أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - أين موقع أنكيدو















المزيد.....

أين موقع أنكيدو


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2397 - 2008 / 9 / 7 - 04:02
المحور: الادب والفن
    


[مرة واحدة/مرة واحدة لاغير/رفعت عينيها/وفجأة احمرت خجلاً على نحو عذب/غريب../لتجد أنهما ألتقتا بعيني..]..(تينيسون)
***
وجدت نفسها في قلب محنة،أطرقت برأسها وظلّ ينحت عينيه فيها..
ـ صدق حدسي.
ـ ماذا ..؟؟
ـ أرجو أن لا أكون قد أخطأت.
ـ هل تعرفني.
ـ ناديتك واستجبت.
كائن متعب،في نبرته حياء وغموض،لقد ناداها وسمعته جيداً وتأكدت أنها من يعنيها،ليس في الجوار فتاة أو امرأة،وحدها تخطو على إفريز الشارع لحظة تشظى صوت يردد أسمها.
ـ لكنني لم أرك من قبل.
ـ أ..أ..أ..أنا ز..ز..ز..زميله..!!
ـ أرجو أن توضح كلامك.
ـ أعني..أنا..زميل صلاح.
رآها ترتبك ورغب أن يسندها..أردف :
ـ كان زميلي وحمّلني أمانة.
ـ أ..حقاً ما تقول..!!
ظلّ لبرهة يبحث عن كلمات تليق بها،كائن جميل،عينان واسعتان وشعر ينسدل برفق على كتفين ناعمين،ثغر دقيق الحبك،لقد مر زمن ليس بالقليل على ما سمع أو ما رسم في ذهنه هذه التقاطيع البريئة،هدوءها وجرس صوتها الناعس.
ـ كنتِ عابدة في محراب خياله،كنت أشعر بك رغم أننا لم نلتق،لقد صوّرك في خيالي كما أنت، ،لم يغفل فيك لمسة واحدة،لكم كان صادقاً فيما يقول.
ـ هل حقاً ما تقول..!!
فكّر أن يغلِّف كلامه بشيءٍ من الحزن،وجد نفسه يقف بين زمنين،زمن بغيض ولّى وآخر قادم لم يتشكل ملامحه بعد.
ـ كنّا معاً،لم نفترق لحظة واحدة،مازال يسكنني وأسكنه.
أبتلع ريقه وحرر زفيره،كان التعب يهدّه،ولم يحصل أن وقف أمام فتاة تحمل هذه الملاحة والهدوء من قبل،فتاة نادرة قبل هنيهة كانت مجرد فكرة ملحّة تسكن ضفة المستحيل..واصل كلامه :
ـ كنّا نتناصف الأشياء،رشفة الماء مثلاً،لقمة الطعام،حتى..حتى..(مخدة)المنام.
ثمة بسمة ارتسمت،ورآها تتأوه ولمح نزيز الدمع ينمو..واصل كلامه :
ـ فجأة انقلبت الدنيا وابتلعنا الظلام.
ـ قل ما تود قوله،أرحني،لا وقت للغموض.
ـ كنّا معاً،تحت ضوء متراقص لشمعة وجدته يتأمل،عرفت أنك(سكنتيه)لم يفه بشيء،وخلاف ما كان،هجست فيه شروداً وقلقاً،لم أرغب لحظتها أن أحاوره،خلتها تأملات ما قبل الرسم،سحب حافظة الورق ورأيته يرسم،رسم أشياء مضيئة،رأيت سيوف تنبثق من أرض صحراوية،خلته يمزح أو يستدرج خياله،رسم أيضاً،طيوراً،خيولاً،غباراً،ورسم ـ إن لم تخنِّ الذاكرة ـ نجوماً تتوسد الأرض،ولحظة انتهى من لوحته همس في أذني عنوانها،عانقته وقبّلته وصحت :يا رب..!!..
توقف مرة أخرى،وجدتها فرصة لكبح جماح التنمل المتنامي في جسدها،وكان هو يفكّر بأشياء باتت تندفع إلى ذاكرته،رغب أن يقول ما هو مناسب قبل أن ينقضي الأصيل،رآها تتفرس فيه،أبتسم بخجل وأجابته بوضوح..واصل كلامه :
ـ ما تنبأ به في تلك الليلة قد حصل،تلك اللوحة ما تزال تهيمن على ذاكرتي،أتذكر أنني قلت له :لا أحب النجوم الساقطة،أجابني بعد أن تخلّص من زفيره:تلك النجوم شهداء قضيتنا،وتلك هي حراب(خمبابا)..وهمس أيضاً :(خمبابا) نهايته وشيكة..!!..لفظت زفيري وعانقته ثانية وقبّلته وصحت :يا رب..!!
ـ أ..أ..أ..كنت تحبه..؟؟
ـ ليتك تدركين أيّ(معاً)..كنّا، قال لي مرة : نحن روح عاشقة استوطنت جسدين..!!
تجرأت أن تطيل النظر في عينيه،كل شيء ينقسم أمامها،أنها تراه في هذا الجسد المتهالك،لهما نفس الأسلوب في التعبير،نفس نبرة الحزن،حتى إشارات اليدين وحركة الرمشين،وكان يتفحصها،لقد قال له أشياء كثيرة عنها،جرأتها وابتهالاتها لزوال الظلام من هذا البلد،فتاة تحمل(عراقيتها)دفعة واحدة ،وشعر بارتياح يغمره.
ـ أكاد أن أراه من خلالك.
كاد أن يرتكب حماقة،هكذا رأى نفسه لحظة قرر أن يحتضنها،وجدها تلتهمه وتشع أغواره بابتسامات تشبه لحدٍ ما إشراقة ثغر(موناليزا)،لقد تعذب كثيراً وهو يخترق المجهول وكلّه يقين أنه واجدها،حلم واحد سكنه،فقط أراد أن يتحرر من مخالب(خمبابا)،ها هو قد تخلص و ها هي تقف أمامه،نحت في ذاكرته ملامحها كما كان يرسمها وكان الدليل إليها،لم يرتكن لهدوء مذ دهم الناس القلعة وأخرجوا السجناء من مستودعات الموت البطيء،رأى الفرح يرفرف والدنيا تمزق أسمال قرون الفجيعة،خال نفسه(سيزيف)ينوء بحمل ثقيل،يمشي في الطرقات،بين الأزقة..فاطمة..فاطمة ..فااااااا..طـ..مـ..ـة..فيض نور شع وأفقده صوابه،وجد جسده يندفع ووجدها تقف..
