|
بين أنابوليس عباس وتهدئة حماس انحسر الأمل وتعب الناس
أيوب عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 2371 - 2008 / 8 / 12 - 10:48
المحور:
القضية الفلسطينية
لم تُقِم إسرائيل لأنابوليس، ولما سبق عقده من مبالغة في الإعداد له، ولما اتفق عليه في أروقته، أي وزن على الإطلاق. فمنذ التئام أنابوليس في السابع والعشرين من نوفمبر من العام الماضي وحتى يومنا هذا، أي منذ نحو تسعة أشهر، ازداد القتل واشتد الحصار وتغول الاستيطان متضاعفاً 12 مرة، طبقاً لتقرير جامعة الدول العربية! لم تُقِم إسرائيل أي وزن لأنابوليس، على الرغم من ترحيب قادتها به، ووصفهم له بأنه الفرصة التاريخية التي ينبغي ألا تفلت، باعتبارها فرصة ثمينة ونادرة لإطلاق عملية التفاوض، ثم لا يفاوضون، وإذا فاوضوا فإنهم يراوغون ولا يصدقون. فالقادة الإسرائيليون يستسهلون الكلام الجميل عن السلام لأنهم يؤمنون أن الأمر مع الفلسطينيين والعرب ليس إلا كلاماً في كلام، حيث يستخدمون في المؤتمرات واللقاءات والندوات والتصريحات والمناظرات من الكلام أجمله كي يستجلب لهم من المجتمع الدولي التصفيق والتأييد، ثم يأتون بعد ذلك من الفعل أقبحه ويتبعون ذلك بالشكوى والندب والعويل، فيكسبوا بالمخادعة والتضليل تعاطف المجتمع الدولي أيضاً! ولعلنا في هذا السياق لا ننسى كيف كان أولمرت – في خطابه بأنابوليس – يتباكى على الإسرائيليين الذي قال عنهم إن (الإرهابيين الفلسطينيين قد قتلوهم!). ما الذي يضير أولمرت – ومثله جميع القيادات السياسية في إسرائيل – أن يبكي في أنابوليس ويتباكى على السلام "وفرصته النادرة" ليواصل، بعد عودته من أنابوليس، النهج ذاته، فيقتل الشعب ويحاصره ويجرف أرضه وينهبها بنشر الاستيطان في كل مكان فوقها؟! ما الذي يضير أولمرت أن يجعل كلامه في أنابوليس عن السلام جميلاً ليكون فعله، بعد أنابوليس، ليس إلا حرباً وبطشاً وإرهاباً وإجراماً وتنكيلاً وحصاراً وتجريفاً واستيطاناً؟! ما الذي يضير ليفني وزيرة الخارجية الأكثر تطرفاً، أن تشكو من الزعماء العرب المجتمعين في أنابوليس لأنهم – على حد تعبيرها – عاملوها "كالجرباء" حينما "لم يقتربوا منها"!! ما الذي يضيرها أن تصور للعالم مدى ظلم الزعماء العرب لها، فيما تحل، في الوقت، ذاته ضيفة معززة مكرمة عليهم، بل وتقتحمهم في عواصم بلدانهم؟! إن كل ما فعلته إسرائيل، أثناء انعقاد أنابوليس، وبعده، على مختلف الصعد، لاسيما الاستيطان، ليس إلا دليلاً واضحاً وفاضحاً وصريحاً على تحديها الراسخ والمدروس والممنهج لأنابوليس ومنطلقاته وأهدافه وغاياته ونتائجه وقراراته ولقرارات الشرعية الدولية، أيضاً. فالاستيطان الإسرائيلي المتصاعد بوحشية وجنون ليس إلا الترجمة الحقيقية الأصيلة للاستراتيجية الصهيونية الكبرى التي يلتزم بها ويصونها ويتبناها الائتلاف الحكومي أولاً، والحزب الحاكم ثانياً، والكنيست ثالثاُ، حيث يؤمن ثلاثتهم إيماناً راسخاً بأن "الاستيطان" هو "كلمة السر" ومفتاح القوة والتمكين لهم، فهو (أي الاستيطان) أولاً وهو ثانياً وهو أخيراً، وهو دائماً وأبداً، ثم تأتي – ربما – بعد ذلك إمكانية الحديث عن السلام أو عن المفاوضات من أجل السلام. إذاً، إسرائيل – وبكل مستوياتها الرسمية الحكومية والحزبية – تؤمن بالاستيطان أولاً ثم التفاوض من أجل السلام، وهذا ما يفسر بسهولة استثناء مدينة القدس – على سبيل المثال – من العملية التفاوضية التي اختُرع أنابوليس من أجلها، فالفهم (أو المبدأ) الإسرائيلي الصهيوني هو أن القدس ليست إلا جزءاً لا يتجزأ من أرض إسرائيل التي ينطبق عليها القرار الإسرائيلي القاضي بضمها عام 1967. ولعلنا لا ننسى، في هذا السياق، أن نعيد إلى الذهن الفلسطيني والعربي والإسلامي، أيضاً أن أولمرت الذي وصف أنابوليس بأنه الفرصة التاريخية لإطلاق