|
بعد هتلر يحاول الإطلسي الفوز بالقوقاز
يوسف شيت
الحوار المتمدن-العدد: 2372 - 2008 / 8 / 13 - 04:24
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
بعد إنهيار الإتّحاد السوفييتي عام1991 بسبب ثقل إخطاء قيادات الحزب الشيوعي ومجيئ بوريس يلتسن،رجل الرأسمالية الأول على رأس روسيا،وتخريب كلّ ما حققته الإشتراكية من مكاسب إجتماعية وإقتصادية وثقافية وعدم الإستفادة منها وبتدخّل مباشر من قبل الدول الرأسمالية،تحّركت الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية بشكل سريع لتحويل أنظمة بقية دول أوروبا الشرقية الى رأسمالية عن طريق تقديم الأموال والمحفّزات اليها وربط إنتاجها وإقتصادها بالرأسمال العالمي أو اللجوء الى قوة السلاح،كما جرى في يوغوسلافيا، ثمّ الدعوة لإنضمامها الى الإتّحاد الأوربي ثمّ الى الحلف الأطلسي،خاصة بعد رحيل يلتسن،تخوفا من عدوّها القديم من إسترجاع هيبته. عندما فشلت الرأسمالية،سابقا،في تطويق الإتحاد السوفييتي عسكريا،رأت الآن فرصتها التي لاتتفوّت فأقدمت على عقد إتّفاقيات متعددة الجوانب ،ومنها إتفاقيّات عسكرية مع مختلف دول الإتحاد السوفييتي السابق الواقعة شرق وجنوب روسيا ودعوتها،هي الأخرى، للإنظمام الى الحلف الإطلسي لإكمال الطوق على روسيا وتهديد الصين،وتحمّس لهذه الدعوة كلّ من أوكرانيا وجورجيا القوقازية بعد أن جاء على السلطة فيهما من أعتى عتاة مكافحة الشيوعية. وأول ما قاموا به هؤلاء الرؤساء هو توتير العلاقة مع روسيا ودقّ الاسفين بين شعوبهم وشعوب روسيا الإتحادية كعربون للحلفاء الجدد الذين يحلمون بدخول منطقة القوقاز،التي كانت حلم هتلر للتمتع بخيراتها بعد "الإنتصار" على الإتّحاد السوفييتي!!! تعتبر القوقاز منطقة حيوية من الناحية الجغرافية لوقوعها على البحر الأسود وحدودها مع روسيا وتركيا وقربها من إيران وبحر القزوين الغني بالنفط،،ومن الناحية الإقتصادية حيث مصدري الطاقة الرئيسيين النفط والفحم وغيرها من المعادن، وتربة غنية وجو معتدل ملائم للسياحة،فكيف لايسيل لعاب المؤسسات الرأسمالية الغربية وحلف الأطلسي لهكذا وليمة تقدم لهم مجانا من قبل الرئيس الجيورجي سوكاشفيللي الذي يزوّد بالسلاح من قبل أوكرانيا وإسرائيل. لقد أراد الرئيس الجيورجي إثبات وجوده كرئيس محنّك أمام شعبه وحلفائه الجدد بهجومه المباغت على عاصمة أوسيتيا الجنوبية تسخنفالي بحجة إعادة ضمّها الى جيورجيا،مع العلم كانت الحكومة الجيورجية السابقة قد ألغت الحكم الذاتي التي حصلت عليه أوسيتيا الجنوبية في زمن الإتّحاد السوفييتي السابق،مما حدا بأوسيتيا الى رفض القرار الجائر ونزعت نحو الإستقلال. أرادت الحكومة الجيورجية حلّ المشكلة عن طريق القوّة،لكنّها فشلت. ولتفادي تطور الأحداث وحصرها في نطاق ضيّق تمّ الإتفاق على أن تقوم القوّات الروسية بحفظ السلام في أوسيتيا لحين وضع حلّ مناسب يرضي الطرفين. لم يكن الهجوم الجيورجي متوقعا