تحقيق أهداف سياسية بالدرجة الأولى ، يتمثل أبرزها في عدم المساس بالسيادة الوطنية للدول الأعضاء ، والمحافظة على أمنها واستقلالها[17].



وقد يكون من المفيد الإشارة هنا بأن نمو نزعة الدولنة والتمسك بالسيادة قد تجذر أكثر من خلال تحجج الأنظمة العربية بما نصت عليه المادة الثامنة من ميثاق جامعة الدول العربية ، التي حددت أهداف الجامعة على النحو التالي " الغرض من الجامعة توثيق الصلات بين الدول المشتركة فيها وتنسيق خططها السياسية تحقيقاً للتعاون بينها وصيانة استقلالها وسيادتها "[18] .



كما أن الخصائص التي انطوت عليها تجليات النظم السياسية العربية قد أسهمت هي الأخرى في تكريس مشهد تنامي القطرية بين أعضاء جامعة الدول العربية ، فالاختلاف والتباين الواضح بين الهياكل والبنى السلطوية والأيدلوجيات التي تبنتها تلك النظم ، كان من الطبيعي أن تترتب عليه تداعيات سلبية أثرت بدورها على مسيرة العمل العربي المشترك بشكل عام وعلى تجربة التكامل الاقتصادي العربي بشكل خاص .



4/ إشكالية الديمقراطية :

تتعلق هذه الإشكالية بعلاقة التناسب الطردي القائمة بين التطور الإيجابي على صعيد التضامن العربي ، بل وفي سائر قضايا المصير المشترك ، وبين اتجاه الأنظمة الرسمية العربية نحو السماح للقوى الاجتماعية وللأفراد بالمساهمة في صنع القرارات التي تحدد مستقبل العمل العربي المشترك ، بالإضافة للسماح بحرية انتقال الأفراد بين الدول العربية وحرية العمل الاقتصادي وعدم تقييده بأية قيود داخلية ، وتسهيل انتقال السلع والخدمات ورؤوس الأموال التي من شأنها خلق نوع من الاعتماد المتبادل بين الدول العربية ، مثل هذا التطور الديمقراطي الداخلي في أقطار العالم العربي كفيل بأن يؤدي في مجمله إلى قيام سياسة اقتصادية عربية مشتركة على أسس راسخة يصعب تقويضها أو النكوص عنها على النحو الذي عرفته الكثير من التجارب التكاملية حتى الآن[19] .



وبالتالي فإن عدم وجود مساحة كافية من الديمقراطية لدى الكثير من الدول العربية أدى إلى تنامي ظاهرة الفردية في اتخاذ القرار العربي الرسمي ، كما أدى إلى اتخاذ القرارات بناء على اعتبارات شخصية وليس على اعتبارات جماعية تكاملية ، هذا فضلا عن اصطباغ القرار السياسي العربي بسمات وخصائص تعبر عن عدم نضجه السياسي ، ولعل أهم تلك السمات والخصائص تتمثل في ( المزاجية – اللاثبات في المبدأ – ضعف الرؤى الاستراتيجية ) .



وبناء على ما سبق فقد ترتب على عدم تطبيق الديمقراطية سلبيات كثيرة ، أثرت ولا تزال تؤثر على مسيرة التكامل الاقتصادي العربي ، فالمتأمل في أسباب ضعف تلك المسيرة يجد أن اللاتطور الديمقراطي في النظم العربية الحاكمة كان له نصيب الأسد في ذلك الضعف ، ولعلنا نستشهد في هذا الإطار بالدلالات التالية[20] :

أ/ أدى عدم وجود الديمقراطية إلى هشاشة وضعف آلية عمل النظم السياسية العربية ، وبالتالي ضعف وتدني مسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك ، ولعل مظاهر ذلك الضعف يتمثل في سيطرة فئات وقوى داخلية على مراكز ودوائر اتخاذ القرار السياسي الرسمي في النظم السياسية العربية ، تتمثل أغلبها في جماعات الضغط من الفئات المختلفة ، خاصة الذين يمكن أن تتأثر مصالحهم جراء حدوث تكامل واندماج اقتصادي عربي .

ب/ نتيجة لعدو وجود الديمقراطية داخل النظم العربية ، ضعفت أيضا فاعلية المؤسسات والقطاعات التنفيذية داخل تلك االنظم ، الشيء الذي أثر سلبا على فاعلية الإرادة السياسية لتلك النظم تجاه العمل الاقتصادي العربي المشترك .