المفاوضات من أجل السلام، هو نفسه الذي – حينما كان رئيساً لبلدية القدس – كان قد وضع مخططات توسيع مدينة القدس ومخططات إضافة أحياء جديدة لها، بغية توسيع مساحتها لتصبح ما يطَلَق عليه اليوم "مدينة القدس الكبرى" بهدف خفض عدد السكان العرب فيها لتهويدها، وترسيخ الطابع اليهودي عليها. لقد وقع في فخ أنابوليس الصهيوأمريكي، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والزعماء العرب الذين تقاطروا إلى أنابوليس، حينما ربطوا ذهابهم إليه بالبيان الذي أصدره أولمرت بتجميد الاستيطان، حيث كان ينبغي لهم أن يربطوا ذهابهم ليس بتجميد الاستيطان وإنما بإلغائه، ذلك أن تجميد الاستيطان يعني إمكانية استئنافه. لقد كان يتوجب على الرئيس عباس والزعماء العرب، أيضاً، أن يطالبوا – قبل الموافقة على الذهاب إلى أنابوليس – بتحقيق أمرين أساسيين لا مجال لإهمال أي منهما: أما الأول، فهو إلغاء القرار الإسرائيلي الصادر آنذاك والقاضي بالاستيلاء على 1100 دونم من أراضي أبو ديس، إلغاء كاملاً، وليس تجميده، أو وقفه على نحو مؤقت بما يسمح فيما بعد باستئنافه، وأما الثاني، فهو إلغاء وثيقة الضمانات الأمريكية الخطيرة ذات اللاءات الإسرائيلية الكبيرة والشهيرة في وجه القدس واللاجئين والأمن والحدود والمياه، وقبل كل شيء وبعده، الاستيطان. إن اهتمام الساسة الإسرائيليين بالاستيطان – باعتباره ضرورة أولى وثانية وثالثة وأخيرة ودائمة، كما قلنا سابقاً – جعل أولمرت، العائد للتو من أنابوليس، والذي كان يتباكى فيه على السلام، يصدر قراراً باستئناف بناء 307 وحدات سكنية في جبل أبو غنيم، متبعاً ذلك بقرار آخر يقضي ببناء 15000 وحدة سكنية استيطانية في الجزء الشرقي من مدينة القدس! يتضح من ذلك أن إسرائيل تصعد تحديها للشريك الفلسطيني الذي تراه ضعيفاً لا حول له ولا قوة، وللشريك العربي الذي تراه متردداً وَجِلاً، والأهم من كل ذلك أنها ترفع سقف تحديها للرباعية الدولية والاتحاد الأوروبي وحتى للرئيس الأمريكي الذي تدرك أنه لن يمارس أي ضغط عليها، وهو ما عبرت عنه وزيرة الخارجية الأمريكية رايس، غير مرة، وفي أكثر من مناسبة. كل ذلك يعني، بكل الوضوح والمباشرة، أن إسرائيل تتحدى – بوعي كامل ومتعمد – أسس عملية السلام التي صاغها رعاتها الأمريكيون، موجهة بذلك ضربة كبيرة لأسس ما اصطلح على تسميته "إطلاق العملية التفاوضية"! لقد أخطأ الفلسطينيون والعرب – بل إنهم أجرموا – حينما أعلنوا أنهم اختطوا خيار السلام خياراً واحداً ووحيداً قيدوا أنفسهم بأغلاله لعشرات السنين دون أن يحققوا شيئاً. لم يكن أولمرت الضعيف والمنهك والمتهم والمهزوم – كما يقولون – مختلفاً عن شامير، ذلك أن شامير إذا كان قد تعهد بمفاوضة الفلسطينيين لعشرات السنين دون أن يمكنهم من الحصول على شيء، فإن أولمرت – الذي أجاد لعبة "دوخيني يا ليمونة" – قد قال هو الآخر إنه سيفاوض الفلسطينيين ثلاثين سنة أو أربعين، دون أن يحصلوا على أي شيء. لقد كتبْتُ – قبل أنابوليس – مقالاً بعنوان "سلام الخريف: خريف بلا سلام" قلت فيه: "إن لم يُتفق مسبقاً على جدول أعمال اللقاء (أنابوليس)، وإن لم تُفهم مقاصده وغاياته، وإن لم تحدد مرجعياته وضماناته وآلياته، وإن لم يكن عمله مقروناً بجدول زمني وسقف زمني للإنجاز، فإن هذا اللقاء (أنابوليس) ليس إلا احتفالية إعلامية قوامها تطبيع عربي مجاني، وغطاء عربي فلسطيني لكل ما تحدثه إسرائيل على الأرض الفلسطينية من وقائع خطيرة ومدمرة كمواصلة الاحتلال، وبناء الجدار، وتقطيع الأوصال، وترسيخ الفصل، وتكثيف الاستيطان، لهدف استعمال مشروعها الاستيطاني التوسعي وترسيخه، ومن ثم فرضه كأمر واقع". كما كتبْتُ مقالاً آخر بعنوان "سعار استيطاني رهيب فيما التفاوض عبثي وممنهج ورتيب" قلت فيه: "إن استمرار التفاوض بين السلطة الوطنية والاحتلال الإسرائيلي بالرغم من استمرار العدوان، وتضييق الخناق ، وتقطيع الأوصال، وتشديد الحصار، وبناء الجدار، وتهويد القدس، وتكثيف الاستيطان، هو أمر ينبغي لنا أن نتدبر مدى خطورته. حريٌّ بنا أن نتذكر، في هذا السياق، ما قاله المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي في أعقاب المجازر الإسرائيلية الأخيرة في غزة! لقد قال : "إننا قلقون من تزايد العنف في غزة، لكن علينا أن نلاحظ أن الفلسطينيين والإسرائيليين ها هم يتفاوضون، في محاولة منهم للبحث سوياً عن السلام". إن هناك تخطيطاً إسرائيلياً لجعل المفاوضات مع الفلسطينيين شكلية خالية من أي مضامين جوهرية، حيث هدفها من وراء ذلك هو التعمية على ما تحدثه إسرائيل على الأرض من وقائع أهمها توسيع رقعة الاستيطان وتكثيفه وتشديد الحصار. يضاف إلى ما سبق أن استمرار الفلسطينيين في التفاوض مع الإسرائيليين من شأنه أن يقنع المجتمع الدولي أن هناك اتفاقاً على التفاوض، وأن هذا التفاوض يحمل أملاً بالاتفاق أو التوافق على الحل، الأمر الذي لا يترك فرصة لأي جهة دولية لتوجيه أي إدانة أو أي نقد لإسرائيل. وعليه، فإن خطورة المشاركة الفلسطينية على وجه التحديد - في اجتماعات أنابوليس - تتضح فيما كان للمجتمع الدولي أن يفهمه وما يزال، وهو أن عملية السلام ها قد أعيد إحياؤها وأن عملية التفاوض ها قد أعيد استئنافها، دون الالتفات إلى ما حدث أو إلى ما يمكن أن يحدث من أهوال، وهو ما يعبر تماماً عن النهج الأمريكي الذي يولي أكبر الاهتمام إلى إبقاء العالم كله في حركة مستمرة تمسك الولايات المتحدة الأمريكية بكل خيوطها. لقد أعلن بوش وأولمرت وعباس - كل بطريقته - أن مؤتمر أنابوليس يوفر فرصة تاريخية لا بد من استغلالها لتحقيق السلام وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، في نطاق رؤية بوش لحل الدولتين - الإسرائيلية والفلسطينية – اللتين من المفترض أن تعيشا جنباً إلى جنب في سلام ووئام، بعد عقود من الحرب والعداء والخصام. لكن الذي حدث أثناء انعقاد المؤتمر، وبعده، إلى يومنا هذا، هو مختلف تماماً عما تم الإعلان عنه، ويكفي للتدليل على ذلك المجازر الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل، وما تزال، والحصار الذي تواصل فرضه وتزيد من تشديده، والاستيطان الذي تواصل - بكل السعار - توسيعه وتكثيفه، بالرغم من انقضاء نحو تسعة أشهر حتى الآن على أنابوليس. ما تفرضه إسرائيل يومياً على الأرض من وقائع استيطانية محمومة تتزايد يؤكد أن إسرائيل لا تضع أي اعتبار لأي أحد تفاوضه، ذلك أنها ترى أنها قادرة دوماً على فرض ما تريد، وذلك استقواءً بوثيقة الضمانات الأمريكية التي سلمها بوش لشارون في واشنطن بتاريخ 14/4/2004. وعلى الرغم من هذه اللاءات الإسرائيلية الكبيرة التي تؤيدها وتحميها وثيقة الضمانات الأمريكية، فإن الفلسطينيين مطلوب منهم - بل مفروض عليهم - الاستمرار في المفاوضات حتى وإن واصلت إسرائيل إضافة وقائع استيطانية جديدة، الأمر الذي شجع إسرائيل – مباشرة بعد أنابوليس – وفتح شهيتها على طرح عطاءات لإقامة المئات من الوحدات السكنية الاستيطانية في جبل أبو غنيم ومعاليه أدوميم، مع الشروع في استئناف المفاوضات التي كانت متوقفة لفترة طويلة. فعلى مدار الشهور التسعة الماضية التي أعقبت أنابوليس، لم يتوقف الاستيطان يوماً واحداً، بل ظل يتصاعد تصاعداً وصل حد السعار دون أن يلقى ذلك التجاوز الصارخ والفاضح لأسس السلام وقواعد إطلاق العملية التفاوضية – التي دشنها أنابوليس – أي رد فعل دولي أو أوروبي أو أمريكي! وهكذا، فإنه يتضح لكل ذي عقل وعينين وأذنين – لاسيما بعد تسعة أشهر انقضت على أنابوليس – أننا لم نكسب من عملية إطلاق المفاوضات في أنابوليس أي شيء، نظراً لاستئناف التفاوض دون مرجعيات محددة، ودون ضمانات ملزمة ودون اتفاق مسبق على الهدف الذي كان ينبغي للمفاوضات أن تصل إليه، ودون وقف العدوان والحصار والجدار والاستيطان، قبل استئناف المفاوضات. إن الجميع يرون الآن كم هو بائس وضع القيادة الفلسطينية ومن يفاوضون باسمها، حيث باتت هذه القيادة أسيرة لمفاوضات أكثر ضعفاً وأكثر هزالاً وأكثر ضرراً، كما تحولت برموزها إلى التنظير الفارغ والتحليل السياسي الذي اقتصر على إطلاق أوصاف للجرائم الإسرائيلية من قبيل "عنصرية" و "عدوانية" و "استيطانية" و "إحلالية"...