يقولون أن الزواج نصف الدين , فاذا كان الامر كذلك فسوف يكون مصير النظام الحاكم فى مصر جهنم وبئس المصير لانة السبب الرئيسى فى نقصان نصف دين 4 مليون عانس و7 مليون أعزب بسبب الظروف المادية والمعيشية السيئة التى يعيشها الشاب المصرى بصفة خاصة , والعوانس والعزاب هم الذين تخطوا سن الخمسة وثلاثين عاما دون زواج بسبب المعيشة والحياة المتدنية والبطالة فى الوقت الذى ينعم فية 20 % من المجتمع بكل الثروات بينما يعيش الباقى تحت خط الفقر هكذا تقول الابحاث والدراسات , ومن حق النظام الحاكم فى مصر ان يدخل الجنة بشرط ان يتوب وان يعدل سياساتة منعا لمزيد من العزاب والعوانس ضحايا سياسات الخصخصة والاقتصاد العشوائى, وانقاذا للمجتمع من الانهيار .
ويرى د. أحمد المجدوب - خبير علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية - أن ظاهرة العنوسة هى نتاج تفاعل العوامل الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية مع بعضها .
فالعامل الاقتصادى يتمثل أولا فى البطالة التى تحول دون حصول الشاب على فرصة عمل تدر عليه دخلا ثابتا يمكنه من تحمل أعباء الزواج .
ثانيا - أزمة الإسكان ، فإذا وجد الشاب عملا فإنه يتعذر عليه العثور على مسكن ليتزوج فيه ، وهكذا يمتنع عن الزواج ما دام غير قادر ماديا.
أما العامل الاجتماعى فيظهر فى عدم تفهم الأسر للتحولات الاقتصادية وما صاحبها من أزمات وتغيرات اجتماعية ، فهى ماتزال تطالب من يتقدم للزواج من بناتها بمطالب ينوء بها ويعجز عن تلبيتها.
والغريب فى الأمر أن هذه الأسر - والكلام للدكتور المجدوب - إذا كان لديها أبناء ذكور فإنها تنعى على غيرها من الأسر مبالغتها فى المطالب ، وهذه ازدواجية مرضية آن الأوان للتخلص منها, ومواجهة الأمور فى واقعنا المعاصر بما يجعلها تساير الظروف الاجتماعية والاقتصادية السائدة .
العامل الثقافى
أما العامل الثقافى: فيبرز فى خروج الفتاة للتعليم الجامعى والعمل ، واحتكاكها بالشباب ورؤيتها لأنماط مختلفة منهم ، الأمر الذى يجعلها مترددة فى الاختيار ، مما أدى إلى عدم الإقدام على الزواج بشكل جدى ، وظنت البنات أنهن يستطعن أن يحصلن على العريس التفصيل - كما يقول العوام - مما يؤدى إلى ضياع الوقت وتجاوز الفتاة سن الزواج !!
ومن ناحية الشباب فقد أصبح قادرا على إقامة علاقات ( محرمة ) مع الفتيات تتفاوت فى عمقها وطبيعتها ، فشعر بعدم الحاجة الملحة للزواج ، وبالتالى أرجأ الزواج قدر استطاعته لأنه يعلم يقينا أن المجتمع يقبل أن يتزوج الرجل - مهما كان سنه - بفتاة صغيرة وقتما يشاء ، بينما ينظر بتوجس لفتاة تتزوج من هو أصغر منها أو يتأخر زواجها.
وينتقد د. المجدوب غياب البعد الاجتماعى فى التخطيط الاقتصادى والإنفاق الحكومى فيقول : من المفارقات العجيبة أن تنفق الدولة 15 مليار جنيه على الساحل الشمالى الذى لا تزيد مدة الإقامة فيه على شهرين فى السنة ، وتمتنع عن إنشاء مساكن للشباب الراغب فى الزواج وتكوين الأسرة.
*** آثار العنوسة
أما أبرز آثار ظاهرة العنوسة فيرصدها خبير علم الاجتماع فى :
أولا - 15000 دعوى لإثبات بنوة المواليد من زواج عرفى وزنا.
ثانيا - زيادة مطردة فى أعداد اللقطاء الذين يعثر عليهم أمام المساجد أو المساكن أو فى صناديق القمامة.
ثالثا - عودة ظاهرة قتل المواليد من سفاح .
رابع - تفشى الانحلال خصوصا فى المدن الكبرى .
