هيكل سليمان وقلعة الأسد

ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)

الحوار المتمدن-العدد: 2382 - 2008 / 8 / 23 - 01:33
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

مَن هدم هيكل العميد محمد سليمان؟ تبدو الإجابة على هذا السؤال المحير شديدة الغموض، بصيغة أخرى، مَن حجب ظل الأسد ومن الذي تجرأ على ضرب أهم حجر من أحجار قلعته الصامدة؟.
يستحيل أن تكون إسرائيل التي تسعى لبناء هيكل سليمانها، هدمت هيكل جارها السوري، الذي يعرف حدود اللعب وخطوط النار معها، فهذه ليست شهادة براءة لإسرائيل، إنما هي المرة الأولى التي يُحصر فيها الاهتمام وتوجه الشكوك بالاغتيال نحو جهة أو جهات غير إسرائيل التي لا تعبئ بالكشف عن أعمالها العدائية .
مرة أخرى، مَن الذي اغتال سليمان ولماذا؟ وهل اغتياله موجه لشخصه أم لشخص النظام السوري الذي يمثل هيكله الصلب، نظراً لخطورة الملفات التي كان يديرها؟.
إن اغتيال سليمان لا يمكن أن يتم بأيدٍ داخلية أياً كانت العداوات التي يكنها أركان النظام لسليمان، فحلقة سليمان ترتبط بها باقي الحلقات الأمنية الضيقة بشكل قوي ومتين، وضرب هذه الحلقة يعني فتح أبواب جهنم أمام تصارع الحلقات الأخرى التي لا ينتفي الخصام الشخصي بينها، وربما قدرت الجهة التي اغتالت سليمان خطورة هذا الأمر جيداً أو لم تضعه في حسبانها .
إن زيارة الرئيس بشار الأسد إلى تركيا، كشفت بشكل غير مباشر الجهة التي اغتالت سليمان، وظهر ذلك من خلال ما حملته الزيارة المفاجئة من إشارات حاسمة للمنفذين، أولها : إن النظام السوري غير عابئ بفقد أهم رجالاته عملاً بمقولة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات " يا جبل ما يهزك ريح " وثانيها إفهام إيران التي عاد منها الأسد حزيناً، أن تركيا المعتدلة قد تكون البديل عن التحالف معكم الذي بات يوصف عالمياً بـ "حلف الشر" وكأن زيارة الأسد وعقيلته إلى تركيا وهبوطهما في منتجع بودروم السياحي تأتي في سياق الرد البارد على إيران بخصوص اغتيال سليمان .
لقد وصل اليأس الإيراني حدوداً لا تطاق جراء الميوعة والمماطلة في التحقيق السوري باغتيال القائد العسكري في حزب الله عماد مغنية، فإيران على يقين أن إسرائيل التي اتهمها حزب الله باغتيال مغنية، لا تقف وراء اغتياله مئة بالمئة، فردت إيران على حليفها السوري رداً مزلزلاً ذكرنا برد والي مصر محمد علي على خصومه المماليك حينما دعاهم إلى وليمة دسمة في القلعة التي سقطت أحمالها الثقيلة على رؤوسهم .
يبقى السؤال معلقاً، كيف وصلت إيران إلى ظل محمد سليمان في هذا التوقيت الصعب، وما هي الطريقة التي هدمت فيها هيكله في ظل كثرة السيناريوهات والروايات حول مقتله؟.
انهار هيكل سليمان ولم تنهار القلعة التي كان يظلها، لكن انهيارها الفعلي لم يبدأ بعد، كما قلنا إذا كانت إيران تقف وراء هذا الانهيار ثأراً لدماء مغنية التي تعدل دماء عشرات النظم ولا تقل ثمن دماء مغنية عن ثمن وقود مفاعلات طهران النووية، فإنه سيفتح أبواب القلعة الحصينة على مصراعيها أمام كل الاحتمالات والمفاجآت .

#ثائر_الناشف (هاشتاغ)       Thaer_Alsalmou_Alnashef#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات