نبيل قرياقوس
الحوار المتمدن-العدد: 2379 - 2008 / 8 / 20 - 04:38
المحور:
كتابات ساخرة
يوميات عراقي
صدفة غريبة ان تتعدد لقاءاتي برجل يبدو في مطلع العقد الخامس من عمره ، نحيف ، رث الملابس ، يحمل بيده دائما علاقة نايلون صغيرة ، وذلك بعد الظهر على خط تنقل ( الكيات ) بين الكرادة وبغداد الجديدة .
يكون في البدء صامتا كبقية ركاب الكيا ، لكنه لا يستطيع التحمل الا ثوان ، وليبدأ ( كأنه يخطب في الحاضرين ) بالكلام بصوت عال ، وليكشف عن رائحة ( عرق ) تناوله ، تفوح بقيح قاتم يثقل دواخله ، فقبل ايام ، حدثنا عن معاناته في الحر مع مولدته الكهربائية التجارية الصينية الصنع التي تعطل يوميا ، وحدثنا في يوم اخر عن معاناته في الحصول على جواز السفر حيث وطوال عام كامل كلما يذهب للدائرة يقولون له : تعال بعد شهر ، خلصت الاستمارات بينما يكون عدد المراجعين معدودا والازدحام وهميا !!.
اليوم بدأ حديثه بكلمات ( صندوق النقد الدولي ) ، وظل يكررها لعدة مرات ، مثيرا انتباه وضحكات النساء والرجال الذين لا يعرفونه ، ثم اردف قائلا بجمل متقطعة :
كهرباء ماكو ...صندوق النقد الدولي يقبل !
نفط ماكو .. صندوق النقد الدولي يقبل !
سفر وراحة ماكو .. صندوق النقد الدولي يقبل !
رشاوي اكو .. صندوق النقد الدولي يقبل !
سكن ماكو .. صندوق النقد الدولي يقبل !
شغل ماكو .. صندوق النقد الدولي يقبل !
تأمين صحي ماكو .. صندوق النقد الدولي يقبل !
فلس للعراقي .. صندوق النقد الدولي ( ما ) يقبل !!
بين همسات الحاضرين ، اكمل السكران خطبته بجملة الزمتهم الصمت ، وكأنه استطاع ان يقنعهم بها ، رغم كونه ثملا ، ربما لانه افصح بصراحة وعن قرب ، عن معانات قد يكون الجميع يعيشها ، قال :
اريد اعرف شنو يطلبنا صندوق النقد الدولي ؟!.
#نبيل_قرياقوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