إلخ. لم يعد للقيادة الفلسطينية ومن يفاوضون عنها من دور غير أن يحذروا حيناً بأن الأفعال الإسرائيلية سوف تنسف عملية السلام، وأحياناً أخرى بأن الأفعال الإسرائيلية الاستيطانية من شأنها أن تعيد المفاوضات إلى المربع الأول، وهو ما كان الوضع عليه قبل أنابوليس من وقف المفاوضات... كل ذلك دون بحث منهم عن سياسات أو خطوات يتستطيعون من خلالها تحشيد المواقف العربية والإسلامية والدولية وتجميع أوراق الفعل الفلسطيني والعربي والدولي والإسلامي التي اختلطت ثم تطايرت في مهب رياح المفاوضات التي أصروا على وصفها بأنها الخيار الوحيد على طول الحياة وعرضها. وإن مما يضيف إلى بؤس الصورة الفلسطينية – وتحديداً في عملية التفاوض – أمور ثلاثة: الأول، حين يكون التبني لموقف تجميد المفاوضات، فإن وجهة النظر الفلسطينية لا يتم عرضها على نحو لائق ولافت، والثاني، حين يتم التراجع عن مثل هذا الموقف، فإنه يتم هكذا، دون سبب واضح ومحدد ومعروف، والثالث، أن التراجع يتم دون أن نكون قد حققنا شيئاً يزيد عن مجرد وعد من بوش أو من وزيرته المكوكية السوداء ببذل الجهد لتحقيق تهدئة مع استمرار الاستيطان المتوحش في تغوله على الأرض الفلسطينية وفرض وقائع جديدة كبيرة وخطيرة على أنحائها. إنني لا أستطيع – مهما حاولت – أن أفهم عقلية البعض الفلسطيني والعربي الحاكم التي ما زالت مقتنعة باعتماد التفاوض من أجل السلام خياراً استراتيجياً واحداً ووحيداً لا غيره ولا سواه! لا أستطيع أن أفهم المعايير التي تستند عليها، والركائز الفكرية التي تنطلق منها، مثل هذه العقلية التي أرى أنه كان ينبغي لها أن تفهم منذ زمن بعيد – وتحديداً بعد اغتيال رابين – أن نظرية اعتماد المفاوضات وخيار السلام خياراً استراتيجياً وحيداً قد سقطت حين فاز نتنياهو وركب سدة الحكم في إسرائيل باراك ثم شارون ثم أولمرت الذين أعلنوا جميعاً مواقفهم ضد أوسلو الذي اعتبره بعضهم بأنه كارثة حلت على إسرائيل ينبغي التحلل منها، فيما عارضه بعضهم وطالب بإدخال تعديلات جوهرية عليه. ألم تفهم تلك العقلية (عقلية البعض الفلسطيني والعربي الحاكم) أن الذي أفشل خيار السلام واتفاق أوسلو هم الإسرائيليون، لا لشيء إلا لأنهم ليسوا مقتنعين بالسلام مع الفلسطينيين (الضعفاء!) أو مع العرب (المهزومين الخائفين الدهماء!)، الأمر الذي يدفعهم إلى الإصرار على فرض السلام الذي يشاؤون بتأييد مطلق ودعم لا متناه من الولايات المتحدة الأمريكية، لاسيما في إدارتها الحالية؟! ألم تدرك العقلية السلطوية الفلسطينية بعد، أن الذي قتل أوسلو في المهد هو إسرائيل وليس ياسر عرفات، ودليلنا على ذلك واضح وجلي إذا تذكرنا أن ياسر عرفات قد سممته إسرائيل ليلقى وجه ربه في نوفمبر 2004، أي منذ نحو أربع سنوات إلا قليلاً، فيما لم تقدم إسرائيل - طوال السنوات الأربع الماضية التي غاب فيها ياسر عرفات – للرئيس الفلسطيني الحالي المعتدل، محمود عباس، أي شيء يذكر، على الرغم من القطيعة بينه وبين حماس بفعل حسمها العسكري، وعلى الرغم من الدعم السياسي الأمريكي والأوروبي والعالمي لحكومة سلام فياض؟! ألم تدرك العقلية الفلسطينية والعربية الحاكمة، حتى اللحظة، أن السياسة الإسرائيلية هي هي لم تتغير، ولو أخذنا الاستيطان مثالاً، فإنه