|
هل يكرهوننا حقاً؟
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 2394 - 2008 / 9 / 4 - 09:40
المحور:
كتابات ساخرة
لا يمكن لنا أبداً أن نجاري الخطاب الدعوي التحريضي في كل ما يأتي به والسبب في ذلك أنه لا يتفق مع الواقع الذي يدحضه وينسفه من جذوره. ولعل واحدة من أكبر الإزعومات التي يأتي بها هذا الخطاب هو قوله أن الغرب والعالم كله يكرهنا ويعمل على القضاء علينا. ولا حاجة بنا للإتيان بمئات الحجج والوقائع والممارسات التي تفند هذا الزعم. ولعل أهمها أن الدعم الغربي وعلى مختلف الصعد هو السبب وراء ما تشهده معظم الدول الإسلامية من بحبوحة ورغد عيش. ومن رأى الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش وهو يتراقص مع أمراء الوهابية وشيوخ الأعراب يعتقد أن هناك حالة عشق ووله وهيام مع هؤلاء، وهي أعلى بكثير من حالة الحب العادي، ولا يمكن أن تتم تلك الرقصات المثيرة سياسياً مع أعداء متكارهين ومتباغضين وحاقدين على بعضهم البعض. ولو كان الغرب يكره العرب والمسلمين حقاُ لما أصبحت لندن وباريس وواشنطون ونيويورك مربط الفرس بالنسبة للعرب الرسميين وغير الرسميين ولكل أولئك الهاربين من جحيم الفقر والتجويع والإرهاب الرسمي الممنهج. ولما تمتع العربي والمسلم في قلب هذه الدول بكل تلك الامتيازات التي لا يحلموا بها في ديار العرب والمسلمين من حيث الإقامة، والعمل والتملك والزواج والعمل والتجارة والسفر والتقاضي أمام المحاكم والقضاء. وهناك من وصل لمناصب رسمية وعامة في الغرب كوزراء وأعضاء مجالس شيوخ وبرلمانات منتخبة. وهذا ما لا يحلم به العربي والمسلم مجرد الحلم في البلاد الإسلامية حيث تحتكر المناصب والوظائف الهامة والمهمات الرفيعة للأقارب، والأهل وللعائلات القدرية الحاكمة، وخاصة في مشيخات النفط، حيث تكون الوزارة بأكملها، مثلاً، حكراً على العائلة المالكة. وفي السعودية مثلاً لا يسمح بأن يكون حكام المناطق، أو المحافظين في الدول الأخرى إلا حصراً من سلالة آل سعود، مثلاً، فيما ينافس اليوم المسلم المرتد من أصل كيني باراك أوباما على أقوى منصب ووظيفة في الكرة الأرضية وهو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، أقوى إمبراطورية ظهرت على مر التاريخ.
ولو كان الغرب الكافر كما يدعي الفقهاء يكره الإسلام والمسلمين، لما قبلت السي آي إيه ترشيح أوباما، ومكتب التحقيقات الفيدرالي FBI وهي تعلم أصله وفصله ومنبته وكم شعرة برأسه. ويعتبر التسامح الديني في الغرب واحدة من الحقائق والممارسات اليومية المعاشة. وتشكل المراكز والمساجد الإسلامية واحدة من المظاهر الحياتية اليومية المتورمة بحيث بات كثير من المتوجسين الغربيين والنازيين الجدد يقرعون ناقوس الخطر خوفاًمن أسلمة أوروبا المتسامحة دينياً مع المسلمين، وكبار فقهاء التكفير والإخوان ومشايخ الدين الفارين من الحكومات الإسلامية يقبعون في الغرب تحت حماية البوليس النصراني. وقد خاض حلف الأطلسي المسيحي حرباً ضروساً شعواء ضد الصرب المسيحيين الأرثوذوكس لنصرة مسلمي البلقان الذين يتمتعون اليوم بحماية ورعاية الغرب الكافر النصراني، ولو كان زعم الفقهاء، والدعاة صحيحاً لكان الغرب قد وقف مع مسيحي البلقان ضد مسلميهم، ناهيك عن المساعدات المالية والغذائية والدوائية الضخمة التي تتلقاها الدول الإسلامية من الغرب، والمعونات التي لا تحصى للدول الإسلامية التي كانت ستتعرض لمجاعات ولأوبئة كارثية لولا تلك المساعدات. وتتلقى مصر لوحدها سنوياً ثلاثة مليارات دولارات على شكل مساعدات غذائية، يشكل القمح والغذاء والدواء القسط الأكبر منها( تصوروا ماذا سيحل بمسلمي مصر في ظل الحكومة الرشيدة الإخوانية لولا هذه المساعدات النصرانية، وبشرط ألا تنجلطوا). ولولا المساعدة الأمريكية لهلك نصف سكان مصر جوعاً ومرضاً، لاسيما إذا علمنا أن خمسة ملايين منهم هم اليوم من سكان المقابر والعشش وأحزمة البؤس تحت حكم آل مبارك الذي يتدخل في كافة مشاكل دول الإقليم لحلها وكأن مصر تعيش أزهى أيامها في عهده المبارك.
