أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالوهاب خضر - الى كل الذين نسوا ذكرى 18 و19 يناير .. أول -الغيث- مظاهرة















المزيد.....



الى كل الذين نسوا ذكرى 18 و19 يناير .. أول -الغيث- مظاهرة


عبدالوهاب خضر

الحوار المتمدن-العدد: 733 - 2004 / 2 / 3 - 07:03
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


 ( وأسأليلى كل عام فى بلادنا.. كل برج وكل مدنة ..وكل صاحب من صاحبنا .. وكل عيل من ولادنا .. حد منهم شاف علامة من علامات القيامة .. قبل ما تهل البشاير يوم 18 يناير )  تذكرت هذة الاشعار لاحمد فؤاد نجم  عندما مرت بشاير شهر يناير منذ ايام دون ان يحتفل احد بأحداث 18 و19 يناير 1977 عندما انتفض الشعب المصرى فى مظاهرات عارفة فى كل مكان حتى أجبر انور السادات الرئيس السابق لمصر على التراجع عن قرار رفع الاسعار ..
فلماذا تناست بقايا المعارضة المتفرقة  هذا اليوم المجيد للشعب المصرى  وخاصة ونحن نمر بظروف اسوأ مما كان قبل 18 يناير 77 فالاسعار فى ارتفاع مستمر والشعب صامت  والمعارضة نائمة  والرأسمالية تعبث بالطبقة العاملة والشعب مهملا والمستقبل قذرا .. فماذا حدث ؟؟
لماذا تناست صحف المعارضة هذا الحدث التاريخى ؟... ولماذا تجاهلت احزاب المعارضة عقد ندوات ومؤتمرات احتفالات بذكرى هذة الثورة المجيدة والناجحة الى حد ما  ولو على شكل من اشكال توعية الاجيال الشعبية الحالية الصامتة  والغير منظمة بتاريخهم المشرف وقوتعهم السابقة اذا انتظموا فى مواجهة عدو لقمة عيشهم وارزاقهم ؟؟
ان اثارة هذا الموضوع  كان سيعطى للحكومة درسا كبيرا ويذكرها بحقيقة ومعدن الشعب المصرى  لان ( للصبر حدود دائما ) وليؤكد ان المظاهرات التى تشهدها القاهرة وعدد من المحافظات ويتم القضاء  عليها امنيا   ليست بالامر البسيط  بل هى  السحابة التى سوف يتبعها المطر لان (أول الغيث مطر دائما )
  
أين المحللون والكتاب والصحفيون  والاقتصاديون والسياسيون والاجتماعيون ليؤكدوا لنا أن جميع نقاط المياة الضعيفة هى التى كسرت الصخرة القوية وليس أخر نقطة مياة فقط هى التى فعلتها ؟
وبهذة المناسبة لفت انتباهى دراسة أعدها احمد صادق سعد على موقع التحررية الجماعية ( وهى دراسة قابلة للنقاش ) أكد فيها على اهمية تناول هذة الاحداث

 مع تزايد التوتر حدة فى منطقة الشرق الأوسط ، ومصر منها . وثمة من الأسباب الداخلية ما يزيد من عوامل غليان الأزمة فى بلادنا .

     بعدأن   وقد أنسى الكثيرين تلاحق الاحداث وتقلبات الاحوال انتفاضة يناير 1977 رغم ما اثارته من جدل عنيف ومتشعب فترة بعيدها . وبقيت هذه الأحداث فى انشاء الدوائر الحكومية ولدى المتسترين وراءها – أو قل اغلبهم – من فعل التحريض الاجرامى لقوى من الماركسيين الذين يعملون فى الظلام مثلما كالن يقول انور السادات فقد اطلق عليه ( انفاضة الحرامية التى حركها الشيوعيين المصريين ) . وفى نظر الحركة الماركسية نفسها واغلب الدوائر المعارضة الواسعة ، بقيت تلك الأحداث رد فعل تلقائيا لاستفزاز السياسة الحكومية . وفى كلتا الحالتين ، تكون الجماهير الحضرية التى صنعت تلك الاحداث يومين كاملين او يزيد فى ما يربو على عشر مدن رئيسية – بما فيها العاصمة الكبرى – نقول تكون الجماهير عبارة عن "كومبارس" فى مسرحية ليست من تأليفها ، ونكرات انتابتها حالة من التيه او فقدان الوعى أو "الهلوسة" .

        وغرض هذه الدراسة التأكد من عدم صحة هذه المقولات الشائعة ، ومحاولة تفهم لماذا اتخذت تلك الاحداث الاشكال التى تحققت ، والبحث عن العلاقة بينهما وبين السياق الذى احاط التحدى وردود الفعل المختلفة 

      و وتقول الدراسة :كانت الانتفاضة حدثا استثنائيا ، وأن كانت وقعت احداث مشابهة ولكن على نطاق محلى واصغر كثيرا خلال السنوات العشر السابقة . ففى الاوقات العادية تقبل الطبقات الخاضعة مصيرها بصورة اساسية او فى الجوهر ، ويعتبر هذا القبول أمرا مسلما به مقدما ومن حسن الاخلاق "والادب" ، بديل ان الذى يثار عادة هو الاصلاح (وأن كان كتكتيك من طرف الجذريين). واذا كانت العلاقات الاجتماعية المقرة والمقررة تأتى بالغرم على الطبقات الشعبية والغنم للقلة المسيطرة ، فالاولى تمارس احتجاجها على ما تعتبره تجاوز الثانية فى حقها، وذلك من خلال أساليب داخلة فى النسق وجزء من تركيبه العضوى (التقاضى ، التهرب والتحايل، الشكوى الى الدولة فردية او جماعية ، الشكوى لله) .

واما اذا كانت تغيرات عميقة فى المجتمع وقعت على نطاق واسع ، فقد تنعكس فى هبات تخرج الطبقات الشعبية بها من اسار الهيكل المؤسساتى. وأما ان يترتب على ذلك اقامة هيكل آخر يختلف عن الاول كثيرا أو قليلا ، وأما ان يتمكن النسق القائم من استيعاب الهبة بطرق شتى ، وليس القمع الا احدها ، اذا قد تستحدث طرق جديدة .

ووقوع الهبة دليل على ان القائمين بها ادركوا بصورة اوضح – ولو عابرا – حالة الحرمان التى يتحملونها وانها ظالمة من حيث الكيف وليس من حيث الكم فقط ، وأن بأيديهم فرصة ما للتغيير (1) . فاحداث يناير 1977 لم تكن فى حجم الاحتجاج فقط ، وانما كانت اشكالا من التحدى ، كفت فيها وبها مئات الالوف عن خضوعها المعتاد ، وسحبت تعاونها المخزى للآليات الجارية فى المجتمع، وتسببت فى كسور وتفككات هيكلية . وكانت المشاريع البديلة للشأن القائم اما منعدمة أو موغلة فى الغموض ، مع وجود اكثر من بديل فى نطاق الوضع القائم (أى مع وجود اكثر من لا "بديل" واحد) . الامر الذى مكن اطراف ذات سلطة وقدرة على التدبير من اعادة الاحوال الى ما هو أقرب الى الظروف السابقة للهبة . ولكن هذا لا ينفى من ناحية اخرى ان احداث يناير 1977 اشارت الى حالة ارتفع فيها وعى الجماهير من الناحيتين الاجتماعية والسياسية . وهذا ما يوضحه احد الابحاث الصادرة عن اكاديمية الشرطة(2) ، حيث رأى كاتبوها ان بالهبة خروجا عن السلبية وأن بها "الجماهير بدأت تعبر بشكل ايجابى عن موقفها من قرارات السلطة" . كما ان تعليقات العديد من الصحف الاجنبية اعتبرت تلك الاحداث امرا اقرب الى الثورة واشد اهمية من حريق القاهرة عام 1952 .