يكفي لمن لم يفهموا، حتى اللحظة، أن يعلموا أن الاستيطان قد زاد تغوله على الأرض الفلسطينية منذ أنابوليس وحتى اليوم أضعافاً مضاعفة، ما دفع صائب عريقات، رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، إلى التصريح بأن الرئيس الأمريكي بوش "لم يستجب مباشرة، عندما أثار الرئيس أبو مازن قضية معارضة الفلسطينيين لمواصلة التوسع الاستيطاني الإسرائيلي". ألم يدرك، إذن، أصحاب عقلية التفاوض إلى الأبد وأصحاب عقلية معالجة الفشل في التفاوض إلى المزيد والمزيد من التفاوض أنه آن الأوان للتسليم بسقوط رهانهم على التفاوض كخيار واحد ووحيد؟! أما التهدئة التي أبرمتها حماس مع إسرائيل بوساطة مصر – والتي تقضي طبقاً للفهم الفلسطيني بوجوب دخولها حيز التنفيذ فجر الخميس 19/6/2008، واستمرارها لمدة 6 أشهر في قطاع غزة، ومن ثم امتدادها بالرعاية المصرية إلى الضفة الغربية – فتقضي بالوقف المتبادل لجميع الأعمال العسكرية، مع فتح جزئي لجميع المعابر خلال الساعات التي تلي بدء تطبيق التهدئة، على أن ترعى مصر في الأسبوع الثاني مباشرة لقاء ثلاثياً يجمع السلطة والأوروبيين وحماس لمناقشة آليات فتح معبر رفح. غير أن التهدئة – طبقاً للمصادر الإسرائيلية – تقضي في مرحلتها الأولى بالوقف متبادل لإطلاق النار اعتباراً من فجر الخميس 19/6/2008، وفي مرحلتها الثانية التي تبدأ فجر الأحد 22/6/2008 بفتح جزئي لجميع المعابر التجارية (أي باستثناء معبر رفح)، مع زيادة كمية البضائع إلى قطاع غزة، وفي مرحلتها الثالثة والتي تتزامن مع فتح المعابر، بتجديد المباحثات حول صفقة تبادل أسرى، علماً أن الحكومة الإسرائيلية قد أكدت لمصر على نحو قاطع، طبقاً للمصادر الإسرائلية، أن معبر رفح لن يفتح إلا بعد إتمام صفقة التبادل وإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت، الأمر الذي دفع حركة حماس إلى أن تعلن على لسان المتحدث باسمها فوزي برهوم بأنها "تؤكد على التزامها بالتهدئة والعمل على نجاحها واستمرارها واستمرار تواصلها مع الفصائل الفلسطينية جميعها لضمان نجاح هذه التهدئة واستمراها"، مطالبة "مصر والأطراف المعنية بالضغط على الاحتلال كي يوقف جرائمه التي تستفز مشاعر الفلسطينيين"، لاسيما بعد ارتكاب الاحتلال جريمة نكراء في نابلس حينما أعدم بدم بارد اثنين من أبناء الشعب الفلسطيني بعد محاصرتهما. لقد صرح مسؤول إسرائيلي رفيع كان يرافق رئيس الحكومة الإسرائيلية، أولمرت، في زيارته إلى شرم الشيخ، يوم الثلاثاء 24/6/2008، عن تلقي الحكومة الإسرائيلية تأكيدات مصرية بأن معبر رفح سيظل مغلقاً إلى أن تحل مشكلة الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة جلعاد شاليت، فيما صرح في الوقت نفسه نائب رئيس جمعية أصحاب محطات البترول في قطاع غزة، الدكتور/ محمود الخزندار، أنه لا تغير قد طرأ حتى تاريخه على كميات البنزين والبترول والغاز التي تدخل قطاع غزة، حيث لا زيادة – ولو لتراً واحداً – بالرغم من انقضاء ستة أيام على دخول التهدئة حيز التنفيذ اعتباراً من فجر الخميس 19/6/2008. كما صرح بأن الارتباط الإسرائيلي قد أخبر جمعيتهم بأن كميات الوقود لن تتغير، الأمر الذي يعني استمرار الأزمة الطاحنة التي يعانيها قطاع غزة، بالرغم من التهدئة. هذا، وقد صرح الناطق باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية بأن الوزارة قد أُبلغت أن جميع المعابر – بما فيها التجارية – مرتبطة ارتباطاً مركزياً وثيقاً بقضية الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليت وأنه لن تحدث أي مرونة في الموقف الإسرائيلي تجاه المعابر التجارية إلا بعد حل تلك القضية". في الشارع الفلسطيني، وتحديداً في قطاع غزة، إجماع مفاده أن حماس – وبالتوافق مع الفصائل الفلسطينية – قد وافقت، عبر الوساطة