|
رؤى مستقبلية
فتحى سيد فرج
الحوار المتمدن-العدد: 2399 - 2008 / 9 / 9 - 02:23
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
قدم ميتشيو كاكو Miehio Kaku في كتابه الصادر عن سلسلة "عالم المعرفة العدد 270" تنبؤات للتطورات العلمية ستتم عبر مراحل ثلاثة : المرحلة الأولى من عام 1998 وحتى عام 2020 والمرحلة الثانية من 2020 إلى 2050 والمرحلة الثالثة من 2050 وحتى نهاية القرن الحادي والعشرين . في المرحلة الأولى : سيحدث انفجار لم يسبق له مثيل في النشاط العلمي ، من خلال التطور في مجالي الكمبيوتر وتكنولوجيا العلوم الحيوية . فبالنسبة للكمبيوتر ووفقا لمعدل النمو الهائل كميا بواسطة قانون مور الذي ينص على أن طاقة الكمبيوتر ستتضاعف مرة تقريبا كل 18 شهرا ، بسبب القدرة على نقش شرائح سيليكونية بترانزستورات سوف تزداد صغرا باستمرار ، مما سيؤدى إلى تصنيع حواسب أحدث وأرخص ، وبحلول 2020 ستكون الكمبيوترات أرخص من الورق ، وسيتم توزيعها في كل شيء فيما يسمى " البيئة الالكترونية " وأيضا سوف يساعد الانترنت في توصيل الكون بأكمله من خلال ملايين الشبكات خالقة " كوكبا ذكيا " يتوفر من خلالها لكل فرد إمكانية التعرف على كامل الخبرة البشرية من المعرفة والحكمة المتراكمة منذ بداية التاريخ المكتوب . وعندما تصغر عناصر الشريحة الالكترونية إلى مستوى حجم الجزيئات فسوف ينتهي العصر الأسطوري للسليكون ، وهذا سيشكل بداية لتدخل قوانين فيزياء الكم لاكتشاف أساليب جديدة للتعامل على مستوى جزيئات المادة ( هذا ما يتحدث عنه د . محمد النشائى من إمكانية تصنيع سفن وطائرات ومعدات طبية صغيرة جدا تستطيع السباحة داخل الأوردة والشرايين البشرية ) . إما التكنولوجيا الحيوية فستشهد منحنى مدهشا ، بفضل تضافر البحث البيوجزيئي مع الكمبيوتر و باستخدام الإنسان الآلي ، من أجل أتمتة عملية تسلسل DNA لآلاف الكائنات الحية من نباتات وحيوانات ، ورسم خريطة كاملة لمكونات الحياة على كوكب الأرض ، وإمكانية نقل الجينات من هنا وهناك ، وتعديل وربما تخليق صفات و راثية جديدة ، وسيكون لكل ذلك معان عميقة في تطوير أشياء كثيرة ، وسيتقدم الطب بتطور معرفتنا بالبناء الجزئي للخلية بحيث نتمكن من تربية أعضاء كاملة داخل المعامل ، بما في ذلك الكلى والكبد . المرحلة الثانية : أن التنبؤ بالنمو السريع بعد عام 2020 قد يستمر رأسيا بشكل لا نهائي ، ولكن حتما سيصطدم باختناقات ويصادف عقبات ضخمة بسبب محدودية شريحة السليكون ، وسنضطر أخيرا إلى ابتكار تكنولوجيات جديدة لم تكتشف بعد من أجهزة كمبيوتر بصرية أو جزيئية ، وإذا أمكن التغلب على هذه الصعوبات ، فقد يمكن الدخول إلى أنواع أخرى مبنية على تحكم لإنسان آلي حقيقي يفهم لغة البشر ، ويدرك الأجسام ويتحكم فيها ، يتعلم من أخطائه وله قدرة على التمييز السليم ، ومن المحتمل أن يغير هذا التطور علاقتنا بالآلات إلى الأبد . وبالمثل فستواجه التكنولوجيا الحيوية مجموعة من المشاكل ، وسيتحول التركيز عن تسلسل DNA إلى فهم الوظائف الأساسية للجينات ، ويمكن التعرف على ملايين الجينات التقى لا نعرف وظائفها ، وكذلك التفاعل المعقد بين الجينات الذي قد يحل شفرة بعض الأمراض المزمنة ، كما يمكن الوصول إلى استنساخ البشر ، وعزل جينات العمر التي تتحكم في