أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - تاج السر عثمان - الدولة في السودان الوسيط(الحلقة الاخيرة)















المزيد.....

الدولة في السودان الوسيط(الحلقة الاخيرة)


تاج السر عثمان

الحوار المتمدن-العدد: 2379 - 2008 / 8 / 20 - 10:23
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


نشأة وتطور الدولة في دارفور(1445 - 1874م)
معلوم أن سلطنة دارفور قامت علي الأطراف الغربية من سودان وادي النيل في أواسط القرن السابع عشر، وتزعم الروايات المحلية أن تأسيس أول دولة في بعض جهات دارفور ترجع إلى الداجو خلال القرنين الثالث عشر والرابع عشر ، بالإضافة للداجو تشير أيضاً للتنجرالذين بسطوا نفوذهم علي المنطقة الوسطي في نحو أول القرن الخامس .ولا تفيدنا المصادر والروايات بمعلومات مفصلة علي البنية الاقتصادية الاجتماعية لدولتي الداجو والتنجر والتي توضح بهذا القدر أو ذاك الخلفية لاعراف وعادات متوارثة لسلطنة دارفور من تلك الممالك القديمة . ويري أوفاهي أن تاريخ دارفور ضارب في القدم يعود إلى العهد النوبي بل والمروي ولكن الاثاريين وحدهم هم الذين يستطيعون أن يؤسسوا لذلك (1) .
وكانت سلطنة دارفور تحد من الشرق بجبل الحلة أو حلة الشريف التابعة لام كدادة وتحد من الغرب بوادي يفصل بين الجنينة التابعة لدارفور وادري التابع للسودان الفرنسي ، وتحد من الشمال لوادي هور في الصحراء الواقفة شمال كتم وتحد من الجنوب بحر العرب بمديرية بحر الغزال (2) وكانت عاصمتها جبل مرة فنقلها السلطان موسى إلى كبكابية ، تم نقل السلطان محمد تيراب إلى بلدة جنوب الفاشر واخيراً نقلها السلطان عبد الرحمن الرشيد إلى الفاشر ولم تزل
33
بالفاشر إلى سقوطها عام 1874م عندما هزم الزبير باشا رحمه السلطان إبراهيم قرض في واقعة منوا شي الشهيرة واضحت دارفور تابعة للإدارة التركية المصرية .
أما سلطنة دارفور الثانية فقامت علي يد السلطان علي دينار واستمرت حتى مقتله في زالنجي عام 1916م.
وتتباين الاراء حول تاريخ سلطنة دارفور ، ولكن ما يهمنا هنا أن سلطنة دارفور الإسلامية كانت نتاج تطور تاريخي طويل مرت بمراحل تفكك المجتمعات البدائية وقيام المجتمع الزراعي الرعوي وظهور التفاوت الاجتماعي الذي أدى لنشؤ ممالك وسلطنات الداجو والتنجر ،إلى أن تطور هذا الشكل في سلطنة دارفورالإسلامية والتي كانت بمثابة تطور أوسع واشمل لقيام السلطات والسلالات الحاكمة في الأقاليم .
دولة الفور :
استندت دولة دارفور الإسلامية في تركيبها إلى الشريعة الإسلامية والأعراف المحلية ، وهى امتداد وتطور للدويلات أو الممالك السابقة التي بدأت تظهر في المنطقة قبل الإسلام مثل ممالك الداجو والتنجر .
ويرى د.سمير أمين(أن الدولة في غرب أفريقيا كانت قد ظهرت إلى الوجود في القرن العاشر والتاسع عشر ، غطت الدولة منطقة غرب أفريقيا ،مالى ، ممالك أو لوف ،سولنقاى ،بامبارا،بيل ، هوسا ، موسى
34
، ساراكوا ، انشانتى ، بوروبا،.....الخ).
ومعلوم أن الدولة تظهر كعملية طويلة ومعقدة مع تفكك المشاعة البدائية وظهور أول انقسام طبقي أي مع ظهور الفوارق الطبقية،لان الدولة ما هي ألا الأداة التي تسيطر خلالها طبقة أو طبقات مع اخذ خصوصيات ونشؤ كل دولة فى الاعتبار وتداخل وتفاعل العوامل الاقتصادية والطبقية والسياسة والدينية التي تؤدى إلي نشؤها .
ويمكن أن نجمل بعض الملاحظات على سمات وخصائص دولة دار فور في النقاط التالية:ـ
(1) القوة الرئيسية الحاسمة فى تركيب دولة الفور كانت قوة السلطان الذي كان يتمتع بنفوذ مطلق . أما الجهاز الذي يليه رغم تضخمه ورغم كثرة الألقاب فلم يكن اكثر من معاون ومنفذ لمشيئة السلطان ودولة الفور كانت دولة ملكية استبدادية ، وحكم السلطان فيها كان نافذاً ومطلقاً ، وبالتالي فان تلك الدولة كانت طبقية وتعبر عن مصالح السلطان والشريحة الحاكمة واصحاب الأراضي اوالحواكير.
وإذا قارنا دولة الفور بدولة الفونج نلاحظ أن دولة الفونج أخذت الشكل الامركزي بينما دولة الفور أخذت الشكل المركزي ،
قام النشاط الاقتصادي فى السلطنة على الزراعة والرعى إضافة للتجارة والصناعة الحرفية ، ونظم سلاطين الفور ملكية الأراضي ، فقد اعتبر السلطان كل أراضى السلطنة ملكاً خاصا له يقسمها السلطان في حواكيرلاتباعه ويحدد الخراج أو الإعفاء منة لكل حالة علي حدة

