عبد الكريم قاسم لا يزال أبن للشمس والقمر

مزكين عزيز رشيد

الحوار المتمدن-العدد: 739 - 2004 / 2 / 9 - 07:27
المحور: الادب والفن
    

شخص عبد الكريم قاسم يثير عندي عاطفة وجدانية دفينة وشخصية جداً ، غير محددة بأي تفسير من التفسيرات الأيدلوجية الشائعة ، عاطفة تحيلني عميقاً إلى الروح التأويلية كلكامش ، التأويل اللغوي له حيث يعني ( الذي في المقدمة ) و( الرجل الذي ينشئ شجرة ) أو (العجوز الذي لم يزل شاباً) و التأويل الأسطوري والشعري له كابن الشمس والقمر والباحث عن الخلود ، أعني هنا بأن عبد الكريم قاسم لا يحيلني فقط إلى تسلسل تاريخي من تاريخ العراق وأنما إلى توأمة روحية وشخصية معه ، يحيلني إلى شجرة ذاتي العراقية المتجذرة منذ أكثر من ستة آلاف سنة بكل ما أحمل ويحمله من تناقضات الروح التي تبحث عن الخلود من غير تعسف ، وأنما بعاطفة الشجرة التي تقاوم الرياح والعواصف العاتية وفي نفس الوقت تتأثر الشجرة بنسمة الهواء وهي تغرف من ثدي الأرض الحــــنـونة ، وتــســهو فــي أحيــانٍ أخــرى بـكل غـموض الـبـراءة فــــي وجـــــــه الـعــــــــدو والــصــديـق . وهو أبن القمر بحق بكل ما يثيره القمر في نفوسنا من غموضٍ وسهو وفي نفس الوقت حيث أخذ القمر كمقياس للتاريخ الأسبوعي والشهري ، مقياسٌ متعاقب لفكرة الخلود ، لا أعني هنا الخلود الوهمي مطلقاً ، فـ ( كرومي ) كما كانت أمه تسميه لم يمتلك طول حياته حتى بيتاً صغيراً يؤوي أليه ، فلا عجب أن نرى وجه عبد الكريم قاسم في الليالي المقمرة ، ليس ببصرنا إنما ببصيرتنا السومرية الأسطورية ، التي تدرك فكرة الموت والخلود ، محتضناً من قبل القمر ….، وهو أبن الشمس بكل ما تثيره الشمس في نفوسنا من تأثير بمحوريتها وقوتها ودفئها وأشعاعها…… هناك علامات دالة كثيرة معروفة للعراقيين بشكلٍ عام حول شخصيته ، وبشكلٍ خاص أحتفظ له بعلامة دالة متعلقة بولادتي سنة1962 في السجن السياسي ، لا مجال لذكرها هنا ولكنها شكلت لـــــــــه فـــي ذاتــي وذوات العـراقيين عـمـوماً صورة أعمق كثيراً مـــــن الـشــخـصـيـة الــمـعـروفـــة لــــه .لكل ما ورد أعلاه أجد شخص عبد الكريم قاسم قد منحنا وسيمنحنا الكثير على الصعيد الأسطوري والنفسي والتاريخي وسيبقى يمثل دوماً ولكل العراقيين الصادقين بوجدانهم الوطني والإنساني ، قامة نخلة عراقية خالدة متفاعلة في زمننا الشخصي والتاريخي .فكلما أسمع أو أرى أسمه حيثما كنت كإنسان عراقية مثقلة بتداعيات وطنها ، خيال مذهل يجتاحني ، أرى أرض العراق ينتصب فيه قامة ست وعشرون مليون نخلة كرايةٍ واحدة وعائلة واحدة تتحدى كل الغباء والعنف التاريخي الماضي والحاضر……      

#مزكين_عزيز_رشيد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات