|
في الذكرى الخمسينية لثورة تموز 1958
مازن لطيف علي
الحوار المتمدن-العدد: 2377 - 2008 / 8 / 18 - 10:24
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
مَرت الذكرى الخمسين على ثورة 14 تموز 1958، اول جمهورية عراقية، الحدث الاهم في تاريخ العراق الحديث.. تلك الثورة التي فتحت آفقا جديدة في تاريخ العراق السياسي، سعت ثورة 14 تموز منذ بدايتها الى تأسيس نظام ديمقراطي وطني نجحت الى حد ما في دمج المجتمع العراقي ضمن مشاريع التحرر والاستقلال والخروج من الاحلاف الاجنبية وتحرير الثورات النفطية وتحرير المرأة من عبودية المجتمع ومساواتها بالرجل وتأكيدها على الهوية الوطنية ونبذ الطائفية والعشائرية وتطوير على جميع المستويات التعليمي، الاجتماعي، الاقتصادي والتعددية الحزبية وحرية التعبير والصحافة وغيرها من الانجازات والاصلاحات التي قدمتها ثورة 14 تموز عام 1958 واثرت على قوى خارجية واربكت الامبريالية في عموم المنطقة.. اظهرت ثورة تموز عظمة الزعيم قاسم ووطنيته وحبه لابناء شعبه وبذله جهودا مضنية في تحرير البلاد من النظام الملكي الفاسد الذي استخف بمصير شعبه ومارس الاضطهاد والقمع ومصادرة الحقوق للمواطنين والوطنيين.. كان لنا هذا الإستطلاع مع عدد مِمَن عاصروا تلك الفترة : د. كاظم حبيب :هل كانت ثورة تموز 1958 عملية مفتعلة أم حالة موضوعية ؟
يزداد القيل والقال عن طبيعة ثورة تموز وعن كونها السبب وراء مصائب العراق الراهنة. وفي هذا القول كل التجني. إذ أن الانتفاضة العسكرية التي قادها الضباط الأحرار ثم ساندها الشعب بأمل تحويلها إلى ثورة اجتماعية - سياسية كانت تعبيراً عن حاجة موضوعية ملحة للمجتمع العراقي لعدة أسباب جوهرية: 1. إخلال الحكم الملكي والنخبة الحاكمة بالدستور العراقي لعام 1925 وتزييف الإرادة الشعبية والانتخابات وفرض الاتفاقيات الخارجية عليه والابتعاد عن مصالحه الأساسية. 2. التجاوز الكبير على الحريات الديمقراطية والحقوق الأساسية للمجتمع وعلى حقوق القوميات المشروعة وممارسة الطائفية في الحكم فعلياً واستمرار فرض الأحكام العرفية وزج المناضلين والمعارضين لسياسات الحكم الملكي في السجون. 3. البطء الشديد في مكافحة التخلف وتكريس العلاقات الإنتاجية شبه الإقطاعية واستمرار تخلف الريف والزراعة العراقية, وكذلك البطء في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتفاقم حجم البطالة المكشوفة والمقنعة وتنامي الفجوة الدخلية ومستوى المعيشة بين الفقراء والأغنياء وبين الريف والمدينة ونشوء حزام كبير حول المدن وخاصة بغداد يجسد حالة البؤس والفاقة والتشرد والتسكع والهامشية لسكان الريف النازحين. 4. عجز الشعب عن تغيير أساليب الحكم عبر المظاهرات والاحتجاجات, إذ ضربت وثباته وانتفاضاته في أعوام 1948 و1952 و1956 بالحديد والنار والسجون, كما رفضت احتجاجات الأحزاب السياسية وزج بقادتها في السجون وصدرت المراسيم المعروفة المناهضة للديمقراطية وحرية الفرد العراقي في عامي 1954 و1955 في فترة حكم نوري السعيد. لقد جوبه عنف الحكم بعنف المعارضة العسكرية والشعبية. حين انتصرت الانتفاضة العسكرية للقوات المسلحة سعى الشعب إلى تحويلها إلى ثورة اجتماعية وسياسية واقتصادية. وبدأت هذه المسيرة فعلاً بإصدار جملة من التشريعات الديمقراطية المهمة التي تنسجم مع طبيعة المرحلة والمهمات الأساسية مثل الإصلاح الزراعي وإلغاء معاهدة 1930 أو الخروج من حلف بغداد أو