أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحاج علي - حكاية نواف والبغل














المزيد.....


حكاية نواف والبغل


احمد الحاج علي

الحوار المتمدن-العدد: 2373 - 2008 / 8 / 14 - 08:21
المحور: الادب والفن
    



تحكـي الحكـاية أنه كان في الزمن القريب فلاح من الشمال السوري اسمـه نواف ، عمل أجيرا عند احد الملاكـين وكانت أجرته كسوته ، وملء معدته من الطعام .
وكان نواف يعمل ليل نهار في أرض الملاك دون كلل أو ملل من غير أن يسمع كلمة الله يعطيك العافية ،بل اعتادت أذنه على سماع كلمات جارحة تغيظه مثل يا حمار. يا بهيم. يا كر. يا قواد. يا ابن القحبة. يا ابن الكلب .
وكان الملاك يضرب نواف بلا ذنب يقترفه ، وفي مرات كثيرة يربطه بحبل النير، ويضربه بعصا الخيزران دون أن ينطق المسكين بحرف واحد أو يستعطف جلاده صاحب الأرض مما كان يغيظ الملاك ، ويدفعه إلى ضربه بهستريا جنونية.
أما نواف الأجير المسكين فصار – يوما بعد يوم – يخزن في داخله حقدا وكراهية ، وصمتا وامتلأ بطنه قهراً وغيظاً دون أن يستطيع دفع الظلم عنه , فقد أوصاه أبوه ، وعمه ، وجده ، أن يعمل على الساكت إذا أراد أن يأكل خبزاً ، وبدل أن ينتقم لنفسه من صاحب الأرض ، صار يفرغ شحنات الغضب ، والقهر على بغل جلاده ، يضربه بلا سبب مرات كثيرة ، ويخرج عن طوره إثناء ضربه للبغل فيخاطبه قائلا : احك يا بغل، احك يا عكروت ، احك يا قواد ، احك يا مخصي ، طيب لا تحكي ، طيب أرفسني ، طيب اهرب من الضرب يا ابن الكلب .
مع مرور الأيام ، أخذ يتفنن في تعذيب الحيوان ، ففي إحدى المرات بعد أن كسر عصا السنديان على ظهره ،هجم على أذن البغل وعضها حتى صار الدم ينفر منها كنافورة ، ومع ذلك لم يحرك البغل ساكنا مما زاد من غيظ نواف فأكثر من حفلات ضربه ، وصار كلما أكل قتلة من سيده ، يتسلل باتجاه الاصطبل ليمارس طقوس تعذيب البغل ، ويردد أمامه نفس الكلمات التي اعتاد سماعها من سيده ، ويضيف عليها قائلاً : أخ منك يا بغل ، ما فيك كرامة ، ما فيك إحساس ، أنت مثل نواف ، يسمع البهدلة ويسكت ، يأكل القتلة ويطنش ، أف منك يا بغل، اعترف انك غلبتني بسكوتك ، فلقتني بصبرك ، وآخرتها معك يا بغل ، صرت اشتهي لبطة من لبطاتك ، يقولون أن لبطة البغل على القتل ،لا يقف عليها حكيم ، طيب انخر، أشخر. حمحم .همهم. العمى ، نشف ريقي منك ،
كانت ضربات نواف للبغل كأنها تقع على حائط أو على كومة قش ، أو على حصير ، ومع ذلك استمر في ضربه وتعذيبه إلى أن حدث ما لم يكن محسوبا ، ولا يخطر على بال .
ففي صباح احد الأيام من شهر نيسان ، وتلبية لرغبة صاحب الأرض ، ركب نواف البغل قاصداً حقل الحنطة ، وفي الطريق أشبعه ضرباً ، ونحراً ، ونخساً ، إلى أن وصل الحقل .
ترك نواف البغل على جانب الطريق ، ودخل حقل الحنطة ، وهو يحدث نفسه : أخ لو كنت بغلا ، لمرطت نوافا قتلة على القتل ، لو كنت بغلاً لرفست نوافا رفسة ما تركته ينطق الشهادة ، أخ لو املك قوة بغل لأمسكت برقبة صاحب الأرض وقذفته ألف متر أمامي ، وعجنته وخبزته بيدي ورجلي .
أما البغل فقد اطرق رأسه في الأرض ، وكأنه ينصت لكلام نواف ، ثم رفعه عاليا متلفتا يمنة ويسرة وكأنه ، يريد التأكد من خلو المكان وفعلاً كانت الحقول خالية من الفلاحين والوقت مازال مبكراً ، والشمس لم تبزغ بعد ، عندها رفع رأسه عالياً ، وهو يحمحم ، وتقدم بخطى بطيئة ، واثقة ، باتجاه غريمه نواف .
عندما صار خلفه ، شب البغل على قائمتيه الخلفيتين ، ،فانتصب كمارد وهوى بكل ثقله دافعاً حافريه في ظهر نواف ، فبطحه أرضا ، ثم أشبعه لبطآً ، ورفساً ، وعضاً ، أمسكه من قبة سترته ، وأشرعه عالياً في الهواء ، طوح به بعيداً ، وهو يشخر وينخر، وقبل أن يدور ليجعل من نواف في مرمى قائمتيه الخلفيتين ، كان بعض الفلاحين الذين أذهلهم المشهد ، قد وصل مسرعاً ، فما كان من البغل إلا أن لبط الهواء عدة مرات مفرقعاً ، ثم أطلق ساقيه للريح ، مبتعدا باتجاه الجبال .



#احمد_الحاج_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية الصبي الذي شنقناه
- حكاية قرم الملفوف
- متى نعترف بالآخر
- متى نبدأ بطرح الأسئلة
- السلطة الاستبدادية وحلقات الذكر الصوفية
- حكاية زهرة اللوز
- الحوار : حكاية كلمة مع الاستبداد
- الحمامة
- ثقب في السور
- حكاية الدب الذي غلبه أبو فهد في المباطحة


المزيد.....




- الجزائر تعلن العفو عن 2471 محبوسا بينهم فنانات
- أفلام كوميدية تستحق المشاهدة قبل نهاية 2024
- -صُنع في السعودية-.. أحلام تروج لألبومها الجديد وتدعم نوال
- فنان مصري يرحب بتقديم شخصية الجولاني.. ويعترف بانضمامه للإخو ...
- منها لوحة -شيطانية- للملك تشارلز.. إليك أعمال ومواقف هزّت عا ...
- لافروف: 25 دولة تعرب عن اهتمامها بالمشاركة في مسابقة -إنترفي ...
- فنان مصري: نتنياهو ينوي غزو مصر
- بالصور| بيت المدى يقيم جلسة باسم المخرج الراحل -قيس الزبيدي- ...
- نصوص في الذاكرة.. الرواية المقامة -حديث عيسى بن هشام-
- -بندقية أبي-.. نضال وهوية عبر أجيال


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد الحاج علي - حكاية نواف والبغل