ـ سامحني..لم أستجب لنداءك في البدء.
ـ صفة فتاة نبيلة.
ـ أرجعتني لسنوات كانت حلوة.
ـ حلوة..!!
ـ أعني..سنوات نضالنا ضد(خمبابا).
ـ آه تذكرت،كان يناديني(أنكيدو)..قال مرة:أنا من اليوم(كلكامش)وأنت(أنكيدو)وقال أيضاً: معاً سنمضي لنقتلع(خمبابا)من فردوسه،ها كما ترين(خمبابا)أقتلع من جنته و(كلكامش)وهب حياته من أجل هذا الفرح وظلّ(أنكيدو)لا يعرف أين موقعه..!!
رغبت أن تبكي،ورآها تزيح دموعها بأناملها،وبانتا عيناها مرطبتان وهي تحاول أن لا تزيح البسمة من ثغرها،كانت مسكونة بفرح وحزن،حزن غيّابه وفرح عودته وإن كان بهيئة مغايرة..واصل كلامه :
ـ قد لا تصدقين إن قلت لك أننا قررنا أن ندفن معاً،هكذا أوصينا زميلاً موثوقاً،ومرّة قال : يجب أن نتزوج معاً،وفي ذات اليوم،وأرجو أن نتزوج أختين.
سمحت لثغرها أن ينفرج.
ـ ولكن..(قاطعها)..
ـ لا يجب أن أنكث ما تعاهدنا عليه،سيبقى نصفي الضائع ما حييت.
ـ أرجوك..لا تهرب عن صلب الموضوع.
ـ في تلك الليلة لحظة كان يرسم،سقطت الفرشاة من يده مرتين،لم يكن عليلاً،كان يرسم رغم القلق والغموض الذي بدأ ينمو في عينيه،قال:سأسميّها(سيشرق الضياء غداً)تقدم من نافذة الموضع الترابي وألقى نظرة وألتفت إلي وقال:أشعر أن روحي تحاول الفرار،تقدمت منه وكان الظلام يرتمي على طول الجبهة وهمست:لا تتركني وحدي،خذني معك يا كلكامش..!!،ربت على كتفي وقال:وإن متنا فلنمت معاً أيضاً..!!..
سحب شهيقاً وكانت واجمة تنتظر شيئاً بات يقلقها..واصل كلامه:
ـ في المساء التالي،ساقونا وانطلقوا بنا باتجاه الظلام.
وجدها تتأوّه فتوقف للحظة،منحها فرصة كي تسترد أنفاسها..واصل كلامه:
ـ أ..كنت تتوقعين شيئاً طيلة هذا الغيّاب..؟؟
ـ خلت أن جائحة الحرب قد قذفت به في آتونها،كان يجب أن أنتظر،لقد كان يستحق الانتظار..
ـ لهذا السبب واصلت بحثي عنك.
ـ لقد عانيت.
ـ كنّا معاً،حكموا عليه بالموت وحكموا علي إلى أبد الآبدين السجن،تصوري من أجل لوحة شنقوه.
ـ يا لهم من كلاب.
ـ قال لي:حين تخرج قل لها:الحزن لا يليق بفتيان المعارضة،لا أريدها أن تحزن.
ـ لا أعرف كيف أشكرك.
رغبت أن تعرف كل شيء عن شاب فتنها يوم رفض أن يلوّث موهبته ضمن معارض الكليّة رغم ما تعرض إليه من مسائلات وملاحقات من عيون الوشاة،وجدته كائناً يستحق الحب كله،بدأت تسترق النظر إلى ساعتها،عرف أنها باتت محرجة رغم رغبته في إطالة أمد الوقوف لقول كل ما يعرفه..
ـ ليتني شاركته حفلة الموت.
ـ لكم أنت تشبهه،كان يرغب أن يموت بأيديهم على أن يلوّث ريشته بالزيف والخداع والنفاق والتملق،لقد فاز وهم خسروا كل شيء..
ـ كنّا معاً،ليتك تدركين أيّ عذاب عانيته وأنا في غياهب السجن.
ـ سأصلي من أجلكما وأبتهل،لولاكم لما زال(خمبابا)من هذا البلد.
رآها تهم بالرحيل،وأرتبك لا يعرف ماذا يجب أن يفعله،عدّلت من وضعيّة حقيبتها،ونظرت إلى ساعتها،كانت خالدة لحزن راح يحتدم وصمت بدأ يخيِّم على عينيها،سمع جرس زفيرها ورأى كيف يترجرج صدرها،أراد أن يقول أشياء أخرى،لكنها سبقته :
ـ ليس بوسعي أن اقف أكثر مما وقفت،أنني شاكرة لك،كنت بصدد أن أنتظره إلى ما حييت.
ـ أوصاني وأرجو أن وفيّت بالعهد.
ـ لولاكم لما عمّ بلدنا الفرح.
رأته يرتبك ولمحت في عينيه تاريخ سياط ناطقة،وتراءى لها(صلاح)يوم قال لها:أن أكون أو أموت ..!!وكان موته وكانت الحياة(سيشرق الضياء غداً)..ياااااااااه..تذكرت هذا الكلام،لقد كان يترنم به يوم عاد من إحدى المسائلات الأمنيّة في الكليّة،لكم مر الزمن سريعاً على تلك اللحظة.
ـ أين موقع(أنكيدو)من هذا الفرح.
كان يهذي ويغمغم،وجدته غارقاً في صمت وذهول،عصفور يبحث عن مأوى،شجرة عطشى تنشد مزنة مطر،وكان المساء يزحف والناس تبتلعهم أقواس قزح الفرح المتناثر في سماء البلدة،ابتسمت وأبتسم،وجدها تستدير وتمضي ووجد نفسه يراقب شمساً تمتد فكي الأفق لابتلاعها،سارت مسافة قبل أن يشعر بقوة تغمره وتدفعه،رأى يدها اليمنى ترتفع وهي تستدير برأسها إلى الوراء،رجف قلبه لحظة رآها تقف وتناديه،هرول إليها ووقف أمامها،وجد في عينيها حبّات دموع تنمو..
ـ لم تقل كل ما لديك.
غير مصدقاً ما يجري،ما رغبه هي تكفلت به،ها هي ثانية أمامه،وكان يكافح لالتقاط أنفاسه وهي تريد أن تنتقي الكلام المتعثر على لسانها..واصلت كلامها :
ـ أرغب أن أعرف كل شيء عنكما في المرة القادمة..!!
واجماً،مسلوب الحول والإرادة كان يقف،استدارت على مهل،وراحت تمشي ببطئ..!!
***