        وتثير انتفاضة يناير 1977 قضية اخرى، مرتبطة بالسابقة المتعلقة "بالوعى" ونقصد قضية التنظيم فالاعتقاد السائد فى الحركة الماركسية المصرية أن فعالية الحركة الجماهيرية ترتبط طرديا دائما وبصورة مطلقة ، بدرجة تنظيمها ، أى انتظام المشتركين فيها فى هيئات مهيكلة ، ذات قاعدة وقيادة ، ولائحة مكتوبة أو عرفيه توضح العلاقات المقننة بينهما الخ  وأن عدم توافر هذه الخصائص فى حركة 1977 ساعد على اعتبار احداث العنف نتيجة للاستفزاز اى اعمالا ذات وعى متدن . هذا فى نفس الوقت الذى تؤكد فيه الحركة الماركسية المصرية الدور الحاسم للحركة الجماهيرية فى صنع التاريخ من الناحية النظرية ، وتؤمن على التغييرات الجوهرية التى ترتبت على ثورة 1919 مثلا، من الناحية العملية . ومع ذلك فلا شك أن هبة 1977 لم تنجح فقط فى الغاء قرارات رفع الاسعار بالجملة ، وهزمت – ولو مؤقتا – ضغوط البنك الدولى وواشنطن والعواصم النفطية لالغاء الدعم ، بل كانت من العناصر العناصر الرئيسية التى حكمت تطور الاحداث التالية، من زيارة القدس الى كامب ديفيد الى حملة سبتمبر 1981 واغتيال السادات 

        فالانتفاضة كانت تدل على ان الاشكال المعروفة فى مصر مما يسمى بالرأى العام – واغلبها سلبى – قد تنتقل الى التحدى المباشر رغم فقدانها الصفة التنظيمية  ولعل هذا الاحتمال ما زال يثقل على كافة التوازنات الاجتماعية والسياسية الحالية .

        أن قوى الانتفاضة لم تكن فى تنظيمها ، ما دام مفتقدا ، وانما فى اثرها المفكك للنواميس المقررة للنسق المؤسساتى القائم ، وعلى العكس ، فجل التنظيمات القائمة ، أو كلها، وسواء كانت جماهيرية واسعة شكلا (النقابات العمالية) أو أقل اتساعا وانما معارضة (النقابات المهنية) بل وسياسية (احزابا) لم تكن اكثر من بؤر من افراد مبعثرين على سطح المحيط الهادر عندما وجدوا . وهذا لا ينفى الدور الذى لعبته تلك التنظيمات بدرجات مختلفة فى تقديم بديل فكرى خارج عن التكييف الذهنى المهيمن الذى تمارسه الدولة فى مصر ، اذ كان النشاط الماركسى من العوامل التى هيأت الظروف المواتية للانتفاضة ، ولكن تلك التنظيمات – بالقطع – لم تكن من العناصر الرئيسية التى اعطت الانتفاضة تلك القوى الصدامية الطويلة الاثر فى الميدان السياسى . ولم يكمن ذلك الاثر السياسى فى التنظيم الجماهيرى اذن، وانما فى التعبئة الجماهيرية . وفرق بين الاثنين، وان كان فى استطاعة بؤر منظمة نشطة أن تأتى باسهام فى تلك التعبئة 

احتوت هبة يناير 1977 على اتجاهات واستهدافات سياسية شتى . وكانت من بينهما المطالبة بالغاء قرارات زيادة الاسعار ، وهو الاتجاه الذى نجح من حيث أن السلطة تراجعت يوم 19 عن القرارات القيسونية . ولكن الهبة هزمت فى إتجاه آخر من اتجاهاتها وهو المتجه نحو النظام السياسى القائم ساعة ذاك . ولا شك أن الهزيمة عادت الى التفوق الحربى والتنظيمى لقوات الجيش التى دخلت فانهت الامر . ولكن هذا لم يكن الامر الوحيد، وان لم يكن السبب الادنى فعالية أيضا . وسبقت الاشارة الى ان الحركة تضمنت مشاريع مختلفة كان اكثرها وضوحا وتحديدا المشروع الاحتجاجى المطالب بالغاء القرارات القيسونية . وكانت المشاريع الاشد غموضا وترددا تلك المستهدفة القضاء على النظام السياسى الساداتى وايجاد اخر مقامه . كان هذا النظام الاخر البديل ضبابيا ، تظهر احيانا فيه معالم النظام الناصرى ولكنه فى اغلب الاحيان اقرب الى حلم التخلص من الدولة القاهرة أى ذو محتوى فوضوى بالمعنى العلمى للكلمة. وقد وقعت الهزيمة الحربية بالتحديد بعد ان كف المشروع المحدد عن كونه محركا للنضال مع قرار اعادة الاسعار الى ما كانت عليه قبلا . واصبحت المجموعات المتبقية التى قاومت القوات الحكومية حتى فجر 20 يناير مستمرة فى رد هجوم فقط ، اى دون امل فى الوصول الى المشروع الحلم .

وسوف نشير فيما بعد الى بعض الظروف الموضوعية ، الاجتماعية الاقتصادية التى تقدم شيئا من التفسير لبعض اعمال النهب والسرقة التى ارتكبت اثناء الهبة ولكنا نود الاشارة هنا الى ان طبيعة التكوين الجماهيرى للانتفاضة من الناحيتين السياسية والتنظيمية جعلت قائمة الامكانية ان تدخل فيها عناصر غوغائية . غير ان ما سمى "بالاعمال التخريبية" لم يكن فى الاغلب الاعم يعود الى عناصر معتادى الاجرام فقط ، بقدر ما كان تعبيرا عن موقف طبقى عام واسع وعن تبنى اشكال خاصة من القتال المادى والنفسى . وثمة القرائن على ان هذه بدورها لم تكن مستوحاة بالضرورة من تلك العناصر الغوغائية أو منها دون غيرها ، بل ان مخزونا كبيرا من امثالها كان معروضا فى الترسانة الفكرية والممارسات العملية لعناصر الصفوة الساداتية ذاتها ، لا بل و لأوساط الشرطة وقوات الامن والمباحث والسجون، وهى التى يحتك بها الشعب افرادا وجماعات كل يوم . فأساليب البطش الاعمى والتعسف والاستبداد بلا قانون او معيار من أخص خصائص اجهزة الدولة لدينا بحيث ان الانتفاضة ،اذ ملكت ساعات أزمة المدينة ، قلدت فى تعاملها مع ما يقف دونها الاساليب التى مورست عليها .

        وقد خالفت الانتفاضة نموذج السير الأمثل للحركة الثورية كما تتصورها آمال البعض حقا .. ولكن السير الواقعى الذى صار توقف على ظروف محددة فى زمن تاريخى عينى وعلى شكل لرد الفعل على تلك الظروف ، كما خضع لها فى الوقت نفسه . وبطبيعة الحال اذن ، فالافضل أن تتم محاكمة ما وقع لها فى ضوء الاهداف والاشكال التى يحددها المرء فى ذهنه بل على اساس ما كان ممكنا تحقيقه فى تلك الحالة وما كان المطلوب لذلك .