والرقابة والرعاية المصرية، على التهدئة مع الاحتلال الإسرائيلي، مقابل الخبز والوقود والمؤن، إلا أن ذلك ما يزال في الأسواق مفقوداً، حيث لا بضائع ولا مواد بناء ولا وقود. إذاً، يسهل على الجميع أن يدرك أن سيد الموقف – فيما يتصل بالتهدئة – هو العجز التام والكامل عن تحويلها من كلام في الإعلام تذروه الرياح إلى فعل يطبق على الأرض، وهو ما يعنى نقل هذه التهدئة التي هي نتاج توافق فلسطيني كامل إلى آفاق التطبيق والعمل بمقتضى ما تم الاتفاق عليه بين حماس وإسرائيل بوساطة ورعاية مصريتين، وذلك يعني إنهاء الحصار الذي ما يزال خانقاً، كما كان، دون أن نرى في الأفق ما يؤشر إلى إنهائه. هناك ثلاثة عناوين رئيسية نعيش – نحن الفلسطينيين –تحت وطأتها على الصعيد السياسي، سواء عند حكومة غزة الحمساوية أو عند حكومة رام الله السلطوية. هذه العناوين الثلاثة هي (1) مفاوضات عباس المستمرة على الرغم من فشلها و(2) تهدئة حماس التي لم تحقق حتى اللحظة شيئاً و(3) الاستيطان الإسرائيلي الذي ابتلع الأرض وأرهق الناس. إذا جاز لنا – وهو بالتأكيد جائز ولو كره المكابرون – على المستوى التفاوضي الذي يصر على مواصلته عباس أن نقول: إذا كان المسلسل التفاوضي المتواصل، على طول أعوامه الستة عشر الماضية وعرضها، ليس إلا فشلاً سبقه فشل وتلاه فشل، فإن من البديهي أن نقرأ المستقبل الذي يقول إن التهدئة لا يمكن لها أن تنتج شيئاً يخرج عن سابق تجاربنا الفاشلة مع السياسات الإسرائيلية التي تنتهج منهج فرض وقائع جديدة علينا منطلقها في قطاع غزة إعادة احتلاله والسيطرة عليه على نحو مختلف عما قبل 2005، وهو الأكثر إيلاماً وتدميراً والأقل كلفة، فيما منطلقها في الضفة هو ذلك التغول الاستيطاني المتوحش وجدارها العنصري العازل الذي يسبح في الأرض الفلسطينية متلوياً في بطنها وعلى سطحها، كما يشاء، ودون رادع إلا أجساد الفلسطينيين العارية إلا من إيمان قلوب أصحابها بحقهم الذين يقضون صباح مساء في سبيل الدفاع عنه. إذا كان الفلسطينيون ماضين نحو تفاوض أو تهدئة، فإن عليهم أن يفهموا الأساس الذي ينطلقون منه. إنني أرى أن للتفاوض أو للتهدئة أساساً أو منطلقاً واحداً. إنه الجوع (أو الاقتصاد) والسلطة (الحكم والسياسة). وعليه، فقد كانت التهدئة مرتبطة بفك الحصار، بغية مقاومة الفقر والجوع والحاجة مقابل وقف المقاومة. التهدئة، إذن، هي معادلة بسيطة مفادها: "أعطني أمناً أعطك خبزاً"، وهو ما تم الاتفاق على التهدئة مع إسرائيل بناء عليه، ولو مرحلياً. وبناء على ذلك، فقد كان من الواجب على إسرائيل أن تفتح المعابر التجارية جزئياً في البداية، ثم تقوم بعد ذلك بفتح معبر رفح، وإلا فإن مصر هي التي ستتولى فتحه. لكن ذلك لم يحدث، فالحصار ما زال قائماً، ومشدداً، على النحو الذي كان قبل التهدئة، فيما معبر رفح ما زال مغلقاً، دون أن تفي مصر بتعهدها بفتحه، فيما لم تف إسرائيل، أيضاً، بالتزاماتها حياله، بل إنها واصلت – وما تزال تواصل – اعتداءاتها في القدس والضفة الغربية وكذلك تهديداتها باجتياح قطاع غزة، على الرغم من أن وزير الدفاع الإسرائيلي باراك، ورئيس أركانه أشكنازي، قد شهدا بالتزام (حماس) بالقيام بما هو واجب عليها ضمن اتفاق التهدئة، الأمر الذي حفز الأمل عند حماس إلى حد يدفع إلى إعادة فتح معبر رفح، توطئة لاختراق الحصار وتفكيكه، وهو ما لم يحدث حتى اللحظة، بل إن الأمور سارت في اتجاه غير المأمول، لاسيما إثر التفجيرات الثلاثة في أقل من أربع وعشرين ساعة، والتي كان آخرها وأعنفها تفجير سيارة القيادي الحمساوي النائب الدكتور/ خليل الحية، والذي راح ضحيته خمسة قساميين وطفلة. لقد جاءت تلك التفجيرات الثلاثة، لاسيما آخرها الأكثر عنفاً وفتكاً وتدميراً، في وقت كانت تتطلع فيه حماس إلى أن يؤتي اتفاق التهدئة ثماره – لاسيما