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شاعر البلاط الرئاسي
- من كتاب اللعنات
- تحقيق الرغبة في رواية(غسق الكراكي) لسعد محمد رحيم
- إلى ذلك نسترعي الإنتباه
- الأوراق لا تأتي في خريف الرغبات
- رب نافعة ضارة أيضاً
- امرأة الكاتب العراقي
- الصديق الأخير
- فن النصر
- بيت كاميران
- أصطياد فأر....مونودراما
- غريب الدار
- حتى انت يا جمعة
- موت الواقع في رواية (موت الأب) لأحمد خلف
- السيرة الدرامية للمبدع(محي الدين زه نكنه)في كتاب ل(صباح الأن ...
- جمال الغيطاني في(حرّاس البوابة الشرقية)هل دوّن ما رأى أم سرد ...
- بين دمعتي(احمد خلف)و(حسين نعمة)دمعة كاذبة
- القارة الثامنة
- الرجل الذي أطلق النار
- في حوادث متفرقة


المزيد.....




- بريطاني يدهش روّاد مواقع التواصل بإتقانه اللغة العربية.. ماذ ...
- سنتكوم: دمرنا زورقين ومحطة تحكم أرضية ومركز قيادة للحوثيين
- نزلها الآن وشاهد اجمل أفلام كرتون القط والفار.. تردد قناة تو ...
- نصري الجوزي رائد الكتابة المسرحية في فلسطين
- كوريا الجنوبية تُطلق تأشيرة للأجانب للتدرّب على ثقافة -كي بو ...
- شغال.. رابط موقع ايجي بست 2024 Egybest فيلم ولاد رزق 3 القاض ...
- أحداث مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 29 مترجمة للعربية وال ...
- قيامة عثمان الموسم السادس.. الان عرض مسلسل قيامة عثمان الجزء ...
- السعودية تدشن مشاركتها في معرض بكين الدولي للكتاب 2024
- وثائق قضائية جديدة تكشف تفاصيل عن سلوك بالدوين قبل الحادث ال ...


المزيد.....

- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - أين موقع أنكيدو