غارسيا ماركيز ...اورسولا ...وأنا

عاطف الكيلاني

الحوار المتمدن-العدد: 2375 - 2008 / 8 / 16 - 04:22
المحور: الادب والفن
    

....منذ اكثر من عقدين من الزمن و.بعد أن قرأت رواية غابرييل غارسيا ماركيز الرائعة ...مائة عام من العزلة ...احترت ( ربما كغبري ممن قرأـوها ) في الإجابة على سؤال مهم : من هي الشخصية المحورية الرئيسية في تلك الرواية ؟ ولأن شخصيات الرواية اكثر من ان تعد وكل منها تصلح ان تكون ( بدرجة او بأخرى ) تلك الشخصية المحورية ..فقد كنت اجد صعوبة بالغة في تحديد ها تحديدا نهائيا ...الى ان حسمت الموقف منحازا الى أورسولا ...تلك المرأة ...الزوجة والأم والجدة ...كانت أورسولا هي مانحة الحياة لكل ما ومن حولها ...وهي التي كانت تحرك الأحداث في الرواية فاستحقت من وجهة نظري ان تكون هي الشخصية المحورية ...وعندما نقرأ رواية ما تكتظ بالأحداث والشخصيات تتداعى الى الذهن شخصيا نعرفها تمام المعرفة ممن يحيطون بنا من الأهل والأقارب والجيران والمعارف والأصدقاء ممن يشبهون في سلوكهم وتصرفاتهم ومواصفاتهم الجسمية والنفسية شخصيات الرواية الى حد كبير او صغير ...فأورسولا ماركيز ليست هي الوحيدة من نساء العالم التي تتمتع بتلك الصفات والسلوكيات التي اسهب ماركيز في شرحها وتخليلها ...فكم من النساء سيجد احدنا لو امعن التفكير ممن يشبهن أورسولا الى هذه الدرجة او تلك من حيث القدرة على التحمل والحكمة والصبر واجادة العمل والتأقلم عندما يحتاج الأمر الى تأقلم والثبات على الموقف عندما يكون ذلك ضروريا ...اذن فإن أورسولا ماركيز موجودة بيننا ...تعيش معنا في كل بيت من بيوتنا ...قد تكون والدتك او زوجتك او اختك او ابنتك ...موجودة بكل تفاصيل ومواصفات أورسولا الأصلية ...بكل طيبتها واصالتها وحرصها وتفانيها ...بكل نزقها وغضبها ...بكل فرحها الطفولي وابتهاجاتها المتقطعة والمرتهنة دائما بانتظار شيء ما سيأتي حتما ...ان لم يكن اليوم ...فغدا او بعد غد ...لا ادري كيف تكونت لدي قناعة ان ماركيز ...هذا المبدع الكولومبي ...صديق كاسترو والحائز على جائزة نوبل ..قد اختصر كل نساء العالم في أورسولا ...واختصر كل تناقضات الكون من خلال تناقضات الأجيال المتعددة التي عاشت في كنف تلك المرأة ...بحيث انك وبإطلالة متعمقة على سلالة أورسولا تطل على شعوب بأكملها ...تطل على العالم بأكمله ...وقد يصح القول بأن هذا الروائي الفذ قد استطاع اختصار العالم بكل ما يحتوي بين دفتي كتاب ....
الكاتب : عاطف الكيلاني
[email protected]

#عاطف_الكيلاني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات