عبد صموئيل فارس
الحوار المتمدن-العدد: 2381 - 2008 / 8 / 22 - 07:22
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
عاد إلى ذاكرة المصريين حريق القاهرة الكبير، وذلك نتيجة متابعة الحريق الذي شب في المبنى الخاص بمجلس الشورى المصري والذي بناه الخديوي إسماعيل أحد أبناء محمد علي باعث نهضة مصر الحديثة، فقد اهتم الخديوي إسماعيل ببناء مبنى لمجلس شورى النواب لكي تكون مصر أولى الدول في إنشاء مجلس نيابي يمثل الشعب، ويكون قادراً على نقل معاناتهم.
فكانت بادرة حضارية قام بها الخديوي إسماعيل، وظل هذا المبنى قائم، له أكثر من 150 عاماً حتى أنَّه أصبح من العلامات المعمارية المتميزة داخل مدينة القاهرة لما يحمله من طراز معماري متميز وموقع يتوسط قلب القاهرة النابض بالحياة طوال اليوم، ولكن أيدي الإهمال التي هي دائما تعبث بطراز مصر الحضاري كانت تقف لهذا المبنى ولغيره بالمرصاد، فكُتبت نهاية هذا الصرح الأثري المعماري في يوم الثلاثاء 19 أغسطس عام 2008، عندما شب حريق هائل بالمبنى ليكشف لنا عن حجم الإهمال في دولتنا الرشيدة فحجم عربات الإطفاء التي كانت تقوم بعمليات الإطفاء كانت كفيلة بالسيطرة على الحريق وإنقاذ الموقف في حالة واحدة لو أنَّها مجهزة لمواجهة هذه الكوارث.
ولكن نحن شعب يحب الديكور فسيارات الإطفاء موجودة، ولكن كيف تعمل ومن يعمل عليها وهل هو مؤهل أم لا، هذه لن تجدها فكل شيء يعمل بطريقه روتينية وبعدم مبالاة أو انتماء، فهناك عنصر أساسي في مواجهة هذه الكوارث وهو روح الانتماء داخل المواطن وهذه للأسف تم قتلها في العصر المبارك نتيجة سياسة القمع والتنكيل.
صدقوني إنني كمواطن، عندما رأيت الحريق لم أتمالك نفسي أو مشاعري وحالة حزن واكتئاب سيطرت على كل كياني، وكأني فقدت شيئاً من جسدي ولم أستطع النوم إلى صباح ذلك اليوم وأنا افكر في هذا التراث الذي هو ملكي وملك كل مواطن مصري يحب بلاده، ودار في رأسي شريط طويل من الإهمال الذي طال تراث مصر سواء من عمليات سرقة آثارها التي أصبحت بطريقة علنية وبدون أي حياء ليتم بيعها في مزادات العالم وهي الآن تملأ كل متاحف الدول المتقدمة.
أن يطول الإهمال منشئة سيادية مثل هذه، يجعلنا نستبشر الخير في باقي مصر التي هي معرضة للحريق عن بكرة أبيها مع هذا النظام القائم.
#عبد_صموئيل_فارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