|
الحوار الوطني الفلسطيني والزحف السلحفائي
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 2385 - 2008 / 8 / 26 - 04:10
المحور:
القضية الفلسطينية
.....يبدو أن الأطراف الفلسطينية الرئيسية في الساحة الفلسطينية (فتح وحماس ) وكذلك مصر الدولة الراعية للحوار، لا يستعجلون هذا الحوار،ولكل من هذه الأطراف أولوياته وأجنداته التي يسعى لتثبيتها أو ينشغل بها،وهذا الحوار المتثاقل يبدو أنه لن يخرج بالنتائج المرجوة، فعزام الأحمد رئيس كتلة فتح في المجلس التشريعي،يقول بأن هناك "فيتو" أمريكي- إسرائيلي على هذا الحوار، ونفس وجهة النظر هذه عبر عنها عضو المكتب السياسي لحركة حماس محمد نزال،،والمسألة ليست فقط محصورة أو متعلقة بالفيتو الأمريكي- الإسرائيلي والتجاذبات والصراعات الإقليمية والدولية،بل بالأطراف نفسها وعدم نضجها أو استعجالها وجاهزيتها لهذا الحوار،والمتتبع لهذا الحوار من حيث إرسال الحكومة المصرية أسئلة للفصائل للإجابة عليها من حيث الهدف من الحوار وآلياته والأسس التي سيقوم عليها وغير ذلك،وانتظار ردود الفصائل عليها،ومن بعدها عقد حوارات ثنائية بين الفصائل المدعوة والحكومة المصرية الداعية للحوار،ومن ثم دراسة حصيلة هذه اللقاءات والحوارات،وعلى ضوء ذلك تتم دراسة وتقيم النتائج،هل هناك جدوى أو نتائج مشجعة لمواصلة الحوار أم لا؟وبمعنى آخر هل هذا الحوار السلحفائي،يرتقي الى مستوى المسؤولية ودقة وخطورة المرحلة،والتي تؤشر الى أن إسرائيل في الوقت الذي تواصل فيه الحديث عن المفاوضات،تقوم بتطبيق مشاريعها ومخططاتها على أرض الواقع،والمتعارضة كلياً مع هذه المفاوضات؟. وإذا ما حاولنا أن نقيم الأمور بموضوعية،فيجب علينا القول ،أن هناك في كلا الحركتين (حماس وفتح) شخوص نافذة غير معنية بالحوار،وهي ترى في هذا الحوار خطر على مصالحها وامتيازاتها وأجندتها ودورها،وبالنظر لفتح والقول لعزام الأحمد،فهو يقول بأن هناك تغيرات بطيئة في الضفة الغربية في بنية فتح والسلطة والمنظمة لصالح النهج الأمريكي،وبمعنى آخر هناك طاقم محيط بالرئيس ،لا يريد هذا الحوار وهو يريد الاستمرار في المفاوضات،حتى لو لم يتمخض عنها أية نتائج مع نهاية هذا العام،ويرى أن الحوار مع حماس والوصول معها الى اتفاق من شأنه،أن يدخل السلطة في حصار وأزمات مالية،من حيث عدم القدرة على تأمين رواتب الأجهزة الأمنية والمدنية،ناهيك عن القيود على تحركات وسفر المسؤولين في السلطة،وفرض سلسلة من القيود والإجراءات والعقوبات الأمريكية والأوروبية والإسرائيلية عليها،والأهم من ذلك أن ذلك يشكل هزيمة قاسية ونهاية نهج التفاوض وأنصاره في الساحة الفلسطينية،ويعزز من دور وحضور دعاة نهج المقاومة في الساحة الفلسطينية. وبالمقابل هناك تيار في حماس،يرى أن الأولوية الآن لتثبيت أركان حكم حماس في القطاع،والعمل على رفع الحصار وفتح المعابر،واثبات قدرة حماس على الصمود ،وجدوى نهج الممانعة والمقاومة،ومن ثم وضع الخطط والبرامج فيما يخص تقوية وسيطرة حماس على الضفة والمنظمة في المستقبل. أما الطرف المصري فهناك نقاط على غاية الأهمية بالنسبة له،وفي أولها أن تتم صفقة التبادل بين حماس وإسرائيل على يديه وليس على يد أي طرف آخر،وبما يهمش من دوره الإقليمي المهمش أصلاً،وخصوصاً أن هناك أطراف في حماس تطالب بنقل ملف"شاليط" الى طرف آخر، والطرف المصري يتعرض لضغوطات هائلة فيما يخص المعابر وإغلاقها،وخصوصاً إن الشهر الفضيل على البواب،وهو يعرف أن استمرار التزامه في عدم فتح المعابر،استجابة للضغوط والاشتراطات الأمريكية- الإسرائيلية،سيعجل بانفجار الأمور واقتحامات فلسطينية واسعة للحدود الفلسطينية- المصرية،كما حدث في انتفاضة المعابر السابقة،ناهيك عن الضغوط الداخلية التي يتعرض لها من أجل فتح المعابر،وقضية أخرى ينشغل فيها الطرف المصري،ألا وهي العمل على تثبيت التهدئة ما بين حماس وإسرائيل،هذه التهدئة الواضح أنها على درجة عالية من الهشاشة،والتي حتى اللحظة،يجري خرقها بشكل يومي ومتكرر من قبل إسرائيل،ناهيك عن عدم الالتزام بشروطها من فتح للمعابر،وإدخال البضائع والمستلزمات الطبية والوقود وغير ذلك . في ظل كل هذه المعطيات وتضارب المصالح وتباين الأولويات والأجندات للأطراف الرئيسية المشاركة في الحوار(حماس وفتح)،وكذلك الدولة الراعية، والحديث المباشر من قيادات الفريقين(الأحمد ونزال)،بأن هناك "فيتو" أمريكي- إسرائيلي على هذا الحوار،وهو بالطريقة والآلية التي يجري فيها،لن ينتج شيئاً،وهو مضعية للوقت واستنزافاً للأعصاب والجهد، فهذا يعني أن هذا الحوار،حاله كحال المفاوضاوت المارثونية والعبثية،سيستمر في الدوران في الحلقة المفرغة. ومن هنا نرى أن أمريكيا وإسرائيل ستعملان على تكريس حالة الانقسام السياسي والجغرافي الفلسطيني،واستمرار حالة الضعف الداخلي الفلسطيني،وعدم تقديم أية تنازلات جدية أو حقيقية لها صلة بالحقوق والثوابت الفلسطينية،تحت نفس الشعارات والذرائع،عدم وجود شريك فلسطيني،وعدم القدرة على محاربة"الإرهاب"،أي فصائل المقاومة الفلسطينية،وغير ذلك من نفس الشعارات"والكليشهات" الإسرائيلية المكررة والممجوجة،والمستهدفة بالأساس،تحلل وتنصل إسرائيل من أية التزامات تجاه العملية السلمية،والاستمرار في فرض الوقائع والحقائق على الأرض،من تكثيف للاستيطان،والعزل النهائي لمدينة القدس عن محيطها الفلسطيني،وإخراجها من أية مفاوضات محتملة،بعد إحكام السلطة والسيطرة والإسرائيلية عليها . أن استمرار التلهي بالحديث غير الجدي،عن حوار تعوزه الجدية والصدقية،وتغليب للمصالح الفئوية والخاصة على المصالح العليا للشعب الفلسطيني،وعدم تقديم تنازلات للصالح العام من قبل الطرفين،واستمرار كل طرف بالتشبث بوجهة نظره،وعدم العودة لحوار جاد وحقيقي ومسؤول،مستند الى المصلحة العليا للشعب الفلسطيني،وبعيداً عن امتلاك الحقيقة المطلقة وعبارات التخوين والتفريط والتكفير،ومحاولة كل فريق لتسجيل نقاط على الفريق الآخر، لن يؤدي في النهاية إلا الى ضياع وتبدد كل الحقوق والمنجزات والمكتسبات،التي دفع شعبنا ثمنها الكثير من الشهداء والتضحيات والمعانيات،ناهيك أن ذلك سيدفع بالمجتمع والوضع الداخلي الفلسطيني،نحو مزيد من الضعف والتفكك والتحلل ،وستعلو الانتماءات الحزبية الضيقة والفئوية والعشائرية فوق الانتماءات الوطنية. ومن هنا فأرى أن تكف جميع الأطراف عن حوارات رفع العتب،وأن تلتفت الى المصالح العليا للشعب الفلسطيني،وحوارات القاهرة هي جزء من هذا العبث ورفع العتب،وذهاب الأطراف إليها،من باب عدم تحمل المسؤولية عن فشل الحوار أو عدم الرغبة فيه ،وهم مدركين تماماً عدم جدية هذه الحوارات وعدم الجاهزية والنضج لها، وليرحموا شعبنا الفلسطيني ويريحوه من هذا العبث واللعب والمقامرة بمصيره وحقوقه.
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في الوطن/ على أعتاب الشهر الفضيل/ بضائع فاسدة ...تجار جشعون
...
-
في القدس / على أعتاب الشهر الفضيل / جدران ...كاميرات ... أسل
...
-
يرحل قائد....ويسجن آخر/ وتبقى الجبهة والوطن
-
في القدس / على أعتاب العام الدراسي الجديد / طلاب بلا مدارس و
...
-
بين اتفاق - الرف- وتداعيات حرب تموز ...
-
بلعين مرة ....أخرى
-
عام الخسارات الفلسطينية والعربية/ العظماء يرحلون بصمت!!!
-
هل اطلاق سراح نواب ووزراء حماس/ مقدمة لانجاز صفقة التبادل بي
...
-
لقاء عباس - -أولمرت- في الوفت الضائع !!
-
برسم حسن النوايا الاسرائيلية / الافراج عن خمسة أسرى فلسطينيي
...
-
مفارقة / ما بين-أولمرت- والزعامات العربية !!
-
تصفيات....اغتيالات.....هدم.....اعتقالات فلسطينية واسرائيلية
-
بين سعدات والبرغوثي
-
حزب نور وتيار مهند
-
أمريكيا ليس لها أعداء دائمين/ فهل يتعظ المعتدلون العرب؟؟؟
-
الأسرى القدماء/ ملف -شاليط- والفرصة الأخيرة
-
من نصر تموز /2006 الى نصر تموز/ 2008
-
ويبقى الوطن مستباحاً/ العراق....فلسطين....السودان....ف...
-
بلعين الجدار..... بلعين الحوار...... بلعين أشرف أبو رحمة ...
...
-
المطلوب ميزانية خاصة للأعراس والمناسبات الاجتماعية الأخرى!!؟
المزيد.....
-
أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق-
...
-
لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا
...
-
ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب
...
-
شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
-
لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم
...
-
السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما
...
-
الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي
...
-
ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
-
لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|