أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال سبتي - ثلاثة نصوص من - بريدٌ عاجلٌ للموتى














المزيد.....

ثلاثة نصوص من - بريدٌ عاجلٌ للموتى


كمال سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 742 - 2004 / 2 / 12 - 06:48
المحور: الادب والفن
    


فندق الصياد
يقع فندق الصياد في منتصف ساحة الميدان. سكنتُه عندما كنتُ جندياً ، وحتى هربتُ من البلاد . كان لي فيه سريرٌ في غرفةٍ ذاتَ سريرين.
فمرةً إذن كنتُ أنامُ وحدي في الغرفة ، ومرة كان يشاركني الغرفة زائرٌ لا أعرفه ، لينامَ في السرير الآخرِ ليلة أو ليلتين أو ثلاثاً..
كنتُ أخرجُ منه كلَّ يومٍ إلى مقهى حسن عجمي الذي يقع في شارع الرشيد غير بعيدٍ من الفندق. وفي المقهى كنتُ أرى موسى كريدي وجاسب وجان دمّو وسيف الدين قاطع وزاهر الجيزاني وآخرين من الأصدقاء وقتَ الظهر من كلّ يوم..
وزيارتي للمقهى يومية كما كانت لمقهى البرلمان قبل تغييره إلى مطعم وإلى محلّ تجاريّ..
كنتُ أناكدُ صديقي موسى كريدي فيها ، فآتي بأخبارٍ تزعم قبول الإيرانيين بوقف إطلاق النار ، وكان هو يناكدني أيضاً فيأتيني بأخبار هجومٍ إيرانيٍّ قادم. وقد كنتُ جندياً ، فكان يحزنُ لهذا كلّ يومٍ..
وكان جاسب وسيف صديقيَّ اليوميين ، أراهُما كلَّ يوم في المقهى ثمّ نذهب معاً إلى إتحاد الأدباء أو إلى بارٍ في شارع أبي نؤاس.
وقد رثيتُ جاسب عقبَ وفاته بنصٍّ عن حياتنا المهدورةِ في الباراتِ ، تَصدَّرَهُ إهداءٌ : إلى "م.ع" وقد كان الحرفانِ يعنيانِ موسى عبد وهما اسم جاسب الأصليّ ، فظنّ بعضهم بأنَّ ميشيل عفلق قد مات ، وهو لم يكن قد ماتَ إلاّ بعد عامٍ تقريباً من رحيلِ جاسب.
وكان زاهر يرافقني أحياناً إلى فندق الصياد حين نخرج من المقهى لنستمرَّ في حوارنا حولَ نادي الشعر الذي تسلمناه أنا وهو بعد انتخاباتٍ جرتْ بشأن تأسيسه ، لكننا بعد أنْ تدخّلَ قائدُ شعراء إنقلاب 1968 حميد سعيد في منهاجنا الشعريّ ، تركنا النادي.
وامّا جان فقد كان فندقي مأواهُ إذا لم يجدْ مبيتاً له في آخر الليل. تماماً كما كان يفعل في أقسامي الداخلية العديدة.
قال لي جان مرةً عندما حثثته بقوة على الكتابة : إعطني خُرْفة "غرفة" أعطِكَ رواية.
قلت له مازحاّ : وإنْ أعطيتُكَ مشتملاً ، ماذا تُعطيني ؟ ثلاثية ؟
وجان صديقٌ قريبٌ إلى نفسي كثيراً. تعرفتُ إليه عام1975 عندما كان يسكن في شقة ، في الشارع الضيق المحاذي للبرلمان. ولازمني بعد خروجه من الشقة طويلاً.
مرة رأيتُهُ جالساً على أريكةٍ في مدخل فندق المنصور ميليا ، وكان ثمة مهرجانٌ ما. ابتسمَ وناداني ، تعال : اِسمعْ ، وأخذ يقرأ لي قصيدة مليئة بمفردات شعر جماعة كركوك : اللامتناهي ، اللازوردي ، اللاشيء ، الكينونة..إلخ
ففرحتُ به يكتبُ شعراً من جديد. لكنَّ قصيدته تغيرتْ في ما بعد وأصبحت قصيدة معارضة للخميني.
قلتُ له ما شأنكَ بالخميني ؟
قال : تشاجَرَ مصريان ، في البيت الذي أعيشُ فيه ، بالحيدرخانة ، فتغيَّرَ مسارُ القصيدة !
دخلتُ إلى مقهى حسن عجمي لأرى جان للمرة الأخيرة قبل الهرب ، فلم أره .
رأيتُ بعضاً من أصدقائي ، فودّعتهُ في نفسي. ولم أرَ جاسب!
ودّعتُ المقهى. وفي الفندق هيأتُ حقيبتي وذهبتُ إلى إتحاد الأدباء.
كنتُ أوّدعُ الإتحادَ في نفسي كلَّ لحظةٍ ، في آخر جلسةٍ ، مخبئاً عن صحبي أمراً جللاً. وأمام بابه الخارجيِّ بكيت.
وأمام فندقِ الصيّادِ في الصباحِ ، كنت ُ أستقلّ التاكسي الأخيرَ في بغداد.