        انتفاضة 1977 حركة حضرية ، اذ جرت فى المدن الكبرى دون الريف . ويجب علينا ان نبحث عن اسباب اشكالها الخاصة فى مميزات التحضر المصرى . وسوف نكتفى هنا بالاشارة الى بعض ما يتعلق بالقاهرة، وهى التى كانت مسرحا للاحداث الاهم من حيث الحجم وطول الزمن، وأن كان من المحتمل ان تلك التى وقعت بالاسكندرية اتصفت – فى حوادث معينة – بمستوى أعلى من التحدى للنظام القائم و من حدة الاحساس الطبقى .

        كان عدد سكان القاهرة يزيد قليلا على مليونين فى 1947 فوصل الى ما يقرب من ثلاثة ملايين ونصف عام 1960 وتسعة فى تعداد 1976 . وان هذه الزيادة السريعة تعزى الى حركة التصنيع ايام الحرب العالمية الثانية ثم فى ظل الناصرية، وكذلك إلى حركة انتشار التعليم وخاصة الجامعى . وأن الدخول بالعملة الصعبة التى حققتها العمالة المصرية المهاجرة اتجهت ايضا فى معظمها إلى القاهرة حيث الاسواق الكبرى للكماليات وتجارة السوق السوداء. واذا كانت القاهرة شهدت نهضة صناعية – وخاصة فى ضواحيها المحيطة (شبرا الخيمة، امبابة، الجيزة، الحوامدية، حلوان .. الخ) ، حتى اواخر العهد الناصرى – فان القطاع الثالث (الخدمى فى ميادين التجارة والمال والترفيه والخدمة الاجتماعية الحكومية) قد اتسع فيها ايضا بوتيرة سريعة ، بل بمعدل اسرع فى ظل السادات . وجمع سكان القاهرة بين الطبقة العمالية الصناعية والاجراء فى الميادين الاخرى ، والموظفين الحكوميين وطلبة الجامعات والمدارس الثانوية ..

ومع كل التحديث الذى اصاب القاهرة ، فانها تظل فى معظمها مدينة شرقية أى مركزا اداريا ودينيا. ومع كونها مكانا كبيرا للنشاط الاقتصادى، فهى قبل هذا مسرح سياسى، يتقرر فيه كل يوم مصير مصر كلها . فينح اليها الناس بحثا عن الوسائط والاتصال بمن فى يده الامر ، خاصة بعد ان اشتد تمركز السلطة فى العاصمة فى ظل عبد الناصر والسادات معا .

ولكن الفعل السياسى ليس باتجاه وواحد فقط . بمعنى أن هذا التركيز السكانى المتعلق بمراكز السلطة يلعب ثانية دورا ضاغطا عليها بحيث يكون لسكان القاهرة وزن أكبر نسبيا من سائر المصريين فى حسابات الحكم وتعطى لهم افضلية على حساب الباقى . وخلال الفترة 1966-1967 إلى 1978، ارتفعت تكاليف المعيشة فى الحضر بنسبة 112.6 فى حين كان الارتفاع فى الريف 138.4 (3) . اى اعلى بما يقرب الربع . وبعد ان كان تفوق الحضر على الريف قد خفت حدته فى ظل عبد الناصر ، عاد يشتد فى عهد السادات . وفى وسط التفوق الحضرى تتفوق القاهرة على المدن الاخرى : فمجموع ما أنشئ فى مصر فى 1983-1984 من المساكن 160 ألف مسكن ، خص القاهرة وحدها 85 الف مسكن .

غير ان هذا المركز المتميز الذى يتمتع به الحضر عموما – والقاهرة على الخصوص – لا يعنى اختفاء التمايز الطبقى داخل المدن، بل على النقيض . ففى القاهرة اصحاب مئات الملايين فى حين ان بها جماهير تعيش تحت حد الكفاف أو الفقر .

وتتضخم هذه المدينة الكبرى بفعل الزيادة الذاتية كما بفعل الهجرة . وصافى الهجرة عبارة عن ناتج عملية مزدوجة من النزوح منها والنزوح اليها بحيث يصل مجموع غير المستقرين بالقاهرة إلى ما يقرب من نصف عدد الثابتين بها (4) ، الأمر الذى يضفى سمة عدم الاستقرار على هؤلاء السكان عموما .

والاغلبية الكبرى من المهاجرين الى القاهرة ابناء لصغار الفلاحين ومن المتعطلين أو اشباههم. وقد يجدون عملا غير منتظم فى البناء والحرف الصغيرة فلا يستقر وضعهم الاجتماعى وينظر اليهم على انهم فى مستوى ادنى (5) . ويتجه المهاجرون الى الاقامة فى الاحياء القديمة (وبعضها متداخل أو قريب من الأحياء الجديدة الغنية) والضواحى الحدودية للقاهرة ، فيقع فيها انفجار سكانى . وكان متوسط الكثافة السكانية بالقاهرة 25000/كم2 ولكنها تصل إلى 118000 فى روض الفرج و 143000 فى باب الشعرية ، فى حين انها تتراوح بين 7000و 9000/ كم2 فى الاحياء الراقية مثل قصر النيل والمعادى (عام 1973) . وكان متوسط الكثافة 3 أفراد بالغرفة الواحدة فى القاهرة الكبرى (عام 1974)، ولكنها كانت اقل من فرد واحد فى الاحياء الاعلى مستوى مثل الزمالك، ولذلك كانت مشكلة السكن الثانية فى الاهمية بعد الغذاء . وبرنامج الاسكان الحكومى يؤدى إلى تكاليف سكنية لا قبل بها للأسر المنخفضة الدخل . واتخذ نظام السادات بشكل خاص سياسة طرد سكان الاحياء القديمة الفقيرة والمركزية الموقع لبناء الابراج الحديثة فيها ، فانتقلوا للعيش فى الخيام او مساكن الايواء المؤقت فى الاطراف ذات المستوى غير الآدمى والى المقابر حيث اقامت مئات الألوف، وفى حين توجد عشرات الالاف من الشقق الخالية المغلقة انتظارا لفرص الربح، وتنشأ عشرات الفنادق الفاخرة للسياح، تعيش 85 ألف أسرة فى عشش او خيام او اكشاك فى 1976 (6) .

ويحتفظ المهاجرون بعلاقاتهم بالريف لانها تعينهم على المعيشة وتشكل نوعا من الحماية الاجتماعية لهم ، خاصة وان التنظيمات النقابية والاجتماعية والخيرية لا تلعب دورا يذكر فى وضع المهاجرين الى القاهرة ، على عكس علاقات القرابة والنسب والمحسوبية الاقليمية . ومن الملفت للنظر ان المهاجرين ، بدلا من ان يستوعبوا فى الحياة الحضرية كخط عام، ينجحون فى فرض اسلوبهم الحياتى على قطاعات واسعة من سكان المدينة (7) .

ومع النظام الساداتى الاشد انحيازا الى الاغنياء ، عانى الفقراء من مشكلة حادة فى وسائل النقل العام . فانخفض عدد الاتوبيسات من 2190 وحدة عام 1972 إلى 1372 عام 1977 فى حين ازداد عدد السيارات الخاصة من 80559، إلى 133599، وعدد سيارات الاجرة من 14487 إلى 29359 فى القاهرة الكبرى وهذا فضلا عن طفح المجارى وانقطاع المياه والكهرباء وانهيار المساكن . وبطبيعة الحال ، تقف الطبقة العمالية الصناعية فى القاهرة على رأس النضال ضد الاستغلال الرأسمالى ، ولها سجل حافل من الاضرابات والمظاهرات لتحقيق المطالب المعيشية المشروعة و كفاحا من اجل التحرر الوطنى والديموقراطية السياسية أيضا . ورغم استيعاب النظام للنقابات الرسمية، فقد استطاعت الطبقة العمالية ان تخوض المعارك بنجاح فى سنتى 1975 (حلوان) و 1976 (عمال النقل) كما ان الاعلان عن تأسيس الحزب الشيوعى المصرى مرة ثانية فى 1975 توافق مع اضراب عمال النسيج بالاسكندرية الذى القى القبض فيه على 150 عامل، وقد تأكد المركز الطليعى للطبقة العمالية فى احداث 1977 أيضا حيث بدأت مظاهرات القاهرة من مصانع حلوان، وفى الاسكندرية من الترسانة البحرية .

وعاصمة مصر مدينة فيها أيضا المهمشون العديدون  فتعداد 1976 يسجل فيها ما يقرب من 8000 متعطل سبق له العمل، و 11200 متعطل جديد و 53000- "زاهد فى العمل" ولا يذكر هذا التعداد اشباه المتعطلين أو الذين يعملون جزءا من الوقت أو أياما معدودات ، لا الاسبوع أو الشهر كلهما .

والقاهرة مدينة تجاور فيها الدكاكين الصغيرة الورش الكبيرة والمصانع . وفيها حوالى 200000 يعملون لحسابهم ولا يستخدمون احدا، منهم 76000 تقريبا من الاميين  وحوالى 5000 يعملون لدى الاسرة بدون اجر نقدى، منهم اكثر من 3000 أمى . واذا كان التعليم المهنى والثانونى والجامعى قد حظى باكبر الاهتمام او العناية مراعاة للطبقات الوسطى والاعلى فان التعليم الابتدائى والاعدادى أتيا بعد ذلك فى ترتيب الاولوية ، مثلما حدث على نطاق القطر عموما (8) .

ورغم أن القاهرة عاصمة البلاد واكثر المدن المصرية تقدما وتحديثا ، الا ان عددا كبيرا فيها من الاطفال والصبية والاحداث يقومون بنشاط اقتصادي ، وان كان هو الاخر ذا الوان خاصة ومهمشا بدرجة كبيرة  ويبين الجدول رقم (1) (أنظر الملحق) أن عدد الذين يعملون لحسابهم ولا يستخدمون احدا من سن فوق 6 سنوات واقل من 12 قد زادوا  بين 1966و 1976 من 370 إلى 702 ومن 981 إلى 2617 لمن بين 12و 15 سنة ، ومن 5629 إلى 1289 لمن بين 15 و 20 سنة ، وكذلك لم يزل فى عام 1976 من الفئة العمرية الاولى 8269 ومن الفئة الثانية 27683 ومن الفئة الثالثة 93767 يعملون بأجر نقدى . فى حين ان الذين يعملون دون أجر نقدى (سواء لدى الاسرة أو لدى الغير) قد زادوا بشكل خاص بالنسبة للذين بين 6 و 15 سنة . واشتمل التعداد على 25322 طفل فى بند المتعطلين وعلى 37020 طفلة فى بند المتفرغات لاعمال المنزل .. ويلاحظ أن عددا كبيرا من هؤلاء الاطفال بين 6 و 15 سنة كان يعمل فى الخدمة الاجتماعية والشخصية، تم فى الصناعات التحويلية (الجدول رقم (2) من الملحق) .

ومن بين الاحداث بالقاهرة ، عدد من الاميين يقرب من الربع مليون ومن الذين يعرفون فقط القراء والكتابة ما يربو على 400000 فرد .

وقد بلغ عدد الاحداث الذين تم القبض عليهم فى حوادث الشغب فى بناير 1977 (325) حدثا ، وهو اكبر عدد يقبض عليه من هذه الفئة العمرية فى مظاهرات سياسية او اجتماعية (9) . ولكن ، اذا تأمل المرء الأرقام السابقة ، وجعل فى ذهنه ذلك العدد الكبير من النشيطين اقتصاديا من الاحداث فى القاهرة ، لوصل الى النتيجة ان اشتراكهم فى احداث يناير 1977 لم يكن عن تيه وقلة عقل ، بل عن وعى حاد بالتمايز الطبقى وعن رغبة مشبوبة فى الخروج على الاوضاع التى يغبنون فيها اشد الغبن ويقهرون أظلم القهر . وذلك لانهم ليسوا فقط افرادا فى المجتمع بشكل غير مباشر (بالاحتكاك بالاهالى) بل بصفة اصلية ايضا وان كانت جزئية ومن هنا ندرك ما تشير اليه التقارير الرسمية من صدور الاحكام ضد الاف الاحداث سنويا بتهمة التسول وجمع الاعقاب والقمار والدعارة والمبيت فى الطرقات(10) وهى احكام ذات دلالة على خروج الاحداث على المجتمع بشكل فردى "وانحرافى" فى حين ان اشتراكهم فى انتفاضة يناير 1977 بصورة واسعة كان خروجا على النظام بشكل جماهيرى وسياسى . فاذا كان الخروج على القانون والمجتمع الرأسماليين القائمين يعتبر فى اغلب الدوائر الرسمية "انحرافا" شبيها بالمرض النفسى ، فهو فى الحقيقة رد على القهر الاجتماعى بأسلوب فردى . وهو ينتشر بشكل خاص فى الاوساط الواقعة فى اسفل السلم الاجتماعى، اذ أن الطبقات الاعلى منها مستوعبة فى المؤسسة القائمة (11) .

وأن العديد من السمات الاجتماعية العامة والمتعلقة بالقاهرة لم تكن عام 1977 جديدة كل الجدة على العاصمة فأن المظاهرات العنيفة والهبات التلقائية الواسعة أمر معروف فى تاريخها . وليست الجماهير المشتركة فى تلك الهبات مجموعة من المجرمين او المنحرفين عقليا ونفسيا ، وان وجدت بينها عناصر تتخذ الخروج على القانون حرفة . و إنما الاغلبية الكبرى من الطبقات الكادحة وان كانت نسبة هامة فيها من الفئات الأشد فقرة والمهمشة نوعا ما.

       ويمكن الملاحظة ان الأشكال الغوغائية للتحدى (مثل النهب عند إشعال النار فى الممتلكات) كانت اشد ظهورا عندما اختلطت الغضبة الطبقية والسياسية بمشاعر الاستفزاز الدينى والأخلاقي (مثل الهجوم على النوادى الليلية بشارع الهرم). ولكن الصفة الغالبة لم تكن هذه بل كانت تصرفات التحدى الجماعية أساسها الاقتناع عند المشتركين فيها انهم يتحركون كأعضاء فى جماعات معبرين عن رفضهم لطاعتهم السابقة  و امتناعهم أمام محاولة اعادتهم إاليها ، وإذا كانت هذه التصرفات الجماعية لم تكن ذات تنظيم منضبط، فلوجود تلك النسبة العالية من المتعطلين وأشباه المتعطلين والأحداث والعاملين فى الإنتاج الحرفى والنشاط الخدمى الصغير ومن حديثى الهجرة من الريف، اى من الذين لا يعرفون الانضباط الصناعى الحديث وهو الأساس الذى أعطى للحركة شكل الزلزال غير المحكوم فى نفس الوقت الذى كان يعطيه قوة الزوبعة .

       قد اعتبرت هذه الحركة أجراما لدى الدوائر الحكومية، وشيئا من السذاجة العقلية أو من تخلف الوعى لدى دوائر اكثر تقدما. ولكن هذا وذاك كان تجريدا للأحداث والتصرفات من ظروفها الموضوعية. وحتى فى أحوال الهجوم الأخلاقي على الغنى الفاحش باسم الإسلام فقد كان الاستمساك بالدين حاملا لنوع من الطبقية الشعبية.

 

       فى حين ان اليسار كله حمل النظام الساداتى مسئولية الأسباب العميقة التى أدت إلى الهبة، وجهت الأجهزة العلمية للسلطة الاتهام إلى التغييرات الفكرية والسياسية التى طرأت فى ظل عبد الناصر (12). وفى تقديرنا أن انتفاضة بمثل ذلك الحجم وتلك الخطورة تضرب جذورها إلى ابعد من الأسباب القريبة وكذلك ابعد من الأسباب المفجرة المباشرة. فى نتاج تطور شامل للأحداث و لالتقاء عناصر عديدة وعلى مدى أطول.

       لقد تكونت الأغلبية الساحقة من المتظاهرين من شباب وأحداث يتراوح تاريخ ميلادهم بين السنوات الأولى للعهد الناصرى وسنواته الأخيرة. وقد شهد هذا العهد من التطورات والتقلبات والسياسات ما كان يستحيل إلا يترك أثارا عميقة على ذلك الجيل. فان الإصلاحات الزراعية والتاميمات  والحروب ضد القوى الاستعمارية الكبرى، والحديث المباشر للجماهير وبلهجتها عن الحرية والعدالة والكرامة والاشتراكية والاستغلال الطبقى والمساواة قد دفع إلى مسرح الأحداث بجماهير غفيرة كانت تتوارى من قبل فى السلبية أو مجرد الرفض (إذا استثنينا أحوالا شاذة). والهزيمة السهلة ظاهريا التى لقيتها الطبقات المالكة الكبيرة السابقة من المصريين والأجانب أصابت قدسية الملكية الفردية الكبيرة بالشك فى معيارها الاخلاقى، كما أثارت الارتياب الشديد فى قدرة أصحابها على الانتقام والردع والعقاب عند الاعتداء عليهم، وفى كلمة،فقد كان لتلك النواحى من العهد الناصرى اثر كبير فى جعل الجماهير الواسعة تفقد شيئا من اقتناعها بان الظلم الذى عليهم قدر و حق.

       وان ننسى فلا ننسى استخدام العهد الناصرى للدين تأكيدا على سلامة سياسته (التحالفات مع الأخوان ، الدائرة الإسلامية فى فلسفة الثورة ، المؤتمر الإسلامى عام 1955 ،الإسلام والاشتراكية فى مجمع البحوث الإسلامية ،القمة الإسلامية …الخ) وهو ما كان يوفر حججا فكرية شديدة الصلابة على ذلك النوع من الثقة بالنفس الذى اكتسبته الجماهير.

       وقد اتبع السادات سياسة طويلة المدى انقلابه على الخط الناصرى. إذ ظل هو الآخر يتحدث عن الاشتراكية، وأحيانا بالطريقة المبتذلة الفجة التى تثير خيال الذهن البسيط، إلى بعيد 1977. إذ لم يحارب تلك المفاهيم الثورية فى مواجهة واضحة، فقد ترك لها مجالا للبقاء والفعل. ومن اطرف الأمثلة على ذلك، ما نشرته مجلة روز اليوسف فى عددها الصادر فى 17/1/1977 لحديث مع المدعى العام الاشتراكى أنور حبيب حيث قال "سأقطع خبر اللصوص فى هذا البلد! سأذهب إلى المحكمة لأفضح أمام الشعب الذين يسرقون قوته! لن اقبل ان ينهبنا أحد باسم" حق الملكية الخاصة" ! " وشن الرجل هجوما ضاريا على كباريهات شارع الهرم وروادها منذرا من يخرج على حسن الآداب والقيم والذين يديرون بيوت الدعارة. وكان لاستخدام السادات للإسلام وتذكيره بعدل الخلفاء الراشدين شئ من نفس الأثر، وان أكد بشكل خاص على إبراز قيم القناعة والاستسلام وقبول الأمر الواقع في التراث.

       ومن ناحية أخرى، فقد كان العهدان الناصرى والساداتى مليئين بالانقلابات المفاجئة والحروب وبعقد التحالفات الجديدة وحلها داخليا وخارجيا، وسجلها يطول ذكره، حتى تباهى السادات" بالصدمات الكهربائية.." التى يحدثها. وكان لهذا الاضطراب المستمر فعل الإثارة الواسعة وتوتير الأجواء وإشاعة نوع من الانتباه (وأحيانا اليقظة) عند الطبقات الشعبية، الأمر الذى جعلها سهلة التحرك والتجمع والاندفاع، ولا ينفى هذا استمرار العناصر الدافعة إلى السلبية، فكانت النتيجة مختلطة معقدة.

       ولكن هذا لم يكن كل شئ. إذ احتوت المراحل الأخيرة للعهد الناصرى على سياسات ونتائج عملية تعارضت مع المبادئ المرفوعة إعلاما في التصريحات والمواثيق الرسمية، الأمر الذى أشاع قلقا متزايدا، ووسع دائرة التوتر السابق ذكره من منبع جديد وعمق الهوة التقليدية الموجودة في مصر بين الحاكم والمحكوم مرة أخرى. ولن نخوض في الأسباب الموضوعية الذاتية لهذا الوضع المتناقض، ولكن تكفينا الإشارة إلى هبوط نصيب الأجور في الناتج القومى الزراعى ابتداء من 1967/1968. وان الأخذ بالخطة الخمسية قد توقف بعد تنفيذ الخطة الأولى والوحيدة، وانه بعد هزيمة 1967، اتخذ النظام الناصرى خطا فيه تحول عن السابق ومنه الارتباط بالدول العربية المعتدلة (قمة الرباط في سبتمبر 1969)، والخطوات الأولى في "الانفتاح" من حيث حيازة العملة الصعبة والهجرة إلى الخارج وإحضار السلع الاستهلاكية من الخارج ، و "إصلاح" القطاع العام، وتأسيس شركة جديدة للأسواق الحرة، وإعطاء مسئولية وسلطة اكبر لرئيس مجلس الإدارة في القطاع العام، وتشجيع القطاع الخاص وفرض ضرائب وتضحيات جديدة على العاملين (13)، وهذا في نفس المرحلة التى كان يصدر فيها "بيان 30مارس".