إصدار قانون الأحوال الشخصية واعتبار العرب والكُرد شركاء متساوون في العراق وبدء عملية التصنيع وإقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية مع الدول الاشتراكية.. إن صدور تلك التشريعات ورفض الدخول في وحدة مع مصر وسوريا مباشرة قد دفع بالقوى القومية والبعثية العراقية وعلى المستوى العربي والنظم القومية العربية من جهة, كما أن تشريع قانون الأحوال الشخصية على نحو خاص قد حرك القوى الإسلامية السياسية الشيعية والسنية من جهة أخرى ’ للتآمر ضد حكم عبد الكريم قاسم. رغم الطابع الوطني والإنساني لعبد الكريم قاسم وسياسته في المرحلة الأولى من حكمه, إلا أنه لم يتسم بروح مدنية ديمقراطية كافية لتحويل الحكم العسكري إلى الأحزاب والقوى المدنية ولم يبادر إلى سن دستور ديمقراطي, رغم المطالبة, وإلى إصدار قوانين تجيز عمل الأحزاب والمنظمات دون تدخل السلطة مباشرة أو الاعتراف بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي وبقية القوميات. وقد ساعد ذلك على نشوء حالة من الفوضى في البلاد, إذ أن الصراع بين القوى والأحزاب السياسية العراقية قد احتدم , وهي لم تكن بالمستوى المنشود من النضج والوعي بأهمية تجاوز الخلافات. فالسلطة كانت هدف جميع القوى دون استثناء. وزاد في إشكالية حكم عبد الكريم قاسم فرديته الطاغية وقناعته بصواب مواقفه من جهة, وولوجه في متاهات تأييد وضرب هذا الحزب ثم تأييد حزب آخر لضرب حزب آخر ... وهلمجرا, مما خلق استياءً عاماً في البلاد. وزاد في الطين بلة مفاوضاته مع شركات النفط الاحتكارية وإصداره التشريع الوطني القانون رقم 80 لسنة 1961 , ثم مطالبته بالكويت دون وعي بالمخاطر التي تحيط به وبالجمهورية, وكلا العاملين حركا كل القوى الأجنبية والعربية وشركات النفط الأجنبية ضد وهيأ الفرصة لتحالف القوى الخارجية والداخلية لإسقاطه. لقد وضع عبد الكريم قاسم بمواقفه الوطنية الداخلية وإزاء شركات النفط وكبار الملاكين وجمهرة من الإقطاعيين من جهة, وسياساته الفردية وعدم وضعه الدستور الدائم والحياة الحزبية الديمقراطية وضربه القوى بعضها بالبعض الآخر من جهة ثانية, وعدم تغييره لجهاز الدولة وأجهزة الأمن التي حافظت على طبيعتها وأغلبية العاملين الأساسيين من النظام السابق من جهة ثالثة, هيأ التربة الصالحة لحركة انقلابية مضادة له جاءت بقطار أمريكي – بريطاني – فرنسي وأدت إلى سقوطه في شباط من العام 1963. وقد مارس الانقلابيون البعثيون والقوميون مجزرة بشعة بحقه وبحق نخبة من قادة ثورة تموز والقوى الوطنية العراقية وفي مقدمتهم كوكبة من قادة الحزب الشيوعي العراقي. لم يكن قاسم وحده المسئول عن سقوط الجمهورية الأولى, بل كانت القوى الإمبريالية والرجعية العراقية والعربية والقوى القومية الشوفينية والجماعات السياسية الدينية أولاً, والأحزاب السياسية العراقية التي تميزت بعدم النضوج والارتقاء إلى مستوى المهمات وكانت كلها مصابة بمرض الطفولة اليساري والرغبة الجامحة في الوصول أو الهيمنة على السلطة ثانياً, والفردية والأخطاء الفادحة لعبد الكريم قاسم ثالثاً, إضافة على ضعف الوعي العام في المجتمع العراقي. إن ثورة تموز لم تتفجر بإرادة أفراد, بل فرضها الواقع والتفاعل بين نضوج العاملين الذاتي والموضوعي, وإلا لما انتصرت في حينها. ولكن فشلها لم يكن حتمياً, بل كان لأسباب كثيرة داخلية خارجية تضافرت وساهمت في إضعاف القوى المدافعة عنها ووضعت السلاح