لروسيا التي كانت منشغلة مع باقي دول العالم في أولمبياد بكين والذي جاء متزامنا مع إفتتاحه يوم 8 آب،لكنّها أعلنت حالا عن وقوع العدوان على تسخينفالي وقوّات حفظ السلام، وفي اليوم التالي أعلنت عن تدمير المدينة وقتل حوالي 2000(الفي) شخص من السكّان المدنيين من قبل القوّات الجيورجية. أما الرئيس بوش وزعماء أوربا وأكرانيا لاذوا بالصمت في اليوم الأوّل منتظرين "مأثرة" سوكاشفيللي،وعندما إنقلب السحر على الساحر وتمّ الردّ على القوّات الجيورجية في اليوم التالي والإسراع في تقديم المساعدات للسكّان المتضررين،حينها أعلن الرئيس الأميركي بأنّ روسيا هي المعتدية ثمّ تبعه زعماء أوروبا والإعلام الغربي الذي لم يلزم الحياد تجاه الأحداث بتكرار الزعم. وأخذ الرئيس الجيورجي يدّعي بأنّ "عدوانا روسيا" يشّن على البلد الصغير جورجيا مستعينا بالمثل القائل "ضربني وبكى سبقني واشتكى". ومن الغريب انّ الرئيس الجيورجي عندما وجّه خطابه الى الشعب الجيورجي حول ما إدّعى بالعدوان الروسي خاطبه باللغة الإنكليزية مع العلم أن أكثر من 80% من الجيورجييين لايفهمون الإنكليزية،كما وضع العلم الأوربي الى جانبه ولم يكن أي من ممثلي اوروبا متواجدا في جيورجيا،مما يعني،حسب بعض المحللين،دعوة الدول الأوربية الى التدّخل الى جانبه،أي أنّه يفتقر الى أبسط الأصول الدبلوماسية،ولم يعلم بأنّ ما قام به هو جسّ نبض أمريكي- اوروبي تجاه روسيا، وهل أنّ جورجيا مؤهلة لدخول الأطلسي، وهل يمكن إستدراج روسيا الى حرب إستنزاف،وهل يمكن إلهاء روسيا لتسرع أميركا في نصب الدرع المضاد للصواريخ في بعض دول أوروبا الشرقية،ماذا سيكون مصير سوكاشفيللي السياسي،ماهو موقف الصين(ولكن بعد الأولمبياد)التي وقّعت معاهدة استراتيجية مع روسيا ؟ ولكن التهديدات والتهديدات المضادّة بين أميركا وروسيا تتواصل...وماذا بعد ؟ الزمن القريب كفيل بالإجابة على هذه الأجوبة وغيرها....
#يوسف_شيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليوبيل الذهبي لثورة 14تموّز- أسئلة وأجوبة في إمتحان عسير
-
حقائق ومذكرات أنصارية
المزيد.....
-
لأول مرة منذ 9 أشهر.. شاهد إجلاء مرضى فلسطينيين عبر معبر رفح
...
-
السيسي لترمب.. لا لتهجير الفلسطينيين
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس يلتقي ترام
...
-
-د ب أ-: منظمة الشباب التابعة لحزب -البديل من أجل ألمانيا- ت
...
-
صربيا.. المحتجون يغلقون الجسور عبر نهر الدانوب في مدينة نوفي
...
-
اكتمال تثبيت قلب مفاعل الوحدة الثالثة في محطة -أكويو- النووي
...
-
بعد سحب منتجات كوكاكولا مؤخرا.. إليكم تأثيراتها على الجسم!
-
هل تعاني من حرقة المعدة أو الارتجاع بعد شرب القهوة؟.. إليك ا
...
-
مشاهد للقاء الأسير الإسرائيلي الأمريكي كيث سيغال مع بناته
-
ظاهرة غامضة تتسبب في سقوط شعر جماعي لسكان إحدى ولايات الهند
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|