       ومع مجيء السادات زادت الأحوال تدهورا، إذ بدأ يهبط نصيب الأجور من الناتج القومى في الصناعة منذ سنة 1975 بشكل واضح. وبالإضافة، فقد أخذت تكاليف المعيشة ترتفع بسرعة جنونية، ويصيب الغلاء الفئات الشعبية الدنيا سحقا، وخاصة تلك المكونة من أشباه المتعطلين والمهمشين الذين رأينا القاهرة تزخر بهم، فتزيد عليهم صعاب الحياة ومشاكلها إلى جانب ما رأينا من مشاكل العمل والسكن والمواصلات.

       ولعله كان من المستطاع ان تستمر الجماهير الحضرية – والقاهرية منها – في تحمل البؤس والحرمان والمعاناة، لولا فجور طبقات القمة وتباهيها بنهمها ولولا عمليات الكشف والفضح (وأحيانا لأغراض النفاق والتضليل) التى مارستها وسائل الإعلام الرسمية بهذا الخصوص. فقد كان الناس يشهدون ويسمعون عن الثروات التى يجمعها الحكام الكبار ويقرأون لحسنين هيكل عن التحف التى يأتى بها من الخارج زعماء الاشتراكية الناصرية. وقد صرفت 35 مليون جنيه على شراء السيارات المستوردة فيما بين 1972-1975 في نفس الوقت الذى تتحدث الصحف فيه عن "القطط السمان" ويعقد رئيس الجمهورية قران كريمته على ابن المليونير عثمان احمد عثمان في بذخ يذكر بألف ليلة وليلة وتنشر الصحف صور الأبهة في أوائل يناير 1977. فقد كانت التحولات التى بدأت من بعد 1965 –1966 وأطلقت الطبقة الجديدة من عقالها لم تمح من ذهنها الرعب من التأميمات والمصادرات، ولا طمأنتها حقيقة على زوال خطر الأحداث الثورية المحتملة في المستقبل القريب. فألقت بنفسها في ملذات الثروة السهلة والمزيد منها بشدة اكبر ودون مراعاة للمظاهر الأخلاقية الأولية لاقتناعها ان وضعها الممتع لن يدوم طويلا. وبرز في هذا المجال أصحاب الثروة النفطية، والعديد منهم يأتون إلى مصر للسياحة والترفيه فيبذرون أموالا طائلة في الموبقات. وتعرف على الخفى في المجتمع النفطى مئات الآلاف من المهاجرين الذين عملوا هناك.. وبهذه التصرفات، كانت الطبقة الثرية إنما تنزع عن أعين الجماهير العريضة البقايا الباقية من الاحترام للغنى الفاحش. وملأت القاهرة الروايات عن الثروات المجموعة بالإجرام والمصروفة في الإجرام وذلك في اقرب الدوائر لمراكز السلطة. فأضافت مزيدا من الكراهية والاحتقار إزاء القمم.

       وفى هذه الأحوال التى تزداد أزمة وتوترا يوما بعد يوم، وتنذر بأحداث جسام اتبعت السلطة سياسة التصريحات الوردية وإخفاء نواياها الحقيقية بطريقة تثير التساؤل في ذهن من يطلع اليوم على صحف يناير 1977. فتثبيت  الأسعار وتحسين أوضاع العاملين (1/1/1977)، وتوفير الغذاء والكساء للجماهير وتثبيت الأسعار (2/1)، والتمسك بالحل الاشتراكى (7/1) وتوفير وجبه غذائية جاهزة رخيصة (10/1)، وضبط قرارات تحريك الأسعار (كذا في 16/1) وعلاوة إضافية لجميع العاملين من أول يناير وزيادة المعاشات 10%(17/1)، و92 مليون جنيه لإصلاح أوضاع العاملين،و98 مليون جنيه للعلاوات الإضافية وزيادة المعاشات واستمرار دعم السلع الرئيسية (18/1). فهل كان أولئك الذين يمسكون بدفة الحكم من السذاجة بحيث اعتقدوا ان هذه التصريحات يمكن ان تخفى الواقع المثير؟ أم كان جزء من الوزارة في واد، لا يدرى ما يبيته الجزء الآخر؟ وعلى اى حال، تعرض الجمهور بهذا الشكل إلى متوالية من الكلام المخدر بحيث كان لابد من ان تكون إفاقته عند قرارات يناير غضبة مضرية.

       وقد جاءت هذه الأفاقة في ظرف قومى عام في مصر جدير بالالتفات إليه. فقبل 1956 كان بقاء القضية الوطنية دون حل حجة قوية في أيدي الذين برروا قمع المعارضة وقهر المحرومين باسم الوحدة الوطنية ضد المستعمر أولا.وقبل 1973 استخدام السادات هذه الجملة لمحاربة الحركة الشعبية والمعارضة الديمقراطية والتقدمية، رافعا شعار" لا صوت يعلو على صوت المعركة. ولكن حصول مصر على درجة كبيرة من الاستقلال الفعلى في ظل عبد الناصر كان من لابد ان يدفع إلى المقدمة بمطالب الجماهير المعيشية، ويشحذ مواقفها الطبقى، وكذلك، فاستسلام النظام الساداتى المتزايد إزاء الاستعمار الامريكى والإملاء الاسرائيلى جرده من ذلك السلاح الذى أراد ان يسكت الشعب به ويهدد الطبقة العمالية خاصة، الأمر الذى أعلى بدوره الصوت الطبقى علوا على علو.

       إذ اتخذت الحركة التحريرية المصرية طبيعة جماهيرية متزايدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ، فقد اشتد عود هذه الحركة منذ أواخر العهد الناصرى. ولا نقصد هنا فقط المظاهرات المعارضة للأحكام على ضباط الطيران، بل نشير أيضا إلى المظاهرات المؤيدة لعبد الناصر في يونيو 1967 وفى جنازته في سبتمبر 1970. فمهما كانت الشعارات المرفوعة حينذاك والتأييد الجارف فيهما، لا انهما كانت دليلا على شدة التعبئة – وهذا هو المهم بالنسبة موضوعنا – تلقائية. وهذا ما تؤكده أيضا إحصائية شبه رسمية لحوادث العنف التلقائى الجماهيرى فيما بين 1966و1974 والتى بلغ مجموعها 392 حادثة (وقد أطلقت الصحافة الرسمية عليها اسما مخففا للاطمئنان هو "الحوادث المؤسفة"). ويتضح من بحث المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية لها أنها كانت متزايدة طوال هذه الفترة واشتملت على هجمات على الشرطة وحرق مبانى أقسامها والاتحاد الاشتراكى وبعض المصالح الحكومية ومنشآت القطاع العام. وكأنها كانت تجارب تمهيدية متناثرة لأحداث يناير 1977 وقال وزير الداخلية أمام مجلس الشعب في 16/1/1977 ما يؤكد الأوضاع المتفجرة التى هيأت ليومى 18،19 يناير، إذ قال عند مناقشة حوادث مدينة بيلا : "ان بعض الجرائم في الفترة الأخيرة اتسمت بمظاهرة العنف (….) وقع اعتداء على بعض مواقع الشركة من قبل أشخاص غير مسئولين (…) وهناك حالة بين الجماهير تشبه حالة الوتر المشدود"(14) (الإبراز من عندنا).

