أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محاسن الحمصي - نصف ساعة... ونصف...!!















المزيد.....

نصف ساعة... ونصف...!!


محاسن الحمصي

الحوار المتمدن-العدد: 2403 - 2008 / 9 / 13 - 10:14
المحور: الادب والفن
    




" لا تقُل للأبد/ حبّني اليوم/ أو حبّني فجرَ غد/ حبّني دون حد".

الشاعرة العراقية : لميعة عباس عمارة

"أخذتُ من وقته الثمين نصف ساعة، هي حصيلة لقاء يوم بأكمله أقضيه
في انتظار..!"
استدار بصمت، وهو يعبث بأوراقه وأبحاثه على النت..
خلعتُ ثوب الوقار، ألقيت سترة الاتزان، ذبلت عيوني، تلاعبت بحبال صوتي،
اقتربت منه بغنج الصبايا.. حجبت عنه القراءة لأثير انتباهه:
- هلا تحدثنا قليلا؟؟
وتطوف في خيالي صورة ذلك الـ...
"كلما هممت بأن أستقل سيارتي لقضاء مآربي، قفز كالجنيّ أمامي.. يلازم خطواتي، يحفظ برنامجي اليومي، يتتبع أوقات مغادرتي للبيت، أجد سيارته الفارهة تعترض سبيلي، كأنما يستعرض جاهه ونفوذه، على مضض أتحمل هذه اللحظات، أتجاهله دون أن أنبس بكلمة، وأغالب رغبة دفينة في أن أبصق على وجهه الكريه."
يعيدني صوته الهادئ من شرودي..
- ألديك طلب عاجل لا ينتظر التأجيل؟
غرزت أناملي بين خصلات شعره، أدلكُ فروة رأسه، بنعومة وحنان..
- أود طرح سؤال، وأخاف أن تثور..!
- ماذا تريدن.. تسوق، تغيير أثاث، شراء قطعة ذهبية، أم رحلة مع الصديقات؟
- لا، شكرا، أنت تغدق بكرمك علي، فقط، أسألك : أمازلت تُحبني............؟!
يرفع رأسه، يرمقني بنظرة بين الدهشة والذهول:
- أوووف! ما هذا السؤال السخيف في مثل هذا الوقت؟ ألديك شك بأني لا أحبك؟
- أعني حين لا نكون معا، أتشتاق إليّ ؟
- ما بك يا امرأة؟ أيّ حب وأيّ اشتياق؟.. أنا لا أفكر في الحب، أفكر في عملي ومستقبلي!
- خلال عملك، ألا يخطر طيفي في بالك.. تتصل تسأل ماذا أفعل، ترسل كلمة حب عبر) ماسيج)، تدخل بوردة حمراء تزرعها في ليل شعري، تداعبني، تلاعبني بشاعرية محب شقي؟..

"يمطرني الجار بوابل من الغزل، أتفادى النظر إلى وجهه القبيح، تحضرني سهراته الحمراء، رجال ونساء يزورونه خلسة، أنهر الخادمة عن التلصص على بيته ليلا... وأحس بالمسؤولية اتجاهها، كامرأة."

- أجُننتِ؟!.. أتركُ كل شيء، وأركض خلف حماقات.. ماهذا الأسلوب؟ كأني أسمع ديباجة ونغمة جديدة. تتصرفين كمراهقة أو امرأة أميّة، أرجو ألا تكثرين الجلوس أمام التلفزيون..!
انتفضت كقطة تُشهر مخالبها في وجهه، و في داخلي مرارة سؤال حارق : لمَ لا يحترف الكلام الناعم مثل جارنا؟ ولمَ تموت الكلمات في داخله، قبل أن ينطق بها، وأنا أقرأ معانيها في نظراته.
- لا تفكر في الحب.. لا تحب؟. متى تفكر به إذا ؟
- أن أكون معك يعني أني أحبك، أغار وأخاف عليك، أمنحك حقوقك كاملة، بلا توضيح ولا مجاملات.
- مااااااااااااااااذا..!؟
وكأنما أنتفض في وجه ذلك الـ(دون جوان) الذي أحرص على ألا يسمع صوتي، بأية طريقة، رغم كل محاولاته...
- الحب، ياسيدي، لا يتجزأ، لا يفرّق بين ليل ونهار، صيف أو شتاء، ولا نجوم الظهر أو نجوم المساء.. تنساني أثناء الدوام الرسمي منذ الصباح، وتتذكرني في آخر الليل، أو ربما تتذكرني حين تريد نصيحة، مشاجرة أو جسدا تمدد أعصابك عليه.
الحب لا يميز بين امرأة مثقفة و لا أميّة، هناك امرأة تحتاج إلى سماع كلمة غزل، ترضي غرور الأنثى بها، وتريح قلبها لتستمر في العطاء..
تغار وتخاف علي فقط لأنني من أملاكك الخاصة.. رجل كرسي، حاسوب، ورقة مهمة، لا ترغب في أن يطلع عليها أو يأخذها منك أحد.
الآن، عرفت لماذا تطير بعض النساء- في مجتمعنا- خارج العش، ويتزحلقن بهمسة
إطراء، لأن الرجل - مثلك- يخاف أن تتحرك قاعدة أبي الهول، تتناثر كرامته
يتبعثر كبرياءه، ويخشى أن يصبح حبيس (مثل خاتم في إصبعي).
- انت مجنونة يا امرأة. تراك تبحثين عن رجل يغزل لك العشق والحب بساطا.
- كل ما قلته لم تستوعب منه سوى الغيرة والتغيير وتوجيه إصبع اتهام الشروع
في الخيانة؟
- لا تطاقين! أمسّ من الجنون أصابك؟ أم أنّ هناك من يحرضك على هدم عشك؟
احترتُ كيف أخمد الثورة المشتعلة، كيف أسكتُ قذائف الكلمات المتناثرة من فمه،
وهو يدور كالثور في الغرفة ينطح كل شيء أمامه، يرتجف كعصفور جريح، أنحني، ألملم شظايا الهاتف الجوّال المحطم ، الصحف والكتب الممزقة، وألملمُ دموعي.
يدفعني بقسوة نحو الجدار، يخرج كالصاروخ يطلق التهديد والوعيد...