بأيدي المناهضين لها فسقطت ولم تحقق الأهداف التي سعت إليها, بل انتكست على امتداد العقود المنصرمة أكثر فأكثر حتى ساهمت النظم المتعاقبة, وخاصة نظام البعث ألصدّامي, في زج البلاد في ثلاث حروب خارجية وحرب داخلية ضد الشعب الكردي وحرب أخرى ضد الجنوب والوسط والكُرد الفيلية. سقط النظام تحت ضربات القوات الأجنبية وتخلص العراق من الدكتاتورية الصدامية , ولكنه أصبح تحت الاحتلال وساد الحكم الطائفي للسنوات المنصرمة. ورغم وجود الحرية, فأن البلد لا ينعم بالحياة المدنية والديمقراطية. وهي مسألة بحاجة إلى نضال سلمي وديمقراطي عنيد من أجل إخراج البلاد من حمى الإرهاب الداخلي والإقليمي ضد الشعب ومن الطائفية السياسية ومن الفساد المالي والإداري المستشري في البلاد ومن نقص الخدمات العامة والبطالة الواسعة المكشوفة والمقنعة. يأمل الإنسان في أن الشعب العراقي بقواه الديمقراطية واللبرالية قد تعلمت من دروس العقود الخمسة المنصرمة وستجد القدرة, رغم ضعفها وتشتتها الراهن, على التحالف والالتصاق بالشعب لتحقيق التغيير باتجاه إقامة دولة مدنية ديمقراطية فيدرالية حديثة تعتنق مبدأ "الدين لله والوطن للجميع", وهو أحد المسائل التي كانت وراء ثورة تموز 1958 وتنهي الوجود الأجنبي في البلاد. تحية إلى ذكراها الخمسينية ووقفة إجلال أمام شهداء الشعب على امتداد الفترة المنصرمة. لنشد على أيدي بعضنا البعض الآخر لتحقيق أهدافها الوطنية والديمقراطية التي عجز الشعب عن تحقيقها خلال العقود المنصرمة وحتى الآن.
سلام عبود: لم تزل جوانب كثيرة من ثورة تموز يكتنفها الغموض
لم تزل جوانب كثيرة من ثورة تموز يكتنفها الغموض. ولا يقتصر الأمر على بعض أسرار سقوطها، التي هي سر بيد الانقلابيين. ولكن بعض جوانب بنيتها الداخلية ومحركاتها الدافعة لم تزل بعيدة عن أعين الدارسين. لقد ظهرت دراسات عديدة حول الثورة، وأخذ بعض الباحثين المثابرين يجعل من الثورة مادة تخصصية, وهو عمل رائد بحثيا وثقافيا، بيد أن ذلك لم يحل الكثير من غوامض تلك المرحلة، بسبب سعة مشروع الثورة ونقص المصادر، وفي أحوال كثيرة احتكارها من قبل قوى سياسية شاركت مشاركة مباشرة في تعقيد مسار الثورة وفي أجهاضها. أقل الجوانب غموضا هي دوافع الثورة، التي شخصت من قبل كثيرين بالرغبة في التخلص من تحالف القصر(الوصي)- النخبة الحاكمة- التسلط الاقطاعي العشائري, المسنود من قبل الدوائر السياسية الاستعمارية البريطانية. هذه الأهداف العريضة، إضافة الى خبرات الحركة الوطنية العراقية سياسيا، وخبرات القوى العسكرية سهلت مهمة تجميع أكبر إطار وطني سياسي، تحت لواء الإعداد للثورة, جمع في حناياه خليطا واسعا متضاربا من القوى السياسية والعقائدية. بيد أن هذا الخليط سرعان ما فقد تماسكه، ثم أفضي بسرعة عاصفة الى قيام جبهتين متعاديتين, على أساس التصنيف العقائدي: تيار شيوعي وتيار قومي، قادا الصراع السياسي حتى نهايته المأساوية. ما سر هذا الانعطاف؟ هنا يكمن أحد أسباب مقتل الثورة، وأحد الأسباب التي دفعت المجتمع العراقي في اتجاه العنف السياسي المطلق. إن أهمية ثورة تموز لا تكمن فقط في الأسباب الداخلية التي أشرنا اليها أعلاه، ولكنها تكمن بدرجة أكبر في خصوصيتها التاريخية. فثورة تموز قد لا تختلف كثيرا عن الثورة المصرية في قيادتها العسكرية وخبراتها السياسية وطبيعة نظام الحكم الذي أطاحت به. بيد أن ما يميز ثورة تموز أنها كانت ثورة ذات بعد إقليمي، أي أنها لم تكن وليدة صراع داخلي فحسب على المصالح، بل كانت وليدة صراع خارجي أيضا: إقليمي لشغل الدور الريادي في المنطقة, وعالمي لشغل موقع في منظومة الصراع بين الكتلتين الدوليتين. كان مأزق نظام الحكم الملكي- وهو مأزق الثورة أيضا- أن سنده الدولي الأساسي شرع آنذاك بالتحول التدريجي الى قوة شائخة في منظومة الصراع الدولي. ففي إطار الكتلة المعادية للشيوعية ظهر عنصر جديد أخذ يستولي على مناطق النفوذ السياسية والعسكرية ويحل تدريجيا محل القوى الاستعمارية القديمة, ونعني به الولايات المتحدة الأميركية. إن الحديث عن مأزق ثورة تموز على ضوء صراع الكتلتين الدوليتين وتجاهل عنصر الصراع في إطار الكتلة المعادية للشيوعية يخفي الكثير من أسرار سقوط ثورة تموز وما يعرف بانحرافاتها في أدبيات القوميين. وربما يكون طريفا أن نذكر أن الرد الدولي على الثورة كان تحرك الأسطول السادس الأميركي، في حين اكتفت بريطانيا بتحريك لواء مظلي في الاردن، أما الخصم الروسي فقد وضع أميركا على رأس المحَذّرين في أول رد له على قيام الثورة. في ظل هذا المناخ قامت الثورة. وحال قيامها وجدت نفسها تسير في اتجاهات خانقة مفروضة من الخارج والداخل: هل ستشغل الثورة الدور الإقليمي للحكومة الملكية؟ ضمن أي حلف إقليمي ستسير الثورة كبديل لحلف بغداد؟ وكيف ستتحرك الثورة داخليا انسجاما مع دوريها الدولي والإقليمي؟ في هذه الأسئلة نمت وتطورت مشكلات ومآزق الثورة. فالاتجاه الدولي كان يفرض وجود منهجين سياسيين: اشتراكي ورأسمالي. والصراع الداخلي كان يميل الى قيام نمطين من التحول: اجتماعي جذري لصالح الفئات الشعبية أو إعادة تثبيت مواقع القوى المتحكمة في الواقع السياسي والاقتصادي السابق. وعلى الرغم من أن الاحزاب القومية كانت تميل في الغالب الى نوع من الاشتراكية الضبابية التي تقربها مع الخط الشيوعي بحدود معينة، إلا أنها لم تتمكن من الاستمرار في التحالف الوطني المساند للثورة وإجراءاته السياسية والاجتماعية، وسرعان ما صعدت خطابها المعارض واضعة نفسها عقائديا في صف المشروع الدولي والاقليمي المعادي للثورة. لقد أدى هذا الأمر الى حدوث التباسات عظيمة في التوجهات السياسية والعقائدية يصعب فك عقدها المتشابكة، جعلت من ثورتين متشابهتين في الأهداف مثل الثورة المصرية والعراقية قوتين متعاديتين، وجعلت زعامتين على قدر كبير من التشابه : ناصر وقاسم على قدر كبير من التناقض والاختلاف. وهنا لا يعود سبب هذا الارتباك الى غموض الفكري الناصري وضبابية الفكر البعثي فحسب، بل يعود أيضا الى هشاشة وسطحية المعالجة الآحادية العقائدية للشيوعيين. أي أن هذا الاختلاط كان قصورا وإختلاطا ايديولوجيا عقائديا شاملا لم يتمكن من فهم مسار التحرك الوطني دوليا وإقليميا وقوميا ووطنيا. فالتجمع المعارض كان مزيجا لا يحمل وحدة داخلية منسجمة: شوفينيين عرب وكرد، اشتراكيين وإقطاعيين، عسكريين محترفين وحزبيين مدنيين، علمانيين وقوى دينية، أعضاء مشاركين في الثورة وآخرين مبعدين عنها. ولهذا انعكس هذا الخلل انعكاسا مباشرا على سلوك قادة ثورة تموز، الذين كان " يحلمون" بإعادة جمع وتنظيم وقيادة الاصطفاف الوطني في صيغة حيادية جامعة: "فوق الميول والاتجاهات" كشعار داخلي، و"لا شرقية ولا غربية" كشعار خارجي. لكن ذلك لم يكن ممكنا في ظل التقاطب العقائدي الداخلي والاستقطاب الدولي والإقليمي والقومي. لذلك لم تكن ثورة تموز نفسها هي الضحية التاريخية الكبرى