تغيرات أدت إلى تفشي ظاهرة العنوسة
ويطرح الدكتور محمد حسن غانم - أستاذ علم النفس بجامعة حلوان - رؤيته حول العنوسة مؤكدا أنها تمثل ظاهرة خطيرة فى المجتمعات النامية والعربية تحديدا ، حيث يعد الزواج سترة للبنت ، وحفظا لكرامة أسرتها ، لأن تقدم الفتاة فى السن وعدم زواجها قد يثير العديد من الأقاويل التى تمس سمعة الفتاة وسمعة الأسرة ، من قبيل أن البنت ( بارت ) أو غير صالحة للزواج ، وبعض الأسر - خاصة فى المناطق الشعبية - تلجأ للعرافين والدجالين ظنا بأن ابنتهم ( معمول لها عمل ) يحول دون زواجها ويوقف حالها.
ويؤكد أنه ليس فى الأمر بعد خفى ؛ فالواقع يشير إلى وجود العديد من التغيرات التى أدت إلى تفشى ظاهرة العنوسة.
ويرصد هذه التغيرات فى:
أولا - عامل خاص بالفتاة من قبيل عدم التزامها مما ينفر الكثير من الشباب من الاقتران بها.
ثانيا - أسرة الفتاة ومدى التزامها بالأخلاقيات وتفهمها لظروف من يتقدم لابنتها.
ثالثا - ظروف الشاب الذى يريد الزواج ولا يملك النفقات خاصة أن فئة من الناس تنزع إلى المظهرية والمبالغة فى نفقات الزواج وإقامة حفلات الزفاف ؛ مما يصيب من يريد المحاكاة والتقليد باللجوء لأساليب منحرفة إما للحصول على المال أو إقامة علاقة دون ارتباط شرعى .
الأسرة كلها قد تتأثر
ويحلل د. محمد حسن غانم مشاعر كل فرد فى أسرة فتاة تقدم بها العمر دون زواج ، مشيرا إلى أن الفتاة العانس - باعتبارها صاحبة المشكلة - تشعر بالدونية وبأنها أقل من الأخريات وتصرخ بداخلها نداءات الأنوثة والأمومة ، مما قد يدخلها فى دوامات من القلق والاكتئاب واليأس والتشاؤم من الحياة ، وقد تلجأ الفتاة إلى توثيق صلتها بالله أكثر ، ولكنها قد تغلو دينيا وتمارس دور المفتى فى التحليل والتحريم ، أو قد تلجأ إلى السلوك المتطرف بأن تقيم علاقات جنسية سرية عابرة ، أو تلجأ إلى ما يسمى بالزواج العرفى أو السرى لكى تشبع رغباتها الجنسية ، إلا أنها رغم ذلك تظل محرومة من الأمومة ومن الإحساس بالأمان .
أما الأب : فقد ينساق وراء زوجته فى عرض ابنته بطرق غير مباشرة على بعض زملائه أو أبنائهم ، وإذا فشل فى ذلك فإنه يلجأ إلى أساليب لا شعورية تخفف عنه بأن يبلغ الآخرين بأن ابنته قد تقدم لها الكثيرون ولكنه رفض أو رفضت لأسباب متعددة ، وقد يتعايش مع هذا الكذب حتى يعتقد بأن ما يرويه من أكاذيب هو واقع وصدق ، مما قد يقوده إلى كثير من الاضطرابات ، وقد يلجأ الأب فى علاقته بابنته إلى ثلاثة أساليب:
- إما التغاضى عن هذه المشكلة ، وكأنها لم تكن وترديد مثل القسمة والنصيب ، وربنا عايز كده
- أو التشدد والعنف فى تعامله مع ابنته وتشديد الرقابة عليها; لأنه يظن لا شعوريا أن فى ابنته شيئا ما خطأ يجعل الآخرين يعزفون عن التقدم إليها .
- أو ترك الحبل لها على الغارب بدعوى أن كثرة خروج ابنته ورؤية الآخرين لها قد يحمل أحد الشباب على الاقتران بها.
أما الأم : فيقول د. غانم : إنها تعيش هذه المشكلة بكامل طاقتها وعصبيتها وقلقها واكتئابها ، لأنها كأم تشعر بعمق أحاسيس ابنتها .