       ولا يتعارض اشتداد العنف في الحركة الجماهيرية مع ازدياد اتساع الموقف السلبى الجماهيرى من السلطة وتنظيماتها. ونذكر بشكل خاص الابتعاد عن الاتحاد الاشتراكى ومقاطعة هياكله وحركته، ومقاطعة الانتخابات والاستفتاءات ففى تلك الظروف لم يكن الموقف السلبى من السلطة مناقضا لاستعمال العنف في الهجوم عليها، بل كان الأمران متتامين يعبران عن نفس الرفض. والفرق بينهما ان الحركة ذات العنف فيها التحدى للدولة والثقة بالنفس والجرأة في حين ان الموقف السلبى فيه مقاومة موازية خفية وخائفة.

       وقد استعملت السلطة إزاء هذا الوضع سلاحين. الأول السيطرة على التنظيمات الجماهيرية واستيعابها في الجهاز الحكومى في نفس الوقت الذى كانت تفرض عليها فيه قيودا يبدو ان لافكاك منها. وسار في هذا المضمار العهدان الناصرى والساداتى على السواء، واعتمدا كلاهما على تراث ورثة من العهد الملكى الاستعمارى (قانون الاعتراف بالنقابات العمالية و قوانين "تنظيم" الجمعيات الأهلية). ولكن هذا السلاح مكن السلطة فقط من الإمساك برقبة ما هو منظم، وبتقييد تلك العناصر الطليعية التى تعتقد بفعالية التنظيم رغم كل شئ. وهى تمثل أقلية صغيرة، في حين ان الأغلبية الكبرى والساحقة غير منظمة وغير مقنعة بالتنظيمات الرسمية، فهى بالتالى خارج القبضة الحكومية من هذه الناحية.

       والسلاح الثانى كان القانونى القمعى. وهنا أيضا لمصر تاريخ منذ ان بدأ القانون الوضعى فيها من أيام محمد على (لائحة الفلاح). ولكن النظامين الناصرى والساداتى  أضافا  إلى التركة السلبقة  من تفانين  التشديد  ما لم يطرأ على خيال  الملوك ولا المستعمرين(التعديلات والإضافات على المادة 98 من قانون الجنايات وعلى قانون الأحكام العسكرية والطوارئ، ومواد الدستور القمعية .. الخ).

       ولاشك ان للبطش قدرة على فرض نوع معين من الهدوء. ولكنه في الوقت نفسه لا يترك متنفسا للضغوط الناتجة من الغليان الداخلى. وهكذا كان للقمع القانونى دور مع العوامل الأخرى لكى تتوجه الجماهير الشعبية الفقيرة وعناصر المعارضة الخارجية عن إطار النظام نحو السكة الوحيدة الممكنة، سكة الانتفاضة.

       وقد عرفت القاهرة انتفاضات وهبات أخرى من قبل، ومن أعنفها حريق القاهرة في يناير 1952، ثم أقربها هى مظاهرات 1975. ولكن انتفاضة يناير 1977 كانت لها خصائصها الخطيرة والبالغة الأهمية . ذلك ان حادثة حريق القاهرة كانت محصورة بالعاصمة، في حين ان ما حدث في 1977 بالقاهرة كان فقط نموذجا واسعا واشد عنفا لما وقع في عدد من عواصم الأقاليم ومدنها، اى اقرب إلى ثورة المدن المصرية. وكان حريق القاهرة أشبه بالانفجار الفوضوى غير محدد الهدف السياسى إلا شتاتا في بعض اللون الوطنى المعادى للصهيونية والدينى، فى حين ان أحداث 1977 كانت موجهة ضد النظام  القائم وسلطته  وحكومته بصورة أساسية. وكانت مظاهرات 1975 أيضا ذات طابع اجتماعى سياسى. ولكن مستواها كان دون مستوى مظاهرات 1977 بما لا يقاس وتساعدنا هذه المقارنة على وضع أحداث 1977 كنتيجة تاريخية لتجارب سابقة، ولكنها على درجة أعلى من الأهمية والدلالة.

       في وجه هذا التحفز الشعبى والتوتر الحضرى خاصة، الذى عبر عن نفسه اكثر من مرة في "الحوادث المؤسفة"، كانت أوضاع السلطة الساداتية قبيل أحداث 1977 مفككة ومهتزة، وعلى رأسها مجموعة سياستها في حل المشاكل، عبارة عن "الهروب أماما".

       خرجت السلطة الساداتية من شرنقتها الناصرية من خلال سلسلة من الصراعات الداخلية العنيفة والتحالفات السياسية والفئوية والمؤقتة التى سرعان ما تنفك بعد تكوينها، دون ان تتمكن مع ذلك من الوصول إلى الوحدة أو التجانس الداخلى. وحتى قبيل الأحداث، كانت قوى كبرى تتصارع مع المجموعة الساداتية الضيقة الخاصة وحولها. ومنها الجيش الذى كان فقد الكثير من هيمنته السابقة على الصفوة (انخفضت نسبة الوزراء من اصل عسكرى من 38% عام 1970-1971- إلى 7.8% بعد الانفتاح عام 1974) وهذا رغم تعيين السيد/ محمد حسنى مبارك نائبا لرئيس الجمهورية. ومنها طاقم وزارة الخارجية الذى لم يكن راضيا عن سياسة السادات. ومنها مجموعة القيادات الموالية للناصرية في القطاع العام الذى تعرض للتغييرات المتتالية والهجوم العنيف، وفى الحركة التعاونية والاتحاد النقابى. ومنها قوى داخل حزب مصر ترى ان غنائم الحكم لم تكن توزع بين الأنصار بالعدل. وأخيرا، فقد كانت هناك قوى خارجية تمارس على السلطة الضغوط والاغراءات والتهديدات، ومنها شتى الأجهزة الأمريكية التى ظلت تبحث عن بديل للسادات حتى في اشد أيام الوئام معه، والسعودية وبلاد نفطية أخرى تلك التى كانت تمزج حساباتها الخاصة مع التبعية العامة للسياسة الأمريكية، منها فرنسا التى أرادت ان تدخل سوق السلاح المصرى لمنافسة واشنطن.

       وكانت تختلط مع هذه الصراعات المصلحية صراعات سياسية وفكرية تتقاطع بين الاتجاهات الناصرية وبين الانفتاحية الجديدة، وبين المجموعات الداعية إلى التحررية وتلك المتمسكة بهيمنة الدولة. وقد اتبع السادات سياسة تتضمن تناقضات صارخة ومفاجآت شديدة، فمن إجراءات انقلابية وأحاديث عن دولة المؤسسات، ومن إجراءات ديمقراطية وبطش بالمعارضة، ومن استعمال التراث الاسلامى لفائدته الخاصة وانكاره على الحركات الدينية الخوض في الأمور السياسية الخ.. وكانت النتيجة مزيدا من التفكك وتيه بين عناصر السلطة وأجهزتها، الأمر الذى يقدم تفسيرا – ولو جزئيا – للذهول والشلل اللذين أصابا الحكومة عند انفجار الهبة.