لهذه الصراعات كما يعتقد كثيرون. كانت الضحية الرئيسة وطنيا هي ضمور وانحسار التيار الوطني الديموقراطي ثم موته. فلم تتمكن قيادة الثورة من ايجاد توازن سياسي واقعي في هيئة تيار سياسي واجتماعي حقيقي يكون بديلا للصراع الدموي العقائدي؛ ولم يتمكن التيار الوطني الديموقراطي نفسه في الحركة الوطنية العراقية من التحرك بفاعلية لملء هذا الفراغ التاريخي، بسبب شدة الضغوط عليه ومشاعر اليأس والاحباط، التي نشأت جراء تفاقم التقاطب الآيديولوجي. وبهذا فقدت الثورة محركاتها الداخلية، وفقدت انسجامها، وراحت تترنح بين التيارين المتصارعين، معتقدة أن توازنها يكمن في هذه التأرجح. لكنها كانت تحفر قبرها بيديها. تكمن عظمة ثوة تموز الفرنسية في الرسالة التحررية التي بثتها لعموم البشرية مع التحفظ على وسائل تحقيقها، أما الرسالة التي بثتها نكسة تموز العراقية فهي: حق توارث العنف السياسي وشرعية ممارسته بصرف النظر عن محتوى السلطة. إن مشهد ولادة ثورة تموز ونهايتها يذكر تماما بالمشهد الماثل أمامنا الآن. الخروج من ورطة الاحتلال المباشر، السعي لإقامة اتفاقات تحالفية مع المستعمر، وتكوين محور إقليمي. إن المشروع الأميركي- كقوة منتصرة عالميا- أوسع بما لا يقاس من المشروع الاقليمي البريطاني قبيل ثورة تموز. إن الأميركيين يجتهدون اجتهادا جبارا في اختصار حقبة الهيمنة البريطانية، التي دامت أربعة عقود في عقد واحد، بما في ذلك اختصار عملية الهدم: الجيش ، الدولة، القوى السياسية، المكونات الاجتماعية، إضافة الى تكثيف العقاب التاريخ: السجون الواسعة، العنف البربري المطلق، الانتهاك التام للقوانين والأعراف الأخلاقية والسياسية والاجتماعية والحقوقية للشعب المحتل، من أجل اختصار زمن الولادة القيصرية الجديدة والإعداد للهيمنة طويلة الأمد. إنها نسخة مكثفة، بالغة الدموية للمشروع البريطاني. فما يحدث الآن هو تكرار تاريخي لمأزق ثورة تموز، سيعيد دورة التاريخ، ولكن بطرق أكثر عنفا ووحشية. .
د. علي ثويني : تموز... ثورة أم إنقلاب؟
ثمة أحاجي عن التشابه بين حركتي الضباط الأحرار1958 والبعث 1968يطلقها ممن مازال يحمل حنين لأيام خلت. فهم لايفرقون بين ثورة أفرحت الناس وخرجت لها الجموع جزلة مؤازرة ، وبين مؤامرة أفاقين وعصابة لصوص تآمرت مع حراس القصر الجمهوري وتسللت في جنح الظلام، وأنقضت على العراق وقضمت "بمباركة الشرق والغرب المتفاهم والمتآمر من وراء ظهورنا" على كل ماهو جميل في حياته. أتت ثورة 14 تموز لمقتضيات وطنية وضرورة تأريخية، بعدما عجز الشعب عن تلمس آليات التغيير ،و أستنفذ وسائله لتحقيقها مثلما حدث مع البعث حينما جاء الأمريكان ولعبوا دور "المنقذ"، بعدما وضع خطوط حمراء على تكرار تجربة وجموح عبدالكريم قاسم بالرغم الأماني العامة، وأتذكر هنا المرحوم والدي كان يفتح المذياع كل يوم مبكرا في غربته القسرية، مؤملا ومصبرا النفس بسماع (البيان الأول) الذي توفى دونه. لم يلفظ العراقيون السلطة الملكية من فراغ ولم يبكيها أحد من جحود أو غلاضة ،بالرغم من تأسي الجموع على النهاية المأساوية للملك الشاب الأخير .