شرف بلاصي
الحوار المتمدن-العدد: 2379 - 2008 / 8 / 20 - 10:21
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تأسست الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في 22-2-1968 كفيصل يساري مستقل فكريا وسياسيا وتنظيميا من فصائل حركة التحرير والمقاومة الفلسطينية.
وقد جاءت نشأتها في ضوء التراجع الكبير للمشروع القومي العربي بعد حرب حزيران (يونيو) 1967.
لقد كشفت هزيمة حزيران ( يونيو ) عن مأزق برنامج وعمق أزمة الحركة القومية بمختلف تشكيلاتها بشكل عام وفي الساحة الفلسطينية الأردنية بشكل خاص , وفي غضون تلمس هذه ألأزمة توجهت قطاعات واسعة من المناضلين من مختلف الأحزاب القومية والبيئة السياسية القومية نحو اليسار ونحو صياغة برنامج وطني ديمقراطي ثوري بأطر طبقيه وفكرية جديدة ,هذه الجموع لم تجد مكانها في حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح التي أعلنت عن انطلاق الكفاح المسلح فكانت تمثل النهج العفوي لحركة المقاومة ,ولم تجد نفسها في اليسار الشيوعي التقليدي في فلسطين الذي لم يعطي الخصوصية الفلسطينية أي اهتمام والربط الجدلي بين ما هو وطني وقومي وأممي ,وابتعادها عن برنامج إحياء الدور الخاص للشعب الفلسطيني ,والذي لم يكن في برنامجه النهج الكفاحي .
وقد ارتبطت نشأة الجبهة الديمقراطية بالتحولات اليسارية التي شهدنها مجموع الحركة القومية بمكوناتها الناصرية والبعثية وحركة القوميين العرب ,والصراع الفكري والسياسي الذي احتدم بين مختلف أجنحتها على امتداد المشرق العربي ,الأمر الذي أدى إلى تأسيس أحزاب قطريه في بلدانها, وتمثل ذلك بان عمل الجناح القومي العربي الفلسطيني تحت اسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين من 11-12-1967 .
قدم نايف حواتمه التقرير السياسي الأساسي في مؤتمر أب(أغسطس ) 1968 للجبهة الشعبية لتحرير بصفته عضواً في المكتب السياسي للجبهة الشعبية ,حيث يعتبر هذا التقرير الأساس الذي بنت عليه الجبهة الديمقراطية فيما بعد استقلالها الأيديولوجي السياسي والتنظيمي ,ومثل هذا التقرير نقطة خلاف بين أعضاء الجبهة الشعبية على مستوى ألقياده ,مما أدى إلى انفصال مجموعه كبيره من أعضاء الجبهة وعلى رأسهم نايف حواتمه .
واتخذت الجبهة لنفسها في السنوات من انطلاقتها اسم " الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين " وبعدها اسم "الجبهة الديمقراطية الشعبية لتحرير فلسطين" وقد جاء هذا الاسم للحفاظ على التراث الكفاحي لمناضليها الذين أسهموا في تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وناضلوا في صفوف أحزاب الحركة القومية والوطنية الفلسطينية في الضفة والقطاع والأردن وتجمعات اللجوء والشتات , وبقيت الجبهة تعمل تحت هذا الاسم إلى العام 1975الذي أقرت فيه اللجنة المركزية الثانية البرنامج السياسي الجديد إلى "الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" وذلك تعبيراً منها عن التحولات البرنامجية الطبقية و الأيديولوجية التي وصلت إليها والتي تجمع بين الفكر اليساري الديمقراطي وخصوصية القضية الفلسطينية .
فالجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قدمت نفسها في مراحل التأسيس الأولى كجبهة يسارية متحدة ,ودعت لإقامة تحالف ديمقراطي ثوري فعملت على استقطاب قطاعات ديمقراطية يسارية ذات اتجاهات مختلفة مستقلة ,وعملت على جذب فئات من مختلف صفوف الحركة الوطنية والديمقراطية . فانضمت إليها بعد شهور قليلة من التأسيس منظمتان يساريتان هما " عصبة اليسار الثوري الفلسطيني " و "المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين " وفي العام 1972 قطاعات من الجبهة الشعبية الثورية.
وتطرح الجبهة الديمقراطية منذ نشأتها يساراً قادراً على تمثيل الخصائص الوطنية للقضية الفلسطينية ومشكلات الصراع مع الاستعمار الاستيطاني الأجلائي الصهيوني ,يستوعب خصائص حركة التحرر الوطني العربي في مرحلته الوطنية الديمقراطية ونضالها ضد القوى الامبريالية والصهيونية والرجعية والتخلف .
كان نايف حواتمه الناطق الرسمي باسم الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وانتخبته الجنة المركزية الأولى في أب (أغسطس) أمينا عاماً للجبهة الديمقراطية وتوالى انتخابه أمينا عاما حتى يومنا هذا .
لقد عقدت الجبهة الديمقراطية في الفترة الممتدة من اب (أغسطس) 1970 وحتى أيار (مايو) 1998 سبعة مؤتمرات وكونفرنسات وطنية عامه ,أدت إلى تبلور المنطلقات الفكرية والسياسية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين .
فمنذ التأسيس برزت في المنطلقات النظرية والممارسة النضالية في الفكر السياسي للجبهة الديمقراطية محاور ثابته وفي قلب هذه الثوابت تقف المقاربة المرحلية للمسالة الوطنية لحركة تحرر وطني شديدة الخصوصية , والعلاقة الوثيقة بين الخط السياسي والحلول التنظيمية للتقدم نحو الأهداف السياسية المحددة على قاعدة تؤمن تعبئة القوى وتحشيدها وتمتين الوحدة الوطنية والائتلاف المنبثق عنها .
ويقوم البرنامج المرحلي على انجاز حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة حتى حدود الرابع من حزيران (يونيو) 1967بما فيها القدس العاصمة ,وقد اعتمد البرنامج المرحلي خطاً موجها لسياسة الجبهة الديمقراطية منذ الدورة الرابعة للجنة المركزية الثانية في أب (أغسطس) 1973 ,وأكدت عليه الجبهة في بيانها الصادر عن اللجنة المركزية في تشرين الثاني (نوفمبر) 1973 .
وجاء المجلس الوطني في دورته الثانية عشر في حزيران (يونيو) 1974 ليعتمد البرنامج المرحلي تحت عنوان "برنامج النقاط العشر " .
وبذلك تعتبر الجبهة الديمقراطية ان الأهداف المتضمنه في البرنامج المرحلي هي الإطار الواقعي للتوصل إلى تسوية متوازية لمسالة الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي في المدى التاريخي المنظور .
الوحدة الفلسطينية احد المحاور الأساسية التي اعتمدتها الجبهة الديمقراطية لإمكانية مواصلة النضال الوطني ,فمنذ نشأتها انضمت بجناحها العسكري إلى ائتلاف وطني ميداني ممثلا بقيادة ( الكفاح المسلح ) ,وانخرطت الجبهة الديمقراطية في عضوية المجلس الوطني في أول دورة عقدت بعد تأسيسها وشاركت بعضوية الجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية .
قدمت الجبهة الديمقراطية منذ نشأتها العديد من المبادرات والأطروحات التي تدعو إلى توحيد القوى الوطنية الفلسطينية والعمل من خلال نقاط الالتقاء التي تجمعها للوصول إلى وحدة وطنية شاملة في مختلف مراحل الثورة الفلسطينية .
#شرف_بلاصي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