            أيلول 1994 مدريد


شكلٌ..

شكلٌ ممحوٌّ أراهُ في كلّ مرآة.
أستعينُ بكافكا لأعرفَهُ ، فأراني أزيدُ الأمرَ غموضاً.
هل الشكلُ معنى ؟
وأيّ شكلٍ هذا الذي أنا فيه ، أو الذي هُوَ فيّ ؟
الشكلُ الأبيضُ يُعْلمُني بغربةٍ مّا.
ويتركني وحدي غيرَ متلذذٍ بصداقةِ الصدفة.
لم أتكلّمْ في إسبانيا عن أيّ شكلٍ ، كنتُ شبيهاً بها !
يُعْلمَني رولان بارت بأنَّ المصريّ توت عنخ آمون قد رتّبَ الأجناسَ هكذا : الأسمرُ ، الأسودُ ، الأصفرُ ، الأبيض.
فأتذكّرُ أبا الطيّبِ في لحظةِ العاطفةِ اللغوية : " ولكنَّ الفتى العربيَّ فيها.."

         
                 آب 1997 هولندا

 

عالم..
 

العالمُ هذا ليسَ عالمَ شعراء.
أحملُ حقيبتينِ بمعنى بيتٍ وماضٍ.
أحملُ بيتاً وماضياً..
بيتٌ لا أرضَ له ولا سقف. لا مطبخ ولا سريرَ نومٍ. لكنّهُ عمر.
وكلّ عمرٍ هو ماضٍ.
وكلّ ماضٍ هو ندم.
منْ أنتظر ؟
برابرةُ كافافي ؟
خلاصٌ كوميديٌّ ..
أتجوّلُ في أوروبا ،
فلا أبصرُ غيرَ رامبو وأفريقياه.
لماذا رحلتَ إلى أفريقيا يا آرثور رامبو ؟
لبيعِ الأسلحةِ قالوا..
أيها التاجرُ المسلمُ بقرآنِ أبيك قالوا..
أيها العربيّ بـ "الله كريم" على السريرِ في المستشفى..
كم بقيَ لي من وقتٍ كيْ أقوى على الكلام
وقد نسيتُ الكلام ؟
أبصرُكَ في هذه البلادِ المنخفضةِ غاضباً مني
أبصرُكَ شاتماً
وقد نسيتُ الكلام.

                 آب 1997 هولندا

* "بريد عاجلٌ للموتى" كتاب توثيقي ، سرديّ وشعريّ ، يصدر قريباً عن دار مخطوطات في هولندا.



#كمال_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشّاعرُ وَأُخْوَةُ يوسُف..
- شيءٌ عن السّيّاب : صِلَةُ قُربى..
- حكاية في الحانة
- الشاعر شهيدا ..
- مكيدةُ المصائر
- آخرونَ قبلَ هذا الوَ قت
- حكاية في الحانة
- مكيدةُ المصائر
- القصيدة ملجئي الوحيد للثأر
- البلاد
- الحرب والشعر
- اِبْنُ رُشْد ..
- آخِرُالمُدُنِ المُقَدَّسَة
- جراح الضحايا
- أُدباءُ الحَفيز!
- جلسةٌ قبل الحرب
- فــي الأصــلِ الشـّـعـريّ


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال سبتي - ثلاثة نصوص من - بريدٌ عاجلٌ للموتى