ويرى بعض المحللين أن ما سبق ذكره من عوامل داخلية قد تبدو لأول وهلة بمثابة معوقات وعراقيل لقيام التكامل الاقتصادي العربي ، ولكنها في الحقيقة غير ذلك ، فتلك المعوقات ليست سوى ظواهر وقتية يمكن إزالتها مع الوقت ، فقد كان مثلها موجودا في الولايات المتحدة الأمريكية التي كاد ينقسم شمالها عن جنوبها ، ولكنها توحدت وأنشأت اقتصادا قويا يصعب منافسته ، وكانت مثل هذه الاعتبارات قائمة عندما كانت ألمانيا مقسمة إلى دويلات صغيرة ، ولكنها أيضا توحدت وكونت نموذجا للاقتصاد المتقدم والمتطور في العالم[21] . وهناك تجربة الوحدة الاقتصادية بين دول أوروبا الغربية ، التي رغم الانقسامات التي كانت موجودة بين بعضها فإن ذلك لم يمنعها من الوصول إلى التكامل والوحدة في مواجهة التكتلات الاقتصادية العالمية .



ثانياً / العوامل الخارجية :

بالإضافة للعوامل الداخلية المتعلقة بالسمات والخصائص التي رافقت تجليات النظم السياسية العربية ، والتي كما ذكرنا سابقاً أسهمت بشكل واسع في إضعاف الإرادة السياسية العربية تجاه العمل الاقتصادي العربي المشترك ، توجد أيضاً عوامل خارجية تتعلق بتلك التداعيات السلبية التي نجمت من خلال تفاعل تلك النظم مع البيئة الإقليمية والدولية ، ويمكن حصر تلك العوامل في النقاط التالية :



1/ الارتباط بالأنظمة الاستعمارية السابقة في الجانب الاقتصادي والثقافي :

قبل أكثر من قرن مضى ، وضع رئيس الوزراء البريطاني الأسبق ( بالمرستون ) مبدأ سياسياً مازال هو القاعدة الأم لسياسات الدول الغربية الكبرى تجاه الوطن العربي ، ويتمثل هذا المبدأ في الرسالة التي أرسلها بالمرستون إلى القنصل البريطاني في الإسكندرية يؤكد له فيها أن سياسة بريطانيا هي المحافظة بشتى الطرق المتاحة على حياة رجل أوروبا المريض ، أي الإمبراطورية العثمانية ، مهما تكن العلة ، لأن مصالح بريطانيا الحيوية تقتضي الحيلولة بكل الوسائل دون نشوء اتحاد سياسي أو اقتصادي قوي أو دولة كبيرة قوية في الشرق الأدنى ، أي المنطقة العربية[22].



ويبدو أن الدول الاستعمارية قد عملت فعلاً ، بعد استيلاءها على المنطقة العربية في أعقاب الحرب العالمية الأولى ، على ربط اقتصادات المنطقة العربية بعجلة السوق الرأسمالية ، وفُرض على البلدان العربية نوعاً من التخصص الدولي للعمل وإنتاج المواد الأولية اللازمة لسد احتياجات الإنتاج الصناعي في أوروبا ، مثل عملية تشجيع زراعة القطن في مصر والسودان لصالح مصانع النسيج في إنجلترا[23]. ثم تلا ذلك تخصص المنطقة العربية في تصدير النفط والغاز وحصولها في المقابل على المال والغذاء والسلاح والتقنية من الدول الغربية التي تتحكم في سعر المواد الخام العربية بالإضافة لتحكمها في سعر الصناعات التي تصدرها للعرب .



إن ما سبق يقودنا إلى أن القوى الاستعمارية قد أحكمت قبضتها فعلاً على بقاء الدول العربية تابعة ومتخلفة من خلال استمرارية اعتماد الأخيرة على الواردات الأجنبية من جهة ، وتراكم ديونها الخارجية من جهة أخرى ، الأمر الذي يجعل تحقيق التنمية من خلال التكامل العربي مطلباً صعب المنال في ظل الارتباط بالخارج . خاصة إذا ما علمنا أن البلدان العربية الغنية لديها أرصدة في الخارج تصل في مجملها إلى حوالي 900 مليار دولار عام 1995 ، في الوقت الذي تعاني فيه الكثير من البلدان العربية من المديونية ، والتي بلغت عام 1994 حوالي 155 مليار دولار[24] .



أما فيما يتعلق بمدى الارتباط العربي بالدول الاستعمارية في الجانب الثقافي ، فإنه يمكن القول بأن الحملات الاستعمارية التي شهدتها المنطقة العربية ، قد أثرت في ثقافة المجتمع العربي ، وذلك من خلال تقسيمها لهذه المنطقة إلى دويلات قزمية ، وتوزيع تبعيتها لثلاث دول استعمارية هي بريطانيا وفرنسا وإيطاليا ، حيث تم توظيف التعليم والثقافة في كثير من تلك الدول لخدمة تكريس التمايز بين أجزاء الوطن العربي ، ومحاولة تغيير الانتماء من الوطن والأمة العربية إلى الدول الاستعمارية ، الأمر الذي انعكس سلباً على نمو إرادة سياسية عربية يمكنها أن تتعامل بفاعلية مع قضايا العمل العربي المشترك ، وهو ما يمكن أن نلتمسه من خلال محاكاة الثقافات الاستعمارية والانبهار بها واعتبارها الأساس في بناء مدركات الموقف الثقافي من الآخر ، وكذلك استنساخ معظم الخصائص الاجتماعية لذلك المستعمر ، لتتحول المنظومة الثقافية والاجتماعية في المنطقة العربية إلى خليط بأنماط ثقافية واجتماعية تختلف وتتباين حسب الإرث الاستعماري التابعة له . ولعل أبرز مثال على ذلك يتمثل في العلاقات الموجودة حالياً بين كل من لبنان وفرنسا ، والعراق وبريطانيا ، والجزائر وتونس والمغرب وفرنسا .. الخ .



