أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ياسين النصير - شكد حلوة بغداد ..مو














المزيد.....

شكد حلوة بغداد ..مو


ياسين النصير

الحوار المتمدن-العدد: 2400 - 2008 / 9 / 10 - 09:33
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


دونت في مفكرتي قبل أن أجتاز الحدود إلى العراق رقم تلفونه الخاص 07901918518 رقم من بين عشرات الأرقام التي علي أن أتصل بها عند وصولي إلى بغداد.
فوجئت أنه يتصل بي قبل أن أتصل به، متى نلتقي؟ وفي الثانية كنت في بيته، كان ينتظرني على ناصية الشارع.
ياأخي شكد حلوة بغداد، مو، كافي عاد إرجعوا، ابتسمنا ونحن ندخل مجمعاً سكنياً محروسا، ثم ندخل بيته المؤجر، بعد لحظات بدأ يتصل بالأصدقاء: ياسين هنا تعالوا، ثم كانت ألامسية التي حضرها جمع من مثقفي العراق: صادق الصائغ والدكتورعباس وعبد الرحيم ياسر ومقداد عبد الرضا وآخرين لا تحضرني أسماؤهم. ليلة حوار عراقي عن مشاريع الثقافة، عن الهجرة والعودة، ليستقر الحديث في نهاية المطاف عن المشاريع التي يتكفلها كامل شياع في مهمته الصعبة.
لا نوافذ مغلقة، ولاستائر تحجب عنا سماء بغداد،لاحرس يحرسون مخاوف المثقفين،كل شيء مطلق للريح، للفضاء، للأصوات، وللضوء. هواء تموز اللاهب يدخل البيت بلا استئذان بما فيه صوت المولدة الكهربائية التي تغذي المنطقة،هذا الأمان الذي كنا نستشعره كان غائبا عنده. قال لي في مرة سابقة عندما زرته في مكتبه بوزارة الثقافة : لماذا يقتلوني لا عداوة عندي مع أحد، وليس لي أي موقف شخصي، الإختطاف عملية قذرة، ولكن أتمنى لو أرادوا قتلي- وهو يضحك- أن يكون سريعا،نظرت إليه قلت هل هي دعوة لعدم عودتنا للعراق، قال: لا إنما أنا اخترت الطريق وعلي أن أستمر فيه فلا تراجع أو تخاذل، دونت كلماته في يومياتي وأسمعتها في أحاديثنا للآخرين.
جمع اللقاء في بيته كأي لقاء بين العراقيين حوارا وغناء وذكريات،وفي السابعة مساء كان علي أن أغادرإلى السيدية، خرجنا ننتظر سيارة تكسي تقلني، لكن الطريق بين الرصافة والكرح متقطعة الأوصال،لا أحد يقبل الذهاب في مثل هذا الوقت من المساء، عدنا للبيت ثانية، أكملنا السهرة ولم نكمل الأحاديث.
2
هو الإحتلال، هذا ما يراد أن يقال عن استشهادك ياكامل، كي يسكتوا عن الفاعل الحقيقي، نعم هو الإحتلال ولكن القوى التي تقتل تحت مظلته هي المسؤولة، فلا تغطية للجريمة باسم الاحتلال،أرادوا أن يضربوا في القلب، فضربوا الحزب الشيوعي، أرادوا أن يضربوا الثقافة التقدمية فقتلوا المثقف المتسامح، نريد من هذه الأحتفالية التأبينية أن تذكّر الجميع أن لا ينسوا دم كامل شياع، وأن لا تُطفأ قضيته وتسجل كأية قضية أخرى ضد مجهول،كيف يكون القاتل مجهولاًوالصمت الذي رافق الجريمة يشير إلى أكثر من جهة. نريد أن يكون صوت الثقافة بشخصية كامل شياع صوتا وطنيا، فاغتياله هوأغتيالها والسكوت عنه سكوت عنها ،نريد وباسمكم جميعا أن تقتص الدولة من القتلة حتى ولوبعد حين،فدم الثقافة لا يدخل في خانة المساومات والمصالحات،لأن موته ليس قضية شخصية كما يريد البعض أن يصورها،بل هو قضية وطنية أبعد حتى من أي مشروع ثقافي، وأقولها صراحة: أن خيوط المجرمين بدأت تطرق مدن أوربا فأنتبهوا.
3
تعرفت على كامل شياع عبراهتماماته الفلسفية المبكرة،لكن معرفتي الجيده به كانت في بلجيكا، يوم جئتها في عام 1995 من فرنسا ثم عندما أسسنا معا ثقافة 11 فكان ضمن فريق العمل،ثم تعرفت عليه أكثر عندما كنا سوية في فريق عمل الثقافة الجديدة،وإزدادت معرفتي به يوم استقدمته لمحاضرةفي هولندا في 29/7/1998 ضمن ندوات الصالون الثقافي فقدم محاضرته عن الحداثة والتحديث من وجهة نظر فلسفية ،ثم بدأت حواراتنا تتواصل بين مدن مختلفة.
4
في صباح اليوم الثاني، وبعد أن افترشنا طارمة البيت لنفطر ونشاهد سماء بغداد المغبرة، فتح كامل صنبور الماء ليسقي أخضرار الحديقةالمغبر،كانت ثمة قطة سوداء تشاركنا مائدة الإفطار،وبستاني يطرق الباب ليدخل محملاً بزهور للحديقة، وكنتَ يا كامل تشير إلى زوايا زراعتها، كنتُ أتأملك وأنت تشارك الفلاح تنظيف الحديقة، بينما القطة السوداء تعبرنا جميعا إلى خارج البيت، كانت بغداد مغبرةً، متربةً،لكن كل شيء كان نظيفا.
أنت تعرف يا كامل كم هو الحزب الشيوعي العراقي بحاجة إلى أيد عراقية أصيلة تمتد في قراه ومدنه وبواديه وجباله كي يوصل ما انقطع ويمهد لتوصيل ما سيأتي، إنه حزبنا الذي نفتخر بالإنتماء إليه، حتى لو كنا خارج صفوفه الآن. الحزب بحاجة إليك، بحاجة إلى مشروعاتك ورؤيتك، كان هذا آخر حديث لي معه على مائدة الإفطار.
بعد أن أنهينا الإفطار خرج معي لتأجير سيارة تكسي، لوح كل منا بيده للآخر، فكانت هذه آخر اللقطات في شريط حياته.
5
ستعود القطة السوداء لزاويتها،
لكنها لن تجد على مائدة الصباح قطعة جبن،
ولن يكون ثمة صنبور ماء منفتح على أخضرار الحديقة،
لأن ضوء البيت قد انطفأ.
وسيعود البستاني بشتلاته المزهرة من حيث أتى.
لا حديقة مخضرة بعد الآن،
سيغمر الغبار
الممر،
والحشائش،
والغرف،
وأحذيتك،
والشراشف،
ومائدة الطعام.
وسنعود نحن لأحزاننا.
فأي موت هذا الذي أحدثته في الأشياء؟.
البعض يموت وهو يصوب عينية على أسرته،
بينما أنت تستشهد في اللحظة التي تصوّب فيها عينيك على الوطن.



