|
تعددت السفن والطوفان واحد
رياض الأسدي
الحوار المتمدن-العدد: 2384 - 2008 / 8 / 25 - 03:00
المحور:
كتابات ساخرة
أعتاد العراقيون أن يطلقوا على الأماكن التي تكتظ بالعمل والناس ب (سفينة نوح) ولذلك تسمى (التاتا) التي تنقلني من (كراج العلاوي) إلى البياع أيام زمان بسفينة نوح، حيث تكتظ بالجالسين والواقفين والمتعلقين بها وأرجلهم للهواء: هذا ما كان يدعى بالعراق العظيم. وكذلك الريمات واللايلاند والمصلحات الرومانية الطويلة التي تشبه دودة قز (اشتراكية) مدخنة حيث جيء بها في عقد السبعينات لحل أزمة النقل في العراق- لكن أبشّر مخططي النظام السابق الجهابذة بان أزمة النقل في بغداد قد حلت وليس من خلال (مقترحات) إنشاء عاصمة إدارية في تكريت، ولكن بشن الحروب والمقابر الجماعية والهجرة إلى خارج البلاد: حل سريع وغير مكلف طبعا. ثم أتبعت الآن بالوسيلة السابقة نفسها – إذ لا تبديل ولا تغيير بسبب رخص الكلفة – فبدأت سلسلة جديدة من التهجير والصراعات المسلحة والمقابر الجماعية أيضا: كلّ تلك المصائب جرت لأن لدينا سفن نوح متعددة فقط ولأغراض واحدة تقريبا: الهيمنة والسيطرة والتدكتر. وكذلك من اجل مواصلة الفكرة لا ننسى – وللسيد التاريخ فقط! - عربات قطار الدرجة السياحية التي كانت تعد سفن نوح حديدية بطيئة ومهتزة ومطقطقة طوال الليل لحمل الجنود إلى جبهات القتال الشمالية او الجنوبية. وكذلك قاعات انتظار المتقاعدين الخانقة وغير المكيفة طبعا: كل تلك الأماكن – سيداتي سادتي- هي سفن نوح بامتياز لدى العراقيين، فليس لدى سيدنا نوح – بطل تاريخ الطوفان- في العراق سفينة واحدة أبدا: وهذه من عجائب العراقيين للعالم. ولذلك عكف المعنيون بشؤون التقليل من مخاطر التنمية البشرية لدى العراقيين بوسائل وطرق مختلفة وحسب المرحلة التاريخية من اجل تقليل أعداد سفن نوح لدينا. ورحم الله الزعيم عبد الكريم قاسم حيث كان الوحيد الذي يمنح العراقية جائزة في حالة تعدد الولادات لديها، فقد كان الرجل يحب للعراقيين أن يتكاثروا وان يزدادوا باضطراد ليباهي بهم الأمم لأنهم شعب صغير ولديهم أراض واسعة وثرية ولا بد من الدفاع عنها. ومن غرائب الأوضاع السياسية لدينا في العراق الآن وجود هذه الكم الكبير من (سفينة نوح الحكومة) من الوزراء والوزارات الكرتونية، ويمكننا لكثرتها أن نطلق عليها سفينة نوح المحاصصية أيضا، مادامت السفن النوحية تتعدد لدينا وتتلون وتتخندق في كلّ مرحلة تاريخية شائكة او غير شائكة؛ فلدينا بالتمام والكمال(35) وزارة ووزارة دولة ويقال والعهدة على الراوي(70) مستشارا سياسيا في مكتب رئيس الوزراء وحده وهم بدرجة وزير طبعا!! ويكفي أن نشير في هذا المجال إن بريطانيا بجلالة قدرها لديها عشرة وزراء في حكومة فلاش كوردن براون! ولدى الصديق الجميل الإستراتيجي بهي الطلعة عمنا بوش الأبن (12) وزيرا فقط، وهي أعظم دولة إمبراطورية على الأرض حتى هذه اللحظة التي لم يؤذن بها بقيام الساعة. لكننا بالطبع لا نتساوى بهؤلاء (الجهلة) من (الفرنجة) وعلينا أن نسبقهم فيكون لدينا (35) وزيرا لكي ينهضوا بالملف النووي العراقي! ولندع المطربة العراقية الجميلة عفيفة إسكندر تصدح بصوتها الرائع: على عنادك على عنادك لعدهم واحرق أفادك! وحينما حاول رئيس الوزراء نوري المالكي جاهدا ترشيق – تيمنا بحملة الترشيق لشفط الدهون التي سبق أن دعا لها الرئيس السابق المشنوق- هذه الوزارات والتقليل من الهدر العام لأموال الدولة، قامت الدنيا ولم تقعد عليه لدى الكتل السياسية الربربانية، وعدوا ذلك(خلق مشكلة) خطيرة بالنسبة لهم: وتضييع لحقوقهم الانتخابية المحاصصية. ومن هالمال حمل طلايب! بالطبع هي مشكلة خطيرة حقا إذ سيجلس بعض(ربعهم) بلا سفينة ولا ربح ولا مصالح ولا حصة ولا نفوذ وبلا طرقاعة (همين) تحل على رأس العراقيين وهذه مشكلة إذ كيف يمكن لحد (ما) ان لا يكون له دور من كلّ زوجين اثنين.. هل تريدوننا مخالفة ما جاء في بيان سيدنا نوح العالمي؟ ولا احد يدري لم يستمر هذا (الإنفاق) الكبير على وزارات لم تقدم أية خدمات معقولة للعراقيين، وعما إذا كان راتب ذلك الوزير وحاشيته حلالا أم حراما في ظل هذه الفوضى الإدارية العارمة والعطالة المقنعة للدولة العراقية؟ وإذا كانت الدولة قد حققت بعض النجاحات الواضحة في الجانب الأمني وتنفس الناس بعض الصعداء بطعم الحرية العادية اليومية التي تتمتع بها الحيوانات عادة والمفقود منذ زمن اوتونابشتم فما زالت بعض الأماكن في العراق ساخنة وتحتاج إلى همة أخرى لتخليص الناس من الجماعات المسلحة التي لا تدين بدين ولا تلتزم بعرف ولا تعمل إلا لمصالحها وخدمة أجندات من خارج العراق. فالعراق كله سفينة نوح وهو النجاة بالنسبة لنا وليس أي مكان أخر، وألم يحن الوقت (لفرض القانون) الطبيعي على تعددية الوزارات غير الملزمة وغير المجدية في الحكومة العراقية؟ إنها سفينة نوح يصدرها العراقيون للعالم من جديد ولكنها بائسة بالنسبة للعالم وغير مفيدة.
#رياض_الأسدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حديث إبن الرافدين: حساب عرب سياسي
-
البحث عن قبعة نابليون
-
المسيري: ثلمة في جدار قديم
-
نادورام كوتشي
-
وهم العالمية: بيس نفر
-
حزن ما بعد المليون
-
عمود طاجا / عمود تيراقا
-
إلى كراج النهضة
-
سبخة العرب
-
العشرة المبشرون..!
-
لماذا ننشر كتبنا هنا؟
-
انهض أيها القرمطي
-
فتاح باشا
-
حرب عالمية أقتصادية على الأبواب؟؟
-
تعالوا إلى الطفولة العراقية في غينس
-
العراق وتركيا : من الخاسر في النهاية؟
-
الستراتيجية الاميركية بعد سبتمبر 2007
-
بكالوريا
-
بندورا بغداد
-
جَردة الموت (آمرلية ) هذه المرة
المزيد.....
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|