وتعيش على حلم أن سعادتها القصوى أن ترى ابنتها فى عش الزوجية ، وترى أحفادها ، ولذا فقد تنتاب الأم حالات من الاكتئاب ، وقد تلجأ إلى السحرة والدجالين ظنا منها ؛ أن ابنتها معمول لها عمل بوقف الحال« وقد تلجأ إلى الدلالات فى الأماكن الشعبية وعرض مشكلة ابنتها عليهن ، ووعدهن بمكافأة سخية إذا أحضرن لابنتها عريس المستقبل ، وعلى العكس من ذلك قد يكون إيمان الأم قويا بحيث تقول كلاماً تكون سببا فى التخفيف عن ابنتها وحثها على الرضا بقضاء الله.
وبالنسبة للأخت الصغرى : فلاشك أن مشاعرها تكون مبهمة وغامضة ، فقد توطن نفسها على أن تكون فى الوضع ذاته ، أى لا تتزوج مثل أختها ، أو تلجأ إلى طرق مختلفة لجذب أنظار الشباب والدخول فى علاقات آثمة ، ظنا منها أنه إذا وقع المحظور وإذا كانت شقيقات الفتاة متزوجات فهن يشعرن بالأسى تجاه أختهن ، وأيضا يشعرن بالنقص أمام أزواجهن خاصة إذا سألوهن عن سر عدم زواج أختهن أو حملت أسئلتهن تلميحات حول سلوك الفتاة وطباعها.
وينصح د. محمد كل فتاة الالتزام بدينها الحنيف ، فالمجتمع يحترم الفتاة المحترمة.
والشاب عندما يفكر فى الزواج لن يفكر إلا فى من سوف تحمل اسمه فيما بعد ولا بد أن تستحق من وجهة نظره هذا الاسم ، ويدعو الأسر إلى مراعاة السلوكيات القويمة; لأن الفتاة تؤخذ بجريرة أسرتها ، وكم من فتيات صالحات حرمن من فرص الزواج ; لأن أسرهن تحت مستوى الشبهات.
وإذا تجاوزنا المغالاة فى المهور - كما يقول د. غانم - فسنحل جزءا كبيرا من المشكلة مصداقا لقوله تعالى: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله ، وكان الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) يزوج ببضع سور من القرآن الكريم
- كما يحمل الدعاة ووسائل الإعلام مسؤولية تذكير الناس بالحكمة من الزواج ومقاصده وضرورته الاجتماعية والنفسية ، ويطالب صانعى القرار بألا يهملوا مشكلة المقبلين على الزواج ، وذلك بتوفير فرص العمل ومساكن محدودى الدخل ; لأن الفتاة العانس ضحية ظروف اقتصادية تحول دون زواجها مهما امتلكت من مقومات الزوجة الصالحة.
التعليم أولا
وترى د. رجاء عبد الودود - أستاذة علم الاجتماع بآداب القاهرة - أن هذه الظاهرة ترجع لأسباب منها:
العامل الاقتصادى الذى يتلخص فى غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف الزواج والظواهر المصاحبة للزواج نفسه ، فالفتاة تريد حفل عرس يحكى عنه الناس ، وفستانا وجهازا يتكلف الكثير ؛ بغض النظر عن ظروف الأسرة نفسها ، فكل ما يهمها هو أن تستمتع بحياتها.
وعلى الجانب الآخر هناك الفتاة الطموح علميا ، والتي ترفض الزواج حتى تحصل على الماجستير والدكتوراه ، وعندما تحصل عليهما تتغير شروطها فى زوج المستقبل ، ويبدأ مسلسل الرفض حتى يفوتها قطار الزواج .
ففى الماضى كانت الفتاة التى حصلت على قسط بسيط من التعليم تحلم بأن تصبح زوجة وربة بيت ، أما الآن فبرغم أن الزواج سنة الله فى أرضه إلا أننا نعيش حالة صراع الأدوار فالفتاة لا تفكر فى دورها التقليدى فقط كزوجة وأم ، ولكن دورها أيضا كامرأة عاملة تخشى أن تتزوج من رجل ( يستولى على مرتبها) فهى من وجهة نظرها تستطيع الاستغناء عن الزوج لأنها لا تحتاجه اقتصاديا.
وترى د. رجاء أن الزواج العرفى يهضم حقوق المرأة والأبناء كما أنه سبب للعنوسة ونتيجة لها ، الشباب يلجؤون إليه لقلة التزاماته المادية عن الزواج الشرعى ، فتتأثر فرص الفتيات فى الزواج فى الوقت نفسه.
وتقترح د. رجاء إعداد منهج دراسى حول التوجيه الأسرى أو التنشئة الأسرية لتوعية طلاب الثانوية بأهمية الزواج ومقاصده وإطاره الشرعى.