وقد زاد من تأكيد ارتباط الأنظمة العربية بالدول الاستعمارية اقتصادياً وثقافياً ، دراسة ميدانية أجراها مركز دراسات الوحدة العربية على عينة اختيرت من عشرة بلدان عربية[25] ، لقياس اتجاهات الرأي العام العربي نحو مسألة الوحدة ، وذلك من خلال معرفة رأي تلك العينات حول ترتيب العقبات التي تعرقل مسيرة الوحدة العربية ، والتي تشمل ( القوى الخارجية الكبرى- تناقض وتنافر مصالح النخب العربية الحاكمة - انخفاض الوعي السياسي للشعوب العربية- معارضة بعض الشعوب العربية للتوحيد )، أثبتت تلك الدراسة بأن معظم آراء المبحوثين في الأقطار العشرة تتفق على أن التبعية العربية للقوى الأجنبية والإرث الاستعماري هما المعرقل الأساسي والأول لمشروع الوحدة العربية[26]. الأمر الذي يؤكد دور التبعية والارتباط بالأنظمة الاستعمارية السابقة في عرقلة أي عملية تكاملية بين الدول العربية .



2/ إقامة الدولة الصهيونية والتعهد الأمريكي بحمايتها :

إن الحديث عن الكيان الصهيوني الذي تم زرعه في قلب الوطن العربي ، هو حديث عن موضوع له جذوره التاريخية ودلالاته التي يصعب حصرها وتفصيلها في هذا الجزء من الدراسة ، ولكننا سنتطرق في هذا الجزء إلى حيثيات وجود ذلك الكيان في قلب الوطن العربي والدعم الأمريكي له ، وأثره على وحدة الأمة العربية ومصيرها .



فالحقائق التاريخية تشير إلى أن زرع إسرائيل في قلب الوطن العربي كان لتحقيق أهداف عديدة ، لعل أبرزها يتمثل في الحيلولة العملية دون تكامل أجزاء الوطن العربي ووحدتها ، وامتلاك أكبر قدر من الأراضي العربية ، بالإضافة إلى محاولة إضعاف دور أي منظمة إقليمية عربية يمكن أن تنشأ بهدف تحقيق التنمية العربية والتكامل والاندماج والوحدة .



وبدلاً من أن يكون التحدي الصهيوني حافزاً للتكامل وتوحيد الجهود العربية ، حدث العكس تماماً ، فقد شكًل هذا التحدي أحد أسباب التفرقة العربية ، حيث استطاعت إسرائيل بالتعاون مع القوى الأجنبية ، الانفراد بالدول العربية واحدة تلو الأخرى . وفي هذا الشأن يمكن التدليل ببعض الاتفاقيات الثنائية التي تم عقدها بين إسرائيل وبعض الدول العربية مثل اتفاقية كامب ديفيد واتفاقية أوسلو واتفاقية وادي عربة[27] .



إن ما سبق لاشك وأنه قد أحدث شرخاً في جسم الأمة وأعاق محاولات التعاون والتكامل العربي بجميع أنواعها . ولايزال الكيان الصهيوني يسعى لمحو الهوية الجماعية للأمة العربية وإجبار هذه الأمة على التخلي عن وطنها وتاريخها ، وإرغامها على تبني هوية عربية جديدة تنتمي إلى ثقافة أخرى ونظرة مختلفة للعالم ، وذلك من خلال إقامة السوق الشرق أوسطية التي تتزعمها إسرائيل بحكم تقدمها وتطورها وقوتها في كافة المجالات .



