أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حارث الحسن - اعتزال الرجل الوطواط : عندما تقول السينما ما لاتريد قوله














المزيد.....

اعتزال الرجل الوطواط : عندما تقول السينما ما لاتريد قوله


حارث الحسن

الحوار المتمدن-العدد: 2371 - 2008 / 8 / 12 - 09:17
المحور: الادب والفن
    


في اخر اجزاء فيلم الاثارة والخيال الامريكي ، باتمان ، يشعر الرجل الخارق بقدر من اللاجدوى ويعيش مراجعة للذات تنتهي في ختام الفيلم بقرار لاادري ان كان المنتجون سيحترمونه مستقبلا ، اذ انه يقرر بان ماظل يعمله قد اتى بنتائج عكسية وان حمايته للنظام قد انتجت نقيضا فريدا من نوعه (الجوكر) الذي غايته هدم النظام ، لقد ادرك الرجل الوطواط انه لم يكن سوى شرطي لمنظومة من العلاقات التي تخفي وراء بريقها مفارقات كبيرة كتلك التي سمحت بظهور شخص يحمل سادية و جنون الجوكر ، قرر باتمان ان يهرب ، بل واراد ان يكون طريدا من قبل الشرطة ، اقرار يتسلل من ثنايا الوعي ، او قل اللاوعي الامريكي ، ان النظام عندما يصل ذروته ينتج نقيضه ، لافكاك من نزوع النظام كي يحتوي كل شئ ويؤسس اساطيره التي تهيمن على عقول المسجونين في داخله ، ولكن لافكاك من حقيقة ان النظام في ارتقائه نحو الكمال يقترب من نقطة موته ، فكل النظم الاجتماعية-السياسية تفقد جذوة الحياة بفقدان شعورها بالحاجة للمزيد ، هكذا يخلق النظام عوامل تدميره الذاتي متخليا في البداية عن اساطيره الكبرى ، رجاله الخارقين ، منحدرا نحو ثنائية العدمية والاصولية في رحلة تفكيك الذات...
هل كان صانعوا باتمان يفكرون بذلك وهم يقررون ان البطل الخارق قد كشف اخيرا لاجدوائية صراعه ضد الشر في عالم تتبودل ادواره بسرعة ويخوض الرب صراعاته في كل المعسكرات مع عبيده وضدهم ، مع نفسه وضدها ، ساعيا لتكريس ربوبيته عبر تكريس نقيضها في فضاء الاصوليات المتصارعة والخائفة والمتربصة لبعضها حيث الرب لايسود الا عبر تفريق عبيده ، لكنه في سيادته تلك ينهي وحدانيته ويعود كما كان قديما الها محليا لاقيمة له خارج صفوف القبيلة. وعندما يعود الرب ، لاتعود هناك جدوى لباتمان ، فباتمان يعيش حيث هناك نظام دنيوي ليعوض عبر قدراته الخارقة عن نقص قدرة النظام على الدفاع عن نفسه ، ولكن الرب يعيد تشكيل النظام ويغير قواعده وياتي بقوانينه هو ، هل كان الجوكر بشكل ما انذارا بعودة الرب ، ام كان الهاما لباتمان كي يدرك ان "نظامه" قد بلغ غايته ، وانه في تلك اللحظة التي وصل بها ذروته صار صفرا...
هل هي لحظة امريكا الجديدة ، بالامس ظهر انديانا جونز حاملا معه كل وعود ستيفن سبيلبرغ بلذة المشاهدة التي تعيدنا الى لحظة التالق حيث الايمان بالنظام وبالحلم كان في ذروته ، لكن انديانا جونز بدا عجوزا بطئ الحركة بحاجة لاختلاق ابن له كي يقوم محله بالحركات السريعة ، رجل المغامرات الساحر ماعاد مغامرا ، صار ابا وزوجا وكهلا ، تماما كما لم يعد ستيفن سبيلبرغ قادرا على الادهاش . هل افرغت هوليوود مافي جعبتها وبدأت تعطي ابطالها الخارقين اوراق التقاعد ، اذا ماتت هوليوود ، مالذي سيبقى من امريكا ، مالذي سيقنعنا انها الحلم ، ولكن السؤال الاكبر ، هل ان هوليوود هي التي بدأت الموت او ان الحلم ماعاد صالحا بعد اليوم .
