|
كل عام والبارزاني رئيس!
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 2399 - 2008 / 9 / 9 - 00:39
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مر على اشغاله لحيز في هذا الوجود حوالي 62 حول ، نمت لديه ولاكثر من نصف هذا الزمن مشاعر الضألة والانطواء والخجل حتى صار التردد صفة ملازمة لديه ، وتحول الى داء لا دواء له ، وقيل انه كان مدللا اكثر مما ينبغي في عائلة يفترض بانها تكرس الزعامة القبلية ، رغم ان هذه الصفة ذاتها تفسر النزوع المذكور في شخصيته فهو كان يعامل معاملة الاسياد واصاحب القرار من قبل اتباع والده الذين يتوسمون فيه ربما صفات ابيه وهو لم يكن واثقا من انه كذلك على الرغم من تظاهره بما يغري الاتباع ، وكان يجاري الامر خاصة عندما لايكون في ميدان المواجهات والمخاطر وانما في المهاجر ، حيث لا اختبارات حقيقية للصفات الشخصية ، انها بيئات اخرى بعيدة عن تلك البيئة التي تفترضه زعيما لها فهو عاش متنقلا وبتسهيلات مكفولة وبامتيازات عديدة بين ايران والنمسا وامريكا وقلما كان مقيما ملازما لوالده او شقيقه في قيادة الاتباع وعليه فقد استورث الدور كما استورث الاسم بعد وفاة كلا من ابوه مصطفى البارزاني وشقيقه الاكبر مسعود البارزاني تباعا ، اما في بقية زمنه وحتى الان فان الدوافع المسيطرة عليه هي سعيه لتاكيد اهليته الذاتية بعد ان اصبح وجها لوجه امام الميدان ، اضافة الى مبالغته بتحقيق ذاته من خلال تقليد شكلي للمظاهر الكارزمية التي ارتبطت باسم والده مع هاجس متناقض دفين يريد اضفاء على الغالب من سلوكه نهج نفي الصبغة القبلية عن اتباعه ـ اتباع ابيه ـ بتوسيع ابواب التبعية وفتحها على مصاريعها وخاصة بعد ان هطل زمن اليسر ـ مالا وسلطة ـ ومنذ ان تغير حال الدعوة من مشروع ـ ثورجي الى مشروع دولجي ـ بفضل المشيئة الخارجية التي تسعى لاستخدام كل الاوراق من اجل تحطيم الدولة العراقية ، انه يدعي بان مابين يديه حاليا هو محصلة صرفة لدوره ودور اتباعه ، انه يريد اقناع نفسه والاخرين بانه وصل الى ما وصل اليه ليس لانه استورث تركة تلك الزعامة القبلية ، وليس لانه قد وضع نفسه بالكامل تحت تصرف المشروع الامريكي في العراق ، وانما لانه هو ذاته قد جاهد وزاحم وتدافع وبرهن عن مقدرته في مواجهاته الخاصة والعامة ونجح بتحقيق السطوة الحالية ! لقد فتح المستشارون المنتدبون من بلاد العم سام ومن اصحاب الجنسيتين الامريكية والاسرائيلية افاقا في ذهنيته لم تكن مطروقة وجعلوها نسقا قابلا للتمدد الذاتي في منظومة تفكيره ومنسجمة مع غريزة سد النقص الكامن في اعماق تكوينه ، ورغم ذلك ولانه قلق لعدم ثقته بما هو عليه ، فانه يعود بعد كل نوبة من نوبات الخيبة او حتى شبحها ليتشبث وبقوة بالارث العشائري الذي لم يعد هو ايضا يتمتع بالخصائص القبلية البكرية فهو في طور تحول الى نمط من الروابط الطفيلية المغلفة اسميا بالقبيلة ، حتى صار تمدد سلطته نوع من المغامرة فكلما تمددت صارت فعاليتها في الاطراف تزداد ارتزاقية وتابعية للمشروع الغربي ، وصار المركز المحصور بمسعود وعائلته يسعى لضمانات المصاهرة بكل انواعها لما لنسبها من فروض والتزامات متكافلة تجعل العائلة وكيلة موثوقة للمقاولات الدولية لتساعدها هذه الوظيفة في الاقامة المستدامة على قمة العشيرة الجديدة القديمة والعشيرة بدورها على قمة الهرم الاجتماعي الاقتصادي السياسي ، انه على يقين بان سلطته ستكون بمهب الريح اذا ما جرى اعتماد الاختيار الحر لابناء المناطق المحكومة من قبله ، نيشيرفان ابن اخيه وزوج ابنته هو رئيس حكومته التي تستمد قوتها من قوة عصبة عمه ، وهذا ابن خاله هوشيار وزير خارجية بغداد ، اضافة الى ان اغلب المراكز الحساسة في الدائرة ومركزها محصورة بالاقرباء المقربين في الداخل والخارج وهكذا حتى نصل الى المخلصين من الاتباع المتعاقدين والذين صاروا بارزانيين بالتبني ! الابن سر ابيه ، هذا التشخيص القبلي للتوارث لا ينطبق ميكانيكيا على الواقع فمن المؤكد ان للتربية والنشئة