أما فيما يخص علاقة أمريكا بإسرائيل ، فإنه يمكن القول بأن الولايات المتحدة الأمريكية قد لعبت دوراً كبيراً في تثبيت الوجود الإسرائيلي ودعمه اقتصادياً وعسكرياً وأمنياً . فقد بدأ ذلك الدعم بتأييد الرئيس الأمريكي ويلسون لوعد بلفور في اغسطس 1918 ، ثم تلا ذلك قرار الكونغرس الأمريكي الصادر في 11/9/1922 والذي يؤيد إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ، ثم موافقة الولايات المتحدة على الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1924 ، وعندما قررت بريطانيا رفع الوصايا عن فلسطين وإحالة القضية إلى الأمم المتحدة ، أيدت الولايات المتحدة صدور قرار رفع الوصايا ، ليتم تقسيم فلسطين وليسمح لليهود بإقامة دولتهم على الأرض الفلسطينية ، وبعد دقائق فقط من إعلان قيام اسرائيل عام 1948 ، بادرت الولايات المتحدة بالاعتراف بتلك الدولة[28] . ليستمر بذلك الدعم الأمريكي حتى الوقت الراهن ، ولتتحول اسرائيل من بلد صغير وضعيف إلى قوة إقليمية عظمى يمكنها ردع أي دولة عربية واحتواءها والسيطرة عليها .



وللتدليل على حقيقة الدعم الأمريكي لإسرائيل يمكننا استعراض بعض الأمثلة التي تشير إلى ذلك الدعم ، لعل أبرزها يتمثل فيما يلي :

· إعلان الاتفاق الاستراتيجي بين الولايات المتحدة واسرائيل سنة 1983 .

· إعلان وتوقيع منطقة التجارة الحرة بين الولايات المتحدة واسرائيل في مارس 1985 ، وهي اتفاقية اندماج استراتيجي وتكنولوجي في مجال الصناعات العسكرية.

· اعلان أمريكا بصفة مستمرة أن سياساتها تقوم على مد اسرائيل بالسلاح الذي يجعلها متفوقة نوعياً على البلدان العربية مجتمعة .

· تمنع أمريكا عن القيام بدور رئيس في مبادرات السلام العديدة المقترحة من الدول العربية ومن حكامها ، وردها المهين عليهم واحداً بعد الآخر ، بأن الحل يبدأ بالجلوس على مائدة المفاوضات المباشرة مع اسرائيل .

· استخدام أمريكا المستمر لحق النقض ( الفيتو ) في مجلس الأمن ضد أي مشروع قرار عربي يمكن أن يدين إسرائيل على ما ترتكبه من أعمال إجرامية تجاه الشعب الفلسطيني .



وربما يمكن تفسير حقيقة الدعم الأمريكي لإسرائيل ، كونه راجع إلى النفوذ الواسع الذي تمارسه جماعات الضغط المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة الأمريكية ، والتي أصبحت قادرة على أن تغير رأي الكونغرس تقريباً ، في كل قضية سياسية تتعلق بإسرائيل واهتماماتها المباشرة[29] .



ورغم ضآلة نسبة اليهود في أمريكا والتي تقدر بـ 2.9% من مجموع سكان الولايات المتحدة ، فإن الأقلية اليهودية تتمتع بعدد من الخصائص تجعلها ذات نفوذ وتأثير كبيرين في السياسة الأمريكية ، فهي تتمتع بوضع اقتصادي متميز مقارنة بالجماعات والأقليات الأخرى ، خاصة من ناحية مستوى الدخل والوظائف التي يشغلونها ، إضافة إلى ارتفاع نسبة التعليم بين أفرادها ، كما تتسم الأقلية اليهودية بالتركيز وعدم التشتت وبالذات في المناطق الصناعية الكبرى ، الأمر الذي يمكنها من اتخاذ مواقف موحدة ، ويقلل من أعباء تنظيم أفرادها ، ويساعد على تكوين التنظيمات اليهودية ، ويمكنها من ممارسة ضغط مؤثر وفعال على عكس الأقليات الأخرى[30] .



وبالتالي فإن ترسيخ الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي يشكل اليوم مشروعاً سياسياً واقتصادياً بوسائل وأساليب قد تأخذ أحياناً أشكالاً سلمية ، لكنها في جوهرها صراع بكل ما تحمله الكلمة من معنى ثقافي وحضاري ومصيري يخرج العرب من تاريخهم ويضع إسرائيل في الصدارة[31] .



3/ تنافس القوى الأجنبية على النفط العربي :

أن أي دراسة عن التكامل العربي لا يمكن أن تغفل أو تتجاهل دور النفط العربي والآثار التي أحدثها ، سواء على مستوى العلاقات العربية - العربية ، أو على مستوى علاقات الدول العربية بالدول الأجنبية .

وفي هذا الجزء من الدراسة سنتطرق إلى آثار النفط العربي على مشروع الوحدة الاقتصادية العربية ، من خلال معرفة ما حققته علاقة الدول العربية النفطية بالدول الصناعية المستوردة لهذا المورد الهام ، وما إذا كانت هذه العلاقة تخدم العمل العربي المشترك أم أنها على العكس من ذلك .