بعد انقضاء أكثر من شهر على إبرامه – فتصبح إسرائيل أمام أحد أمرين لا ثالت لهما، استناداً على بنود اتفاق التهدئة المبرم معها عبر الوساطة المصرية ورعايتها، فهي إما أن تدفع باتجاه التهدئة وتهيئة الأجواء لتطبيقها وإنجاحها، وإما أن تكون سبباً واحداً ووحيداً في انهيار التهدئة ليكون البديل عنها العودة إلى العنف مجدداً، فيما يظل قطاع غزة وأهله أسرى للحصار ونهباً للجوع والفقر والمرض. ربما يكون واضحاً أن الحكومة الإسرائيلية تحاول ما أمكنها عرقلة التهدئة، طمعاً في الحصول على ما أمكن من تنازلات من حركة حماس، لاسيما وإن الأخبار قد تحدثت عن محاولات إسرائيلية مستميتة مع مصر – بصفتها وسيط التهدئة وراعيها – لربط عملية فتح المعابر التجارية ومعبر رفح بالإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليت. وقد زادت الحكومة الإسرائيلية من اهتمامها وصعدت من ضغوطها على مصر في اتجاه هذا الربط بعد أن شعرت بالتفوق الطاغي لحزب الله عليها في تحرير سمير القنطار ومن معه، وكذلك في تحرير جثامين شهداء مقبرة الأرقام وعلى رأسهم جثمان الشهيدة دلال المغربي، عبر عملية تبادل الرضوان، كما سماها حزب الله. فبعد أن شهدت إسرائيل، في ذلك التبادل الذي تم، نجاحاً مائزاً لحزب الله وتفوقاً مدهشاً له عليها، فقد رأت أن "خبطتين في الرأس أمر موجع ومفجع"، ما جعلها تحسب كل حساب كي لا يقال إن حماس قد حققت باتفاق التهدئة نصراً مماثلاُ أو مقارباً للنصر اللافت الذي حققه حزب الله. وحيث إن حماس – بناء على تصريحات قياداتها – لا يمكن لها أن تطلق سراح شاليت مقابل ثمن باهت وضئيل، حيث قال الدكتور/ أسامة المزيني "إن ملف صفقة التبادل لن يفتح إلا بعد التزام الاحتلال حرفياً بما اتفق عليه في موضوع التهدئة"، فإن انسداد الأفق في قطاع غزة هو سيد الموقف الذي نلخصه في كلمات معدودة: اتفاق التهدئة لم يحقق الهدف منه فسقط، بالرغم من أنه لم يعلن عن سقوطه بعد، والمقاومة تم وقفها مقابل الخبز الذي لم يأت، ومقابل رفع الحصار الذي لم يرفع، ومقابل فتح المعابر التي لم تفتح، ومقابل وقف العدوان الإسرائيلي الذي لم يتوقف. "كلمة السر" في كل ذلك هي "الولايات المتحدة الأمريكية"، فهي السبب الرئيس والمباشر لانسداد جميع آفاق الحل، ليس عندنا فقط، وإنما في أي مكان في الدنيا له أدنى خلاف مع إسرائيل أو أمريكيا أو التحالف الصهيوأمريكي، ذلك أن إسرائيل ليست إلا بؤرة تجلٍّ إقليمي على مستوى العالم الذي مركز توجيهه وقيادته وسيادته هو الولايات المتحدة الأمريكية! لقد بات واضحاً أن جميع جهود السلام قد اصطدمت بالجدار الإسرائيلي المرتكز على الضوء الأخضر الأمريكي في الوقت الذي انكشفت فيه حقيقة إسرائيل وسياساتها القائمة على نهب الأراضي وتهويدها والتوسع الاستيطاني فوقها وتهميش الإنسان الفلسطيني فيها، كما انكشفت تماماً كل الوعود التي أطلقها الرئيس الأمريكي في سياق رؤيته حول حل الدولتين قبل نهاية عام 2008 الذي لم يبق على نهايته سوى أربعة أشهر دون ظهور ما يؤشر لإمكانية تحقيق ذلك حتى تاريخه. إننا إذا استذكرنا تلك الأحلام الوردية الجميلة التي زرعها بوش وأزْكتها وزيرة خارجيته، رايس، وتلك الآمال التي عقدتها فتح والرئيس عباس على مؤتمر أنابوليس، وإذا نظرنا إلى حصاد المفاوضات على مدار تسعة أشهر، حتى اليوم، لوجدنا أن النتيجة ليست أننا لم نحقق شيئاً فحسب، بل إننا حصدنا حصاداً مراً يكفي أن ندلل عليه بالإشارة فقط إلى ثلاثة شواهد أولها أن تغول الاستيطان قد تضاعف اثنا عشرة مرة حسب تقارير الجامعة العربية، وثانيها أن المواقع الاستيطانية في الضفة الغربية قد بلغ عددها 500 موقع استيطاني ونصف مليون مستوطن أكثر من نصفهم في مدينة القدس وحدها، حسب تقرير الإحصاء الفلسطيني، وثالثها أن الرئيس أبو مازن الذي