تقدم السن ، سامحة لنا بأن نمد في حياة الإنسان . ونتوقع أيضا الوصول إلى تكنولوجيات مدهشة تختمر في مختبرات الفيزياء ، وستكون ثمارها أجيال من الليزرات وأجهزة تلفزيون ثلاثية الأبعاد ، والى الاندماج النووي ، وقد نجد الموصلات الفائقة التي تعمل عند درجة الحرارة العادية ، مما سيولد ثورة صناعية ثانية . وستنجح نظرية الكم في القدرة على تصنيع آلات بحجم الجزيئات ، وبالتالي تقدم نوعا جديدا تماما من الآلات بمواصفات لم تعرف من قبل تدعى " النانوتكنولوجى " وربما نصل إلى بناء محركات صاروخية أيونية قد تجعل السفر بين النجوم أمرا شائعا . المرحلة الثالثة من 2050 وحتى نهاية القرن : أي تنبؤات لها هذا البعد قد تكون غامضة وغير واضحة ، إلا أنها احتمالية بدرجة عالية من خلال تكنولوجيات جديدة ، فقد يتطور الإنسان الآلي إلى درجة تمكنه من اتخاذ قرارات مستقلة ، وقد نصل عن طريق التطور في تكنولوجيا الجينات إلى نقل عديد منها من كائنات إلى كائنات أخرى متيحة لنا أن نزيد من إمدادات غذائنا ، والتحكم في صحتنا عن طريق تكييف التكوين الجسدي وربما العقلي لأطفالنا ، وقد يصل الأمر إلى ابتكار أنواع جديدة من الكائنات العضوية . وسيكون تأثير نظرية الكم قويا خاصة فيما يتعلق بإنتاج الطاقة ، فقد نتمكن من رؤية بدايات الصواريخ التي يمكنها أن تصل إلى النجوم القريبة ، ووضع خطط لتشكيل المستعمرات الأولى فدى الفضاء . ويرى بعض العلماء تقاربا أكبر للثورات الثلاث ، عندما تقدم لنا نظرية الكم دوائر ترانزستور وآلات كاملة بحجم الجزيئات ، متيحة لنا أن ننسخ النماذج العصبية للدماغ على كمبيوتر ، وخلال هذه الحقبة سيفكر العلماء جديا في مد فترة الحياة عن طريق تربية أجسام وأعضاء جديدة بواسطة التحكم في تشكيلتنا الجينية ، أو حتى الاندماج مع مخلوقات جديدة . نحو حضارة كونية بمواجهة ثورة علمية بهذا الحجم المذهل يطرح العلماء سؤالا مهما : إلى أين نتوجه بهذه السرعة ؟ وإذا كانت حقبة من العلم تنتهي ، وحقبة أخرى على وشك البدء ، فإلى أين سيقودنا هذا كله ؟ وهم يمسحون السماء بحثا عن دلائل لحضارات غير أرضية ، فهناك 200 مليون نجم في مجموعتنا الشمسية فقط ، وتريليونات المجرات الفضائية الأخرى ، وبدلا من إضاعة ملايين الدولارات في البحث العشوائي في كل هذه النجوم ، حاول العلماء تركيز جهودهم على وضع تصور نظري عن خصائص ومميزات استخدام الطاقة في الحضارات المتقدمة ، وتوصلوا إلى تصنيف يفترض وجود ثلاث مستويات حسب طريقة استخدام الطاقة . ووفقا لهذا التصور فأن حضارة النوع الأول تحكمت بكل أشكال الطاقة على كوكبها ، واستطاعت تعديل الطقس ، ووصلت إلى استخلاص الطاقة من مركز كوكبها ، ويعنى هذا بالضرورة أنها تخلصت من معظم الصراعات الدينية والطائفية والوطنية والمذهبية كي تصل إلى حضارة كوكبية حقيقية . أما حضارة النوع الثاني فاحتياجات سكانها من الطاقة قد فاقت حدود كوكبهم ، ووصلوا إلى التمكن من السيطرة على طاقة شمسهم ، كما أنهم قد بدءوا باكتشاف أنظمة النجوم المجاورة لهم ، وربما استعمروها . أما حضارة النوع الثالث فأن سكانها قد انتهوا من استهلاك الطاقة الناتجة من نجمهم ، وأخذوا يحصلون على الطاقة من مجموعات النجوم المجاورة ، بحيث أصبحت حضارة مجرة . إن هذا النظام في تصنيف الحضارات