ولو رفع الغرب النصراني الكاره للمسلمين حسب زعم الفقهاء، اليوم، يده عن البترول العربي، وامتنع عن استخراجه وتصنيعه لعادت الحياة في واحات الصحراء البدوية إلى أيام التمر والبعير ولهلك سكانها ظمأ وجوعاً ومرضاً ولفتك بهم الطاعون والهواء الأصفر. وتستقبل الدول الغربية عشرات الآلاف من الطلاب المبتعثين للحصول على شهادات عالية في اختصاصات طبية وعلمية نادرة، يحصلون بموجبها على خيرة وزبدة ما أنتجه العقل الغربي النير من معارف وخبرات وعلوم لا يضن بها على المسلمين على الإطلاق، كما بإمكان أي عربي ومسلم الحصول على جنسية غربية فيما يجاهد بصعوبة للدخول إلى بلد عربي ومسلم. وأحمد زويل العالم المسلم المصري الذي نال جائزة نوبل برع وأبدع في الغرب الكافر، ولو كان في دولة عربية ومسلمة لكان مجرد موظف متهالك تنهشه الديون وتفتك به المشاكل والتعقيدات الحياتية، ولما كان قادراً على إعطاء جواب لمعادلة بسيطة من مثل ما هو نتيجة اجتماع ذرتين من الهيدروجين مع ذرة واحدة من الأوكسيجين.
ويعمل اليهود والكفار والنصارى اليوم، بجد وجهد، على تطوير العالم الإسلامي عبر تأهيل الكثير من الكوادر والعمال وتدريبهم إدارياً ووظيفياً وتقديم المنح والخبراء والمستشارين لقطاعات الصحة والبنوك والتعليم والزراعة. وتحفل دول الخليج العربية التي تلتزم بطابع متشدد ومتزمت من الإسلام الوهابي بعشرات الألوف من أرفع الكوادر العلمية الغربية المدربة والمؤهلة والتي تقدم خدماتها وخبراتها لتطوير البنى التحتية في هذه البلدان. وكلما حلت أزمة ومشكلة في أي من هذه البلدان تلجأ حكوماتها للاستعانة بالأميريكان والإنكليز لحلها على وجه السرعة وإعادة الأمور إلى نصابها ومجاريها. وحين أشعل الرئيس المسلم القائد الملهم المفدى بطل القادسيات الكارثية الشهيد صدام حسين آل تكريت حقول النفط الكويتية العائدة لآل الصباح، قام الخبراء الإنكليز والأمريكان تحديداً بإطفاء تلك الحرائق، ولولا مساهمتهم الإنسانية ومساعدتهم ونجدتهم تلك لنزلت بالمنطقة كارثة بيئية كبيرة، فيما كانت الدول العربية المسلمة الجارة تراقب بين مذهول وشامت ومؤيد لعملية الغزو وإشعال آبار النفط، ولا يزال شائعاً حتى اليوم في الكويت مصطلح دول الضد، ليس للإشارة للنصارى واليهود والمشركين الغربين، كلا ولا وألف حاشا لله، ولكن للدول العربية والإسلامية التي ساندت العدوان كمنظمة التحرير، واليمن، ، وليبيا، والأردن والسودان. وبرغم ذلك الفضل الكبير لليهود والنصارى فالسلفيون "الكوايتة" هم ألد أعداء الغرب وأمريكا ( بسيطة).
وفيما تقوم السعودية بقطع رؤوس العرب والمسلمين على الطالعة والنازلة، وبمناسبة وبدون مناسبة، وهو دليل حب كبير بالتأكيد ( لا تتعرض المعارضة "الوطنية الديمقراطية السورية" لهذه الفظائع والأهوال البتة رغم أن زعماءها هم من التابعية السعودية، واعذروها فهي مختصة فقط بالبروستات، لا بل لا يحلو أحدهم له عن "الاستبداد السوري" والعياذ بالله، إلا في صحف أمراء قطع الرؤوس، هذا واقع وليس سيرك، وليس من قصص ألف ليلة وليلة، وقسماً بالله)، لم تقم بقطع رأس أي غربي قام بنفس المخالفات التي يرتكها العرب والمسلمون، بل على العكس أطلقت سراحهم وكرمتهم أي تكريم واعتذرت في حالات عن اعتقالهم وما سببته لهم من أذى نفسي. فمن يحب من؟ ومن يكره من؟ ومن يصدق الدعاة والفقهاء المأجورين بعد هذا كل هذا الهم والكرب والبلاء والغم؟
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل انتهت مغامرة خدام؟
-
لماذا سيخافون من الإسلام والمسلمين؟
-
الحقيقة وطلاب الحقيقة في سوريا
-
لبنان الكرامة والشعب العنيد: عذراً فيروز ومعذرة
-
العرب وغربة الأولمبياد
-
مذهب زغْلول النجّار
-
موريتانيا: عودة حليمة لعاداتها القديمة
-
الهروب إلى إسرائيل
-
قراصنة الخلف الطالح
-
فضائية خدّام
-
الحوار مع القردة والخنازير: فاقد الشيء لا يعطيه
-
التطبيع العربي العربي أولاً
-
نعم لاتحاد من أجل المتوسط
-
اعتقال البشير: ومن البترول ما قتل
-
العربان دوت كوم
-
حول تغطية أحداث سجن صيدنايا
-
غسان الإمام: والشياطين البترولية الخرساء
-
الحجاب كهوية عنصرية
-
سوريا:موضة الخادمات الآسيويات
-
تهنئة للإخوان السوريين
المزيد.....
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|