ظل يتباهى بقوله إن 50 دولة قالت جميعها في أنابوليس: "لا للاستيطان"، هو ذاته الذي صرح – في مقابلة مع الـ Associated Press عقب مباحثاته مع الرئيس بوش في واشنطن، نقلاً عن صحيفة القدس الصادرة يوم السبت 26/4/2008 – بأنه أخفق في تحقيق أي تقدم... مع الرئيس بوش، قائلاً في لهجة تعبر عن خيبة أمله في الولايات المتحدة الأمريكية لعدم قيامها بالضغط على إسرائيل: "بصراحة، لم يتحقق أي شيء لغاية الآن... طالبنا الأمريكيين بتنفيذ المرحلة الأولى من خريطة الطريق التي تتحدث عن وقف التوسع الاستيطاني... الآفة الكبيرة التي تقف كصخرة كبيرة في طريق المفاوضات... طالبناهم بالحديث عن حدود 67، لم يتحدث أي منهم عنها... ما زالت جميع الملفات مفتوحة، ولم يتم إنجاز أي منها، وما زالت الأوضاع على ما هي عليه" (!!!)، كما أننا إذا نظرنا إلى الغاية التي تطلعت إلى تحقيقها حماس من اتفاق التهدئة، وما نراه من نتائج على الأرض، فإننا ندرك أن شيئاً لم يتحقق إلا لإسرائيل التي منحناها الأمن مقابل الخبز الذي لم يأتِ، ومقابل رفع الحصار الذي لم يرفع، ومقابل وقف العدوان الإسرائيلي الذي لم يتوقف، ولن يتوقف! وبعد، فإن حركة فتح ورئيس السلطة الذين ظلوا يراهنون على التفاوض – ولو إلى الأبد – لتحقيق الدولة الفلسطينية، يعيشون اليوم مأزقاً مراً وعصيباً وهم يصرون على السير في درب عبثية شديدة الوعورة دون أن تنتج غير المزيد والمزيد من نهب الأرض وتهويدها وإقامة مئات المستوطنات والمواقع والبؤر الاستيطانية والحواجز المذلة فوقها. لكن الأمر الأكثر مرارة والأشد إيلاماً هو أن السلطة لم تفتش عن خيارات أخرى غير التفاوض، عاقدة عزمها على مواصلة نهج التفاوض مهما كان فشله، استناداً على قاعدة آمنت هي بها، وهي أن معالجة المفاوضات الفاشلة لن يكون إلا بالمزيد والمزيد من المفاوضات حتى وإن كانت فاشلة! أما حركة حماس، فإنها ليست أحسن حالاً، ذلك أنها هي الأخرى تعيش – في سياق اتفاق التهدئة غير المنتج حتى اللحظة – مأزقاً لا يقل صعوبة ومرارة: معابر مغلقة في كل اتجاه، سكان محاصرون ومرضى وجوعى حيث لا غذاء ولا وقود ولا دواء، وهو ما تصرح به حماس ورئيس حكومتها على مدار اليوم والساعة والدقيقة. أما آخر الكلام، فإن فشل أنابوليس الذي راهنت فتح وراهن عليه عباس، وفشل التهدئة التي تطلعت إلى حصاد ثمارها حماس، ينبغي له أن يكون للطرفين درساً يدركون من خلاله أسباب الفشل ليمسكوا بخيوط النجاح، مستدركين – قبل فوات الأوان – أن إقرارهما بأن القطيعة والاحتراب الراهنين قد جعلهما – وسوف يجعلهما دائما – في كل ما راهنا، أو يراهنان، عليه فاشلين، ولله در شاعرنا الذي لم يستطع الرئيس عباس، كما لم تستطع كل من فتح وحماس الاستفادة من قوله: كونوا جميعاً يا بني إن علا خطب ولا تتفرقوا آحادا تأبى العصي إن اجتمعن تكسرا وإن افترقن تكسرت آحادا
#أيوب_عثمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أهذا هو الحوار الذي انتظرناه... تفجيرات واعتقالات واقتحامات
...
-
دعوة الرئيس إلى الحوار فتحت باب الأمل، فهل يدخلنا سيادته إلى
...
-
في عامها التاسع والثلاثين: مرحى للجبهة الديمقراطية على درب ا
...
-
في الذكرى الثالثة لاستشهاده: عرفات في خريف أنابوليس!!!
-
راتب الموظف: أهو لقاء انتمائه لحزب يحلف باسمه ويرفع شعاره، أ
...
-
معاناة كبرى ينوء شعبنا بحملها:من أفعال مسلحي حماس والقوة الت
...
-
إذا... فلماذا؟!... أم...؟! تساؤلات خفيفة على هامش اقتحام الق
...
-
إلى سيادة الرئيس عباس وفتح وحماس: تنازلوا، وإلى الحوار انزلو
...
-
على هامش الاقتتال الفلسطيني قبل الاتفاق المكي وبعده: لا تتمس
...
-
على هامش الصراع على السلطة بين فتح وحماس: القتال شرف وكرامة
...
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|