وبداية يجدر بنا القول بأن الشواهد تثبت لنا دائماً وبشكل مستمر ، أهمية النفط في تحريك الاقتصاد العالمي ، ذلك كونه يمثل أحد مصادر الطاقة التي تعتمد عليها كافة دول العالم ، الغنية منها والفقيرة ، وبالتالي فإن احتكار منابع النفط في العالم من قبل جهة معينة ، لا شك وأنه سيؤثر بشكل سلبي على الاقتصاد العالمي برمته .



ونظرا لأن ثلثي الاحتياط العالمي من النفط يقع في المنطقة العربية ، فإن ذلك أعطى أهمية خاصة لهذه المنطقة، لتتنافس عليها الدول الأجنبية القريبة والبعيدة ، ولتبقى هذه المنطقة محل نزاع مستمر بين تلك الدول ، خاصة إذا ما علمنا أن 75% من النفط العربي الخام تستورده أوروبا الغربية من المنطقة العربية ، منه 50% من منطقة الخليج العربي و25% من ليبيا والجزائر ، كما تستورد اليابان حوالي 90% من احتياجاتها النفطية من منطقة الخليج العربي[32] . أما الولايات المتحدة الأمريكية ، فإنها تعتبر منطقة الخليج العربي جزءا لا يتجزأ من مصلحتها القومية ، وأن أي تهديد لمنطقة الخليج هو تهديد لأمنها القومي ، الأمر الذي أكده الرئيس الأمريكي كارتر عام 1980 ، عندما أصدر مبدأ كارتر الذي أعتبر أية محاولة من قوة خارجية للسيطرة على الخليج بمثابة هجوم مباشر على الولايات المتحدة نفسها[33]. كما يمثل تدخل أمريكا في حرب الخليج الثانية وتحريرها للكويت ، ثم احتلالها للعراق ، يمثل كل ذلك دليلاً حياً على مدى أهمية النفط العربي بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية .



وبالتالي فإن ذلك التنافس الأجنبي على النفط العربي ، قد أحدث تداعيات أثرت في مجملها على فاعلية الإرادة السياسية العربية تجاه العمل العربي المشترك ، ويمكن حصر أبرز تلك التداعيات في النقاط التالية :

· ظهور طبقات وفئات تتحكم في عملية تصدير النفط وترتبط بعلاقات وثيقة مع الدول الصناعية المستوردة للنفط العربي ، الأمر الذي انعكس سلباً على رؤية تلك الفئات لقضايا التكامل الاقتصادي العربي .

· تعاظم النفوذ السياسي للولايات المتحدة في الدول العربية على نحو يزيد من تأثيرها على القرار السياسي الذي يتخذه الحكام العرب . ولما كانت مصالح البلدان الصناعية بشكل عام ، ومصالح الولايات المتحدة بشكل خاص تتعارض جذرياً مع تحقيق الوحدة الاقتصادية العربية ، فإن تلك البلدان ستستخدم بالضرورة نفوذها وتأثيرها على القرار السياسي العربي لعرقلة ومنع قيام مثل هذه الوحدة .

· ربط الاقتصاد الوطني للدول العربية النفطية بالاقتصاد العالمي ، من خلال تحكم الدول الصناعية في عملية استخراج معظم النفط العربي وانتاجه وتسويقه وتحديد أسعاره ، ونتيجة لاعتماد البلدان العربية النفطية على ايرادات النفط كمصدر أساسي للدخل ، فإن تأثير ذلك الربط كان له تأثيره السلبي على سياسات متخذ القرار السياسي والاقتصادي العربي ، وعلى تعامله مع قضايا العمل العربي المشترك .

· ربط الأقطار العربية بتحالفات عسكرية عربية أجنبية ، بحجة حماية بعضها من بعضها الآخر ( كما حدث بعد اجتياح العراق للكويت ) .

إن التداعيات الآنف ذكرها شكلت في مجملها هي الأخرى ، عاملاً مغذياً للفرقة العربية ، خاصة إذا ما استغلت القوى الأجنبية الخلافات العربية - العربية ، وسخرتها لخدمة أهدافها ، ليصبح بذلك عامل ظهور النفط العربي ، وتنافس القوى الأجنبية عليه ، عقبة في مسيرة التكامل الاقتصادي العربي ، بدلاً من أن يمثل حافزاً للاندماج والوحدة العربية .



4/ عدم وجود إستراتيجية عربية موحدة لمواجهة تحديات العولمة :

تمثل العولمة نتاجاً داخلياً للرأسمالية العالمية ، وواحدة من مراحلها التي جاءت كامتداد لقيام ثلاث منظمات عالمية هي البنك الدولي صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، فهي بالتالي ظاهرة ديناميكية جديدة لغرض التكامل الدولي من خلال إحداث تغييرات في أنماط الإنتاج وطرقه ونوعيته ، ومن ثم التحول التدريجي من هيمنة القيم المادية إلى هيمنة القيم المعنوية[34] . وتأخذ العولمة شكل الثورة المعرفية والتقنية المستمرة كوسيلة للوصول إلى كافة مناطق العالم القريبة والبعيدة ، ومن ثم محاولة تطويع تلك المناطق بما يخدم مصالح مروجيها .