وجاء ت فرحة الناس من معطيات للنفس والعقل والضمير الجماعي بعدما أستحوذت البيوتات المتنفذة على مصائر البلاد والعباد، وتبادلت الكراسي فيما بينها بلعبة وحبكة ينطبق عليها جدلية المثل العراقي(تريد أرنب لو غزال). وهكذا بدلت السلطة لونها ونزعت جلدها وأمست الحكومة مثلما أثاث الدار، تغّير أمكانه من أجل درء الرتابة،و يمكث الحال على ما هو عليه. كان الضباط الأحرار ممثلة بشخص الزعيم عبدالكريم على إطلاع بآراء الدكتور علي الوردي الذي كشف طرفا من الحقيقة وجزءا من طبيعة "العقلية البدوية" التي تتناوب على حكم العراق . فبعد البداوة التركية العثمانية تم تسليم "لحية العراق" بإتفاق"جنتلمان" بين البداوتين العربية والتركية" ثم عادت "العروبية" لوحدها بعد إنقلاب 8 شباط 1963، واليوم ثمة بداوتين مقتنصتين للفراغ الحاصل وأخرى تكافح من أجل إستدراك الغنائم والحبل على الجرار. و في العهد الملكي تعاملت السلطة مع الدولة على أنها "غنيمة حرب" وهو ماحدث إبان حقبة البعث ومكثت بقاياها اليوم. فغاب القسطاس ، و تضور الفقراء فاقة وتبطر الباشوات تخمة،ونخر الفساد مفاصل الدولة ،وعاد العراق تابع خاضع خانع لسياسات "الحرب الباردة" باردة الدم، ومررت على قفاه صفقات لايفهم منها إلا عناوينها، ودفع ديتها ثمنا غاليا، دما ودموعا حتى اليوم ،وما أشبه اليوم بالبارحة. شكل نوري سعيد حكومته الرابعة عشر قبيل حركة تمور، وكأن العراق نفق من البشر إلا منه وثلته،وتسنى له إلغاء هامش النقد وحرية البوح ، وقننت الحريات البرلمانية ثم ألغيت عام 1954، وكممت الأفواه،وحوربت قوى الوسطية والحكمة ،وأنغر مستندا على (أبو ناجي) ،و تناقلت الأفواه مقولة (دار السيد مأمونه) .وكانت يده الطولى سعيد قزاز وبهجت العطية وأرشد العمري ،حاملي منهاج البداوة الأناظولية ، وسخروا لمآربهم طبقة متنفذة من الملاك القابعين في برجهم مزدرين منبوذي العراق وسواد أهله وورثة دهوره، الذين لجأوا الى صرائف وبيوت الطين على هاري شطيط والشاكرية والميزرة ووراء السدة التي كانت أدنى من تجمعات منبوذي الهند منزلة،بينما بلدهم يبيع نفط بابا كركر منذ العام 1927 ويورد الدنيا التمور والغلة. ومكث الأفندية مترفين بطلة النهر الخالد وطلعة مسنايات بغداد الأزل. وفي ذلك المخاض عم الجهل والفقر والمرض وتكرست العبودية التي كان قطبيها شيوخ في الجنوب وأغوات في الشمال، والإستغلال على تخوم المدينة المتبغددة. ولم تمثل السلطة الملكية المعينة من قبل الإنكليز يوما عراقا شعبيا بل شكلت سلطة الأقلية المغتصبة التي تلجأ للحصون والقلاع وتقبع وراء الأسوار وتستأنس بالأسرار، وجسدها مرتزقة وأفاقين قادمين من جبهات القتال السلطانية في البلقان وشمال أفريقيا والشام والحجاز.فكانت لاتمت بمصلحة العراق بصلة . ومن الطريف أنها أنقلبت بقدرة قادر من توجهات طورانية (قومية تركية) الى عروبية حد النخاع ،ومثّلها طبقة لاتنطق العربية التي تبجحت و أزدرت العشائر ومثقفي العربية في العراق ونتذكر جميعا قصة الحصري والجواهري. و مارست تلك السلطة عنصرية مكشوفة من خلال قانون الجنسية 1925 الذي كرس نظام التبعيات والفرز العنصري الذي لم نجد له مثيل إلا في جنوب أفريقيا. هذه هي سمات الوضع قبيل حركة تموز التي فجرها الشهيد عبدالكريم قاسم، والتي مازال يذكرها العراقيون بشغف ،بما جعلها تصنف وبإستحقاق (ثورة) ،كونها عكست رغبة الجموع الغالبة عددا والمغلوبة على أمرها تمثيلا ،وتسنى لها تغيير مسار الدولة والسلطة والتاريخ والمجتمع،حتى عدّت وبإقتدار وبإعتراف أعدائها بأنها من بين أهم أحداث القرن العشرين وإنعطافات التاريخ.