سعدي يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 2387 - 2008 / 8 / 28 - 10:15
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
التقيتُ كامل شياع ، للمرة الأولى ، في بلدةٍ هولنديةٍ على الحدود الألمانية ، حيث عُقِدَ ملتقىً للإعلاميين الشيوعيين ، ثم في العاصمة لاهاي ،
حيث أقيمَ مَنْشَطٌ ثقافيّ عامٌّ .
كان الرجل ، في منتهى الدماثة والذوق ، قدّمني في الأمسية الشعرية ، وغادر المكان بعد التقديم مباشرةً ، ليلحقَ بالقطار المتجه إلى بلجيكا ، مقامه حتى عودته المشؤومة إلى العراق المحتلّ .
ما كنتُ قرأتُ لكامل شياع شيئاً حتى ذلك الوقت ، لكني تتبّعتُ محاضرته عن " الإمبراطورية " بإعجاب .
ولم أقرأ له شيئاً بعد ذلك .
كامل شياع لم يطبع كتاباً .
هو نفسه ، كان كتاباً متنقلاً .
*
زار لندن قبل أشهر . لم أره .
اتّصلتُ بأخيه فيصل ، رجاء أن يخبره بتحيتي ، وبنصيحتي له ألاّ يعود إلى المستعمَرة .
كنتُ خائفاً عليه حقاً .
*
ماذا كان يفعل في " بغداد الجديدة" ؟
أكان يكتب افتتاحياتِ صحيفةٍ ، مُرتجَــعُــها أكثرُ من مطبوعِها ؟
أكان يكتب خطاباتٍ لا معنىً لها ، لأناسٍ لا معنى لهم ؟
أكان يحاولُ أن يرممَ صورةً شائنةً عصيّةً على الترميم ، صورةَ العراقِ المستعبَدِ المحتلّ ؟
في زورته لندنَ ، ألقى محاضرةً عن الوضع الثقافيّ في العراق .
حاولَ أن يتفادى ، بلباقةٍ ، اسئلةً ظـنَّها محرجةً .
كان يدافعُ عمّا لايمكنُ الدفاعُ عنه .
*
لقد قُتِل كامل شياع ، بمسدّسٍ قديمٍ ذي ماسورتَينِ ، ماسورتَينِ لهما توقيتٌ مختلف :
انطلقت الماسورةُ الأولى في العام 2003 ، حين حُشِرَ الرجلُ حشراً ظالماً مع الخونة والعملاء واللصوص في وزارة بول بريمر الأولى . وكان من الأفضل تجنيبه تلك الكأس .
أيّامَها اتّصلَ بي من بغداد ، يدعوني إلى هناك .
قلتُ له : يا كامل ! لندعْ واحداً منا ، في الأقل ، خارج الكرنفال ...
قال : سأكتب عنك قصيدةً ، أُضَـمِّـنُها قولتَكَ !
*
الماســورة الثانية ، الأخيرة ، أتمّتْ ما بدأ في 2003 .
#سعدي_يوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