وقد ترتب على العولمة الاقتصادية زيادة الاعتماد المتبادل بين دول العالم ، ولذلك فإن الدول العربية واجهت أوضاعاً بالغة الصعوبة إبان تحديها لتداعيات العولمة الاقتصادية ، خاصة وأن فرض الاقتصاد العالمي ونفي الاقتصاد القطري والتحكم في الأسواق الداخلية للدول بفعل العولمة ، أضعف من القدرات الذاتية للاقتصادات العربية التي وجدت نفسها تابعة في كافة دوائر صناعة قرارها السياسي والاقتصادي ، فالقوى المهيمنة والتي تروج للعولمة ، خاصة المتمثلة في الشركات المتعددة الجنسية ، لم ولن تسمح بوجود أي ترتيبات تقود إلى قيام أي تكامل إقليمي فعال في المنطقة العربية ، وهي في ذلك تستغل الوضع المتردي للأنظمة الاقتصادية العربية .



وفي ذلك نجد أن الكثير من الباحثين والمحللين قد اتفقوا على أن الشركات المتعددة الجنسية تعتبر أحد فواعل العولمة في المجال الاقتصادي ، وأنه من المحتم أن تزداد سيطرتها على المعاملات الاقتصادية الدولية في السنوات القادمة ، هذا إن لم تكن قد سيطرت فعلاً . حيث أن تفكيكها للعملية الإنتاجية داخل الدول العربية إلى جانب قيامها بدور مهم في إشاعة نمط استهلاك محدد وثقافة استهلاكية موحدة على صعيد العالم مستخدمة في ذلك سيطرتها على مؤسسات الاتصال والإعلام والإعلان العملاقة[35] . كل ذلك يؤهلها لأن تكون اكبر القوى التي تقود عصر العولمة ، رغم أنها لا تتمتع حتى الآن بالشخصية الدولية في القانون الدولي[36] .



وفي إطار بحثنا عن تأثير تلك الشركات على منظومة قرارات متخذ القرار السياسي العربي ، المتخذة تجاه العمل الاقتصادي العربي المشترك ، فإنه يمكن القول بأن تأثير تلك الشركات على الإرادة السياسية العربية يمكن حصره في النقاط التالية :

· اهتمام هذه الشركات بمصالحها الذاتية فقط وعدم وضعها لأي اعتبار للمصالح القومية للدول العربية .

· سيطرتها على التجارة الخارجية للدول العربية يجعل منها أداة ضغط قوية على جميع الدول ، وبالتالي اختراقها لسيادة معظم الدول العربية .

· توجيه سياسات الدول العربية نحو أهدافها وغاياتها المصلحية .

· إعاقتها لكافة الجهود الوطنية التي تهدف لإخراج الدول العربية من دائرة خضوعها .



كما شكّل انضمام الدول العربية فرادى إلى منظمة التجارة العالمية ، في ظل ضعف اقتصاداتها وضعف قوة منافستها وضآلة كفاءتها الإنتاجية ومحدودية أسواقها الداخلية والخارجية معاً وضآلة صادراتها حجماً وتنوعاً ، شكّل كل ما سبق تهديداً حقيقياً لأي عملية تكاملية قد تحدث فيما بين الدول العربية ، كما يضعها في مأزق الارتباط بالاقتصاد العالمي الذي تقوده الدول الصناعية المتقدمة المنتمية لهذه المنظمة . الأمر الذي أكده رئيس منظمة التجارة العالمية في عام 1996 عندما طرح عليه سؤال . وهو كيف سيتم التوفيق بين الاتحادات الإقليمية والمنظمة ؟ فكان رده ( بأن الاتحادات الإقليمية هي خطوة أولية لتشجيع الدول على الاندماج والدخول في الاقتصاد العالمي فهي إذاً خطوة نحو العالمية )[37] . وبالتالي فإن انضمام الدول العربية لمثل هذه المنظمة وهي في وضعها التقني المتخلف وافتقار العمالة فيها للمهارة الإنتاجية ، سوف يخلق نوع من الاعتماد المتبادل المقيد ، الذي يضعف من قوة منافستها اقتصادياً مع دول متقدمة كدول أمريكا الشمالية وأوروبا ودول حوض المحيط الهادي[38] .



وبالرغم من دخول الدول العربية في الكثير من الأطر التعاونية والتكاملية الاقتصادية سواء في إطار جامعة الدول العربية أو المنظمات العربية شبه الإقليمية كالاتحاد المغاربي ومجلس التعاون لدول الخليج العربية ، فإن أداء تلك الدول في الميادين الاقتصادية والتقنية والعلمية والاجتماعية والثقافية لايزال ضعيفاً مقارنة بالتطورات والمتغيرات التي يشهدها العالم الآن ، حيث أن مدى التطور في الميادين الآنفة الذكر – خاصة الثورة التقنية ، هو الذي يقدم للمجتمعات القيمة الاضافية التي تسمح لها بالبقاء على ساحة المنافسة الدولية .