دورها الموازي في لعبة بناء وتكوين الشخصية ومن المؤكد ايضا ان الابن سر تفاعل مورثات الابوين والظروف المحيطة ، وما نجده في سلوك سرور مسعود البرزاني المسؤول الاول لاجهزة الامن الخاصة في أمارة ابيه تأكيد على حالة التتابع القسري في مسلسل التوريثات الجارية على قدم وساق في عراق اليوم ـ عمار الحكيم يستورث ابيه عبد العزيز ، قباد الطالباني يستعد لوراثة ابيه جلال الطالباني ـ انه دليل اخر على التوريث بالحالتين البيولوجية والبيئية فهو نتاج نجيب لعقدة الزعامة التي يعتد بها وكانها قدر منزل لا مناص منه ، اضافة الى صفة نقص المواصفات الطبيعية للمكونات الكارزمية ، فالفردية المفرطة والنرجسية المريضة نزعات تختلط في تركيبتها المورثات بعوامل البيئة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية وهذا ما نجده واضحا في سلوك سرور وجهازه الامني وما مشاركته الشخصية الاخيرة بملاحقة احد المخالفين ـ كمال قادر ـ وهو داخل اراضي دولة النمسا والاعتداء الجسدي الفاضح عليه ثم تدخل الشرطة النمساوية واعتقال سرور مسعود البرزاني واتخاذها مايلزم لتقديمه للمحاكمة وما تلا ذلك من محاولات حثيثة من حزب الامارة البارزانية لطمطمة الموضوع والتوسط لدى السلطات النمساوية لاطلاق سرحه ، تشي بان حزب مسعود الذي يريد الظهور بمظاهر التمدن ، كأن يحتفل ولاول مرة بعيد ميلاد زعيمه قد تجرد تماما حتى من الصفات القبلية النبيلة وتحول الى مجرد جهاز امني يسهر على ادامة سلطة زعيمه اما التمدن فهو ابعد ما يكون عن التفرد وحصر السلطات بعائلة متصاهرة ، ان الطريقة المتخلفة المتعسفة التي يجري بها الترويج لطاعته والاحتفاء به وسوق الاهالي لاظهار حبهم له يعكس حالة الاستبداد الطاغي على المشهد في الامارة البارزانية انها واحدة من اعراض عبادة الفرد التي تشكل نواة لديكتاتورية طفيلية تجعل من صاحبها وكأنه من نسل الالهة التي ليس لها الا ان تورث وتستورث ، وبالمناسبة فان اعصاب ابو سرور تتشنج حنقا عندما لا يدعوه المراسلون بالسيد الرئيس وهو الذي سفح الملايين من اجل ان لا تفارق لفظة الرئيس اسمه ، ايمانا منه بان ثلاثة ارباع المريسة هي فخفخة كذابة !
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الراية الحمراء فنار لتحقيق الحلم الاخضر!
-
طلقة في سوق الصفارين !
-
ازهار الشر الديمقراطي في عراق اليوم !
-
محمود درويش فضاء للتجاوز !
-
العراق والحسم المنتظر !
-
توقيت ايقاض الصراع النائم في القوقاز ؟
-
من الأحق بالتعويض العراق أم ايران ؟
-
الرأسمالية وتلفيقة الدولة المستمرة
-
رأي في الدعوة الى اتحاد يساريي الخارج !
-
مسعود البرزاني مولع بجداول التقسيم !
-
أمريكا تقود العالم نحو الهاوية !
-
صحوة ضمير مطلوب تجذيرها لانقاذ كركوك
-
أوراق اللعبة الامريكية الجهنمية في العراق !
-
الصقور والحمائم وجهان لعملة واحدة في السياسة الامريكية !
-
لماذا 14 تموز وليس 9 نيسان عيدا وطنيا للعراق وشعبه ؟
-
من يقرر مصير العراق ؟
-
أمريكا تأمر وحكومة العراق تنفذ !
-
عندما يكون المثقف متبوعا عبد الوهاب المسيري نموذجا
-
من يعاهد من ؟
-
لاحصانة للعراقي في بلاده المهانة يوميا بالوجود الاحتلالي ؟
المزيد.....
-
الولايات المتحدة تتجنب إغلاقاً حكومياً كان وشيكاً
-
مقتل نحو 30 شخصا بحادث -مروع- بين حافلة ركاب وشاحنة في البرا
...
-
السفارة الروسية في البرتغال: السفارة البرتغالية في كييف تضرر
...
-
النرويج تشدد الإجراءات الأمنية بعد هجوم ماغديبورغ
-
مصر.. السيسي يكشف حجم الأموال التي تحتاج الدولة في السنة إلى
...
-
رئيس الوزراء الإسباني يجدد دعوته للاعتراف بدولة فلسطين
-
-كتائب القسام- تنشر فيديو يجمع هنية والسنوار والعاروري
-
السلطات في شرق ليبيا تدعو لإخلاء المنازل القريبة من مجاري ال
...
-
علامة غير عادية لأمراض القلب والأوعية الدموية
-
دراسة جديدة تظهر قدرة الحليب الخام على نقل فيروسات الإنفلونز
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|