|
الرابح يأتي من الخلف
تحسين كرمياني
الحوار المتمدن-العدد: 2401 - 2008 / 9 / 11 - 06:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في فلسفة كرة القدم الحديثة مقولة غالباً ما تثير اهتمامات المتخصصين في العمل الرياضي،تلك المقولة تقول(الرابح ما يأتي من الخلف)،وهذا ما حصل في(المونديال)الأخير حين تقدم المنتخب(الآزوري)كما يحلو للمذيعين والمعلقين وصفه وخطف ثمرة كانت أشبه بالحلم جراء عاصفة(التلاعبات)في نتائج الدوري في بلادهم،أو في بطولة الأمم قبل الأخيرة لـ(أوربا)حين فاجأ(اليونانيون)الجميع ونقلوا الكأس الذهبية إلى قلعة(الأوليمب)،و(اليورو)في نسختها الأخيرة عندما طفح على سطح المنازلة(الماتادور)الأسباني بعد صراع مرير مع البطولات الكبيرة،بينما كانت وسائل الأعلام ومكاتب المراهنات تروّج بأضواء ساطعة للفرق دائمة الحظوظ والأمجاد التليدة،ضاربين بعرض الحائط تلك الفلسفة التي تراهن على الفائز الأخير،يمكننا أن نقارن ما بين تلك الفلسفة الرياضية وبين فلسفة حكومتنا الجديدة،من خلال الوتائر المتصاعدة مذ غادر أرضنا النعمتان الخفيتان(الصحة والأمان)،نجد أن في البدء كان إلغاء كل ما كان يمت بصلة للنظام السابق بقرارات كيفية غير مدروسة العواقب،أو جاءت من باب الانتقام والإقصاء لإراحة الضمائر الحاشدة كل وسائل الغضب بدلاً عن عطر التسامح من باب(عفا الله عمّا سلف)،تدهورت حياتنا وتعطلت مسيرة البلاد وصرنا نبحث عن بصيص ضوء بعدما أنرنا مشارق الأرض ومغاربها بكنوز العلم،لكن الذي يحدث أن من رش الوقود على نيران كادت أن تخمد،صار يبحث عن وسائل تغطي تورطه بما حدث وراح يستنجد بمن يمتلك أية خبرة مهما تضاءلت في كيفية إطفاء الحرائق الكبيرة،صارت التنازلات الورقة الرابحة في بسط سيادة الأمن وإعادة لحمة البلاد إلى سابق عافيتها،شيئاً فشيئاً بدأت تلك القرارات والتي ولدتها جائحة الأحقاد تتفكك أمام صلابة أهل القوة والعنف،وصارت تحقق أهدافها بكل يسر وتنتزع ما أسست له من(مناصب)تقود في نهاية المطاف إلى سلّة السيادة الدسمة،ليس أولها قانون الاجتثاث والذي أحدث في حينه فراغاً مهولا في كل الدوائر الحيوية،مما دفع الأمر الاستعانة بغير مؤهلين وأقرباء من غير كفاءات أو خبرات لسد الفراغ الذي أتسع وكادت أن تتوقف وزارات حيوية على سبيل المثال لا الحصر المؤسسة التعليمية،قبل أن تتدارك لجنة صياغة القرار تلك الغلطة تحت نماء بذور العنف وزيادة رصيد كتائب معارضة التغيير،كذلك ما حصل لوزارتي(الدفاع والداخلية)الآن بدأت الحكومة تبحث عن مخارج من هوة المأزق السياسي للبلد بعدما أستفحل العنف وسد كل أبواب التسامح والمصالحة،والكل يدرك أن العراقي ترعرع على مقولة مدمرة(قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق)،بطبيعة الحال كل الذين تم دفعهم خارج منافذ أرزاقهم هم الشريحة الكبرى والأهم من الهيكل العام للدولة،هم عراقيون قبل كل شيء،بيدهم كانت أسرار الدوائر ولهم مكانة عند الناس من كثرة مراجعة الدوائر سابقاً أو كونهم أبناء عشائر وأسسوا لشخصياتهم أمكنة في قلوب الناس،لندع ما مضى جانباً وعلينا بالقادم قبل أن تستفحل الأخطاء وتغدو مهاوي حقيقية أمام كل خطوة مباركة تخطوها الحكومة من أجل ميلاد