وبالتالي فإنه يفترض على الدول العربية أن تواجه تحديات القرن الحادي والعشرين بتحقيق التكامل الاقتصادي العربي لتفادي ما تفرضه العولمة من خطر تهميش الوطن العربي وإبعاده عن المشاركة في سلطة اتخاذ القرار في المؤسسات المالية والتجارية الدولية والعالمية ، كما أنه على العرب مواجهة مخاطر ذوبان القومية العربية في فضاء تسيطر عليه قوى غير عربية ، على اعتبار أن القيادة في القرن الحادي والعشرين لمن يملك العلم والمعرفة وأسرار التكنولوجيا ، الأمر الذي يتطلب من الدول العربية أن تتعامل مع معطيات العولمة تعاملاً انتقائياً يصون المصالح القومية العربية .

--------------------------------------------------------------------------------
[1] محمد لبيب شقير ، الوحدة الاقتصادية العربية : تجاربها وتوقعاتها ، ( بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، 1986 ) ، ص918 .
[2] أنظر في ذلك :

- المرجع السابق ، ص919-939 .

- صلاح الدين نافع سليمان ، التجمعات الإقليمية العربية ودورها في الوصول إلى التكامل الاقتصادي العربي ، رسالة ماجستير غير منشورة ، ( القاهرة : معهد البحوث والدراسات العربية ، 1990 ) ، ص188-189 .
[3] عدنان شومان ، لكي تصبح جامعة الدول العربية أداة للتكامل والوحدة ، http://ankido.net/ketabat/d1.htm.p5
[4] أحمد الرشيدي وآخرون ، مصر ومشروعات النظام الإقليمي الجديد في المنطقة ، ( القاهرة : مركز البحوث والدراسات السياسية ، 1997 ) ، ص87 .
[5] عمر الحسن ، " الملتقى العربي بداية جادة لتفعيل العمل العربي المشترك " ، شؤون خليجية : العدد 34 ( صيف 2003 ) ، ص9 .
[6]جميل مطر ،" التجارب الوحدوية الوظيفية : الجامعة العربية " ، في : وليد قزيها وآخرون ، القومية العربية في الفكر والممارسة ، (بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، 1980 ) ، ص488-494 .
[7] عمر صقر ، العولمة وقضايا اقتصادية معاصرة ، ( الإسكندرية : الدار الجامعية للنشر ، 2001 ) ، ص193 .
[8] محمد مراد ، (جامعة الدول العربية : نحو ميثاق جديد يلتزم قضايا الأمة ) ، الشاهد : العدد 211 ، 2003 ، ص44 .
[9] محمود الحمصي ، خطط التنمية واتجاهاتها التكاملية والتنافرية ، ( بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، 1980 ) ، ص96 .
[10] ابراهيم بوخزام ، العرب وتوازن القوى في القرن الحادي والعشرين ، ( طرابلس : مكتبة طرابلس العلمية ، ب ت ن ) ، ص 644-644 .
[11] برهان الدجاني ، الاقتصاد العربي بين الماضي والحاضر ، ( القاهرة : الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة ، 1993 ) ، 137 .
[12] محمود عبد الفضيل ، النفط والوحدة العربية – تأثير النفط العربي على مستقبل الوحدة العربية والعلاقات الاقتصادية العربية ، ط2 ، ( بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ) ، 1980 ، ص13 .
[13] محمد لبيب شقير ، مرجع سبق ذكره ، ص933 .
[14] محمد نعمان جلال ، ، العالم العربي عند مفترق الطرق ، ( القاهرة : دار المعارف للنشر ، 1999 ) ، ص72-73 .
[15] إسماعيل العربي ، التكتل والاندماج الإقليمي بين الدول المتطورة ، ط2 ، ( الجزائر : الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ، 1981 ) ، ص199-200 .
[16] برهان الدجاني ، " منظمة التجارة العالمية : الإيجابيات والسلبيات " ، العمران العربي : العدد 37 ، ( يناير 1999 ) ، ص3 .
[17] منعم العمار ، " العلاقات العربية العربية والتمسك بمفهوم السيادة " ، المستقبل العربي : العدد 177 ( نوفمبر 1993 ) ، ص71 .
[18] أنظر نص المادة الثانية من ميثاق جامعة الدول العربية ، في : الأمانة العامة لجامعة الدول العربية ، مجموعة المعاهدات والاتفاقيات الصادرة عن جامعة الدول العربية ، 1985 ، ص24 .
[19] أماني صالح ، " الغزو وإشكاليات العمل العربي المشترك " ، السياسة الدولية : العدد 102 ( أكتوبر 1990 ) ، ص67 .