ثم أتخذت خطوات عملية لإرجاع حق المواطنة وتجسد الحس الإنتمائي وساوت بين الرؤوس ،وأقرت قوانين الإنصاف الإجتماعي وعززت دور الجموع،وكرست مشاركة المجتمع المدني ،فوسعت نطاق النقابات ولم تمانع بالتجمعات الحزبية بالرغم من فشل التجربة الحزبية دائما في العراق، وعززت قوانين النفط وسن قانون 80 البارع،وتوسع نطاق الطبقة الوسطى بشكل رائع، وتحولت الأموال من جيوب الأجانب الى جيوب الحفاة في أحياء(دور الإسكان)، وفتحت المدارس حتى وسط الهور،وتعذى الطلاب الفقراء المطايب بعدما كانت مقتصرة على أولاد الذوات والمدارس الخاصة، وحفظ شرف النخلة،وبنيت المدائن وتوسعت بغداد بعقل، وبعث للدراسة إلى الخارج حتى أولاد(محيسن) وليس آل(جي) ،ولم تعد الأمور حكرا على طبقة المترفين من ورثة الأزمنة الغابرة، لكن وبالنتيجة كان هذا سببا كافيا في وقوف تحالف واسع من هؤلاء ضد الثورة والتآمر عليها.أما بما يتعلق بشخصية عبدالكريم قاسم، فيقر حتى أعداءه بأنها لاغبار عليها ولا جدال في نزاهتها وتجردها من الإنحياز لفئة أو جهة، وما قام به هو تكريس للذات العراقية التي مسخت وتاجر بها الأهل جهلا والأعداء ضغينة،وأستغلت أبشع إستغلال في الشطحات الأممية والقومية والطائفية التي وجدت من يؤلبها لصالح أعداء الوطن خارج الحدود.. لقد رام ساطع الحصري بمنظومته التربوية تخريج موظفي دولة وكتبة وماسكي دفاتر، وليس واعين ومثقفين وعلماء . وعلى خلافها فقد عاهد الزعيم عبدالكريم نائب رئيس وزراء الإتحاد السوفييتي الأرمني (أنستاس نيكويان) عام 1961 بأن العراق سيصدر علماء بعد عشرة أعوام،وهو ماحدث فعلا ،ومستندا على معطيات واقعية لأفذاذ علماء مثل عبدالجبار عبدالله. وفي هذا السياق أذكر ما أخبرنا به الدكتور المعمار محمد صالح مكية بأن منحته الذي حصل عليها عام 1935 للدراسة في بريطانيا أفتكها المرحوم عبدالمهدي المنتفجي من حصة عائلة (العسكري) ، بعدما خصصت البعثات الدراسية لكل يست من تلك البيوتات حصرا،كي تبقى الحظوة والهيمنة لأبنائهم إلى يوم الدين،ويمكث (أولاد الخايبه) مقاعد وثيرة لرغدهم وحطبا لدفئ أيامهم ووقود لحروبهم. وفي السياق نبرر موقف كامل الجادرجي من الزعيم عبدالكريم ورفضه التعاون معه،على خلفية عدم إنحدار الزعيم قاسم من وسط تلك البيوتات التي ينتمي إليها ولا يريد لها الغروب،ووجد مبرره حتى بمسوغ طائفية. وبصدد جريمة(العائلة المالكة) ،فهي فعلا جريمة نتأسى عليها جميعا،لكن تلك الأمور تحدث في كل الثورات وحالات الفوضى التي تواكب الإنعطافات الكبرى في التاريخ. و للحقيقة والتأريخ فأن هذا الفعل لم يقم به ثوار تموز ولاسيما الزعيم عبدالكريم،بل اقدم عليها(وبإتفاق كل الآراء التي سجلت الحدث) شخص "عروبي" يدعى محمد السبع، كان يحمل ضغينة شخصية على عبدالإله من جراء انتقامه من العقداء الأربعة، الذين شاركوا في حركة مايس عام 1941 ، وتناقل هو ورعيله بأن عبدالإله كان قد بصق على جثة صلاح الدين الصباغ وخشى أن يعيد التاريخ نفسه. ومن الجدير بالذكر أن الصباغ هذا كان مصري أصلا وهوى، وأبوه يدعى علي الدمياطي ،وذكر دائما في جلساته ودوّن في مذكراته بأنه ثار لجعل العراق قنطرة يعبر عليها من أجل تحرير مصر من الإنكليز ، وهذا ما نشره الضابط محمود الدرة الذي عمل معه. وهنا نذكر بان محمد السبع قاتل العائلة المالكة انتهى به الأمر منتحرا من تأنيب الضمير،وهكذا دفعت الدية من أصحابها دون مزايدة على التاريخ. أن سلطة عبدالإله ونوري سعيد ولفيفهم لم تكن مقدسة البته،وأن الملك فيصل الحجازي وورثته لم يحملوا صكا سماويا لدست العراق الذي أغتصب من أهله وحراس قبور أجدادهم