       وكانت ظروف موضوعية تزيد السلطة ضعفا وتفككا. وعلى رأسها الأزمة المالية. ولن نخوض في تفاصيل زيادة نسبة التضخم وارتفاع العجز في الميزان التجارى أضعافا عما كانا عليه من قبل، ومضاعفة الديون الخارجية.. الخ، إذ أنها معروفة للجميع (15). ولكن الذى نود الإشارة إليه هو ان هذه الأزمة كانت تشكل مشكلة للسلطة من نواح لا تمت مباشرة فقط إلى البحث عن القواعد السليمة لإدارة الاقتصاد القومى. ذلك ان اقتراب مصر من الإفلاس واحتمال انقطاع الفيض الخارجى كان يعنى للقمة خطرين: خطر نضوب المنبع الذى تنهل منه عناصر في القمة والمستويات الأخرى أيضا والتى تتكون ثرواتها من الرشاوى والوساطات والاختلاس والنهب من أموال الدولة ومواردها الخارجية، وهو الاعتبار الأول. والخطر الثانى ان تكف فئات واسعة من الجماهير الشعبية والحضرية عن سكوتها واستسلامها الذين تتوصل السلطة إليهما بفضل الفتات التى تذهب للدعم. مع الملاحظة ان هذا الأخير باب واسع للرزق لنفس الطبقة العليا بالطرق الشرعية وغير الشرعية أيضا في الوقت نفسه (وليست قضايا الأغذية الفاسدة إلا قطرة في المحيط. ومن هنا نفهم السبب فى زيادة التضخم وارتفاع الدعم (16) رغم الصرخات المنذرة من الأجهزة الحاكمة ومن المعبرين عنها بشكل متكرر : ان هذا الوضع المتأزم كان لمصلحة القمة سواء كطبقة مالكة او كسلطة سياسية.

       وكانت هذه الظروف المالية المتأزمة فى مصر فرصة للمعسكر الاستعمارى لكى يشدد من ضغوطه حتى تصبح البلاد فى قبضته تماما، فيخفض الدعم وتخفض قيمة الجنيه حتى تكون الأسواق المصرية مفتوحة أمام البضائع الأجنبية ودار صراع فى الكواليس يطلب فيه الحكم الساداتى من السعودية والكويت وقطر والإمارات العربية ثمنا للدم المصرى المراق فى الحروب ضد إسرائيل، وتعد الأطراف النفطية ثم تتمنع ثم تخفض المبالغ التى وعدتها، حتى تراجعت عن المزيد من القروض والمنح فى 16 يناير 1977 إلا إذا كانت مصر تخضع لشروط صندوق النقد الدولى والبنك الدولى وتطيع نصائح الولايات المتحدة وبنوكها وحلفائها فى خفض الدعم والجنيه. ولم تكن هذه الضغوط إلا لتزيد من ارتباك السلطة وتنازع عناصر تكوينها وشللها.

       وأخيرا، فقد كانت هناك أيضا أسباب سياسية تدفع فى نفس الاتجاه. ونقصد ان الحكم الساداتى ظل منذ 1974 يزعم لنفسه حق الحصول على الرعاية الأولى من واشنطن، باعتباره قادرا على القيام بدور الشرطى فى أفريقيا والشرق بديلا عن إسرائيل. ولم ينجح السادات فى هذا الخط وظل مركزه فى الجبهة الاستعمارية محاطا بالشكوك. ومنذ أواخر 1976ازدادت احتمالات عقد مؤتمر جنيف باشتراك الاتحاد السوفيتى (17) وهو أمر كان النظام المصرى يرى فيه هزيمة لخطته المتكاملة. فكان مزنقا أضيف اللى الأزمة القائمة فى القمة.

       ويبدو منطقيا مع هذا السياق ان تكون الحكومة الساداتية كلها غير منتبهة إلى احتمال اندلاع الحوادث الخطيرة التى قامت فى 18، 19 يناير، وأنها أخذت بها على غرة كما قالت التعليقات والتحليلات كلها تقريبا التى صدرت لا فى مصر فقط بل وفى الخارج أيضا. ومع ذلك فهناك من القرائن المحيرة التى تثير بعض الشكوك حول عمومية هذه المقولة و احتمالا أن بعض العناصر فى السلطات  رأت فى الانتفاضة أداة تستعملها لإعادة بعض الوحدة فى الصفوف حول السادات، وإجبار الدول العربية وأمريكا على توفيق العلاقة مع السلطة المصرية القائمة باعتبارها درع للحماية ممكنة، فدخلت تلك العناصر فى مقامرة يائسة ثم تكن نتائجها مضمونة (18).


ان هذة الدراسة تكشف لنا ملامح متعددة وجديدة لاحداث 18 و19 يناير 77  وهى دراسة قابلة للمناقشة والرد والتوضيحات او التصحيح بشرط الا نستمر فى النسيان ولنستمع الى جميع وجهات النظر الاخرى   لاننى اشعر ببشاير هذا الحدث الان  وكل ما اخشاة أن تغيب القوى السياسية التقدمية عن هذة اللحظات  ولا ا تستفيد مما حدث فى 77 19  ونحن الان فى 2004 .. ولا فرق بين ظروف واحوال هاتين المرحلتيين .. أظن مفهوم 
 



#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجلس القومى لحقوق الانسان هل هو ديكور جديد للديمقراطية فى ...
- يا صحيفة( المدى) العراقية .... أين باقى العملاء؟؟
- الأمن القومى فى زمن جورج بوش
- القرار 137 - بنى على باطل فهو باطل
- من الذى يصنع القرار فى مصر؟
- الى حركة 20 مارس ...الرأسمالية تحفرقبورها بيديها
- انفراد صحفى حول مانشيتات جرائد الاسبوع القادم فى مصر !
- أين المراهقون؟.. شارون يخلع أسلحتة الداخلية
- حملة لانقاذ175 مليار جنية من قبضة الحكومة المصرية
- حكومة مصر تسرق أموال اليتامى
- عن (بيان الحكومة) سألونى وأنا فى (الكذب) لا افهم
- الاخوة الناصريين .. استمروا فى حملة التوريث من أجل عيون مصر ...
- من يحاور من .. مبارك وبطيشة ؟؟
- أغلقوا ملف تداول السلطه.. فالرئيس مبارك باق .. باق !!
- عمال مصر بين مطرقة الحكومه وسندان رجال العمال
- خمسون يوما من التعذيب فى مصر
- فى زمن البزرميط السياسى : ردود مثيره على (البيان المنتظر ) ل ...
- انفراد صحفى : بيان الحكومه الجديد ... كلاكيت خامس مرة !!
- وردة حمراء لمؤتمر حزب التجمع المصرى
- أسرقك أه .. أسيبك لأ


المزيد.....




- مصر والصومال.. اتفاق للدفاع المشترك
- ترامب يحذر من عواقب فوز هاريس في الانتخابات الرئاسية
- أربعة أسئلة حول مفاوضات الخميس لوقف إطلاق النار في غزة
- بايدن وهاريس يتلقيان إحاطة بشأن التطورات في الشرق الأوسط
- عزيز الشافعي يدعم شيرين ويوضح موقفه من إصدار أغنيتها الجديدت ...
- أمريكا تجدد دعوتها لسوريا للإفراج عن الصحفي -المختطف- أوستن ...
- قصف مدفعي إسرائيلي من العيار الثقيل يستهدف مجرى نهر الليطاني ...
- متهم بالعمالة للحكومة المصرية يتوصل لصفقة مع السلطات الأميرك ...
- في ختام اليوم 313 للحرب على غزة.. آحدث تفاصيل الوضع الميداني ...
- مصراتة الليبية تعلن إعادة تفعيل المجلس العسكري ردا على نقل ص ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - عبدالوهاب خضر - الى كل الذين نسوا ذكرى 18 و19 يناير .. أول -الغيث- مظاهرة