السينما صارت تقول بصراحة ماتعجز السياسة عن قوله ، تعبر عن اللايقينية المتسربة بقوة كما عن الخوف الداهم ، ربما لايسعى صانعوا باتمان لانتاج الحكمة لكنهم يبحثون عن اقصى حالات الادهاش، وتلك هي الحكمة فيما يصنعون ، فالادهاش هو البحث عن مزيد من الافراط في صنع اللقطة ، وعندما تعجز هوليوود عن الادهاش تكون قد بدأت بفقدان سطوتها . انهم يحاكون الواقع من حيث يعتقدون مفارقته ، العالم مهدد بثنائية العدمية والاصولية فلم تعد هناك افكار مدهشة ، والبديل اما التخلي عن الفكر او العودة للاساطير، وهوليوود لاتكاد اليوم ان تكون شيئا غير ذلك.
انه الشعور بان كل شئ قد قيل ، لم يعد بالامكان للقصة ان تستمر ، لم تعد هناك حكمة تقال ، انها لحظة الحقيقة ، ... يبتسم الجوكر في وجه المحقق اللامع الذي كان يلاحقه، ويسأله ، هل ابدو لك كمن يمتلك خطة ؟ انني لااخطط ، فقط افعل الاشياء ؟ انها الفوضى تقترب وتتسرب من ثنايا واقع يزداد غموضا ، الخوف يحل بين الارجاء ، فالعدو قد يكون جاري او زميلي في العمل او ربيبي في الفراش ، النظام ينتج لعبة الخوف كي يستمر بالسيطرة ، يحول نفسه الى اله يريد ان يعبد ، يطلب مزيدا من التنازلات كي يكون قادرا على البقاء ، تتراكم التنازلات حتى لم يعد هناك شئ يمكن تقديمه، ولكن مالذي يبقى من النظام نفسه عندما ياخذ كل ما اعطانا ، يخرج الجوكر ليصرخ بقوة كي يوقضنا ، النظام صاركذبة ، لم يعد هناك شئ يمكن تصديقه عندما يكذب "الاخ الاكبر" كما يسميه جيجيك ، لابد عندها للرجل الوطواط ان يتخلى عن وظيفته ، فالدفاع عن نظام متهالك ليس بطولة او شرف ، بسذاجة هوليوودية يراهن باتمان على "الخير" في داخل الانسان كي يحارب الجوكر الذي يصرخ بقوة ، هؤلاء الذين تراهم حولك سياكلون بعضهم اذا جاعوا!!
انه الجوع من جديد ، الركود من جديد ، الخوف من خسارة الوظيفة ، الخوف من الفواتير ، الخوف من الغد ، الراسمالية تدمر نفسها كي تستمر ، هي لاتتسامح مع مايهدد وجودها حتى لو كانت هي التهديد لهذا الوجود ، رجال امريكا الخارقون تعبوا في العراق وافغانستان ، الموت لم يكن بهذه الكثافة من الحضور منذ زمن ، لم يعد مجرد صورة على شاشة التلفزيون بل صار الناس يرونه ، ماذا يحصل عندما تعجز امريكا عن انقاذ الاخرين ، تغدو ببساطة عاجزة عن انقاذ نفسها ، لذلك وبدلا "من ان نتركهم ياتون ليحاربوننا على ارضنا ذهبنا هناك لنحاربهم" كما يقول الرئيس، ولكي نحاربهم لابد من ان نخلقهم ، النظام بحاجة الى ان يحارب كي يستمر ، لكنه عندما يصطنع استمراريته لايعود هو ، لقد كان نجاحه في كونه طبيعيا ، ابنا لنفسه ، ليس ابنا لاي رب اوعبدا لاي اله ، لكنه الان بحاجة الى الرب كي يتلو له تراتيل الانتصار وياخذ ضحاياه الى الجنة، عندما ياتي الرب يكون الخوف قد استمكن من الجميع ، لارجاء غير الاله لانقاذنا بعد ان تخلى الاخ الاكبر عنا وصار مشغولا بحماية نفسه ، وعندما ياتي الرب لابد للجوكر من ان ياتي معه ، لابد للفوضى من ان تستحكم ولابد للصراع ان يبدأ من جديد...



#حارث_الحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا تبقى من التعليم في العراق : الاسلاميون يكملون مابدأه ال ...
- هل يصلح الجدل الاخلاقي لفهم الاتفاقية الامنية : ملاحظات على ...
- العرب وعراق مابعد صدام : عودة خطاب-العروبة- السياسية
- الى وزرائنا ومسؤولينا : هل سمعتم بوزير الثقافة البرازيلي!!
- التيار الصدري: بين الشعبية والشعبوية
- هل يقترب العالم من الحروب الدينية مجددا؟؟


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حارث الحسن - اعتزال الرجل الوطواط : عندما تقول السينما ما لاتريد قوله