#ياسين_النصير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصورة مبهرة لكن الضوء يهتز
- ملفات عن مبدعي المسرح العراقي
- إنهم يغتالون المواهب الكبيرة
- لا تتركوا المالكي وحده أيها العراقيون
- أحزاب الإسلام السياسي ونغمة الوطنية النشاز
- هل بدأ ت مرحلة الأحتواء العربي لإيران؟
- غياب فلسفة الدولة العراقية
- لمن تتوجه حركة -مدنيون-؟
- دور الإعلام في نداء قوى اليسار الديمقراطي
- لينهض اليسار العراقي ولكن دون تهميش للإسلاميين المعتدلين
- كيف ينتفض أهلنا في الجنوب
- اميركا والثقافة العراقية
- سيناريوهات العيد السياسية في العراق
- شاعر الأحاسيس
- موت شاعر
- إدانة تقسيم العراق واجب وطني، ولكن أدينوا قبل ذلك...
- التكنوقراطي، التكنو طائفي، التكنو رادن في رؤية الرجل الصغير
- قراءة في رحلة المنشي البغدادي إلى بلاد الكرد عام 1821:::القس ...
- قراءة في رحلة المنشي البغدادي إلى بلاد الكرد عام 1821
- البحث عن منطق صائب خليل المشوه


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - ياسين النصير - شكد حلوة بغداد ..مو