هو عبد الله بن عمر بن عثمان الخليفة الثالث ، عاش في صدر الأسلام والدولة الأموية ، وهو من شعراء قريش، ومن المجيدين في الغزل، ولقب بالعرجي لأنه كان يسكن عرج الطائف ، وكان أشقر الشعر ، أزرق العينين ، جميل الوجه ، قاتل مع مسلمة بن عبد الملك بأرض الروم، وكان كريما ، سفاحا لماله وحلاله .
بكت أمرأة من نساء مكة ، حين جاءها خبر موت الشاعر عمر بن ربيعة ، وهي في المدينة فقالت : من لمكة وشعابها ، ووصف حسن نسائها وجمالهن !؟
فقيل لها : هوني عليك ! فقد نشأ شاعر من ولد عثمان . فقالت : انشدوني من شعره! فأنشدوها . فمسحت عينيها وضحكت .
قال العمري : خرجت حاجا ، فسمعت امرأة تتكلم بكلام أفحشت فيه ، فقلت لها : يا أمة الله ، أ لست حاجّة ؟ أما تخافين الله ! فاسفرت عن وجه يبهر الشمس حسنا ، ثم قالت : تامل ، يا عمّ ! انني ممن عناهن العرجي بقوله :
أماطت كساء الخزّ عن حرّ وجهها
وأدنت على الخدين بردا مهلهــــلا
من اللاء لم يحججن يبغين حسبـة
ولكن ليقتلن البريء المغفـــــــــلا
فقلت لها : أسال الله ألاّ يعذب هذا الوجه في النار . وبلغ ذلك سعيد بن المسيب ، وهو من القرّاء والمحدثين في العراق فقال : لو كان الأمر مع المغالين في الورع من أهل العراق لقال لها : اغربي ، قبحك الله ، ولكنه ظرف عبّاد أهل الحجاز !
كان العرجي يتغزل بأم محمد بن هشام خال هشام بن عبد الملك وأمير مكة ، ويقال لها ، جيداء :
عوجي علينا ربة الهــــــودج
إنك إن لم تفعلي تحرجـــــــي
نلبث حولا كاملا كلـــــــــــــه
ما نلتقي إلا على منهــــــــــج
في الحج إن حجت وماذا منىً
وأهله إن هي لم تحجـــــــــج ِ
كان العرجي يقول من سجنه :
أضاعوني وأي فتى أضاعوا
ليوم كريهة وسداد ثغـــــــــر
قال الاصمعي : مررت بكنّاس في البصرة يكنس مرحاضا ويغني :
أضاعوني و أي فتى أضاعوا ...... الخ
فقلت له : أما سداد المرحاض فانت مليء به ، واما سداد الثغر فلا علم لي بك كيف أنت فيه ؟ فاعرض عني مليا ، ثم أنشد :
وأُكرم نفسي إنني إن أهنتـــــها
وحقك لم تُكرم على أحد بعدي
فقلت والله ما يكون الهوان شيء أكثر مما انت فيه ، فبأي شيء أكرمتها ؟ فقال: بلى . والله من الهوان لشرا مما أنا فيه . فقلت : ما هو ؟ فقال : الحاجة إليك وإلى أمثالك . فانصرفت عنه وانا أخزى الناس .