أرفع المقعد المقلوب، أنظر في المرآة.. تراني اخترت لحظة خاطئة، أم تجاوزت
حدودي في الطلب؟ !أهي إغراءات الجار الذي يطوقني بمعسول كلماته، عند الدخول والخروج، ونظراته النارية تشعل الجسد وترعش الساقين؟.. أم صديقتي التي تغريني بملأ فراغي اليومي بباقات ورود أخيها، المعجب الثري..؟!
أيعقل أن أرخي أذني، وأذعن لمشاعر آنية، تسلب مني سنين ارتباط برجل شبه كامل، لم يجرحني يوما..
لكن... أليس من حقي، كباقي نساء الكون، سماع رقيق العبارة من شفتيه؟!.
يالي من حمقاء! أين توارى الوعي؟، أين اختفى العلم و التثقيف؟..
لعله متعب، أو يمرّ بأزمة، مشاكل في العمل، دراسة مشروع، منافسة في السوق.
طبعا، هو يحبني.. ( أليس الحب كالريح لا نلمسه، ولكننا نشعر به)..؟
تمر نصف ساعة...
أنتهي من محادثة صورتي المنعكسة على المرآة، أحس بالقلق، والخوف على نصفي الغاضب، كطفل جانح خرج في ليلة ممطرة.
أغمض عيني.. يدخل مبتسما، يحمل ورقة بيضاء زينتها أحرف: (أُحبــــــــــــــكِ). أستسلمُ.. تعرفين أنك الرئة والقلب، وحبك ساكن بين الضلوع، لكنني بطبيعتي رجل جاد، لا أجيد الحب والتلاعب بالألفاظ الرقيقة، رياح حبك أثارتني، أيقظتني من سبات شتويّ..
يضمني إلى صدره.. أغمزني في المرآة. غدا، سيتأبط الجدية، وكلام الليل يمحوه النهار، وسيبقى الحب بيننا مثل كرة نركلها في ملعب حياتنا، دون أهداف.. وسأعود أشتهي ثمرة الرومانسية المحرمة. أخاف قضمها، فأتسمم...
أحس بصفعة قوية توقظني من أوهامي الأنثوية، أفتح النافذة، يسابقني قلبي، وأمام البيت، ألمح السيارة ذاتها تعترض سبيل زوجي، وقهقهات جارنا السكران (تفرقع) في الفضاء، وكلمات غزله الفاضح تتعالى، و تتناثر...

كاتبة من الأردن
10-9-2--8



#محاسن_الحمصي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصص في حجم الكف 6
- قصص في حجم الكف 5
- العروس
- خط الأحلام
- قصص في حجم الكف4
- قصص في حجم الكف 3
- ويطول الدوار ...!!
- إشاعة موووووووووت...!!
- حروف ربيعية ..!!
- على سفر..!!
- الزعيم في أفريقيا ..على افريقيا السلام ..!!
- موسم الهجرة الى السماء
- حبيبي ..بووووووووش ..!!
- قطار العمر ..!!
- لله يا محسنين..نريد حلاً..!
- حوار على وتر مقطوع ..!!
- عقد الزواج ...لو سمحتِ ..!!
- لأني ....!!
- ليالي العيد ...!!
- فيتا......مين ...؟


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محاسن الحمصي - نصف ساعة... ونصف...!!