الغد الذي طال أكثر مما يستحق من وقت وتصريف أموال،ليس ثمة مجال لأي تسرع أو اتخاذ أي قرار قد تراه الحكومة مناسباً ويراه الشعب خلاف ذلك،مع وجوب إخضاع كل قرار يتعلق بحياة الناس ومستقبلهم إلى استفتاء عام وإشراك المتنورين والمثقفين في قراءته وصياغته بطريقة ملائمة قبل البت به،وليس من الطرافة أو العبث الاستعانة بفلسفة رياضية أتت الكثير من النتائج بما تؤكد مصداقيتها،فالسياسة كما هو شائع لعب بالرؤوس بشتى الوسائل من مكر وعنف كما هو حال كرة القدم،طالما الهدف هو تحقيق مكسب أو إنجاز تأريخي بأية وسيلة كانت،ونحن نخوض عملية المصالحة يجب أن لا تكون على مصلحة الشعب الذي أعطى ما أعطى من دم وصبر،لأن الذي أتى من الخلف من باب العنف لابد أن الغرور سيدفعه بحثاً عن المزيد من المكاسب،وقد يكون دربه مفروشاً بالتسامح الزائد عن الحدود،بعدما أسس لنفسه أرضية شعبية بسبب قسوة العيش والنيران التي كوت كل بيت،وما ترتب من تداعيات آلت إلى زيادة الغضب والنفور واللانزاهة وفقدان الثقة بالنفس وبالغدر وتكذيب كل الوعود جراء ما تم إطلاقه من أفواه مسؤولين وعدم الإيفاء بها،قد نكتشف في قوادم السنين أنهم يتبوءون المكانة العليا ويعيدون دوران الزمن وفق ما يشتهون،طالما السادة مسئولي البلد غير منشغلين بترضية الناس وتوفير أبسط المتطلبات المعيشية لهم،فهمهم الرئيس مع مال البلد ينصبان بلا وجع قلب من أجل ترجل الرافضون وأصحاب الدم البارد قليلاً من عنادهم وتكليف أنفسهم لمصافحتهم مقابل أي مطلب يرغبون،ومن يدري ربما في المستقبل القريب نجدهم هم الرابحون كونهم دخلوا من النوافذ المنسية ، وعلى أدق تعبير أتوا من خلف الواقع..!!
#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ربّاط الكلام
-
أين موقع أنكيدو
-
شاعر البلاط الرئاسي
-
من كتاب اللعنات
-
تحقيق الرغبة في رواية(غسق الكراكي) لسعد محمد رحيم
-
إلى ذلك نسترعي الإنتباه
-
الأوراق لا تأتي في خريف الرغبات
-
رب نافعة ضارة أيضاً
-
امرأة الكاتب العراقي
-
الصديق الأخير
-
فن النصر
-
بيت كاميران
-
أصطياد فأر....مونودراما
-
غريب الدار
-
حتى انت يا جمعة
-
موت الواقع في رواية (موت الأب) لأحمد خلف
-
السيرة الدرامية للمبدع(محي الدين زه نكنه)في كتاب ل(صباح الأن
...
-
جمال الغيطاني في(حرّاس البوابة الشرقية)هل دوّن ما رأى أم سرد
...
-
بين دمعتي(احمد خلف)و(حسين نعمة)دمعة كاذبة
-
القارة الثامنة
المزيد.....
-
السيسي وولي عهد الأردن: ضرورة البدء الفوري بإعمار غزة دون ته
...
-
نداء عاجل لإنهاء الإخفاء القسري للشاعر عبد الرحمن يوسف والإف
...
-
-الضمانات الأمنية أولاً-..زيلينسكي يرفض اتفاق المعادن النادر
...
-
السلطات النمساوية: هجوم الطعن في فيلاخ دوافعه -إسلاموية-
-
نتنياهو: انهيار نظام الأسد جاء بعد إضعاف إسرائيل لمحور إيران
...
-
نتنياهو: ستفتح -أبواب الجحيم- في غزة وفق خطة مشتركة مع ترامب
...
-
كيلوغ المسكين.. نذير الفشل
-
تونس تستضيف الدورة 42 لمجلس وزراء الداخلية العرب (صور)
-
-مصيركم لن يكون مختلفا-.. رسالة نارية من الإماراتي خلف الحبت
...
-
مصر تعلن بدء إرسال 2000 طبيب إلى غزة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|