في ثراه. وهكذا فأن حركة الزعيم عبدالكريم كانت جرأة وبطولة وغيرة عراقية متناهية. وإذا أراد أحد أن يحاكم عبدالكريم قاسم،فسيجد نفسه ماثلا لمحاكمة أعداءه ومن تآمر عليه،بعدما أحبه الناس ولم ينسوا سيرته على خلاف غيره. لقد غرب الملوك ونوري سعيد ومن معهم من الذاكرة بينما مكث عبدالكريم قاسم يرتع بين شغاف القلوب،وها هي أجيال لم تراه لكنها تمجد سيرته، وإن كان لنا مؤخذة عليه،فهي تساهله مع أعداء الثورة وتركنا لقمة سائغة بيد من لم يرحم العراق ، فحاربنا عن العرب بدلا وأمسينا بوابتهم الشرقية دجلا وإبتذل نوعنا الإنساني، ثم شردنا في الأصقاع ،ولم نسمع غير البعثيين رفع شعار (نفط العرب للعرب) من كل العرب، بما يدلل على المسخ والدعة والنأي عن الانتماء العراقي ،الذي جعلهم في الختام يسلمون العراق صاغرين للمحتلين، ويهربوا. إن ذكرى الزعيم عبدالكريم قاسم والثورة التي أقترنت باسمه ترتع في نفوسنا حتى لو مضى عليها نصف قرن ،لكن الدرس المستقى منها بليغ وبالغ الأهمية، وأولها خط الثورة العراقي السوي الذي غلّب المصلحة الوطنية على التشرذم والتبعية.وأن أعداء ثورة 14 تموز هم أعداء العراق المتربصين له شرا والمدجلين بالأحاجي والمسوغات الواهية. و هم من يدعي لقومية أو طائفية أو جهوية أوفئوية في بلد تأسس أصلا على التلاوين البشرية، وأن تلك البيوتات والعناصر وحتى الأحزاب التي باعت العراق بالأمس مازالت متربصة ومتبوئة بالحظوة، لذا فأنهم يقفون وراء أي تناحر ، كونه وببساطة يخلق الأجواء العكرة التي يتصيدون بها. أن هؤلاء لديهم مصلحة في عدم استقرار العراق ، ولا يرغبون بنشوء دولة المواطنة التي تعلن الانتماء للوطن الواحد المشع بالقسطاس على أبناءه والكابح لمآربهم بالاستحواذ والاغتنام. وبالنتيجة فأن من تآمر و وأد ثورة تموز و قتل الزعيم عبدالكريم مازال حي بيننا،ويمكث عدونا السرمدي . وهنا حري أن نقول بأن حتى لو أفتك العراق من براثن البعث فأن حربنا مع بائعي العراق ومصاصي ضرعه لم تنته بعد ،والأيام سجال.
#مازن_لطيف_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حبزبوز..وريادة الصحافة الساخرة في عراق الثلاثينات
-
أحمد مطر ..شاعر الرفض والتمُرد
-
د. عبد الخالق حسين : المستقبل هو للحركة الليبرالية والتيار ا
...
-
الدكتور قاسم حسين صالح : النظام السابق احدث تخلخلا كبيرا في
...
-
الباحث والمحقق عبد الحميد الرشودي ..حكاية الحياة والادب والص
...
-
د. عقيل الناصري: ثورة 14 تموز نقلة نوعية وأول مشروع حضاري
-
الشاعرة والناقدة فاطمة ناعوت : القصيدةُ الحقيقة تقول: -أنا ق
...
-
عدنان الصائغ : الشعر يستوعب الوجود كله
-
تركت حركة المسرح العراقي أثرها البالغ في كل عقد من العقود فا
...
-
البغاء على شاشة السينما المصرية
-
الباحثة امل بورتر : قابلت عبد الكريم قاسم وحزنت لمقتله
-
الفنانة شوقية العطار:كانت أغنياتنا سلاحا بوجه النظام القمعي
...
-
عن الزمان .. أبعاده وبنيته
-
التربية على المواطنية
-
من يصنع الدكتاتور ؟ .. في خصوصيات الواقع الصعب
-
الإعلام العراقي بين الحرية والانفلات
-
إنقذوا زهير أحمد القيسي
-
الروائي محمود سعيد: المؤسسات الدستورية هي من تتيح ازدهار الث
...
-
المخرج العراقي جميل النفس: بعد فيلم (ابو غريب) سأوثّق جريمة
...
-
مؤسسة الحوار المتمدن تصدر كتابها الرابع في العراق.. واقع الم
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|