استناداً للشريعة الإسلامية والعرف إضافة لذلك فقد كان سلاطين الفور يحكمون قبضتهم علي التجارة.
3/ عرفت سلطنة الفور التفاؤت الطبقي أو الفوارق الاجتماعية والتي تتلخص في :- السلاطين والملوك ، واصحاب الحواكير ، التجار ، الفقراء والعلماء ،أرباب الصنائع ، المزارعون ، الرقيق .
4/ كانت التشكيلة الاجتماعية تتكون من الأنماط الإنتاجية التالية :-
أ/ نمط الإنتاج البدائي للقبائل التي كانت تقطن جنوب السلطنة( دار فرتيت) والذي كان يقوم علي الصيد والتقاط الثمار وتربية الحيوانات هذا إضافة إلى أن تلك القبائل البدايئة نفسها كانت عرضة لحملات صيادين وتجار الرقيق وقد كان اغلب الرقيق الذي كانت تصدره السلطنة للخارج يجلب من تلك المناطق .
)ب) نمط الإنتاج العبودي : فقد كانت تجارة الرقيق أحد مصادر الأرباح للسلاطين وتجار الرقيق إضافة إلى انهم كانوا يعملون بالزراعة والرعي وفقاً لعلائق الإنتاج العبودية،هذا إضافة لدور الرقيق في جيش السلطنة فضلاً عن انه كان وسيلة تبادل أو دفع الجزية أو الخراج .
ج) نمط الإنتاج الإقطاعي السائد والذي يتميز بهيمنة السلطان المركزية أو في نظام حكم إقطاعي استبدادي مطلق ، يحتكر السلطان فيه الأراضي ويعطيها لمن يشاء وينزعها عن ممن يشاء هذا إضافة لاحتكار السلطان للتجارة ، هذا فضلا عن علائق السخرة فقد كان