[20] عبد الحسن زلزلة ، " العمل الاقتصادي العربي : المسيرة والتحديات " ، شؤون عربية : العدد 101 ( مارس 2000 ) ، ص17.
[21] محمود الحمصي ، مرجع سبق ذكره ، ص73 .
[22] طاهر حمدي كنعان ، " التعاون الاقتصادي العربي : رؤية عملية " ، المستقبل العربي ، العدد 268 ، ( يونيو 2001 ) ، ص11 .
[23] عدنان شومان ، " العمل الاقتصادي العربي المشترك والتحديات الإقليمية والدولية " ، المستقبل العربي : العدد 234 ( أغسطس 1998 ) ، ص75 .
[24] موله عبد الله ، " منطقة التجارة الحرة العربية : الامتحان الأخير لتجاوز العصبيات " ، المستقبل العربي : العدد 262، ( ديسمبر 2000)، ص65 .
[25] البلدان العربية التي أجريت عليها الدراسة هي ( الأردن – فلسطين – لبنان – الكويت – قطر – اليمن – مصر – السودان – تونس – المغرب ) .
[26] للمزيد أنظر : سعد الدين إبراهيم ، " قياس اتجاهات الرأي العام العربي نحو مسألة الوحدة " ، في : وليد قزيها وآخرون ، القومية العربية في الفكر والممارسة ، ( بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، 1980 ) ، ص111-195 .
[27] عدنان شومان ، " العمل الاقتصادي العربي المشترك والتحديات الاقليمية والدولية " ، المستقبل العربي : العدد 234 ، (أغسطس 1998) ، ص77 .
[28] هالة بوبكر سعودي ، السياسة الأمريكية تجاه الصراع العربي الاسرائيلي 1967-1973 ، ط2 ، ( بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، 1986 ) ، ص59-60 .
[29] فواز جرجس ، السياسة الأمريكية تجاه العرب .. كيف تصنع ؟ ومن يصنعها ؟ ، ( بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، 1998 ) ، ص159 .
[30] هالة بوبكر سعودي ، مرجع سبق ذكره ، ص92 .
[31] سمر الأحمر ، " السوق العربية المشتركة : الضرورات والتحديات " ، معلومات دولية : العدد 64 ، ( ربيع 2000 ) ، ص92 .
[32] هالة أبوبكر سعودي ، مرجع سبق ذكره ، ص88 .
[33] فواز جرجس ، السياسة الامريكية تجاه العرب .. كيف تصنع ؟ ومن يصنعها ؟ ، ( بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ) ، ص151.
[34] عبد الحسن زلزلة ، العمل الاقتصادي العربي : المسيرة والتحديات ، شؤون عربية : العدد 101 ( مارس 2000 ) ، ص154 .
[35] منير الحمش ، " النظام الإقليمي العربي والتحديات الاقتصادية " ، المستقبل العربي : العدد 252 ( فبراير 2000 ) ، ص45 .
[36] صالح السنوسي ، العرب من الحداثة إلى العولمة ، ( القاهرة : دار المستقبل للنشر ، 2000 ) ، ص130 .
[37] إكرام عبد الرحيم ، التحديات المستقبلية للتكتل الاقتصادي العربي ، ( القاهرة : مكتبة مدبولي ، 2002 ) ، ص180 .
[38] جبرائيل ألموند وآخرون ، السياسة المقارنة – إطار نظري ، ترجمة : محمد زاهي المغيربي ، بنغازي : جامعة قاريونس ، 1996 ، ص79 .



#توفيق_الحفار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- قدم وانت مطمن.. تنسيق مدارس البترول بعد الاعدادية 2024-2025 ...
- بوتين يفتتح شريان نقل يقلص مدة السفر بين العاصمتين (فيديو)
- شبكات الطاقة العالمية تفشل مع ارتفاع درجات الحرارة
- صادرات روسيا إلى الهند تبلغ مستوى تاريخيا ودولة عربية من كبا ...
- بطاقات -مير- الروسية تبدأ بالعمل بشكل محدود في ميانمار
- التضخم في السعودية يسجل أدنى معدل خلال 2024
- الدهب وصل كام!.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء الموافق 16 يوليو ...
- أسهم شركة -ترامب ميديا- تقفز بعد محاولة الاغتيال في بنسلفاني ...
- اقتصاديون يضعون حلولاً عديدة لإنهاء أزمة السكن ومواطنين يؤكد ...
- موبايل رخيص ?? بس نينجا ??.. مواصفات هاتف Realme Note 50 وسع ...


المزيد.....

- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - توفيق الحفار - العمل الاقتصادي العربي المشترك وتحدي الإرادة السياسية