قد يكون معقول لأنه يعتمد على المصدر المتاح للطاقة ، وبالتالي سنجد ثلاث مستويات من الحضارات ، حضارة كوكبية تستمد طاقتها من جميع مصادر الكوكب ، وحضارة أخذت تستمد طاقتها من محيط نجمها وهى حضارة نجمية ، وحضارة وصلت إلى استخدام طاقة مجرتها وهى حضارة تستطيع التجول عبر الكون الفسيح . في النهاية نستطيع أدراك أننا نحن البشر على كوكب الأرض لم نبلغ بعد أي مستوى حضاري ، وأننا في حضارة من النوع " صفر" أي ما قبل الحضارات ، فنحن ما نزال نستخدم الكائنات الميتة والمطمورة تحت سطح الأرض ( الفحم الحجري ، النفط ، والغاز الطبيعي ) للحصول على الطاقة ، وعلى هذا المستوى الكوكبي فنحن مثل أطفال نخطو خطواتنا الأولى الثقيلة والمترددة في المكان والزمان ، قد تخلق الثورات العلمية والمعلوماتية أواصر كوكبية ، بعد التمكن من تحطيم المصالح الصغيرة والمحلية خالقة ثقافة كونية ، وكما جعلت آلة الطباعة التي اخترعها جوتنبرج الناس مدركين لعوالم أبعد من قراهم ومزارعهم ، فان ثورة المعلومات تبنى وتصهر ثقافة كونية . وهذا يعنى أن رحلتنا المتجهة نحو العلم والتكنولوجيا ستقودنا يوما إلى أن نتطور لحضارة حقيقية من النوع الأول ، أي حضارة كوكبية تبسط سيطرتها على قوى كوكبنا ، أما التقدم نحو حضارة كونية فسيكون بطيئا وسيتم على مراحل ، وعبر تراجعات وانحرافات ، ولكن يبقى أن طريق العلم هو السبيل الوحيد لاستمرار بقاء الجنس البشرى على قيد الحياة في أي مستوى حضاري يكون .
#فتحى_سيد_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
البلطة والسنبلة ، مصر والعرب
-
البلطة والسنبلة إطلالة على تحولات المصريين
-
الثقافة والتنمية
-
شواهد العجز عن الإصلاح في العالم العربي
-
العجز العربي عن مسيرة الإصلاح مرصد الإصلاح نموذجا
-
الليبرالية الجديدة : هل يمكن المصالحة بين الوضعية المنطقية و
...
-
مشروع محمد عابد الجابري في نقد العقل العربي
-
العقد الاجتماعي الجديد
-
البنات البنات ... أفضل الكائنات
-
3 - المؤتمر الخامس للإصلاح العربي
-
2 - المؤتمر الخامس للإصلاح العربي
-
1 - المؤتمر الخامس للإصلاح العربي
-
الجزء الأخير من العقل السياسي العربي
-
العقل السياسي العربي2
-
العقل السياسي العربي 1
-
بنية العقل العربي
-
فانتازيا الواقع المرير
-
اشكالية الديمقراطية في الواقع المصري 1
-
نقد العقل العربي
-
تعليق على مقالة اللغة والثقافة الشعبية المظلومة لمهدى بندق
المزيد.....
-
بايدن: كامالا هاريس -صارمة وذكية للغاية- وترامب شكرني
-
باغتا المديرة بتصرف غير متوقع.. شاهد ما فعله ملثمان اخترقا س
...
-
هل يُعجل الهجوم السيبراني على أجهزة اتصال حزب الله بالمواجهة
...
-
لماذا ينزلق شباب من أصول مهاجرة بأوروبا نحو التطرف والإرهاب؟
...
-
دعم أوروبي ألماني لتنمية المنطقة -ج- بالضفة الغربية
-
العراق: نتابع تطورات الأحداث في لبنان وأرسلنا طواقم طبية وفر
...
-
دولة عربية تتحرك لدعم لبنان في أزمة تفجيرات بيجر
-
خبراء يكشفون لـ RT هل يدخل حزب الله وإسرائيل مواجهة شاملة بع
...
-
لوكاشينكو: أي هجوم على بيلاروس سيعني بداية الحرب العالمية ال
...
-
ليبيا.. بدء أعمال تنظيف حوض ميناء درنة من مخلفات إعصار دانيا
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|