المزارعون يجبرون على العمل فى أراضى السلاطين وحكام الأقاليم بلا مقابل ، إضافة للاستحواذ على الجزء الاكبرمن فوائض إنتاج المزارعين وتقسيمه بين أصحاب الحواكير وحكام الأقاليم والسلاطين.
د) نمط الإنتاج الصناعي الصغير : وما ينتج عنه من تقسيم عمل حيث ظهر أصحاب الحرف وأرباب الصنائع من حدادين ، نجارين والفخرانجية .... الخ . كما ظهرت الأسواق ، وتطورت الحياة الاجتماعية وظهرت فئات اجتماعية جديدة : فقرا ، علما ، كتاب ، وادارين وتجار...... الخ .
5/ حول البنية (الإنتاجية - الطبقية أو القاعدة الاقتصادية نشأت بنية ثقافية - فكرية كانت في تفاعل مع القاعدة الاقتصادية وتسهم بهذا القدر اوذاك في إعادة إنتاج النظام الإقطاعي السائد ، فقد استنبط سلاطين الفور نظاماً سياسياً وادارياً استند إلى الإسلام والأعراف المحلية.
وبعد انتشار الثقافة الإسلامية تفاعل الإسلام مع الموروثات المحلية في المنطقة مما أدى إلى بروز الإسلام في دارفور بشكله المميز ، كما أصبحت اللغة العربية أداة التدوين بجانب لغة الفور التي ظلت لغة الحديث ولغة الحياة العامة ، وانتشرت المساجد والخلاوي بالإضافة لسفر أنباء دارفور إلى مراكز العلم كالدامر والغبش وكترانج والأزهر طلباً للعلم وكان الفقرا والعلما يلعبون دوراً كبيراً في حياة

الناس الاجتماعية والروحية ، وكانت لهم أراضيهم المعفية من الضرائب التى يعمل فيها المزارعون بدون مقابل غير البركات ، وكان السلاطين يرتبطون بوشائج قويه مع بعض أفراد هذه الفئة وبعبارات أخري يمكن القول أن النظام الإقطاعي فى السلطنة كان يعيد إنتاج نفسه بوسائل سياسية وقمعيه واقتصادية ووسائل روحية يلعب فيها العلما والفقرا دوراً أساسياً .
أما نظام القضاء فقد استند على الشريعة الإسلامية والأعراف المحلية، وان سلاطين الفور قننوا الأعراف فى قانون أطلقوا عليه قانون دالي. كما عرفت السلطنة الجيش النظامي التي كانت وظائفه تتلخص فى أهداف السلطنة للتوسع الخارجي وحماية السلطنة من الغزو الخارجي وقمع المعارضة الداخلية.
وكان جيش السلطنة متطورا من الناحية التقنية حيث كان يستخدم الاسلحه النارية.


الهوامش
1/ ر.س. إوفاهي : الدولة والمجتمع فى دارفور (مركز الدراسات السودانية القاهرة 2000 ) ص14، ترجمة عبد الحفيظ عمر سليمان.
2/مذكرات محمد عبد الرحيم (مخطوطة) ضمن حسين سيد احمد المفتى: تطور نظام القضاء فى السودان- الجزء الأول الخرطوم 1959 ) ص 47
* للمزيد من التفاصيل عن الآراء المتباينة لتاريخ سلطنه دارفور راجع د. يوسف فضل : مقدمة في تاريخ الممالك الإسلامية في السودان الشرقي (1450 ـ 1821م) ( دار جامعة الخرطوم للنشر 1989م )
3/ د/ سمير أمين : الصراع الطبقي في أفريقيا ، مجلة الفكر المعاصر مايو 1979م ص 18- 19
للمزيد من التفاصيل راجع د محمد إبراهيم أبو سليم الفور والأرض ، وثائق تمليك الخرطوم معهد الدراسات الافروراسيوية، جامعة الخرطوم 1975م)
4/ تاج السر عثمان : تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي، مكتبة الشريف الاكاديمية 2005 .



#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نشأة الدولة في السودان الوسيط(550- 1821)(1)
- تعقيب علي الاستاذ كمال الجزولي
- الذكري ال 190 لميلاد كارل ماركس 1818- 1883م
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية( الحلقة الأخيرة)
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(9)
- ملاحظات نقدية علي مشروع التقرير السياسي
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(8)
- اتفاقية نيفاشا والصراع السياسي في السودان
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(4)
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(5)
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(6)
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(7)
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(3)
- تعقيب علي رسالة بروفيسور ساندرا هيل
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(2)
- نشأة وتطور الرأسمالية السودانية(1)
- خصوصية نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية: 1900- 1956م( الح ...
- خصوصية نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية: 1900- 1956(3)
- الماركسية وطبيعة الحزب في تصريحات الشفيع خضر
- خصوصية نشأة وتطور الطبقة العاملة السودانية: 1900- 1956م (2)


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - تاج السر عثمان - الدولة في السودان الوسيط(الحلقة الاخيرة)